..........
دائماً ما ينجرف الإنسان بالحنين والأشواق إلى الماضي دون أن يوازن بينه والحاضر والمستقبل، وهو ذات الأمر الذي تفعله حكومتنا الانتقالية، لذا تظل تدور في فلك الذكريات من حيث التاريخ السياسي، الاقتصادي، الاجتماعي، الثقافي والفكري، وحينما يحدث معها ذلك تكون مضطرة للبحث عن حلول تخرجها من واقعها المحكوم بأفكار وهواجس ربما لا ترغب في استعادتها أو أن تكون جزءاً أصيلا من سياستها، وبالتالي تحاول جاهدة نسيان الماضي بأي شكل من الأشكال، إلا أنها
تجد نفسها محاصرة به، ولا سيما فإنها تظن أنه يتعارض مع ما ترمي إليه، علماً بأن العودة للماضي يصعب تجاوزها، خاصة إذا كانت النظرة للحاضر بعيدة عما يأمل فيه الإنسان من مستقبل مشرق، فلا حاضر أو مستقبل بلا ماضي، ولكن هنالك من ينظر للماضي من خلال أوضاعه الآنية، وليس مهما لديه ما يعتمل في الدواخل من رؤية ربما تترجم ما يود الهروب منه، المهم أنه يسعي إلى إنكار الحقيقة الماثلة أمام عينيه رغماً عن أن الماضي قيمة إنسانية عميقة، وله أهمية لكل إنسان، فلا ينفصل الماضي عن الحاضر والمستقبل، فالماضي جزء أصيل من تاريخنا، وتاريخ الأمة جمعاء.
إن مفهوم الماضي لدي البعض مبني على أنه عبارة عن أوجاع، الآلام، أحزان ومرارات لها صلة بطائفة معينة، وأمثال هؤلاء لا يحبذون أو يحنون للعودة إليه لارتباطه في المخيلة بالزمان، المكان والشخوص الذين يوثقون لذكريات تاريخية لا يرغبون فيها لما تحمله من أوجاع، الآلام، أحزان ومرارات. المهم أن الماضي إذا كان (جميلا) فلا بأس به، وإذا كان (قبيحا) فينكرونه باعتبار أنه لا يمثل جزءاً من حياتهم، ويبذلون قصاري جهدهم لنسيانه، ومحوه من ذواكر الآخرين.
عموماً للماضي أهمية قصوي لكل إنسان، لأنه يشكل جزءاً أصيلا من حياته المتمرحلة مند الطفولة، الصبي والشباب والخ...، هكذا يجد الإنسان نفسه محكوما باستعادة مشاهد منه، وينسي أو يتناسي أنه مرتبط ارتباطا وثيقا بالحاضر، والمستقبل، وبالتالي كلما تسرب إليه من خلال الزوايا المختلفة ينكره بالرغم من أنه حكاية، وكل حكاية تسرد قصصا خالدة في الذاكرة، لذا الأسئلة التي تتبادر للاذهان هل الماضي يرسم واقعا جميلاً، وهل يستحق أن تفرد له مساحات، وهل هو حافل بما يفتقده الإنسان من صفاء، نقاء، صلاح وجمال، وهل يترجم تفاصيل الحياة بما يتوافق مع الحاضر والمستقبل؟!، الإجابة تكمن في نظرة الإنسان له، وذلك من حيث الذكريات والتاريخ بغض النظر عن الأوجاع، الآلام، الأحزان، والمرارات؟!.
إن البعض لا يدرك أهمية الماضي للحاضر، والمستقبل، وبالتالي لا يميل للعودة إليه، ويرفض فكرته جملة وتفصيلا، ويحاول جاهداً إسقاطه، وإسقاط الزمان، المكان والشخوص الذين ارتبطوا به، وكلما ألتقي بهم يعيدون شريط تلك الذكريات، فلربما لا يريد لها أن يكون حاضرة في حياته الآنية حتي يرسم مستقبله بصورة لا تمت بصلة لما تجاوزه، وعليه يرغب في التعامل مع أناس لا يعرفون عن ماضيه شيئاً، وبالتالي يتعاملون معه وفقاً لحاضره، ويبتعد عمن يذكرونه بالماضي.
يعتبر البعض أن الماضي يذهب إلى حاله، ويجب أن لا يكون نبتة غضة في كل مراحل حياته، خاصة وأنه يتطلع إلى حاضر لا يرتبط بماضيه هكذا يتجاوز أي مشاعر تعيده للماضي المرتبط عميقا بالحاضر، والذي ربما يتمدد إلى المستقبل الذي يمضي، وعليه ينسي أو يتناسي أن الطفولة، الصبي والشباب جزء لا يتجزاء من ذلك الماضي، والذي يرفضه ويرفض حقيقته المؤكدة أن عمره يرتحل يوماً تلو الآخر دون إنجاز ما يحلم به؟!
وحينما ننظر إلى الفكرة من جانبها النفسي نجد أن العلماء عزوا الأمر إلى حنين وأشواق الإنسان إلى الماضي، وهي مشاعر لا ارادية تقوده مباشرة إليه بالرغم من أنه ملئ بالاوجاع، الآلام، الأحزان، والمرارات، والتي يخاف في إطارها مما يخبئه له المستقبل، وهكذا تتولد مشاعر الخوف في دواخله لتعبر عن معاناته في الحاضر، وبالتالي يصبح الماضي بحلوه أو مره جزءاً من حياته وأن كان لا يريد له أن يكون موجودا في حاضره أو مستقبله المجهول، ولعل أبلغ ما اطلعت عليه ما ذهب إليه احد الحكماء، والذي قال : (بيني وبين الملوك ساعة، فأما الماضي فقد مر على وعليهم، وأما المستقبل فكلنا يجهله ويخشى ما فيه)، وعليه فإن سعادة الإنسان تتركز في تفكيره في الحاضر خاصة إذا كان يمضي نحو ما يصبو إليه، وذلك دون إسقاط الماضي حتي ينظر إلى المستقبل بصورة سليمة.
من المؤكد فإن أي لحظة تمر على الإنسان في الحاضر يحتاج إلى أن يعود للماضي للاستفادة من أخطاء مرت به لتصويبها في الحاضر، خاصة وأن أي يوم ينقضي من العمر لا يعود، ويصبح مع مرور الأيام مجرد ذكري، إلا أن تركيبة الإنسان النفسية ترفض استعادة الماضي بشدة، مما يجعل الخوف والتوجس منه يسيطران على تفكيره، وبالتالي يمتلئ قلبه بالخوف مما ينبئ به المستقبل، مما يدفعه نحو دوامة التفكير، وبالتالي يضخم أبسط الأشياء، ويلجأ في إطارها إلى أطلال الماضي، والذي لا يستطيع تجاوزه، ويركن إليه نادما.
لابد للإنسان أن يوازن في تفكيره ما بين الماضي، الحاضر، والمستقبل وينبغي ألا يصرفه ذلك التفكير عن الحاضر والمستقبل فلا يجدي التحسر على الماضي الضائع، ولا يجدي تناسي ذكرياته في الحاضر ولا تجدي محاولة تجميله لصالح المستقبل، والذي يجب أن ننظر إليه من خلال بث الأمل والتفاؤل، وأن لا ننظر إليه من زاويا سلبية، خاصة وأن في دواخل الإنسان طاقة إيجابية تحتاج إلى التفعيل، ومع هذا وذاك يجب التحلي بالقيم، الأخلاق، العادات والتقاليد غير المنفصلة عن الديانة الإسلامية.
🛑 Awtar Alaseel news https://www.facebook.com/groups/sraj2222/
🛑 alarisha news
http://alarisha.net/wp-admin/customize.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق