.......
تشكل الأوضاع الاقتصادية الطاحنة في البلاد واقعاً سياسياً، واقتصادية، واجتماعية وثقافياً، أمنياً وفكرياً منفلتاً لدرجة قف وتأمل، ويظهر ذلك جلياً من خلال الاحتجاجات هنا وهناك، والتي عبرت عن سخطها وغضبها من الغلاء الفاحش، وارتفاع الأسعار يومياً وبصورة تفوق كل التصورات والتوقعات فالسلع عموماً تزيد بلا ضابط أو رابط، وكل شركة، مصنع وتاجر يسعر بما يتماشى مع هواءه، وإذا نزل سعر الدولار الأمريكي مقابل الجنيه يظل سعر السلع كما هو رغماً عن ربط الزيادات بالسعر الموازي للدولار الأمريكي مقابل الجنيه السوداني، والذي بات ضعيفاً للغاية جداً أمام العملات الأجنبية، لذلك فإن كل بائع سلعة يحدثك عن ارتفاع سعر الدولار الأمريكي لكي يجد مبرراً للزيادات التي يقرها مع إشراقة كل صباح، ولا حلول للحكومة الانتقالية، إنما فشلت في إدارة الملف الاقتصادي اللاعب الرئيسي في سقوط الحكومات المتعاقبة على حكم البلاد، فليس بالمسكنات والمهدئات لوحدها يمكن للمواطن أن يعيش.
من المؤسف أن تقرر أسعار السلع الغذائية، التموينية والإستراتيجية الشركات، المصانع وتجار الأزمات، فالأوضاع الاقتصادية الضاغطة في البلاد قادت المواطن للاحتجاج.
لم أكن أود الخوض في قرارات والي ولاية الخرطوم القاضية بمنع التجمعات وإقامة الحفلات بسبب الموجة الثانية لجائحة (كورونا) إلا أن إلقاء القبض على الفنانين، الموسيقيين وفني الساون سيستم، ومن ثم محاكمة عدد منهم بالغرامات والسجن مع وقف التنفيذ والتمام في قسم الشرطة، هي لوحدها التي جعلتني أقف متأملاً قرارات والي ولاية القاضية بحظر مزاولة مهنة الغناء بسبب جائحة (كورونا)، ونظرتي للقرارات تتركز في الناحية الاقتصادية والإنسانية، إذ الحظ أنها لم تدرس الآثار الاقتصادية والإنسانية للفنان، الموسيقي وفني الساوند سيستم وأسرهم الذين ناصروا حكومة ثورة ديسمبر المجيدة، وذلك من واقع شعاراتها المناهضة لانتهاكات حقوق الإنسان.
إن الفنان والموسيقي وفني الساوند سيستم تحملوا ضنك العيش، وتعقيدات الحياة المتمثلة في أزمات الوقود، غاز الطهي والخبز، وارتفاع أسعار السلع الإستراتيجية بشكل شبه يومي، وظلوا صابرين تمسكاً بالقضية، أهدافها، آمالها وأشواقها، نعم صبروا لقناعتهم وثقتهم في حكومة (الثورة) التي يفترض فيها تطبيق شعارات الثورة حريةـ سلام وعدالة.
التمست أن صبر الفنانين والموسيقيين وفني الساوند سيستم نابع من إحساسهم بأن هنالك مؤامرات تحاك ضد الحكومة الانتقالية لإفشالها وإسقاطها بأي صورة من الصور إلا أن قرارات والي ولاية الخرطوم غير المدروس من الناحية الاقتصادية والإنسانية قادتهم للإصابة بخيبة أمل، وتسألوا كيف يمنع الوالي مناسبات الأفراح، ولا يطبق قراراته على التجمعات في الطلمبات، المخابز، غاز الطهي، المطاعم، المواصلات، الأسواق والأماكن العامة، أي أن الحياة عموماً تمضي بشكل طبيعي، اللهم إلا حياة الفنانين والموسيقيين وفني الساوند سيستم وأصحاب الصالات الذين تخالجهم إحساساً بالظلم، وذلك من وحي القبض على عدد منهم لمخالفة قرارات والي ولاية الخرطوم، ومن ثم اقتيادهم إلى قسم الشرطة وفتح بلاغات في مواجهتهم ومن ثم تحويلها إلى المحكمة، والتي يصدر قاضيها أحكاماً تقضي بالإدانة والغرامة المالية، والتي ربما توصل إلى (100) ألف جنيه، بالإضافة إلى متابعة الشرطة (التمام) في القسم، وهو ما تم تطبقه على الفنانين عبدالله البعيو ومحمد بشير (الدولي)، وبعض العازفين الذين ألقى القبض عليهم مؤخراً، ومحاكمتهم بالغرامات المالية، والسجن مع وقف التنفيذ، وعليه أصبح أهل الفن يحملون هم مطاردات وملاحقات الشرطة لهم وفقاً لقرارات والي ولاية الخرطوم القاضية بمنع التجمعات وإقامة حفلات الأفراح بسبب الموجة الثانية لجائحة (كورونا)، لذا السؤال الذي يفرض نفسه على والي ولاية الخرطوم هو هل فيروس (كوفيد-19) المستجد لا يظهر إلا عندما يصدح الفنان بالغناء في مناسبات الأفراح؟.
تعتبر مهنة الغناء كسائر المهن المسموح لها بالعمل بنسبة محددة، لذا ما الأمر الذي يمنع الفنان من ممارسة مهنته وفقاً للنسبة المحددة للمهن عموماً، بدلاً من القبض وفتح البلاغات والمحاكمات ولماذا تنفيذ قرارات والي ولاية الخرطوم على الفنانين فقط مع العلم أنهم يعيشون أوضاعاً اقتصادية طاحنة وذلك منذ الموجة الأولي لفيروس (كورونا) المستجد، والذي ترك تأثيره السالب بالإغلاق الجزئي والشامل، مما جعله يفقد مصدر رزقه، ورغماً عن ذلك ظل صامداً وصابراً، إلا أن الموجة الثانية لجائحة (كورونا) ضاعفت من معاناته، وأخذت تدخله في ظروف اقتصادية قاسية جداً وتزامن ذلك مع إصدار والي ولاية الخرطوم قراراته القاضية بمنع التجمعات وإقامة الحفلات، مما اثر ذلك على الحياة المعيشية اليومية، خاصة وأن قرارات الوالي لم تضع بدائل في حال مخالفة قانون الطوارئ الصحية، والذي إذا طبق على الجميع فإن (80٪) ستتم محاكمتهم بالتجمعات في شارع النيل والمطاعم، والتحلق حول بائعات المشروبات الساخنة، والازدحام في الأسواق، المواصلات والأماكن العامة، أي أن كل نشاط في الحياة يمضي بصورة طبيعية، وهو الأمر الذي جعل الفنانين والموسيقيين يحسون بالظلم، وعدم احترام رسالتهم الفنية اتجاه المجتمع، ومع هذا وذاك المعاملة غير اللائقة من مكتب والي ولاية الخرطوم الذي أوصد أبوابه في وجه ممثلي اتحاد الفنانين، ولم يسمح لهم بمقابلة الوالي لمناقشته في القرار المتعلق بالفنانين والموسيقيين، كما رفض استلام المذكرة المقدمة من الدكتور عبدالقادر سالم نقيب الفنانين السودانيين، والذي يمثل اتحاد الفنانين الذي يضم شرائح مؤثرة في المجتمع، وهذه الشرائح تجمل وجدان الشعب السوداني بما تنتجه من إبداع، فلماذا تنظر الأنظمة المتعاقبة على حكم البلاد لها على أساس أنها غير مؤثرة، رغماً عن أنها لعبت دوراً كبيراً في الحركة الوطنية، والاستقلال من المستعمر البريطاني، ويكفي أنها أنتجت (عازه في هواك)، (أنا سوداني)، (يا غريب يلا لبلدك)، (امتى يا أمة الأمجاد) وغيرها من الأعمال الخالدة في وجدان الأمة، فالفن يلعب دوراً ريادياً في إرساء دائم الحرية السلام والعدالة لتأثيره في الشعوب.
🛑 Awtar Alaseel news https://www.facebook.com/groups/sraj2222/
🛑 alarisha news
http://alarisha.net/wp-admin/customize.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق