جلس إليه : سراج النعيم
كشف السجين أبكر حسن أرباب البالغ من العمر
(٧٢) عاماً، من أبناء قبيلة (دروك) غرب السودان، وهي من قبائل الجعليين، وأنا من منطقة
(خزان ابوجداد)، كشف قصة قضائه المؤبد متنقلا بين السجون لدرجة أنه لقب بـ(شيخ السجناء).
وقال : بدأت قصتي عندما ضبط السلطات المختصة سلاحا
ناريا بحوزتي، حوالي أربع بنادق في (خزان ابوجداد) غرب مدينة (الفاشر) غرب السودان.
من أين أتيت بالسلاح؟
السلاح في ظل نظام الرئيس المخلوع عمر البشير كان
متوفرا، إذ كنت احضره من تشاد، حيث وجود بحوزتي (جيم فور) و(مانقستو) في العام
١٩٩٣م، ومن هناك تم اقتيادي إلى قسم الشرطة وفتح بلاغ في مواجهتي، ومن ثم حول إلى المحكمة
التي قضت على بالسجن (٤٤) عاماً، وقال لي القاضي أنني لدي اشتراك في النهب، فقرر على
إثر ذلك الحكم على بـ(١٢) عاماً لتصبح جملة السنوات التي يجب أن أقضيها في السجن
(٥٢) عاماً، وعليه ظللت متنقلاً بين السجون المختلفة منذ العام ١٩٩٣م.
وماذا؟
تم إخلاء سبيلي بعد أن خصمت السلطات من ذلك الحكم
نصفه، أي أنني قضيت في السجون (٢٦) عاماً، بدأتها بسجن كبكابية، شالا، الفاشر، بورتسودان
والاخير قضيت فيه (١١) عاماً، وسواكن عام، الهدي، وما تبقي أمضيته في السجن الاتحادي
(كوبر) الذي ظللت خلف قضبانه (١١) عاماً.
كيف كنت تمضي أوقاتك في تلك السجون؟
الحالة كانت بالنسبة لي صعبة جدا فأنا عندما دخلت
السجن كنت شابا، وخرجت منه شائباً لدرجة أن هنالك بعض الناس لم يتعرفوا على، وطوال
فترة بقائي في تلك السجون لم أكن أأكل الوجبات، وظل أبنائي على مدي كل هذه الأعوام
يحضرون لي الوجبات الدسمة من المنزل، خاصة وإنني لا أأكل أكل الحكومة.
وقلت لهم دعوني فإذا قدر الله أن أموت في السجن
فهذه هي إرادته، وإذا أمد في اجلي سأخرج من السجن للعيش معكم، ولكنني لا أملك شيئاً
يعينني في هذه الحياة التي تمر بظروف اقتصادية قاهرة، فأنا أتيت إليك قبل أن أغير مرتبتي
داخل السجن.
ماذا كنت تعمل داخل السجن خلال اليوم طوال الأعوام
الماضية؟
كنت أعمل في السجن، إذ إنني كنت أصنع من (الكراتين)
شنط للنزلاء لحفظ ملابسهم، وهم يشترونها مني بمبلغ (٥٠_ ١٥٠) جنيهاً.
من أين تأتي بالمواد المصنع منها الشنط؟
يتم إحضارها
إلى داخل السجن، وعندما يتأخر وألجأ لهذا العمل كلما تأخر أبنائي من الإتيان إلى أتصرف
من المبالغ الذي اجنيه من تصنيعي لـ(لشنط)، ويبدو أن السجن حفظني كثيراً، فإذا كنت
خارجه سأتمرد على نظام الرئيس المخلوع عمر البشير الذي مارس الظلم على أبناء الشعب
السوداني.
هل أنت متزوج؟
نعم متزوج من ثلاثة سيدات لم أقابلهن طوال فترة
سجني، ولكن لدي منهن عدد من الأبناء.
كيف وجدت العالم الخارجي بعد أن خرجت من السجن؟
في اليوم الذي أبلغت فيه بخروجي لم أنوم نهائياً
إلى أن صليت الصبح في اليوم التالي ثم ظللت منتظراً شروق الشمس، لأنني لم أكن مصدقاً
إخلاء سبيلي من السجن، وبعد ذلك طلب مني أحدهم الاتصال بأبنائي، وكان اتصلت بنجلي
(زكريا)، وطلبت منه أن يأتي لأخذ إقراضي، وما أن مرت سويعات إلا ووجدتهم معي داخل
السجن الاتحادي (كوبر)، ثم قاموا بإكمال إجراءات خروجي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق