الأربعاء، 18 مارس 2020

أسرة شهيد (المواكب) الفاتح النمير تكشف تفاصيل تنشر لأول مرة.. شيماء : شاهدنا فيديو ضربه بالرصاصة ولحظة سقوطه دون معرفتنا له



جلس إليها : سراج النعيم
وضعت شيماء الشقيقة الصغرى للشهيد الفاتح عمر النمير التفاصيل الكاملة لقصة استشهاده أثناء مشاركته في مواكب ثورة ديسمبر المجيدة، وذلك منذ انطلاقتها الأولى.
وقالت : يعتبر شقيقي الأكبر (الفاتح) من شهداء (المواكب) الذين حرصوا على الانتظام في إطارها منذ بداية ثورة ديسمبر الداعية للإطاحة بنظام الرئيس المخلوع عمر البشير، والتي ضُرب في ظلها بطلق ناري في العين اليمني، وذلك في موكب (١٧ يناير) بمنطقة (برى الدرايسة) بالخرطوم.
ومضت : يعد اليوم الذي أصيب فيه شقيقي يوماً خالداً في ذاكرة الشعب السوداني لأنه أشتهر في أذهان العامة بـ(مجزرة بري)، والتي استشهد فيها إلى جانبه الشهيد الدكتور بابكر والشهيد العم معاوية اللذين أسلما الروح لبارئها في نفس اليوم الذي أشرت له مسبقاً، فيما توفى شقيقي الشهيد (الفاتح) بعد مرور أربع أيام من تاريخ إصابته بالعيار الناري في ٢١ يناير، وكان ذلك اليوم يوماً مفصلياً في تاريخ الثورة السودانية الداعية للتحرر من قبضة النظام البائد.
وأضافت : الشهيد (الفاتح) ظل يداوم على الخروج في كل مواكب الثورة، وذلك منذ انطلاقتها الأولى على أساس أنه أعتبرها فرصة لتحقيق ما يصبو إليه من أهداف، فهو كان رافضاً رفضاً باتاً لنظام الرئيس المخلوع عمر البشير، لذلك عندما بدأت الشرارة الأولى للثورة لاحظت أنه كان فرحاً بها فرحاً منقطع النظير، وهذه الفرحة نابعة من أنه سوف يحدث التغيير الذي ينشده على مدى سنوات طوال من حياته، فهو كان يركز جل اهتمامه للتخلص من النظام البائد الذي يعتبره نظاماً ظالماً من خلال ممارساته القمعية المستمرة على مدى ثلاثة عقود متصلة دون انقطاع.
وماذا؟
كان الشهيد (الفاتح) كثير التحدث عن الظلم، القهر، القمع، التشريد والقتل الذي نتج عن سياسات نظام الرئيس المخلوع عمر البشير، فهي انتهاكات كانت تؤثر فيه تأثيراً بالغاً، وهي عوامل دفعته إلى المشاركة بفعالية في المواكب، فهو لم يترك موكباً واحداً إلا وكان من أوائل المنضمين إليه بما فيها المواكب البعيدة.
وأردفت : شقيقي (الفاتح) كان يفترض أن يتخرج من جامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا (هندسة ميكانيكا) في العام ٢٠٢٠م ورغماً عن أن الجامعة كانت منتظمة في التدريس إلا أنه كان مصراً على المشاركة في الثورة التي يؤمن بها إيماناً منقطع النظير.
وتابعت : الشهيد أطلق عليه عياراً نارياً في عينه اليمني، مما أدى إلى استقرار المقذوف في الرأس، فتم إسعافه بصعوبة إلى مستشفى (رويال كير)، والذي بقي على إثره طريح الفراش إلى أن اسلم روحه إلى بارئها.
وقالت : استشهاد (الفاتح) في موكب (الخميس) الموافق ١٧ يناير، وهو من دون كل المواكب شهد قمعاً أمنياً شديداً، وانتشاراً كثيفاً لقوات أمن الرئيس المخلوع عمر البشير، وتعود الوقائع إلى أن الموكب بدأ في تمام الساعة الواحدة ظهراً في السوق العربي بالخرطوم، وكان الشهيد مشاركاً فيه بفعالية، وما أن استمر حوالي الربع ساعة إلا وأطلقت سلطات النظام البائد الغاز المسيل للدموع بصورة مكثفة جداً، مما أدى إلى توزع الثوار من هناك إلى مناطق مختلفة، بينما ذهب الشهيد (الفاتح) إلى منطقة (بري الدرايسة)، وشارك في موكب بميدان المنطقة سالفة الذكر، إلا أن الأجهزة الأمنية مارست قمعاً لم يكن مسبوقاً وعنفاً بصورة مفرطة جداً، بالإضافة إلى استخدام الغاز المسيل للدموع، إلى جانب إطلاق الرصاص الحي في مناطق قاتلة من أجسام الثوار الذين تعرضوا لإصابات الخطيرة بما فيهم الشهداء الذين أثبتت إصاباتهم أن النظام البائد انتهك حقوق الإنسان الموقع عليها في المواثيق، المعاهدات والاتفاقيات الدولية.
وذهبت إلى إصابة الشهيد (الفاتح) قائلة : أصيب حوالي الساعة الثالثة عصراً، وبما أن الأجهزة الأمنية كانت تطوق منطقة (بري الدرايسة)، وتطلق الرصاص الحي والغاز المسيل للدموع بكثافة كبيرة، لذا كان من العسير إسعافه لمستشفى رويال كير، وعندما سنحت الفرصة أخذه الثوار إلى المستشفي، وبعد إدخاله إليها ظلوا معتصمين أمامها، وهذا اليوم غير مسار ثورة ديسمبر المجيدة، إذ أن هنالك من لم يكن مشاركاً في المواكب، إلا أن الانتهاك الذي شهدته منطقة (بري الدرايسة) قادهم إلى الانضمام إلى الثورة.
فيما قالت شيماء : أتضح أنه لديه نزيف حاد ناتج عن العيار الناري الذي أطلق عليه، وهو من نوع الرصاص الممنوع أصلاً استخدامه في مواجهة البشرية، إنما يستخدم في صيد الحيوانات لأنه ما أن يطلق على الجسم إلا ويتفتت داخله، وكل الإصابات في موكب الخميس 17 يناير على هذا النحو، مما يؤكد أنهم عمدوا إلى أن تكون الإصابة في مقتل، إذ أنها مصوبة بشكل مباشرة في مناطق حساسة من جسم الإنسان، لذا لم يستطع الأطباء إنقاذ حالة شقيقي الشهيد (الفاتح).
ومضت : الشهيد كان مستقلاً، وليس لديه انتماء سياسي، وهو كانت لديه قضية رغماً عن أنه يبلغ من العمر (٢٤) عاماً، درس الشهيد المرحلة الابتدائية في مدرسة الثورة الحارة العاشرة بنين وأحرز من خلالها نسبة كبيرة انتقل بها إلى مدرسة (الدقير) الثانوية، ثم جلس إلى امتحان الشهادة السودانية الذي بموجبه التحق بجامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا (هندسة ميكانيكا) وهو كان في السنة الأخيرة بداية (السمستر) الثاني، وكانوا يعملون في مشروع التخرج.
واستطردت : قمنا بفتح بلاغ بوقائع قتله منذ اليوم الأول الذي تلقينا فيه خبر استشهاده ضد جهاز أمن الرئيس المخلوع عمر البشير، خاصة وأن هنالك شهود كثر على واقعة مقتله، لذا لا أرى مبرراً يوقف إجراءات القضية منذ الوفاة إلى هذه اللحظة، مع التأكيد بأن كل ملفات شهداء ثورة ديسمبر وضعت على منضدة السلطات العدلية بالخرطوم شمال.
واسترسلت : الشهيد (الفاتح) الوحيد الذي صور له مقطع فيديو لحظة إطلاق العيار الناري عليه، والذي كنت أتصفحه بموقع (الفيس بوك)، وعندما شاهدته لم أكن أعرف أنه شقيقي الشهيد لأن ملامح شكله بعد إطلاق الرصاصة عليه تغير تماماً، كما أنه كان يربط على رأسه قطعة (قماش)، فهزني ذلك كما هز كل الشعب السوداني في الداخل والخارج، خاصة وأن مصور مقطع الفيديو التقط مشهد لحظة سقوطه على الأرض، وبما إنني لم أكن أعرف أنه شقيقي بكيت عليه بكاءاً حاراً، وتضرعت لله العلي القدير أن يصبر أهله على مصابه الجلل، ولم أكتف بذلك بل توجهت من مكاني نحو غرفة والدتي وعرضت عليها مقطع الفيديو من البداية قائلة : يا أمي شاهدي كيف ضربت الأجهزة الأمنية هذا الشاب في مظاهرات بمنطقة (بري الدرايسة)، وكان أن حزنت والدتي عليه حزناً عميقاً، وبعد أيام مما أشرت له اكتشفنا أن الشاب الذي شاهدناه في مقطع الفيديو عبر موقع التواصل الاجتماعي هو شقيقي الأكبر الشهيد (الفاتح)، فنزل علينا خبر إصابته كـ(الصاعقة)، ومن ثم مقتله الذي كان بالنسبة لنا كارثة وصدمة كبيرة.
وذكرت : وعندما ذهبنا إلى المستشفى لم نكن مستوعبين ما جري معه، إلا إنني شخصياً أعرف أن الإصابة في الرأس ماذا تعني من الناحية الطبية، ورغماً عن ذلك كنت رافضه تصديق ما حدث، إلا أن أملي كان كبيراً في رب العباد أن يتجاوز تلك المرحلة الخطيرة، وكنت أدعو الله العلي القدير أن يتخطى المرحلة (الحرجة)، ويتماثل للشفاء خاصة وأنه كان إنساناً محبوباً وقريباً جداً إلى قلوبنا، فهو بطبعه أقرب إنسان لكل شخص في العائلة لما يمتاز به من إنسانية، عطف وحنان.
وأشارت إلى أن ترتيب الشهيد الفاتح من بين أشقائه هو أنه الابن الأكبر، وأنا بعده مباشرة، ومن ثم محمد الذي يدرس بجامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا بالصف الثاني (هندسة كهرباء) ويليه مصعب آخر العنقود ويدرس في الصف الثالث أساس.










ليست هناك تعليقات:

azsuragalnim19@gmail.com

*الدكتور أسامة عطا جبارة يشرح الإقتصاد السوداني في ظل الحرب*

..........  *تواصل شبكة (أوتار الأصيل) الإخبارية، وصحيفة العريشة الرقمية نشر الحوار الهام مع الخبير في الإقتصاد العالمي الدكتور أسامة عطا جب...