……….
اندهشت غاية الاندهاش من التفتيش الذي نفذته شرطة مكافحة المخدرات في شخصي اليوم الثلاثاء في تمام الساعة الثانية والنصف، وذلك أثناء ارتشافي لكوب شاي لدي احدي بائعات المشروبات الساخنة، علماً بأن ست الشاي تتخذ مقرا يقع بالقروب من قسم شرطة مدينة (النيل)، أي أنه في مكان عام، ولا تنقطع من حوله الحركة راجلا أو راكبا إلا أن شرطة مكافحة المخدرات، وبدون مقدمات أوقفت عربة (بوكسي) يحمل على متنه عدداً من أفراد الشرطة الذين يرتدون أزياء مدنية، فنزل منه حوالي أربعة أفراد تقريباً، وهؤلاء الأفراد شرعوا مباشرة في محاصرة المكان الذي كنا نجلس حوله بسرعة فائقة، ثم طلبوا منا الثبات في اماكننا، ومن ثم بدوأ في تفتشينا، ثلاثة منهم فتشوا شابين كانا يجلسان بالقرب مني، وشمل التفتيش حتي (فلفلة) شعر أحدهما، بينما اتجه نحوي شرطيا آخرا، وقام بإدخال يده في (جيبي) الشمال، فاستخرج منه علبة (سجائر)، وقبل أن يكمل تفتيشه لشخصي استخرجت بطاقتي الصحفية، فما كان منه إلا أن يوقف تفتيشي، وبما أن التفتيش لم يسفر عن أي شيء غادروا المكان دون الإعتذار لنا، وكأننا نتاجر أو نتعاطي المخدرات، أو أننا معروفين لديهم.
عموماً نفذت شرطة مكافحة المخدرات التفتيش في شابين كانا يجلسان بجواري، فيما سألني فردا آخرا، هل أنت زميل؟ فقلت : لا، بل كاتب صحفي، وما أن التقطت اذناه ردي إلا وشرع في إدخال يده في (جيبي) الشمال، فاستخرج منه علبة سجائر، بينما كنت في تلك اللحظة أستخرج في جزلاني من (جيبي الخلفي)، فقال لي الشرطي : (ما تطلع أي حاجة)، ولم استجب له إلى أن تمكنت من استخراج جزلاني وأبرزت هويتي له، فما كان منه إلا أن يوقف تفتيشي، ويعيد لي علبة السجائر، ثم غادر المكان متجها نحو البوكسي ذو اللون الأبيض، والذي يحمل لوحة بالرقم (2507).
إن سردي لهذه التفاصيل ليس اعتراضا على الاشتباه أو تفتيش شرطة مكافحة المخدرات، أو أي سلطة رسمية في البلاد، ولكن سؤالي ما هي معايير إختيار أفراد شرطة مكافحة المخدرات الذين يفتشون الأشخاص، وهل من بين تلك المعايير الحس الأمني، والذي بلا شك لا يخطيء من يمتاز به في حالة الاشتباه، وهل تركز مكافحة المخدرات في حملاتها على التاجر أم المتعاطي، ومن هو الأكثر خطراً على المجتمع، وهل يحق لشرطة مكافحة المخدرات تفتيش من تشتبه فيهم في الشارع العام، ولماذا لا تقوم الإدارة العامة لمكافحة المخدرات بعمل برامج توعوية وقائية للمجتمع من خلال القنوات الفضائية، الإذاعات، الصحف والإعلام البديل حتي لا يقع الشباب في مخاطر المخدرات، فالمدمن يحتاج للتوعية، الإرشاد والتوجيه؟؟؟.
على الإدارة العامة لمكافحة المخدرات إيجاد طرق لتفتيش المشتبه بهم بعيداً عن الشارع العام واعين الناس، وأن تفكر في حل مشكلة المخدرات من جذورها، لذا سؤالي إلى مدير الإدارة العامة لشرطة مكافحة المخدرات كيف يتم إدخال المخدرات إلى البلاد، وكيف يتم توزيعها إلى أن تصل للمستهلك، وهل لجأت إدارته إلى عمل دراسات وأبحاث من الناحية الاجتماعية والاقتصادية والصحية، وما هي المواصفات التي يتم من خلالها إختيار من يقومون بحملات التفتيش بصورة عامة، وعلى وجه التحديد من يرتشفون الشاي لدي بائعات المشروبات الساخنة، أو أي مكان آخر، وهل يستطيع فرد المكافحة دراسة الحالة النفسية لمن يتم تفتيشه، ولا يكون متعاطيا للمخدرات، أو بحوزته ما يبحث عنه، وهل التفتيش يتم في اي مكان، وأمام الناس أم أنه يفترض أن يكون داخل قسم شرطة، وهل تقف مكافحة المخدرات على الدواعي التي تجعل هذا الشاب أو ذاك يتعاطي المخدرات، وظروف انزلاقه لإدمان المخدرات، والتي يجب أن تدرس في إطارها الأسباب الاجتماعية والأسرية، بدلاً من الاشتباه، التفتيش، القبض والمحاكمات، وعليه يجب أن تركز الإدارة العامة لمكافحة المخدرات على غرس القيم والأخلاق في نفوس الشباب من خلال بث ثقافة (لا للمخدرات)، وذلك عبر المدارس باختلاف مراحلها، والجامعات المنتشرة في أنحاء البلاد، والعمل على التوعية بالاضرار الناتج عنها تعاطي آفة المخدرات، وأن تكون البرامج التوعوية مستمرة من أجل بناء مجتمع ملم بأضرار التعاطي مع المخدرات.
الجمعة، 31 يوليو 2020
سراج النعيم يكتب : شرطي يدخل يده في جيبي لهذا السبب
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
azsuragalnim19@gmail.com
*الدكتور أسامة عطا جبارة يشرح الإقتصاد السوداني في ظل الحرب*
.......... *تواصل شبكة (أوتار الأصيل) الإخبارية، وصحيفة العريشة الرقمية نشر الحوار الهام مع الخبير في الإقتصاد العالمي الدكتور أسامة عطا جب...
-
بعد وفاة الدكتور (محمد عثمان) متأثراً بـ(الفشل الكلوي) .................. حاول هؤلاء خلق (فتنة) بين...
-
الخرطوم: سراج النعيم وضع الطالب السوداني مهند طه عبدالله إسماعيل البالغ من العمر 27 عاما المحكوم بالإعدام في قت...
-
مطار الخرطوم : سراج النعيم عاد أمس لل...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق