...........
يشكل حظر التجوال الشامل هاجسا للكثير من الأسر الفقيرة، وأن كان لا حل أمام الحكومة الانتقالية سوي التعايش مع فيروس (كورونا)، لأنه أصبح أمراً حتميا لتشابهه مع عدد من الأمراض أبرزها (الإنفلونزا)، وهي جميعا لديها لقاحات، وأدوية تساعد المصاب على الشفاء، أو تقلل المضاعفات، اما جائحة (كورنا) فقد فشل العلماء من إيجاد لقاح لها أو أدوية تساهم في القضاء عليها أو تقلل المضاعفات، لذا سيظل الفيروس لفترة طويلة من الزمن بحسب ما أشار الخبراء، وبالتالي على الحكومة الانتقالية عدم التفكير في تمديد الإغلاق الكامل، لأنه يعني قتل المزيد من المواطنين في الداخل والخارج، وعليها الاكتفاء بالحظر الجزئي، واجلاء مواطنيها العالقين في عدد من الدول، خاصة وأن الوباء مازال حديث عهد من حيث الاكتشاف العلمي.
إن العالم ألكسندر غينتزبرغ، مدير المركز القومي لبحوث الأوبئة والأحياء الدقيقة قال : (إن الناس سيعانون من الجائحة ليس هذا الصيف فقط، ولكن ربما بقية حياتهم كلها، وأيضاً سيقضون في محاولة مكافحتها، والناس ستعيش بشكل طبيعي بعد وجود التطعيم الشامل)، السؤال هل ستصر الحكومة الانتقالية على الحظر الشامل أم أنها سترفعه في ظل جائحة ليس لها لقاح، ومع هذا وذاك كل ما تفعله السلطات الصحية هو علاج المرضي بالبندول على حد قول الدكتور أكرم التوم وزير الصحة، وأضف إلى ذلك عدم إمكانيات صمود الحكومة الانتقالية طويلاً أمام الحظر مهما ارتفعت معدلات الوفيات، فالفيروس فاقم من الأوضاع المعيشية، وبدأت المعاناة واضحة في وجوه الناس الذين إذا توفرت لهم السلع الأستهلاكية، فمن أين يأتون بالمال الذي يشترونه بها؟ فضلاً عن أن معظم سكان السودان يركنون لمصدر رزق يومي لم تضع في إطاره الجهات المختصة برنامجا إصلاحيا يصب في صالح المواطن الذي لا يدري من أين يأتي بالمال؟، وهو (عاطلا) عن العمل منذ ظهور وانتشار فيروس (كورونا)، والذي جعل الأوضاع الاقتصادية مذرية جدا، ولا تسمح للمواطن بالبقاء داخل منزله أكثر من ذلك، وبالتالي على الحكومة الانتقالية التفكير جدياً في التعايش مع الوباء، والبحث عن حلول اقتصادية تخفف معاناة الفقراء لأنهم أن لم يموتوا بالوباء، فإنهم سيموت بطرق آخري، فالاغلبية تعيش تحت خط الفقر.
إن استمرار الحظر الكامل ستكون له آثار سالبة لا تحمد عقباها للضغوطات الاقتصادية بالغة التعقيد، وهي دون أدني شك ستسفر عنها آثار نفسية سيئة جدا، وربما تصل إلى مرحلة العنف والطلاق، مع التأكيد أن التدابير الاحترازية الوقائية لم يتم تنفيذها بالصورة المثلي بدليل أن الإصابة بالفيروس في تزايد، وذلك نسبة إلى الضائغة الاقتصادية الطاحنة التي يمر بها الشعب السوداني، وبالتالي من الصعب جدا الإستمرار في الحظر الكامل، ما لم تجد الحكومة الانتقالية حلول، وأن لم تفعل فإن الحظر سيقود البلاد إلى نفق مظلم.
من أخطاء الحظر عدم وجود مستشفيات تعمل بصورة طبيعية، وهو الخطأ الذي أدي إلى حدوث عدد من الوفيات، وأبرزها حالة الإعلامي ماجد لياي وزوجة الكوميديان حامد كسلا وغيرها من الحالات المؤثرة، والتي في إطارها روت سيدة قصة وفاة إنسانة عزيزة عليها باحدي المستشفيات، فالمتوفاة كانت مريضة بالقلب والسكري، وأثناء تواجدها بالمنزل شعرت ببعض الآلام، فما كان من أسرتها إلا أن تسعفها على جناح السرعة إلى مركز القلب، وبعد إجراء الفحوصات، جاءت النتيجة مؤكدة بأن هنالك ماء في الرئة، ولكن إدارة المركز نصحتهم بأخذ المريضة للعلاج في المنزل، وبرروا ذلك بوجود حالات مشتبه فيها الإصابة بفيروس (كورونا)، وكان أن نفذت أسرة المريضة النصيحة، إلا أنها وبعد أيام ساءت حالتها الصحية، فتم أخذها إلى أحد الأطباء في منزله بالحي، وبعد الفحص على الحالة نصحهم باسعافها إلى المستشفى، وكان أن توجهت بها أسرتها مباشرة إلى المستشفى المعني، وبما أنها مريضة بالقلب والسكري، ولديها ماء في الرئة كان من الطبيعي إدخالها غرفة العناية المكثفة، إلا أن إدارة المستشفى قررت اعتبارها حالة من الحالات المشتبه فيها بالاصابة بفيروس كورونا، وعلى خلفية ذلك تم عزلها في غرفة لا يوجد بها إلا أنبوبة أكسجين ومروحة ودرجة الحرارة لا تقل عن (40) درجة مئوية، هكذا ظلت في الغرفة بدون أنبوب تغذية، ولم تؤخذ منها عينة لفحص جائحة (كورونا) إلا قبل نصف ساعة من إبلاغ أسرتها بالوفاة، فالمستشفى غضت الطرف عما تعاني منه المرحومة من أمراض آخري، واستنجدت بما يسمي الاشتباه بالإصابة بفيروس (كورونا) لسهولة العزل، ولكنها لم تفعل شيئاً تجاه أمراض تم اسعافها في إطارها، ولم تتخذ خطوات لعزل من خالطوا المرحومة، وإدارة الأوبئة لم تحضر إلى المتوفاة إلا في آخر نصف ساعة من حياتها لأخذ العينة لفحص جائحة (كورونا)، فهل أصبح كل هم الوزارة ومستشفياتها (كورونا)، دون الكشف عن الأمراض المزمنة الأخرى المصابة بها المتوفاة، عندما اتصلت الأسرة بإدارة الأوبئة لتطلب منهم الحضور لتعقيم منزل المتوفاة جاء الرد محبطا بأن يعقموا منزلهم بطريقتهم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق