شهد العالم في العام 2019م أحداثاً كثيرة إلا أن أبرزها شهدها العالمين الإسلامي والعربي الذي غاب وغيب ستة حكام من زعامة بلدانهم، وعلى رأسهم عبد العزيز بوتفليقة (الجزائر) الذي استقال، وعمر البشير (السودان)، والذي تم عزله بثورة شعبية جارفة بسبب الأوضاع المذرية التي ظلت تركن لها البلاد على مدى ثلاثة عقود، والباجي قايد السبسي (تونس) الذي غيبه الموت، وفي ذات السياق اندلعت احتجاجات ثورية شعبية في عدة دول إسلامية وعربية على رأسها لبنان، إيران والعراق ، بالإضافة إلى مقتل أبوبكر البغدادي زعيم تنظيم (الدولة الإسلامية داعش).
من المؤكد أن الثوارت التحررية في الدول الإسلامية والعربية سيطرت سيطرة تامة على المشهد العالمي، وزادت وتيرتها بالثورة السودانية القوية التي شجعت شعوباً إسلامية وعربية على المضي قدماً في ذات الاتجاه، خاصة وأن الأنظمة الإسلامية والعربية فشلت فشلاً ذريعاً في سياساتها الإقتصادية على مدى سنوات حكمها الطويل، ولم تستطع أن تحقق طموحات وآمال شعوبها المقلوب على أمرها، إذ أنها عانت معاناة كبيرة من عدم تحسن الأوضاع المعيشية، بالإضافة إلى أنها ظلمت، همشت، قيدت بالقوانين المفصلة لحماية الأنظمة المهتمة بالنواحي الأمنية أكثر من النواحي التعليمية والصحية، ولم تكتف بذلك بل أدخلت شعوبها في تحديات جسام من خلال استضافتها ورعاياتها للإرهاب الذي جعل الولايات المتحدة الأمريكية تفرض عليها عقوبات، مما دفعها إلى الانجراف وراء كيفية الخروج من المأزق الذي أدخلت فيه نفسها، وذلك بالبحث عن حلول إلا أنها لم تكن حلولاً جذرية، بل كانت عبارة عن (مسكنات) لا أكثر ،وبالتالي عجزت من تحسين الظروف الاقتصادية والأمنية والحريات المدنية، مما جعل الشعوب الإسلامية والعربية تنتفض في وجه الظلم القائم على تلفيق القضايا لمن يجاهرون بكلمة الحق، وساعدهم على ذلك النخب السياسية المعارضة بالظاهر والمتحالفة علناً مع تلك الأنظمة ، والتي لعبت دوراً ريادياً في الترسيخ للقيم والأخلاق الفاسدة، وهو ما ظهر بجلاء في نظام حكم الرئيس المخلوع عمر البشير في السودان على مدى ثلاثين عام، إذ أطلت في المشهد السياسي والاقتصادي الكثير من ملفات (الفساد) التي يتم التحقيق فيها من قبل السلطات العدلية المختصة، ومن بينها البلاغات المفتوحة في مواجهة وداد بابكر زوجة الرئيس المعزول عمر البشير، بالإضافة إلى اعتقال شقيقه عبدالله البشير، وعدد من رموز النظام البائد.
ومما ذهبت إليه فإن هنالك من شارك الأنظمة الاستبدادية حكمها، مما يؤكد أنهم مؤيدين لسياساتها القمعية والعنف والانتهاكات المرتكبة من أجهزة النظام في حق الشعب الذي كان يواجه بخطاب إعلامي ويحاول من يطلق تلك التصريحات إلى ترسيخ نظرية المؤامرة ضد الوطن وأن هنالك من يتربصون به، إلا أن هذه المفاهيم لم تعد تنطلي على الشعوب لوعيها بما يدور من حولها أن كان في المحيط المحلي، الإقليمي والعالمي.
ومن المؤكد أن ذلك الخطاب الإعلامي الذي يطلق تصريحاته المسئولين يرمي إلى الهاء الشعب عن الأوضاع الاقتصادية مع فساد مستشري في مفاصل الدولة، وبالتالي ليس هنالك مشاريع تنموية ربما كان في مقدورها أن تغطي على خطاياهم المتأصلة، والجرائم المتهمين في إطارها ليس على الصعيد المحلى فقط إنما امتدت إلى العالمي الذي تطلب في إطاره المحكمة الجنائية الدولية الرئيس المعزول عمر البشير وبعض رموز نظامه البائد والذي لم يكن يسمح بالتصريحات المشيرة إلى فشل الدولة في ملفات سياسية، اقتصادية، اجتماعية، ثقافية وفكرية، وظل النظام الديكتاتوري يرفض مجرد الإشارة إليها وذلك بتكميمه للأفواه، وغيرها من الممارسات اللا أخلاقية واللا إنسانية، مما أفقد الشعب الثقة في مؤسسات الدولة، الأمر الذي حدا بها إستخدام العنف من خلال إطلاق يد بعض الأجهزة الأمنية، ورغماً عن ذلك استطاعت الثورة الشعبية تحقيق أهدافها السامية، والتي تمكنت من خلالها الإطاحة بالنظام البائد وفضح الفساد الذي استشري في البلاد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق