*في قضية الأولي من نوعها.. تغريم أب بـ(التبني)
........
*التقاه : سراج النعيم*
........
وضع عثمان أمين علي تفاصيل مثيرة حول العثور على أخته (هناء) المختفية في ظروف غامضة عن أبيها النظامي السابق، وذلك بعد مرور أكثر من (21) عاماً.
وقال : منذ صغري وأنا أحب الإطلاع على قصص يكتنفها الكثير من الغموض، ودائماً ما أجد نفسي فيها، وأظل أتابعها بشقف شديد إلى أن أصل لنهايتها، وبدون مقدمات وجدت نفسي أحد أبطال هذه القصص، إلا أن قصتي الحقيقية والواقعية أكثر غرابة من قصص سبق وطالعتها، وهي أغرب إلى الخيال والواقع، إذ أنها بدأت من خلال انتقال الوالد من مدينة إلى أخري، وذلك بحكم عمله في الخدمة العسكرية، والذي قاده للاستقرار في بعض ولايات السودان، وخلال تنقله ما بين الفينة والآخري كان يتزوج في الولاية التي استقر بها، وأول زواج له كان من مدينة (نيالا) غرب السودان، وأنجب من زوجته السابقة صغيرته (هناء)، وأثناء ما هي في تلك السن انتقل هو إلى ولاية آخري، فحاول أصطحاب زوجته وابنته (هناء) معه إلا أن والدتها رفضت الفكرة جملة وتفصيلا، واثرت البقاء مع طفلتها على أن ترافقه في رحلة العمل الجديدة، فما كان منه إلا أن أختلف معها، ومن ثم شد الرحال إلى وجهته الجديدة تاركاً خلفه زوجته وطفلته (هناء)، وعندما أنتهت رحلته بعد سنوات عاد إلى مدينة (نيالا) عسي ولعل يجد أسرته الصغيرة، إلا أنه لم يعثر عليها رغماً عن بحثه المضني عنها، فاتضح فيما بعد بأن والدتها انفصلت عنه، وتزوجت زوجاً آخراً، ومن ثم انتقلت للإقامة معه في ولاية الخرطوم، فيما تزوج والدي من والدتي، وأنجب منها شخصي وشقيقتي.
ومضي : ذات يوم كنت أجلس مع والدي جلسة صفاء روي لي من خلالها قصة زواجه الأول، وأختي (هناء)، فكنت بين مصدق ومكذب على أساس انني كنت أعتقد أن والدتي هي السيدة الأولي في حياته، بينما أكد في سرده للقصة أنه ترك أختي الكبري مع والدتها في مدينة (نيالا) غرب السودان، وكان أن قطعت له وعداً بأن أبحث عنها في أي مكان كانت إلى أن أعثر عليها، فقال أين تجدها في هذا الوطن المترامي الأطراف؟، وكان ذلك في العام 2013م، وهو العام الذي بدأت فيه رحلة البحث المضني، وذلك عبر (العولمة) ووسائطها المختلفة، وآخر مرة كتبت (بوست) عبر موقع التواصل الاجتماعي (الفيس بوك) في مجموعة تضم أبناء مدينة (نيالا) في العام 2019م، ووضحت من خلاله قصة إختفاء أختي (هناء) كاملة، فما كان من أحد أعضاء المجموعة إلا أن يطلب مني التواصل معه في الخاص (ماسنجر)، وكان أن قال عبر الرسائل إنه يعرف أختي ووالدتها، مؤكداً أنهما غادرا المدينة إلى ولاية الخرطوم، وتحديداً مدينة أمدرمان، فسألته هل تعرف شخصاً يمكنه أن يوصلني بهما، وكان أن منحني رقم هاتف ابنة خالتها، وعندما اتصلت عليها هاتفياً، قال : (إن أختك تزوجت، وحضر مراسم زفافها والدك)، فاندهشت غاية الاندهاش مما ذهبت إليه، وبعد تفكير عميق قلت في قرارة نفسي لماذا لم يحدثني أبي بأنه عثر على ابنته لدرجة أنه زوجها؟، عموماً دخلت في حيرة من أمري خاصة وأن والدي على علم بأنني أبحث عنها لدرجة أنني سافرت إلى مدينة (نيالا) غرب السودان، عموماً فيما بعد اكتشفت أن الذي عقد قران اختي (هناء) ليس هو والدي، بل هو رجل آخر.
وأضاف : عندما انتقلت أختي (هناء) مع والدتها من مدينة (نيالا) إلى مدينة (أمدرمان)، وفيما بعد واجهتها إشكالية إستخراج وثائقها الثبوتية للجلوس لامتحانات الصف الثالث، وصادف ذلك أن شاباً ارتبط بها، ومن ثم طلب منها إخطار والدها لطلب يدها لـ(لزواج)، وبما أنها لم تكن تعرف من هو والدها؟، قالت له : (سوف أتحدث مع والدتي لمعرفة أين هو والدي)؟، وكان أن وجهت سؤالاً لوالدتها أين أجد والدي، فأنا على ارتباط بشاب يريد أن يطلب يدي للزواج؟، فما كان من والدتها إلا أن وصفت لها مكاناً لم يكن صحيحاً، والذي على إثره شدت أختي (هناء) الرحال إلى المدينة المعنية، وبحسب الوصف وجدت رجلاً، وعرفته بنفسها تعريفاً كاملاً، فلم يقل لها أنه ليس والدها، بل تبناها على أساس أنه والدها الذي تبحث عنه، ومن ثم استخرج لها الرقم الوطني والبطاقة القومية، وجاء معها من تلك المدينة إلى ولاية الخرطوم، وعقد قرانها على ذلك الشاب.
فيما قال : عندما ظهرت في حياة أختي (هناء)، ووضعت على منضدتها الحقيقة كاملة دون نقصان، وبدون أي مساحيق أو رتوش دخلت في حالة نفسية صعبة جداً، ولم تكن مصدقة ما جري معها فيما مضي، مما جعلها في حيرة من أمرها، خاصة الإشكالية التي تواجهها من حيث وثائقها الثبوتية لدي السجل المدني، لذلك ازدات تعقيداً على ما هي عليه، فالسلطات المختصة أكدت بأن تعديل الرقم الوطني والبطاقة القومية لا يمكن أن يتم إلا من خلال محاكمة الأب بـ(التبني)، والذي اتخذنا في مواجهته إجراءات قانونية، وعلى ضوء ذلك حكم عليه قاضي محكمة الأوسط أمدرمان بالغرامة البالغة (10) ألف جنيه، وكان أن شاركناه في دفعها، وبعد المحاكمة لجأنا إلى السجل المدني مرة آخري بموجب قرار المحكمة.
واسترسل : بدأت قصة اختفاء اختي (هناء) بعد الإنجاب مباشرة، إذ أنها تفاجأت بغياب والدها أكثر من (21) عاماً، إلا أنني ورغماً عن مرور تلك السنوات الطوال قررت البحث عنها نسبة إلى أنها لم تستمتع بما حظيت به كل فتاة في مراحل طفولتها، وبما أنها عانت كل تلك المعاناة قررت البحث عنها وإعادتها إلى حضن والدها، هكذا سعيت سعياً حثيثاً لفك طلاسم قصة الإختفاء.
واسترسل : عموماً طرقت الكثير من الأبواب من خلال رحلة بحث مضنية جداً، وكلما أغلق باباً في وجهي طرقت باباً آخراً، وبروح معنوية يسودها التفاؤل والأمل.
وتابع : رغم الاعتراض من بعض الأشخاص إلا أن عزيمتي، إصراري وقناعتي جعلتني أمضي في هذا الاتجاه، لذا لم استسلم نهائياً للمخاوف وعثراتها، فواصلت الرحلةإلى أن حققت ما أصبو إليه، وفي غمرة ذلك تلقت اتصالاً هاتفياً من (الخير)، والذي أشار على بأنه يجب تعديل الأوراق الثبوتية باعتبار أن اختي تحمل مستندات تشوبها أخطاء فادحة.
واستطرد : في ظل تلك الأجواء اتجهت إلى رفع معنويات اختي (هناء) بعد العثور عليها، مؤكداً لها بأن ما يواجهها ما هو إلا تحدي حقيقي، ولكن لن يطول كثيراً.
وأضاف : بتاريخ 22/10/2019م، كانت المفاجأة بأن التقيت باختي الكبري، والتي بدورها تعتبرني أخيها الأكبر، وتكن لي كل الإحترام والتقدير الذي يليق بسعي الحثيث للم شملها بوالدها، وقد لعبت (العولمة) ووسائطها المختلفة دوراً ريادياً في فك طلاسم قصة إختفاء (هناء) في ظروف غامضة، وأتمني أن تعدل أوراقها الثبوتية، كما أتمني أيضاً أن لا يقع الآباء في مثل هذه الأخطاء.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق