الأحد، 16 يونيو 2019

الدار تفتح ملف الاتجار بالبشر في عهد الرئيس المخلوع







...........
إنقلاب ( تاتشرات) يؤدي إلى وفاة (6) سودانيين في الحدود السودانية ـ التشادية
...........
قتل السوداني (عماد) على يد الأمن الليبي بسبب الهجرة غير الشرعية 
...........
وقف عندها : سراج النعيم
...........
الاتجار بالبشر يتمثل في بيع وشراء الأشخاص الذين يحلمون بالهجرة إلى بلاد العم سام، وهم شباباً ونشء وأطفال ذكور وإناث بالإضافة إلى النساء والرجال الذين فرضت عليهم الظروف الإقتصادية والنزاعات العسكرية في بلدانهم الإتجاه على ذلك النحو المحفوف بالمخاطر، وهم بهذا الفعل كالمستجير من الرمضاء بالنار.
مما ذهبت إليه فإن هنالك استغلالاً من تجار وسماسرة يهدفون من وراء ذلك للكسب المادي الرخيص، ويعتبر هذا النوع من الاتجار جرماً ضد الإنسانية، إذ أنه يجبر الانسان المهاجر على الانتقال من مكان آخر عبر الاكراه، وذلك بالتهديد بالقوة واستخدام السلاح، وهي شكل من أشكال القسر أو الاختطاف أو الاحتيال أو الخداع مقابل دفع مبالغ مالية من أجل تهريب الأشخاص من أفريقيا إلى أوروبا عبر الحدود والمواني، لذلك يعتبر هذا الفعل جرماً يرتكب في حق الإنسانية التي تتعرض أثناء ذلك للإكراه، مما يؤثر على معظم الدول الأقل إنماء، والتي يهاجر منها بعض سكانها إلى الدول الأكثر إنماء للظروف الإقتصادية أو الحروب التي تركن لها بلدانهم.
من جهتها كانت إيطاليا قد أعلنت لأول مرة تعاوناً مع حكومة الوفاق الليبية برئاسة فائز السراج، وهو تعاوناً هدفه مكافحة الاتجار بالبشر عبر الهجرة التي ظلت تتدفق من خلال السواحل الليبية.
وحول تعرض البعض من المهاجرين العابرين للأراضي الليبية لأعمال عنف، قال مسئول ليبي إن ما يحدث من انتهاكات بحق المهاجرين يحدث بعيدا عن مراكز الإيواء الرسمية، التي تضمن توفير الحماية والرعاية اللازمتين للموقوفين رغم عجز الإمكانات. 
فيما نجد أن السودانيين عاشوا ظروفاً قاسية في ظل نظام الرئيس المخلوع عمر البشير، مما قادهم إلى الهجرة عبر تجار البشر إلى ليبيا التي أمضوا فيها أياماً صعيبة من حياتهم حيث تشير قصصهم منذ تلك اللحظة التي تحركوا فيها من إحدى المدن غرب امدرمان إلى المعاناة الكبيرة التي عانوها.
وفي السياق كشف تفاصيل مثيرة ومؤثرة حول المعاناة ذهاباً وإياباً من وإلي ليبيا، وقال : بدأت قصتنا أكثر قسوة وإيلاماً حيث اتفقنا مع أحد تجار البشر على مساعدتنا في دخول ليبيا مقابل ألفي جنيه سوداني للعمل هناك موظفين، فرسم كل منا احلاماً عراض بحكم الروايات والقصص عن ليبيا، والتي شددنا إليها الرحال عبر خارطة طريق بدأت من منطقة غرب مدينة امدرمان، وفي تلك المنطقة وضعنا في منزل، وكان عددنا يبلغ حوالي مئة شخص تقريباً، ومنها تحركنا عبر عربات ماركة (تويوتا) إلى منطقة (البوحات) على أساس أننا منقبين عن الذهب، لذلك كان مرورنا مروراً طبيعياً إلى أن وصلنا إلى وجهتنا في الصباح، فاحضروا لنا شاحنات أوصلتنا بدورها قبل الحدود السودانية التشادية، ومن ثم تم إحضار ثلاثة عربات لاندكروزر( تاتشرات) تحركت بنا بسرعة، مما أدى إلى انقلاب إحداهن فتوفي ستة منا في الحال، ولم يكترثوا لما حدث، وواصلنا المسير نحو الهدف إلى أن تم تسليمنا إلى شخوص آخرين علي الحدود الليبية السودانية، وهم بدورهم قاموا بإيصالنا إلى مسجد (الشروق) بمنطقة (اجدابيا) الليبية، وهناك كانت المفاجأة غير المتوقعة حيث تم حجزنا داخل (هنكر) ملئ بـ(القمل)، وبعض الأشياء المنفرة للإنسان، واشترطوا لتحريرنا أن يدفع كل منا (فدية) سبعة ألف جنيه سوداني، وعندما لم نستجيب قاموا بضربنا مع إطلاق الذخائر بالقرب من آذاننا بغرض التخويف، وفي ظل ذلك الواقع المذري حاول ثلاثة من مرافقينا الهرب فتم القبض عليهم ليحضر أحد الحاجزين لنا حديدة يطلقون عليها (الأميرة)، ومن ثم طلب من السودانيين التوحد في زاوية من زوايا الهنكر، ومن ثم أمرنا بالجلوس على الأرضية، ومن ثم أحضر حبالاً ربطنا بها، ومن ثم بدأوا في الاعتداء على البعض منا بـ(الحديدة) للدرجة التي أحدثوا بها جروح في الكثيرين منا لدرجة أن الجراح تعفنت، هكذا واصلوا مسلسل التعذيب حيث تم صب البنزين على أجساد البعض من السودانيين، ومن ثم أشعل أحدهم النار من أجل حرقنا فما كان مني إلا وأن تدخلت، وقلت له هل ترغبون في المال أم تعذيبنا؟، فقال المال عندها أكدت له أننا سندفع، وكان أن اتصلت بأسرتي، وطلبت منها أن تبيع المكيف الخاص بي وتسلم سعره إلى شخص بغرب مدينة امدرمان، ومن ثم سمح لنا بالدخول إلى (اجدابيا) الليبية، ومنحنا الجنسية السودانية للتمكن من التنقل داخل ليبيا، وبعد الانتهاء من هذا الإجراء جاء ليبيين وأخذونا للعمل معهم في رعى المواشي بمنطقة (التلت) القريبة من مطار (الابرق)، وهناك قالوا إنتم تم بيعكم لنا، فلا تسألوا عن راتب شهري أو حقوق نهاية خدمة، وكل ما سنتكفل به إليكم الأكل والشرب والأزياء ولا شئ خلاف ذلك.
وأردف : أنقذنا من ذلك الواقع السوداني أشرف الشهير في ليبيا بود الجبل البالغ من العمر 28عاما الذي توفي فيما بعد في حادث وكان أن تحصلت على رقم هاتفه، واتصلت عليه، فطلب مني الخروج من منطقة (التلت) إلى شارع الزلط بدون علم الليبيين فما كان مني إلا وتوجهت إلى منطقة المرج الجديد، وهناك قابلته فاستقبلني بحفاوة شديدة، واستأجر لي عربة أجرة عدت بها إلى منطقة التلت، وأحضرت بقية السودانيين وعدنا إليه فاستأجر لنا غرفة بمنطقة (المرج الجديد)، ومنها تحركنا مباشرة إلى مدينة (بنغازي) التي عملت فيها في مجال الحدادة والنجارة المسلحة حوالي الشهر إلا أن صاحب العمل رفض منحى مستحقاتي المالية، بل أخذ جوازي على أن يرده لي مقابل ألفي درهم ليبي، وبالفعل دبرت له المبلغ، وعندها اتصلت عليه لكي يحدد لي مكاناً ما، وعندما أتيت لم يأت، فلم يكن أمامي بداً سوى أن أتنقل إلى مدينة البيضاء، وفيها ألقى علىّ القبض ووضعي في سجن بمنطقة (الشحاد)، بينما كان يتم تعذيبنا بالكهرباء ووسائل مستحدثة آخري، وهكذا إلى أن مضى 21 يوماً فجاء سودانياً وقام بإخراجنا من السجن، ومن ثم عملت في محل تجارى خاص بالإلكترونيات، والذي قضيت فيه شهراً، فلم يتم منحى راتبي الشهري، فتركت العمل به، واتجهت إلى العمل في مطعم بمدينة (البيضاء) حوالي الشهر، ولم أمنح راتبي الشهري أيضاً، فغادرت المدينة إلى منطقة (اجدابيا) بالطريق الصحراوي إلى أن وصلت منطقة (الكفرة) ليتم نقلنا إلى مدينة (دنقلا) السودانية.
فيما كشفت سمية أحمد عبدالله قصة مؤثرة حول وفاة زوجها شنقاً، وقالت : ملف المعتقلين والمفقودين من أهم الملفات التى تبين حجم الانتهاكات التي أرتكبها نظام العقيد معمر القذافي في حق الشعب الليبى والأجانب الذين هاجروا إلى هناك بدوافع تحسين أوضاعهم الإقتصادية، ومن بينهم السوداني (عماد) الذي قتل بواسطة سلاسل تتدلى من الكهرباء داخل حراسة الأمن الخارجي الليبى أو ما يسمى بـ(الاستخبارات)، بعد أن أشتمل الاعتقال على التحقيق والتعذيب الذى هو سبباً أدى بالعديد من عائلات السجناء الأبرياء إلى مغادرة الأراضى الليبية خوفاً من المصير الذين يقبعون في إطاره السجناء وراء جدران الزنزانات، والغرف الأمنية المتردية من الصحة، والتى تعانى من (الرطوبة) العالية جداً، وغالباً ما تنتشر فيها الأمراض المزمنة، والتى أدت إلى وفاة العشرات داخل السجون والخلايا وغرف الأمن، إضافة إلى أنهم ليسوا على اتصال مع العالم المحيط من حولهم، وهذا هو بالضبط ما حدث مع القتيل السوداني (عماد عبد الله فضل المولى) الذى حرم من العرض على الطبيب كنوع من الجزاء الموقع عليه، وهكذا لقوا حتفهم على مرأى من زملائهم بعد الإهمال في المرض، وعدم اللامبالاة من الحراس والسجانين على صحتهم، وهكذا واصلت تعذيب زوجي (عماد) حتى الموت.
وأضافت : عندما تحدثت مع زوجى، قال لى بالحرف الواحد: (هؤلاء الناس لا رحمة لهم والشفقة في قلوبهم معدومة، فقد تعرضت للتعذيب والضرب على اليدين، والقدمين بالأحزمة والعصى والأسلاك الكهربائية، والتعليق بصورة ملتوية ومؤلمة جداً، مع استخدام الصدمات الكهربائية، فضلاً عن عدم المعاملة الإنسانية، فمنذ الوهلة الأولى من اعتقالى عرفت أننى سأموت لا محال)، حينها شعرت بالمرارة الشديدة لدرجة إننى بكيت بحرقة، وكان أن طلب مني إيجاد حل عاجل لهذه التهمة الباطلة التي لفقها له أفراد من الأمن الخارجي الليبي، إذ أنهم زعموا تهريبه للأفارقة والعرب من مدينة (الزوار) إلى المناطق الساحلية على الشواطئ الإيطالية مقابل ألف دولار، وهذا الاتهام جاء بعد أن غرق مركباً بالمهاجرين المهربين الذين يبلغ عددهم (24) شخصاً، لقوا حتفهم غرقاً في المياه الليبية الأمر الذي أضطر الأمن الخارجى الليبى أن يدفع (18) ألف دولار لأولئك الذين نجوا من الموت غرقاً، وبهذا المعنى فإن الشخص المعتقل أن يموت تحت التعذيب أو نتيجة الإهمال الطبي أو التصفية داخل خلايا الأمن الخارجى أو الداخلى.
واستطردت : ما حدث مع (عماد) لا يمكن أن يتصوره العقل حيث أنه تم تعذيبه وإذلاله لعدة أيام إلى أن قتل بالإعدام شنقاً بسلسلة كهربائية داخل الخلية الأمنية، فابكانى ذلك المشهد المروع الذى ارتكبت في ظله الجريمة النكراء، والذى كل ذنبه أنه سعى لتحسين أوضاعه الاقتصادية، لذلك سوف لا أنسى نظراته الىّ بحزن عميق عندما أشارت عقارب الساعة لمغادرة مبانى الأمن الداخلى، وسجلت له أكثر من زيارة كنت خلالها أحجب دموعى ولا أفرج عنها إلا داخل المنزل، هكذا عشت حياة جديدة مليئة بالحزن والجراح، فالموت أصبح جزءاً من ذكرياتى المفروضة علىّ بوحشية مطلقة، مما دفعنى ذلك الواقع للبحث عن الانتقام لمقتل زوجى (عماد).
واسترسلت : ها أنا أمشى حذره في خطواتى خوفاً من ويلات الانتهاكات اللاإنسانية واللاأخلاقية من قبل الأجهزة الأمنية التي قتلت (عماد) في زنزانته شنقاً بسلسلة كهربائية تستخدم في تعذيب السجناء، إضافة إلى الضرب الجسدي المستمر يومياً إلى أن تشرق الشمس في صباح اليوم التالى، لا يمكن إنكار هذه الحقائق التي وقفت عليها شاهدة وذلك من واقع اعتقال زوجى (عماد) الذى تعرض للضرب الوحشى على باطن القدمين والخ، كان يقول لى : (والله، أنا بريء من التهم المنسوبة الى، لذلك أتألم لهذا الظلم دون توجيه تهمة أو محاكمة)، بينما كان يسألنى ماذا أفعل؟ فلم تكن لدى إجابة، لأنهم أغلقوا في وجهي كل الأبواب ، فخرجت من مكاتب الأمن الخارجي الليبي والدموع تنهمر من عينى بغزارة، بيد أنني كنت أفكر في الخروج، ولكن كيف؟. وتستعرض وقائع سنوات من الألم والحزن قضتها بليبيا ثم عادت للسودان، وهى العائل الوحيد لأبنائها، لذا أسأل نفسى ماذا أنوي أن أفعل غداً؟، كنت أقول فى قرارة نفسى دعى الغد فهو لن يكون أفضل، وهذا يلخص مشاعري في تلك اللحظة، وإذا كرر على السؤال فأنا لا أعرف ما أقول؟ ليس لدى جواب وواصلت حواري في ظل الظروف الإنسانية المحيطة بى، ولكن مرة بعد مرة، كنت أمشى على كف القدر ولا ادرى بالمكتوب الذى رأيت في إطاره كيف تم اغتيال الإنسانية، وكيف هي الروح رخيصة، هكذا يموتون تعذيب حد القتل أو الشنق كالذى حدث مع (عماد) الذي أعدم شنقاً في منطقة (الزوار) بعد أن عذبوه بوسائل محرمة دولياً، فالتعذيب الذى تعرض له زوجى (عماد) بدأ من اللحظة التي تم نقله فيها من المنزل حيث تعرض للضرب دون تهمة إلا أنهم طلبوا منهم رد (18) ألف دولار استخدموا فى إطارها أساليب من التعذيب المحرم جسدياً ونفسياً، فلا يوجد شىء هناك إلا التعذيب اليومى الذي لم أذهب فى ظله إلى الحمام منذ اعتقالى إلى جانب أنهم يجبرونى على تغطية رأسي وبعد ذلك يسلطون الضوء القوي على عينى، وكل صباح يخترعون نمطاً جديداً من أساليب التعذيب الجسدي والمعنوى ولا يراعون فارق السن فى التعامل معنا بطريقهم الوحشية جداً، ومن ثم يتم وضعنا فى زنزانات انفرادية، ولا يسمح لنا بالاتصال، الأمر الذي أدى إلى وفاة العديد منا لعدم تحملهم التعذيب الشديد، والأغرب فى عملية اعتقال زوجى هو أن اسمه مشابهاً لاسم مطلوب لديهم، لذلك كان يواجه كارثة إنسانية حقيقية، صمت فى إطارها أولئك الذين نجوا؟ إلا أن زوجي (عماد) أعدم شنقاً كما أعدم (عمر ديوب) لمشاركته في مظاهرات يناير 1976م، المهم أن الأجهزة الأمنية حولت جثمانه إلى مشرحة الطب الشرعي لتحديد أسباب الوفاة دون جدوى

ليست هناك تعليقات:

azsuragalnim19@gmail.com

*الدكتور أسامة عطا جبارة يشرح الإقتصاد السوداني في ظل الحرب*

..........  *تواصل شبكة (أوتار الأصيل) الإخبارية، وصحيفة العريشة الرقمية نشر الحوار الهام مع الخبير في الإقتصاد العالمي الدكتور أسامة عطا جب...