الأحد، 20 يونيو 2021

على خلفية ارتفاع أجور الفنانين والفنانات بدون (نقطة).. مليار ونصف المليار لحفل الفنان كمال ترباس والجبلية الأكثر ارتباطاً.. فنانون وفنانات تتفاوت أجورهم ما بين (300000) جنيه إلى مليار جنيه

ارتفعت أجور الفنانين والفنانات بصورة خيالية جداً، إذ وصل (عداد) الفنان الكبير كمال ترباس إلى مليار ونصف المليار مقابل إحياء حفل زواج، فيما تتفاوت أجور بقية المطربين والمطربات ما بين (300) ألف جنيه إلى مليار جنيه داخل ولاية الخرطوم، والأكثر ارتباطاً عائشة الجبل، بينما تتضاعف مبالغ ارتباطات حفلات الأفراح في الولايات السودانية المختلفة.

قلما نتوقف عند الأرقام الخرافية لإرتباطات الفنانين في حفلات الأعراس، وهم جميعاً يصدحون من خلالها بصوت عالٍ، ونادراً ما ينخفت صوتهم، ورغماً عن ذلك يطالبون بمبالغ مالية ليست معقولة في ظل ظروف إقتصادية (قاهرة).

إن أصحاب المناسبات دائماً ما يكونون مهمومين بإبرام العقود مع هذا الفنان أو تلك الفنانة، لأن ثمة حقائق لابد من التطرق لها في ممارسة مهنة الغناء، فهي أساساً محاولة لإعتقال لحظات فرحة هاربة من العروسين لا تتجاوز الساعة أو الساعتين بحسب التصديق المصرح به من الشرطة المجتمعية، فالفنان لا يصعد إلى خشبة المسرح إلا في تمام الساعة التاسعة مساء، وينتهي الحفل في الساعة الحادية عشر مساء، ودوماً يحدث ذلك ولا يختلف الأمر إلا في حال زيادة الزمن لساعة أو ساعتين.

تبقي أجور الفنانين بصورة عامة هاجساً يؤرق مضاجع أصحاب المناسبات لأنها لا تخضع إلى معايير، وتفتقر إلى مراعاة الظروف الاقتصادية الطاحنة، ولا تحدد قيمة للإرتباط الذي سجل فيه الفنان الكبير كمال ترباس رقماً قياسياً لتصبح حفلاته الأعلي أجراً، إذ وصل آخر ارتباط إلى مليار ونصف المليار، بالإضافة لـ(عدادت) تتراوح ما بين (300) ألف جنيه إلى مليار جنيه بدون (نقطة)، أما في حال السفر للولايات، فإن قيمة الارتباط تتضاعف بسبب غلاء الأجور، والتي هي ليست مقياساً للاستناد عليه في حركة الغناء، لأن الذين يتعاقدون لإحياء المناسبات الإجتماعية لا يمتلكون الإنتاج الفني الخاص بهم، بل يتم التعامل معهم على أساس أنهم (موضة) تزول بزوال المؤثر.

من الملاحظ في الآونة الأخيرة إرتفاع أجور المطربين والمطربات في مناسبات الأفراح دون مراعاة إلى أنها مشاركة اجتماعية تتم في ظروف اقتصادية (ضاغطة)، وهذه الظروف تلقي بظلالها (السالبة) على المشهد العام، وبما أنها كذلك فقد أستغل البعض هذه الأهمية التي تجبر العريس على دفع مبالغ مالية طائلة دون فائدة محسوسة خلال ساعتين لا أكثر، ولا تتناسب مع (الغث) في الأداء الغنائي.

إن موضوع المغالاة في الأجور يحتاج لمعالجة سريعة، وتدخل من المعنيين بالشأن الفني في البلاد، وإيجاد حلول لهذه المعضلة من خلال وضع ضوابط وشروط لا يسمح بتجاوزها مهما كانت الدواعي، لذلك فإن السؤال الذي يفرض نفسه هو لماذا يغالي الفنانين في إرتباطات حفلات الأعراس؟، علماً بأن الفن يستدعي الفنان إلى مراعاة ظروف المجتمع ومعايشة معاناته، لذلك يجب أن يكون في دواخلهم إيمان بأن ممارسة الغناء في الأعراس تنحصر في الإطار الإجتماعي والإنساني، وهي بلا شك عكس الحفلات الجماهيرية التي من حق الفنان أن يقيم نفسه في ظلها مثلاً الموسيقار محمد الأمين والفنان ابوعركي البخيت والقيصر معتز صباحي وغيرهم، أما في مناسبات الأعراس فعلى الفنان أن يتعامل بشكل متساوٍ مع الفقير والغني، فالمسألة في النهاية مسألة فردية بين الفنان والعريس الذي لديه ميزانية محددة، وهذه الميزانية يحرص من خلالها على حقوق الفرقة الموسيقية، والتي يمنحها الفنان فتات من قيمة المبالغ المالية الضخمة للارتباطات، أما الحفلات التجارية فإنها تختلف من حيث المقاييس والمعايير، والقيمة المالية التي يضعها الفنان في حساباته.

أجد نفسي واقفاً ضد المغالاة في حفلات الأفراح، لأنها تأتي في ظل مشاكل ومصاريف يومية كثيرة، وكلما تطورت الحياة زادت هذه التكاليف الملقاة على عاتق الشباب، وبما أن الأمر كذلك كيف يكون الفنان (جزاراً)، أو نظرته للفن نظرة (مادية)؟ الإجابة عندي في غاية البساطة لا يمكن أن تكون هكذا إلا في حال أن يكون (جلد) الفنان (تخيناً) جداً، ومحصنناً بشدة حيال نظرات الآخرين، أو أنهم بمعزل عن الناس كما يفعل بعض الفنانين الذين يعيشون في (عزلة) تفصلهم عن أهل المناسبة من خلال ما  يسمى بمدير الأعمال، والذي هو محكوم بتوجيهات معينة، ولا يملك المرونة الكافية، وعليه لماذا لا يترك الفنان عملية التفاوض له بإعتبار أن هنالك مسائل إجتماعية وإنسانية.

وفي السياق اعترف عدد من الفنانين والفنانات بأن هنالك مغالاة في الحفلات، وتشكل هذه المغالاة شكل من أشكال التباهي، وبالمقابل هنالك من لا يغالون في حفلاتهم وقيمتهم الفنية مرتفعة.

من المؤسف أن بعض الفنانين عداداتهم عالية جداً، ولا يمتلكون ولو أغنية واحدة خاصة، لذا أبعث لهم برسالة مفادها : (يجب أن لا تكون المعايير مختلة بهذا الشكل)، خاصة وأنهم يمارسون نوعاً من الترويج لأنفسهم على طريقة الفنانين العرب، وذلك من خلال مدير الأعمال الذي يصطاد لهم حفلات الأفراح، وهي أشياء دخيلة لا توصل الفنان إلا إلى عربة (برادو) أو أي شيء آخر، ولكنها لا توصله إلى قلوب الناس، ولا تدخله تاريخ الأغنية السودانية.

من المعلوم أن الفنانين المغالين في أجورهم ليس فائزون بمحبة الناس، خاصة وأنهم قادرين على التمييز بين الصالح والطالح والغث والسمين، فالفنان الجيد ليس في حاجة لأن يكون متشبهاً بالنساء في (البوبار) بالعداد، لذلك على الفنانين مراعاة الضائقة المالية التي يمر بها المجتمع، والارتقاء إلى مستوى المسؤولية بمشاركة المجتمع في قضاياه وهمومه، خاصة وأنه معروف أن هنالك ظروف اقتصادية تتأرجح من وقت لآخر، لذلك لا يوجد مبرراً لزيادة الأجر الذي يلعب دوراً كبيراً في تصعيب إتمام مراسم الزفاف.

 

 

 

ليست هناك تعليقات:

azsuragalnim19@gmail.com

*الدكتور أسامة عطا جبارة يشرح الإقتصاد السوداني في ظل الحرب*

..........  *تواصل شبكة (أوتار الأصيل) الإخبارية، وصحيفة العريشة الرقمية نشر الحوار الهام مع الخبير في الإقتصاد العالمي الدكتور أسامة عطا جب...