الأربعاء، 26 أغسطس 2020

ابوهريرة حسين يكشف أسرار وخفايا حول اعتقاله تنشر لأول

قوات أمنية اعتقلتني أثناء شهر العسل واقتادتني إلى (كوبر)
الرئيس اليوغندي لعب دوراً في إطلاق سراحي بسبب قدح الدم
الرئيس السابق عمر البشير لا يلعب (الليدو) خلف قضبان السجن
جلس إليه : سراج النعيم
كشف الأستاذ ابوهريرة حسين، وزير الشباب والرياضة السابق أسرار تنشر لأول مرة حول اعتقاله ضمن رموز نظام الرئيس المخلوع عمر البشير بالسجن الاتحادي (كوبر).
في البدء ماذا بعد إطلاق سراحك من المعتقل؟
أولاً تحياتي لك أخي الحبيب سراج النعيم، وسعيد جداً بالدردشة معك، والتي أشكر من خلالها الأهل، الأصدقاء والإعلاميين الذين بذلوا مجهوداً كبيراً حتي تم خروجي من السجن الاتحادي (كوبر).
ماذا عن الروايات التي صاحبت إطلاق سراحك؟
هنالك عدد من الروايات المصحوبة ببعض الشائعات، فاعتقالي في حد ذاته رسم الكثير من علامات الاستفهام في المشهد السوداني؟؟؟، ولكن الرواية الراجحة، والتي لا استبعدها تتمثل في تدخل الكثير من السياسيين والشباب، والرواية الأقرب هي أن الرئيس اليوغندي (يوري موسفيني) دعا إلى إطلاق سراحي من المعتقل نسبة إلى موقفي من الترحيب به في الحوار الوطني الأخير، والذي دعا له عمر البشير الرئيس (السابق)، وشرفه عبدالفتاح السيسي الرئيس المصري، إدريس دبي الرئيس التشادي، الرئيس الموريتاني، ويوري موسفيني الرئيس اليوغندي، والذي كنت من خلاله مسئولاً عن مسرح الفنانين، وإلى جانبه مباشرة الرؤساء الأفارقة الأربعة، بالإضافة إلى المنصة الخاصة بالتقديم، والتي يتولي إدارتها المذيع الكبير الطيب قسم السيد، وأثناء تقديم الفقرات بدأ الإعلامي الطيب قسم السيد الترحيب بالرؤساء إلا أنه فات عليه أن يرحب بالرئيس اليوغندي، مما أحدث صدمة وإحراج شديدين، فتأزم على إثره الموقف، والذي فكر في إطاره يوري موسفيني الرئيس اليوغندي مغادرة قاعة الصداقة، فيما كان من عمر البشير الرئيس السابق إلا ويبدو متوتراً جداً مما حدث، إلا أن المسافة بين الحضور والمذيع الضليع الطيب قسم السيد كانت بعيدة، والذي انخرط في مواصلة الترحيب بالوزراء والسفراء أي أنه نزل بالترحيب إلى درجة أقل من الرؤساء، وكانت في تلك الأثناء تجلس بجواري الأستاذة نجوي قدح الدم، عليها الرحمة ومعها سكرتيرة الرئيس اليوغندي، وكانت هنالك إشارات بعدم الرضا للتجاوز الذي حدث دون قصد، وحاولت السكرتيرة مغادرة المكان، فسألتها ماذا حدث؟ فقالت : المذيع لم يرحب بـ(موسفيني)، وهذا الخطأ خلق توتراً كبيراً، واحتمال حودث شيء ما له آثار كبيرة جداً في العلاقة بين البلدين فيما بعد، فما كان مني إلا وأن أتوجه مباشرة إلى المنصة متخطياً الحاجز الأمني، وقلت للطيب قسم السيد أنت ارتكبت خطأ كبير جداً يتمثل في عدم ترحيبك بالرئيس يوري موسفيني، فقال : سوف أرحب به، فقلت : لا يمكنك أن تفعل بعد أن نزلت بالترحيب لدرجات أقل منه، إلا أنه بخبرته وتجربته الإعلامية العميقة رحب بالرئيس يوري موسفيني بطريقة اذهلت كل الحضور، واستطاع أن يعيد الأمور إلى نصابها، ومن ثم ضجت القاعة بالتصفيق، الأمر الذي أدخل السرور في نفس الرئيس اليوغندي والوفد المرافق له، والذي دفع سكرتيرة يوري موسفيني أن تأتي نحوي وتقبلني على رأسي، ويقال إنه بعد ذلك جاء عنصر منه، وتوسط لدي المجلس السيادي لإطلاق سراحي للموقف الذي مثلته معه في قاعة الصداقة، قائلاً : (هذا الموقف وحده يكفي لإخلاء سبيلي)، وهذه هي الرواية الأقرب إلى خروجي من المعتقل.
ماذا عن الروايات الأخرى لإطلاق سراحك؟
حدث تواصل أثناء مرضي داخل المعتقل، والذي قامت على إثره عدد من الشخصيات بمبادرات تصب في هذا الإطار إلا أن رواية يوري موسفيني هي الرواية الأقرب إلى إطلاق سراحي، ومن ثم أصدر وزير الدفاع السابق ـ عليه الرحمة قراراً يقضي بإطلاق سراحي، وأشكره وأشكر المجلس السيادي، وكل من وقف إلى جواري. .
ماذا حدث قبل إنهيار نظام المخلوع عمر البشير؟
كان هنالك صراع على مستوي كبير جداً داخل الدولة، وهذا الصراع يقوده عدد كبير من القيادات السياسية والأمنية، إذ أنهم كانوا جميعاً يقفون ضد الفريق طه عثمان الحسين، وأخذ ذلك الصراع منحنيات واتجاهات شخصية، وذهبوا به إلى أبعد من ذلك بأن أصبحوا يوقرون صدر الرئيس ضد الفريق طه مؤكدين أنه فعل (كذا وكذا)، هكذا إلى أن تمكنوا من اقصائه من مكتب الرئيس، وكان البشير دائماً ما يتحدث عن الفريق طه عثمان الحسين على أساس أنه لعب دوراً كبيراً في إدارة دفة البلاد إلى الأحسن، وأنه يقوم بمهام كبيرة جداً، ولا يمكن أن يقوم بها أي مسئول خلافه.
ماذا عن الشخصيات قائدة الحملة ضد الفريق طه؟
 من كانوا يقودون الحملة ضد الفريق طه نسوا دوره الذي قدمه، وظلوا يوجهون له الاتهام تلو الآخر في أشياء شخصية، وهذه الأشياء يفترض عليهم تجاوزها، ورغماً عن ذلك نجحوا في إقصاء الفريق طه، وأعتقد أن إبعاده أضعف الدولة، وأضعف قوة الرئيس السابق عمر البشير بنسبة (٧٠٪) لأنه كان يقوم بدور كبير جداً في الامارات والسعودية، فهو كان رجلاً جرئياً، ولكن بكل أسف البعض يشخصنون القضايا، لذا أعتقد اعتقاداً جازماً بأن بداية تدهور الحكومة كان في استبعاد الفريق طه عثمان الحسين، وخروجه من المشهد السياسي، وبالتالي فقدت الحكومة الدور الطليعي الذي يقوم به، وهو الدور الذي لم يستطيع أي شخص آخر القيام به مهما كانت درجته أو وظيفته أو طريقته، فالكل يشهد له إنه يكون مستيقظ حتي الساعات الأولي من صباح اليوم التالي لمتابعة دولاب العمل، إذ أنك تتفاجأ به يتصل بك هاتفياً في أي وقت لاستفسارك عن أمر يتعلق بالعمل في الحكومة، أي أنه يتابع كل ما يدور في أروقة الحكومة سياسياً، اقتصادياً، اجتماعياً وثقافياً، وفجأة فقدت حكومة البشير هذا الدينمو المحرك لها.
كيف تم اعتقالك ولماذا؟
ربما لانني في الأيام الأخيرة لحكم البشير كنت وزيراً للشباب والرياضة، وصادف ذلك أن الشباب خرجوا للشارع، وفي هذه الفترة البسيطة طلبت من الرئيس السابق عمر البشير للالتفات إلى قضايا وهموم الشباب، وذلك من واقع انني كنت قريباً جداً منه، وقطع شك لاحظ الناس الذين كانوا متابعين للموقف ذلك أو أنهم اكتشفوا عبر التقارير ظهوري معه في بيت الضيافة أو القصر الجمهوري، أي كان تواصلي مستمراً مع الرئيس السابق عمر البشير، عموماً تفاجأت انني المعتقل رقم (٦) من بين قيادات نظام الرئيس السابق.
ماذا كنت تفعل لحظة اعتقالك؟
كنت في تلك اللحظة عريساً، وأقضي في شهر العسل، والذي تفاجأت في إطاره بقوة عسكرية كبيرة جداً تطلب مني الذهاب معها إلى سجن (كوبر)، وكان أن فعلت.
ما الذي وقفت عنده خلال اعتقالك بالسجن الاتحادي كوبر؟
الشيء الغريب في الأمر عزيزي سراج النعيم هو أن كل الجهات أمنية نفت نفياً قاطعاً أنها قامت باعتقالي، مما أدخلني في حيرة من أمري، أي إنني كنت معتقلاً مع مجموعة من قيادات نظام الرئيس السابق عمر البشير، وهم يتبعون للمؤتمر الوطني والحركة الإسلامية، ولا تربط بيني وبينهم أي علاقة، وهم جميعاً كبار في السن، وأنا أصغرهم سناً، ولا يوجد شيء يجمع بيني وبهم من حيث التجربة السياسية والتاريخ، المهم كانت الأمور غير واضحة إلى هذه اللحظة، فلربما اكتشف مع مرور الزمن معلومات وأسرار جديدة في هذا الاعتقال، وهكذا كنت في حيرة إلى أن التقيت بجمال الوالي خلف قضبان السجن، ولكن بعد اعتقالي بأسبوع تم إطلاق سراح جمال الوالي، وكان يمكن أن يكون الوحيد الذي تربط بيني وبينه علاقة في المجال الرياضي، فمازال هنالك الكثير من الغموض والاسرار.
ما هو إحساسك أول ما دخلت سجن كوبر؟
تفاجأت مفاجأة كبيرة حينما دخلت العنبر المخصص لي بالسجن، وعامل المفاجأة يكمن في إنني وجدت في ذلك العنبر على عثمان محمد طه نائب الرئيس السابق، الدكتور نافع علي نافع، الدكتور عوض الجاز والفريق أول مهندس عبدالرحيم محمد حسين، عندها بدأت اسأل نفسي من أنا حتي يتم اعتقالي مع هؤلاء القيادات، وما الذي اتي بي إلى هنا، وماذا فعلت؟؟؟ حقيقة كانت المفاجأة بالنسبة لي كبيرة جداً لدرجة إنني كنت في حالة تفكير يومياً.
هل صحيح كنتم تلعبون (الليدو) في المعتقل مع الرئيس المخلوع عمر البشير؟
لا أساس لهذا الحديث من الصحة، فليس في الإمكان أصلاً أن تلعب (ليدو) في ظل الاعتقال، فالأمر في سجن (كوبر) كان أمراً جللاً، وليس هنالك مساحة لممارسة أي نوع من اللعب، وكنا نلتقي بالرئيس السابق عمر البشير في الساعات المسموح بها للرياضة مساء كل يوم، بالإضافة إلى يوم الجمعة، ولكن لا توجد ممارسة لأي العاب آخري داخل المعتقل سوي ممارسة الرياضة الجماعية فقط، ولم نلعب (ليدو) أو (ضمنة) أو (كوتشينة).
من الذي اخطرك بإطلاق سراحك من السجن؟
تم اخطاري بذلك من خلال ثلاثة ضباط جاءوا من سجن (كوبر) إلى مستشفي (علياء) بامدرمان حوالي الساعة الثانية عشر ليلاً، وقالوا لي لدينا لك خبراً ساراً مفاده أن السلطات المختصة قررت إطلاق سراحك، وفعلاً تم سحب القوة العسكرية الموجودة في حراستي، والمكونة من إثنين من الضباط وثلاثة من الأفراد، وكان أن قالوا لي في إمكانك الذهاب إلى منزلك، وكان ذلك حوالي الساعة الواحدة صباحاً
موقف خالد في ذاكرة أثناء اعقتالك بالسجن الاتحادي كوبر؟
من الأشياء الجميلة رغم الألم الذي كنت أعاني منه بسبب المرض، والذي تم على إثره إسعافي من داخل سجن (كوبر) إلى مستشفي (المعلم)، ويرافقني في الإسعاف ضباط من السجن، وأثناء ما الإسعاف يمضي في طريقه مر بساحة الاعتصام ناحية شارع الجامعة، وهنالك اوقفه (الترس) الذي وضعه شباب ثورة ديسمبر، وبالتالي تم إيقاف الإسعاف الذي حاصره عدد كبير جداً من الشباب، ومن ثم قاموا بإنزال القوة العسكرية الموجودة معي داخل الإسعاف، وذلك بعد اكتشاف أن معتقلاً من نظام الرئيس السابق داخل الإسعاف قادم من سجن (كوبر)، عندها قلت في قرارة نفسي هذه هي نهاية حياتي لا شك في ذلك لأن الموقف كان صعباً جداً، عموماً صعد شاباً ثائراً إلى داخل عربة الإسعاف، وعندما شاهدني قال لي : (يا أستاذ كتر خيرك على ما قدمته للناشئين، فنحن ما ناسين العملتو لينا)، ومن ثم خرج من الإسعاف وخاطب جموع الشباب الثائر بأن الموجود داخل الإسعاف هو الأستاذ ابوهريرة حسين وهو مريضا، وبالتالي (ما في أي زول يهبشوا خاصة وأنه زولنا)، بعدها طلبت منه أن يسمح للضباط أن يعودوا معنا، وأن يأمن لنا خروج الإسعاف من هذا المكان، المهم أن هذا الموقف أثبت بما لا يدع مجالاً للشك نبل الشباب الثائر، وعندها شعرت بأن كل ما أعاني منه من مرض وألم زال بهذا الموقف النبيل الذي وجدت في إطاره من يقدر ما قدمته، ورغماً عن أن الأجواء كانت غير ذلك، إلا أنه وحينما تجد شاباً يقدر ذلك فإنك تشعر بفخر واعتزاز، وأن ما قدمته كان دافعاً لرفع روحك المعنوية.

ليست هناك تعليقات:

azsuragalnim19@gmail.com

*الدكتور أسامة عطا جبارة يشرح الإقتصاد السوداني في ظل الحرب*

..........  *تواصل شبكة (أوتار الأصيل) الإخبارية، وصحيفة العريشة الرقمية نشر الحوار الهام مع الخبير في الإقتصاد العالمي الدكتور أسامة عطا جب...