سبق
وكتبت حول الجدل الدائر من وقت لآخر حول قضايا المرأة بصورة عامة، فأنا كلما طالعت
حديثاً يصب في هذا الإطار تبادر إلى ذهني أن كل الإشكاليات الضرورية والملحة تم حلها،
ولم يتبق إلا أن نناقش قضايا المرأة، والتركيز على مساواتها بالرجل، بالإضافة إلى قضايا
آخرى يتم تداولها في المنتديات والورش ووسائط الإعلام المختلفة التقليدية والحديثة
وإلى آخرها، فهل كل مشاكلنا انتهت حتى ندير حوارات فكرية عن النساء، وهل هذه القضايا
تندرج في ظل التنمية والنهضة الحضارية المنشودة.
عموماً
تبقي هذه الظاهرة متفشية، وتسابق في الزمن من أجل نسف أي فكرة مطروحة لنقاش قضايا المرأة
الأهم بعيداً عن الدعوة التي جعلتها قضايا
قائمة على الثقافة الغربية، وطرحها للنقاش وتناولها في المحيط المحلي دون تصديرها بين
الفينة والأخرى إلى المحيط العالمي، فإن ما يطرح على مائدة الحوار آنيا أندهش منه،
فكل من يتابعه يحس بأن هنالك معضلة حقيقية في هذا الجانب.
فإذا
نظرنا إلى قضايا المرأة بمنظار فاحص من حيث النظرة الايجابية فإننا سنبعدها من أي محاولة
تضعها في مقارنة، ولا سيما أمريكا والدول ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ لأنها بأي حال من الأحول مختلفة في
عاداتها وتقاليدها عن خاصتنا غير المنفصلة عن الديانة الإسلامية، لذلك يجب منع كل المحاولات
الفاشلة الرامية إلى إدخال المرأة السودانية في هذه الدوامة بفرض نماذج سالبة من النماذج
الأمريكية والغربية ﻗﺴﺮﺍً، وهي نماذج لا تتماشي مع المجتمع السوداني المحافظ رغماً
عن الظروف الاقتصادية القاهرة التي يمر بها، لذلك عليهن عدم إتباع الدعوات الرامية
إلى خلق قضايا من المرأة لا تتوافق مع فكرهن وثقافتهن وحضارتهن المختلفة، ويجب عليهن
عدم سلك هذا الطريق الشائك الذي يهدف إلى استهدافهن في قيمهن وأخلاقهن.
ومما
ذهبت إليه فعلى المرأة أن لا تستجيب للجدل الدائر حول حقوقها بدواعي مواكبة التطور
الذي يشهده العالم بصورة سالبة، مستفيداً من فكرة أن حقوقهن ﻣﻬﻀﻮﻣﺔ، وهذا لعمري حديث
عار من الصحة بدليل أنها تمارس حياتها بحرية مطلقة.
ومما
لا شك فيه فإن المرأة لا تواجه مشكلة على كافة الأصعدة والمستويات، فهي الآن قائدة
ليس على مستوى السيارات، بل على مستوى مناصب قيادية وصلت لها بمجاهدتها، نضالها وكفاحها
الذي وضعها في مواقع رياديه، وبالرغم من مجاهداتها الملموسة إلا أن البعض منهن تم تصويرهن
على أساس إنهن بطلات في قضايا بسيطة لا تستحق كل هذا التضخيم الذي لعبت فيه بعض الجهات
الغربية دوراً كبيراً بالتنظير الذي لا نمت له بصلة.
ولم
تقف المسألة عند هذا الحد، إنما امتدت إلى ترحيلها خارجياً، وهي واحدة من الإشكاليات
التي يجب دراستها وتأملها حتى لا تصبح ظاهرة بمرور الزمن، فمثل هذه الظاهرة فيها مسالك
رجعية ظلامية جداً ﻓﻲ ظل العصر الذي يطلقون عليه ﻋﺼﺮ ﺍﻟﺘﻘﺪﻡ والتطور مع العلم أنه عصر
مبني على (العولمة) ووسائطها المختلفة التي تبث الأفكار الهدامة، وبالرغم من ذلك لا
ندعو لمقاطعتها، إنما أخذ المفيد منها وإسقاط الضار.
من هذا
المنطلق ﻧﺤﺘﺎﺝ ما ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺤﻴﻦ ﻭﺍﻵﺧﺮ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﻧﻨﻈﺮ ﻧﻈﺮﺓ ﻧﻘﺪﻳﺔ ﻣﻨﺼﻔﺔ ﻟﻮﺿﻊ ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ، ﺍﻟﺮﺟﻞ،
ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ والنشء ﻟﻨﻘﻮﻡ السوالب، ونبقي على الإيجاب، ولكن من المؤسف أن وراء كل ذلك يتم
تعويم وتذويب قضايا المرأة بالادعاء الباطل حتى تفقد هويتها، لذا بدأت تظهر في المجتمع
من حين لآخر ظواهر سالبة بسبب الاتجاه بها نحو الغرب الذي تئن منه المجتمعات، لذا علينا
أن نبحث عن حلول للادعاءات التي يصوغها البعض بتصورات تصب لصالح بعض المنظمات التي
لا يفترض أن تثنينا عن قضايا المرأة السودانية الحقيقية، والتي تهمها بعيداً عن الادعاءات
الكاذبة، لذلك يجب على ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ أن تمارس النقد الذاتي حتى تحافظ على قيمها وموروثاتها
الثقافية والحضارية التي هي أفضل من تلك التي يدعو لها الغرب.
إن لكل
مجتمع خصوصيته وعاداته وتقاليده، لذا تجدني أقف مع ما ﺩﻋﺖ إليه ﺭﺷﻴﺪﺓ ﻣﺎﻧﺠﻮ، ﻣﻘﺮﺭﺓ
ﻣﺠﻠﺲ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺍﻟﺘﺎﺑﻊ ﻟﻼﻣﻢ ﺍﻟﻤﺘﺤﺪﺓ، إلى ﻋﻤﻞ ﺑﺮﺍﻣﺞ ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﻭﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻟﻠﻘﻀﺎﺀ ﻋﻠﻰ
ﻇﺎﻫﺮﺓ ﺍﻟﻌﻨﻒ ﺿﺪ ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ، ﺑﺠﺎﻧﺐ ﺍﻟﻨﻈﺮﺓ ﺍﻟﻜﻠﻴﺔ ﻟﻠﻘﻮﺍﻧﻴﻦ.
ﻭﺷﺪﺩﺕ
ﻣﺎﻧﺠﻮ ﻓﻲ ﺣﻠﻘﺔ ﻳﻨﻈﻤﻬﺎ ﻣﻌﻬﺪ (ﺟﻨﻴﻒ) ﻟﺤﻘﻮﻕ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﺍﻟﻌﺪﺍﻟﺔ ﻭﻋﺪﻡ ﺍﻹﻓﻼﺕ
ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻘﺎﺏ، ﻭﻧﻮﻫﺖ إلى ﻭﺟﻮﺩ ﺛﻼﺙ ﺃﺳﺎﺳﻴﺎﺕ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻤﺮﺃﺓ ﺗﺘﻤﺜﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻘﻮﻕ ﻭﺗﻤﻜﻴﻨﻬﺎ اﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺎً
ﻭاﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺎً، ﺑﺠﺎﻧﺐ ﺍﻋﺘﺮﺍﻑ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺑﺎﻟﻤﺘﻐﻴﺮﺍﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻃﺮﺃﺕ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻓﻲ ﺇﻃﺎﺭ ﺍﻟﺘﻌﺎﻣﻞ
ﻣﻌﻬﺎ، ﻣﺸﻴﺮﺓ إلى إتباعهم ﻋﺪﺓ ﻭﺳﺎﺋﻞ ﻟﻠﺘﺄﻛﺪ ﻣﻦ ﻭﺟﻮﺩ ﺍﻟﻌﻨﻒ ﻣﻦ ﻋﺪﻣﻪ ﻣﻦ ﺑﻴﻨﻬﺎ ﺯﻳﺎﺭﺓ ﺍﻟﺪﻭﻝ
ﻭﺍﻟﺘﻘﺎﺭﻳﺮ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻘﺪﻡ ﻟﻤﺠﻠﺲ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻭﺣﻀﻮﺭﻫﻢ ﺍﺟﺘﻤﺎﻋﺎﺕ ﺧﺎﺻﺔ ﻣﻊ ﻣﻨﻈﻤﺎﺕ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺪﻧﻲ.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق