...........
من المعروف أن الأزمات، الكوارث والأوبئة تولد الشائعات المغرضة الرامية إلى خدمة أجندة سياسية، اقتصادية، اجتماعية، ثقافية وفكرية، وقطعا شائعة علاج فيروس كورونا بالشاي المر تندرج فيما أشرت له، فالشائعة سرت في الأوساط السودانية سريان النار في الهشيم، وتداولها الإعلام البديل على أساس أنها حقيقة، فيما سخر وتندر منها آخرين، وتشير الشائعة إلى أن سيدة أنجبت طفلاً حديثاً في إحدي المدن السودانية، وتفاجأت به إنه يتحدث بعد ساعات من خروجه للدنيا قائلاً لها : (إن علاج فيروس كورونا يكمن في ارتشاف كوب من الشاي المر)، ومع ظهور الوباء في مدينة (ووهان) الصينية، وتوسع دوائر إنتشاره، وحصده مئات الآلاف بالإصابات والوفيات في كل أنحاء العالم، ونطالع الشائعة تلو الأخري، وقد سبق الشائعة سالفة الذكر عدد من شائعات الدجالين والمشعوذين الذين أكدوا أنهم توصلوا إلى علاج فيروس كورونا، فتارة بالكمون، وتارة آخري بالمانجو، البرتقال، الليمون القرض، وإلى آخرها من الادعاءات التي لا تنطلي على إنسان السودان الذي أصبحت لديه حصانة من الشائعات.
ومما ذهبت إليه فإن الشائعة الدعائية للشاي كمنتج يباع في الأسواق الغرض منها الترويج له، وذلك بعد انشغال الناس بالبحث عما يبصرهم بالطرق الوقائية من انتقال العدوي إليهم، وبالتالي اشتعلت الأسافير ومجالس المدينة بالشائعة ما بين مصدق ومكذب وثالث متردد، والاغرب هو أن كل واحد يروي القصة من الزاوية المتوافقة معه، ويرسم لها سيناريو من نسج خياله، إلا أنهم جميعا يختتموها بالاتفاق على ارتشاف (الشاي مرا)، وهكذا سيطرت الشائعة على شخصيات أوهمت بها نفسها، ولم تكن على إستعداد لسماع وجهة نظر تكذبها، وينجرف معها الثالث المتردد، ولكن الحقيقة أن هنالك شركة أو تاجر لديه بضائع مكدسة من الشاي الذي ربما تكون صلاحيته شارفة على الإنتهاء، ويود بيعه سريعاً قبل إنتهاء الصلاحية، لذا راجعوا تاريخ الإنتاج وتاريخ إنتهاء الصلاحية قبل شراء الشاي، فأي شائعة لديها غرض، فالشائعة يبدو أنها أثرت في البعض من الناس الذين وجدت عدداً منهم يطلبون من بائعات المشروبات الساخنة (الشاي سادة) أي بدون سكر، مما يؤكد أن مطلق الشائعة نجح في التأثير في البعض، ولكن عني شخصيا لم أصدقها الشائعة من قريب أو بعيد بحكم التجربة.
لا أعتقد أن هنالك شركة أو تاجر يستحق الترويج له سوي شركة (كوفتي) للدور الإنساني المتعاظم الذي تقوم به في المجتمع من خلال مساعدتها للناس، إذ أن مالكها تعطي يده اليمني دون أن تعلم اليسري، نعم يفعل ذلك في صمت، بالإضافة إلى أنه يطرح مشاريع تصب في صالح الشعب السوداني، وخلاف شركة (كوفتي) لا أري أي شركة أو تاجر يستحق الترويج له (مجاناً)، لأنهم وبصراحة شديدة يمارسون الاستغلال السافر لازمات تمر بها البلاد للكسب الرخيص، وكأنهم يتمنون المصائب لجني الأموال من الشعب الطيب الذي ظل صابرا على الابتلاء ثلاثة عقود إلى أن نجحت ثورة ديسمبر المجيدة في إزاحة الرئيس المخلوع عمر البشير الذي عمق أفكارا سالبة في البعض من ضعاف النفوس للاستفادة من الأزمات.
في اعتقادي أن من أطلق الشائعة إنسانا ساذجا، خاصة وأن (الشاي) من الأساسيات في كل منزل سوداني، والذي يبدأ به يومه ولا يتوقف عن ارتشافه إلا حينما يخلد إلى النوم، هكذا حاضرا في كل تفاصيل حياتنا في الأفراح والأتراح وساحات النضال الثوري، ولعلكم تابعتموه في ساحة الاعتصام أمام القيادة العامة بالخرطوم، فما زال الشعب السوداني وحتي الأجانب الذين تابعوا ثورة ديسمبر المجيدة يرددون العبارة الشهيرة : (يا خوانا الشاي ..الشاي بي جاي).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق