توفى لها اربعة آخرهم حرقاً ومرافقها (عضه كلب) على رأسه
........................
المريضة وطفلها في حاجة لتلقي العلاج في المصحة وابنها
في المستشفي
.......................
وقف عندها : سراج النعيم
.......................
أبلغ عدد من الشباب السلطات المختصة بقضايا الأسرة والطفل
في البلاد أن هنالك سيدة مريضة مرضاً نفسياً، وبرفقتها طفلها الذي يعاني من
الإصابة في رأسه جراء تعرضه للعض من احد الكلاب الضالة، ويبدو أن السيدة المشار
لها بلا زوج يساعدها في الظروف القاهرة التي تمر بها ومع هذا وذاك لا تمتلك مأوي مما
قادها للاستسلام لتقلبات الأجواء على مدي العام، وبالتالي تكون مضطرة إلى افتراش الأرض
والتحاف السماء أمام احدي المبانى الواقعة بمنطقة (جبرة) بالخرطوم، وعندما طال بقائها
في ذلك المكان غير المؤهل لحياة الإنسان، قام عدداً من الشباب المتطوع بموقع التواصل
الاجتماعي (الفيس بوك) بمبادرة كريمة لعلاج الأم وابنها ووجدت المبادرة استجابة كبيرة
من فاعل خير ابدي استعداده التام للتكفل بكامل نفقات علاجها وطفلها معاً، وعندما ازفت
ساعة تسليم السيدة المريضة لمصلحة الأمراض العقلية والنفسية، والطفل الذي يرافقها إلى
المستشفى المعني، طلبت إدارتي مصحة الأمراض العقلية والنفسية والمستشفي المتخصص بالحالة
الصحية للأطفال من شباب المبادرة اتخاذ إجراءات لدي السلطات المختصة بحماية الأسرة
والطفل، فما كان منهم إلا وذهبوا مباشرة إلى الجهة الرسمية المعنية بذلك، والتي بدورها
استلمت منهم السيدة وطفلها المريضين لحين إكمال الإجراءات القانونية في صباح اليوم
التالي، والذي تفاجأوا من خلاله شباب المبادرة بأن المسئول يقول لهم : (اخلينا
سبيلها)، وعلى خلفية ذلك دار نقاش بينهم والمدير المسئول عن حماية الأسرة والطفل
حول الأمر إلا أنه لم يكن منتجاً، مما حدا بأولئك الشباب التحرك سريعاً للبحث عن السيدة
وطفلها المريضين منذ الصباح إلى أن عثروا عليهما
تحت كوبري (كوبر) في المساء، وأتضح من خلال الارهاق الذي يبدو على السيدة وطفلها
المريضين أنهما مشيا مسافة طويلة بالإقدام من العمارات (٤١) بالخرطوم إلى كوبري (كوبر)،
وعليه توجه شباب المبادرة الإنسانية إلى السلطات الرسمية وكالة النيابة المختصة، والتي
بدورها وجهتهم للذهاب إلى رئاسة شرطة أمن المجتمع بالخرطوم، واتخاذ إجراءات بالواقعة
حافظاً على حقوق السيدة وطفلها المريضين، والتي كفلها لهما القانون.
وتشير الوقائع إلى أن شباب المبادرة ظلوا على ثلاثة أيام
متصلة يراقبون السيدة وطفلها المريضين مراقبة لصيقة، لدرجة أنهم تخلوا عن المسئوليات
الملقاة على عاتقهم، وذلك للمحافظة على الأم وطفلها من تعرضهما للخطر، إلا أنهم كلما
ذهبوا بهما إلى مصحة الأمراض العقلية والنفسية والمستشفي لعلاج الطفل يطلب منهم قبل
إستلام الحالتين إجراءات قانونية من طرف السلطات المسئولة، وعندما لجأوا لها على
أساس أنها السلطة الوحيدة المنوط بها هذا الأمر لم تتم مساعدتهم، وبالمقابل لم يستطيعوا
تسليم السيدة للمصحة ولا طفلها إلى دار الرعاية الإجتماعية، وذلك لتقلي العلاج
والبقاء في مكان آمن يحافظ على حياتهما القائمة على مصير مجهول، وحتى لا تؤول الام
وطفلها لذلك المصير قام شباب المبادرة بالاهتمام بالحالتين الإنسانيتين بعد العثور
عليهما، وذلك من خلال إنشاء قروب عبر موقع التواصل الاجتماعي (الفيس بوك) لهذا الغرض،
والذي حثوا به الخيرين لعلاج السيدة وطفلها المريضين.
فيما تؤكد الوقائع أن الأم تمر بحالة نفسية سيئة جداً،
وبالتالي يتطلب الأمر بقائها في مصحة للأمراض العقلية والنفسية، كما أن طفلها يحتاج
لمقابلة الأطباء أيضاً من واقع أنه مصاباً في رأسه جراء تعرضه لـ(عضة) من أحد الكلاب
الضالة، وبما أن الحالتين إنسانيتين من الدرجة الأولي، كان لزاماً على أولئك الشباب
تبني الفكرة، والتي ظلوا في إطارها يرعونهما خمس أيام على التوالي دون كلل أو ملل،
تأكيداً منهم على أن إنسان السودان مازال بمروءته، شهامته، ورجولته، وهي الصفات التي
كادت أن تندثر من حياتنا للظروف السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية والثقافية المحيطة
بالبلاد على مدى ثلاثة عقود.
بينما نجد أنه وخلال رعاية شباب المبادرة للأم وطفلها كانوا
يبحثون عن حلول ناجزة لوضع حد لمعاناتهما، فما كان منهم إلا والتوجه إلى المصحة
والمستشفي المختصتين بالحالتين على أمل أن لا تواجههم أي معوقات أو متاريس، عموماً
كلما ذهبوا إلى هناك يتم استقبالهم في هذا المصحة أو تلك المستشفى، إلا أنهم يتفاجأون
بعدم قبول الحالتين الإنسانيتين، وعندما يسألون لماذا؟ يأتيهم الرد مؤكداً أن استلام
مثل هذه الحالات المرضية لا يتم إلا بإذن أو خطاب من نيابة حماية الاسرة والطفل، فما
كان من شاب المبادرة إلا وذهبوا بالحالتين إلى النيابة المختصة لأخذ الإذن أو الخطاب
الذي تمت الإشارة إليه، وعلى ضوء ذلك أكد لمهم المسئول أنه سيتم حجز الحالة إلى اليوم
التالي، إلا أنه وفيما بعد وجدوا أن السيدة وطفلها تم إخلاء سبيلهما رغماً عن أن حالتهما
الصحية تستوجب تلقي العلاج بموجب الإذن أو الخطاب، والذي يخول لهم إيداع السيدة في
مصحة الأمراض العقلية والنفسية، وأبنها في المستشفي.
وتؤكد قصة السيدة المريضة أنها كان لديها أربعة أطفال توفوا
إلى رحمة مولاهم بسبب الإهمال وآخرهم توفي محروقاً، لذا يجب الوقوف مع هذه الحالات
الإنسانية وتبسيط الإجراءات حتى لا نفقد مزيداً من الأرواح التي في مقدورنا منحها حق
الحياة بقليل من الاهتمام.
ومما أشرت له، فإن شباب المبادرة تواصلوا مع العديد من السلطات
المختصة قبل اللجوء إلى وسائط التواصل الاجتماعي، وذلك بغرض البحث عن حلول تضع
حداً لمعاناة السيدة وطفلها المريضين، والتي جري البحث عنها من خلال نشر العديد من
البوستات مرفقاً معها صور الحالتين، وذلك على أمل العثور عليهما، هكذا ظلوا يبحثون
عنهما إلى أن تم العثور عليهما تحت كوبري (كوبر)، وكان أن تجمع الشباب المعني بالمبادرة
بالقرب من مستشفى (المعلم)، وقام الشباب المتبني للحالتين باصطحابهم جميعاً في سيارة،
والتي توجهوا بها مباشرة إلى نيابة حماية الأسرة والطفل لمعرفة الأسباب التي أدت إلى
إخلاء سبيل السيدة وطفلها المريضين، فيما تواصل آخرين مع السلطات المختصة لإجراء اللازم،
بينما توجه البعض الاخر إلى النيابة العامة في (المقرن) لفتح بلاغ بالواقعة، إلا أنه تم احتجاز الحالتين لحين إكمال الإجراءات
القانونية، والتي تخول منح الإذن أو الخطاب الخاص بتسليم السيدة وطفلها لتلقي العلاج
بمصحة الأمراض العقلية والنفسية والمستشفي لابنها، ومثل هذين الحالتين يجب أن تهتم
بهما الجهات المنوط بها ذلك، خاصة وأن النظام البائد أغفل هذه الجوانب الإنسانية، مما
أفقد البعض من الشعب صفات كانت متأصلة في داخله من واقع الفساد الذي استشري في معظم
مفاصل الدولة العميقة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق