الأربعاء، 8 أبريل 2020

سراج النعيم يكتب : كورونا".. ومخاض نظام عالمي جديد!


كورونا".. ومخاض نظام عالمي جديد!
أحدثت جائحة (كورونا) وضعاً اقتصادياً كارثياً، وسيظل تأثيره على المدى القريب والبعيد معاً، ورغماً عن ذلك لم تستوعب دول العالم خطورته، وأنه لا عاصم منه إلا بإذن الله سبحانه وتعالي، ولهذا السبب أدخل الخوف والهلع الشديدين في نفوس العامة، وذلك بعد أن وضح بجلاء عجز الدول العظمي عن إيقاف أو الحد من انتشاره رغماً عن الإمكانيات الاقتصادية، العلمية والفكرية الهائلة.
إن الأوضاع الاقتصادية تواجهها أزمات طاحنة منذ العام 2008م، لذلك لم تستطع كبح جماح فيروس (كورونا) الذي تفشي بصورة مخيفة ومرعبة جداً، وأحدث إضراراً، وتوقفت على إثره عجلة الحياة تماماً، لذا تنبئ تلك الظروف القاسية بأن (الوباء) سيترك تأثيره البالغ على الاقتصاد لفترة طويلة، كما سيواجه العالم تحديات جسام من حيث النمو الاقتصادي الذي ظلت تتصارع في إطاره دولاً عظمي من أجل تحقيق مصالحها، وفي ظل انشغالها بذلك الصراع تفاجأت بظهور وانتشار سريع لجائحة (كورونا) في مدينة (ووهان) الصينية، ولم تولي الأمر اهتماماً بالصورة المطلوبة رغماً عن التحذيرات من خطورته، هكذا تمت الاستهانة به، ولم تستشعر دول العالم ما يمكن أن يحدثه الفيروس، لذلك لم تتقبل الحقيقة الماثلة أمامها، لذا لم تتخذ تدابير احترازية وقائية تحد من انتشاره إلا بعد أن وقع (الفأس) على (الرأس)، وعندما أحست بالخطر بدأت تتحرك إلا أنها أخفقت في إدارة الملف بالصورة المثلى، وذلك من واقع اعتقاد البعض أنهم معصمين من الإصابة به.
إن نجاح الصين في إدارة ملف جائحة (كورونا) يؤكد أنها كانت جادة في التعامل معه والقضاء عليه بأي صورة من الصور، والبحث عن الحلول الإسعافية، لذلك ستصبح في المستقبل دولة رائدة في العالم لقدرتها على إيقاف انتشار فيروس (كورونا) المستجد، والذي سعت في إطاره إلى حشد إمكانياتها لحل الأزمة الكبرى.
يعتبر فيروس (كورونا) امتحاناً عسيراً لدول العالم بلا استثناء، والتي لم تنجح فيه من حيث سياساتها الاحترازية الوقائية التي يبدو أنها متعثرة جداً، كما أنه لا يوجد تضامن لمجابهة الفيروس الذي اتخذت في ظله القرارات متأخرة، خاصة فيما يتصل بإغلاق المطارات، المواني والمعابر، مما وضع بلداناً في أوضاع إنسانية متأزمة جداً، وجعل في ذات الوقت دولاً عظمي عبارة عن بؤرة (للوباء) الذي قاد الكثير من المهاجرين للهروب منها نحو بلدانهم تجنباً لانتقال عدوي (كورونا) القاتل للإنسان والحياة والاقتصاد التي انهارت على إثرها الأسواق، وتوقفت عجلة الإنتاج ليس على مستوى السودان فقط، بل على مستوى العالم الذي ما أن طاله الوباء إلا وترك أثره على كل شيء سياسياً، اقتصادياً، اجتماعياً، ثقافياً وفكرياً، مما ينذر عند إعلان الانتهاء منه بأنه لن تسلم من أضراره أي دولة، والأكثر تضرراً بالفيروس إيطاليا.
فيما استفادت الصين من خبرتها، ومعرفتها بجائحة (كورونا) في الحد من انتشاره، ومن ثم اتجهت إلى الوقوف مع الدول المتضررة، وفتحت أبوابها كقوة عظمي، هكذا لم تبخل على الدول التي وصلها الفيروس بالمساعدة من خلال توفيرها مستلزمات طبية ضرورية للحد منه.
الحقيقة التي يجب أن نستسلم لها هي أن حالات الاشتباه بالإصابة بفيروس (كورونا) لا تعني بأي حال من الأحوال بأن المريض مصاب بالوباء ربما تكون لديه (انفلونزا)، أو (التهاب حاد)، أو (أزمة)، فهي جميعاً تتشابه في أعراضها مع أعراض فيروس (كورونا)، والذي إذا ثبت انتشاره في السودان، فإن الإمكانيات الصحية أضعف مما يمكن تصورها، لذا على الجميع أخذ الحيطة والحذر، والالتزام بالتدابير الاحترازية الوقائية، والتي ليست في حجم التصريحات المتعلقة بالفيروس منذ الإعلان عنه، والذي يتطلب إجراءات أكثر صرامة لمنع انتشاره في البلاد.
على الحكومة الانتقالية الاستفادة من تجربة فيروس (كورونا)، وذلك من واقع الأوضاع الصحية والاقتصادية المذرية، وأن تتم الاستفادة من خلال إنشاء صندوق خاص بـ(الأوبئة) لحماية ومكافحة أثار أي وباء يظهر في المستقبل، وأن نستخلص من الأزمة الدروس والعبر في كيفية التعاضد والتضامن للتصدي لهذا الوباء أو أي وباء يظهر لاحقاً، لذا يجب تعزيز ميزانيات الصحية خاصة وأن جائحة (كورونا) قادت دول العالم إلى مرحلة أكثر صعوبة، وكشفت مدى التدني الذي يشهده الاقتصاد، بينما أثبتت الصين من خلال (الوباء) أنه سيكون لها دوراً ريادياً في الاقتصاد العالمي، إذ أنها ستكون القوى العظمى الجديدة في العالم.
ومن القصص المثيرة في هذا الجانب أن المرضى بالأمراض ذات الأعراض المتشابة مع أعراض فيروس (كورونا) يرفضون الذهاب إلى المستشفيات أو العيادات الخاصة، وذلك خوفاً من الإشتباه بإصابتهم بالوباء، وفي هذا السياق حدثني صديقي أنه شعر قبل أيام بضيق في التنفس في وقت متأخر من الليل، ولم يكن بطرفه بخاخ الأزمة، فأشارت عليه أسرته أن تسعفه إلى المستشفى، أو أي طبيب خاص، فرفض الفكرة باعتبار أن ضيق التنفس الذي يشعر به قد يكون سبباً في حجره صحياً، وهكذا تحمل ذلك المريض الألم إلى أن أشرقت شمس اليوم التالي، ومن ثم ذهب نجله سريعاً إلى أقرب صيدلية وجلب له الدواء.
ومن القصص أيضاً أن هنالك شابا لديه إلتهاب حاد جدا لدرجة أنه لزم السرير الأبيض، مما دفع عاطفة الأمومة تتحرك نحوه، فاقترحت عليه والدته أن تذهب به إلى المستشفي أو أي طبيب خاص فرض الفكرة رفضاً باتاً، فاندهشت والدته من ذلك الرفض، ناسيه أن أعراض مرض ابنها مشابه لأغراض فيروس (كورونا)، فما كان منها إلا ووجهت له سؤالاً مباشرا لماذا لا تريد الذهاب إلى المستشفى أو تقابل أي طبيب في عيادته الخاصة لتلقي العلاج؟ فرد عليها قائلاً : تعرفي يا والدتي كل الأعراض التي لدي مطابقة تماما لأعراض الإصابة بجائحة (كورونا)، وهكذا هنالك عدد من المرضى بالانفلونزا أو الالتهابات أو الأزمة أو أي مرض تشابه أعراضه أعراض فيروس (كورونا) يلجأ المصابين بها إلى الصيادلة مباشرة دون مقابلة الأطباء لتشخيص حالاتهم الصحية بعد إجراء الفحوصات الطبية اللازمة، رغماً عن أن الحالات المصابة بفيروس (كورونا) جاءت للسودان به من الدول الموبوءة وخاصة دولة الإمارات العربية المتحدة، من يحس بأنه مصابا، فليذهب للحجر الصحي من تلقاء نفسه، فكل الحالات المصابة بفيروس (كورونا) قادمة من خارج البلاد، وفي حال تكتمت على جائحة (كورونا) فإنك بلا شك ستنقل العدوة إلى أسرتك، أبنك، بنتك، خالك وعمك، ومن ثم ينتشر في كل بقاع وطنك.
السؤال لماذا يبحث البعض عن الأخبار غير السارة حول جائحة (كورونا) المستجد، فهنالك الكثير من الأخبار الإيجابية إذ تؤكد الأخبار أن إيطاليا سجلت (4200) حالة إصابة بالوباء القاتل تم شفاؤها خلال (24) ساعة، كما أن اليابان صنعت جهازاً قياسياً للاختبار السريع (test rapide) للكشف عن فيروس كورونا مدته (15) دقيقة، وهو قادر على اكتشاف الإصابات وقت وجيز جداً ، فيما أكدت فرنسا أن الدواء الذي تستخدمه أثبت نجاحه ضد (covid-19)، وهذا يبرهن بالدليل القاطع أن هنالك الكثير من المرضى تعافوا تماماً من فيروس (كورونا)، وعادوا إلى أسرهم وحياتهم الطبيعية، بالإضافة إلى أن الكثير من شعوب العالم أصبحت تحمل خبرة طيبة في الوقاية وحماية أنفسهم من الفيروس.
ومما ذهبت إليه يجب أن لا نلتفت إلى الأخبار غير السارة، فهي بلا شك ترمي إلى إدخال الخوف والهلع في نفوس الناس، وغالباً ما يكون هذا الاتجاه لدواعي سياسية، اقتصادية، اجتماعية، ثقافية وفكرية، ورغماً عن ذلك سيخرج العالم من جائحة (كورونا) أكثر قوة، تماسكاً، تعاضداً وتضامناً، فلينظر الجميع إلى السماء، فإن فيها عظمة الله القادر على أن يقضي على فيروس (كورونا)، لذا تضرعوا له بالدعاء اللهم إننا عبادك فاكشف عنا كل سوء وبلاء، وأحفظنا من فيروس (كورونا).

ليست هناك تعليقات:

azsuragalnim19@gmail.com

*الدكتور أسامة عطا جبارة يشرح الإقتصاد السوداني في ظل الحرب*

..........  *تواصل شبكة (أوتار الأصيل) الإخبارية، وصحيفة العريشة الرقمية نشر الحوار الهام مع الخبير في الإقتصاد العالمي الدكتور أسامة عطا جب...