................
المبعوث الإثيوبي: المجلس العسكري وقوي إعلان الحرية سيعودان للمفاوضات
................
توافق على ترشيح عبدالله حمدوك لرئاسة الوزراء في الحكومة الانتقالية
................
بقلم : سراج النعيم
..............
من نعم الله على بلادنا أن الراهن السياسي، الاقتصادي، الإجتماعي، والثقافي، والفكري فيها لم يصل إلى الآن للنفق المظلم الذي يتوقعه بعض المهتمين بالشأن السياسي والعسكري في البلاد التي تتناوشها صراعات التيارات السياسية المحلية، الإقليمية والدولية ما بين الفينة والآخري، وهذا المفهوم ظل سائداً على مر تاريخ السودان القديم والحديث، مما جعله يعاني الأمرين من بعض المحاولات الجاذبة له نحو فرض الوصايا الخارجية عليه، وهو الأمر الذي يعمق التحديات الجسام التي تواجهه من هنا وهناك، وهي جميعاً تلوح بتوقيع الجزاءات والعقوبات التي عاني منها في عهد الرئيس المخلوع عمر البشير على مدى ثلاثة عقود، ومنذ ذلك التاريخ فالواقع السوداني تتجاذبه النزاعات والصراعات الداخلية والخارجية، ويتم استغلالها بصورة تصب في مصلحة بعض الجهات الداعمة لأجنداتها هنا وهناك، وهي جميعاً تسعى باستمرار إلى تدويل ما يجري من أحداث وأزمات سودانية يموج معظمها بالصراعات السياسية والعسكرية، ومما أشرت له فإن السودان يمر بمرحلة بالغة الصعوبة والتعقيد، وبالتالي تتطلب منا جميعاً التكاتف والتعاضد من أجل تجاوز المعضلة التي نمر بها والخروج بالبلاد إلى بر الأمان وما ذهبت إليه لن يجعل هذا البلد متأزماً بقدر ما أنه سيمضي في الإتجاه الصحيح، لذا يجب أن نفوت على من يتربصون به الفرصة فهم الوحيدون المستفيدون من تلك الأوضاع لتمرير أجندات سياسية، إقتصادية، إجتماعية، ثقافية وفكرية، وأمثال هؤلاء يضعون بصمتهم السالبة في المشهد السوداني بشكل مباشر أو عكسه، ويدفعون بالبلاد دفعاً إلى التدخل الدولي في الشأن السوداني الداخلي، وهو دون أدني شك تدخلاً لا يحل الإشكاليات القائمة أصلاً بقدر ما أنه يعقد ويضاعف الأزمات السودانية المتوالية، مما يقود إلى صعوبة إيجاد الحلول الناجزة نسبة إلى تفاوت نسب درجات التأثير، فمنذ أن تمت الإطاحة بالرئيس المخلوع عمر حسن البشير في 11 أبريل الماضي، إلا وظلت بعض القوى الدولية تفعل دورها في تحديد المصير الذي يجب أن يؤول إليه السودان، فهنالك من يضع خارطة طريق لشكل النظام الذي يجب أن يخلف النظام البائد، والذي رسمت له صوراً ربما تتوافق مع السودان أو العكس وذلك لعدم درايتهم بطبيعة السودان الذي ظلت تتلاطمه الأمواج وتتجاذبه التيارات السياسية، وبالتالي تعمل بعض الدول على استمالة نظام الحكم في البلاد لتحقيق ما تصبو إليه بالتدخل في الشأن السوداني الداخلي، والذي لم تتضح رؤيته بالنسبة للتحالفات الدولية في الفترة الانتقالية المزمع الدخول فيها بعد تشكيل السلطة المدنية، وهى الحكومة المنوط بها إدارة البلاد في المرحلة المقبلة، وما هي توجهاتها من حيث السياسة الخارجية، خاصة وأن نظام الرئيس المعزول عمر البشير خلق إشكاليات مع المجتمع الدولي بالتحالفات غير المندرجة في مصلحة البلاد، مما جعل هنالك تبايناً بين المرحلة السابقة والقادمة، وهذا الأمر يوضح أن الدخول في تحالف إقليمي أو دولي متروك للمتغيرات المتسارعة في العالم، والذي تلعب فيه الدول العظمي دوراً ريادياً من حيث مواقفها وتوجهاتها وتصريحاتها المنضوية في هذا الإطار أو ذاك، وهو الأمر الذي يضفى بعداً انحيازياً لهذا الإتجاه أو ذاك لتحقيق أهداف مختلفة.
مما أشرت إليه فإن هذه التيارات الدولية سارعت للإتجاه نحو السودان كلياً بعد سقوط نظام الحكم السابق، ومن ثم واصلت ذلك بعد فض الاعتصام من أمام مقر القيادة العامة لقوات الشعب المسلحة ، والذي نجم عنه وقوع عدد من الضحايا الشباب وإصابة البعض الآخر بجروح، مما قاد المجتمع الدولي إلى إدانة وشجب ورفض العملية التي تمت في تلك الأثناء، وهذا التنفيذ الذي جري في محيط قيادة الجيش السوداني أخرج الأزمة السودانية من الإطار المحلي الذي كانت تدور فيه إلى الرحاب الدولي الاوسع، مما حدا بذلك تكوين مجموعة دولية لما حدث في السودان، وتضم من بينها الاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي، والأمم المتحدة، والدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي، وعقدت المنظومة الدولية إجتماعاً، لمناقشة مستجدات الأحداث في السودان، والتي على إثرها سجل آبي أحمد رئيس وزراء إثيوبيا، رئيس الدورة الحالية لمنظمة (إيغاد) التابعة للاتحاد الأفريقي زيارة للسودان، وعقد لقاءات بالمجلس العسكري وقوي إعلان الحرية والتغيير، وجاءت نتائج تلك اللقاءات العودة للتفاوض ، ومن الراجح أن تلعب وساطة آبي أحمد دوراً كبيراً في تقريب وجهات النظر بين المجلس العسكري الانتقالي وقوي إعلان الحرية والتغيير، خاصة وأن الطرفان قبلا الوساطة، مما يبشر بانفراج الأزمة السودانية من خلال العودة إلى التفاوض مجدداً بين المجلس العسكري الإنتقالي وقوي إعلان الحرية والتغيير، وذلك من أجل الوصول إلى اتفاق نهائي يفضي إلى تشكيل حكومة انتقالية تدير البلاد في المرحلة المقبلة، خاصة وأن السودان ظل على مدى ثلاثين عام من حكم الرئيس المعزول عمر البشير يشهد تدخلاً خارجياً للسياسات الخاطئة منها الحرب الطاحنة التي شهدها السودان بالتمرد الذي قاده الدكتور العقيد جون قرنق دي مبيور من خلال الحركة الشعبية، وبعد ضغوطات دولية تم التوصل إلى إتفاق (نيفاشا) الذي أفضى انفصال الجنوب عن الشمال بموجب استفتاء أجرى وسط الجنوبيين الذين وقع اختيارهم على الاستقلال بدولتهم، في العام ٢٠٠٣م ظهرت حركات مسلحة في إقليم دارفور، مما أدى إلى أن تقرر المحكمة الجنائية الدولية توجيه تهماً للرئيس المخلوع عمر البشير بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، وبالتالي فإن التدخل الخارجي في الشأن السوداني ليس أمراً جديداً، بل هو بدأ مع تقلد ثورة الإنقاذ الوطني للحكم في البلاد بالانقلاب العسكري على شرعية الإمام الصادق المهدي زعيم حزب الأمة القومي في العام ١٩٨٩م، فمنذ ذلك التاريخ بدأ النظام البائد في الدخول مع تحالفات دولية، مما أدى إلى عدم الثقة فيه، فضلاً عن أنه كان يبحث عن نفوذ في المنطقة من خلال توجهه الإسلامي إلا أنه فشل في القيام بهذا الدور للأزمات التي يشهدها والعدائيات غير المبررة للولايات المتحدة الأمريكية وغيرها من الدول العظمى، مما سهل على المعارضة تدويل الأزمات الداخلية و رغماً عن تنازلات النظام لصالح القوى العظمى ، إلا انها في نهاية المطاف أدت إلى انفصال جنوب السودان، والي عدم الاستقرار الأمني في البلاد، وعليه فإن كل العوامل سالفة الذكر نتج عنها انعدام الثقة ، إلا أن الفرصة الآن مواتية للخروج بالسودان إلى بر الأمان بعيداً عن التدويل الذي ادخل دولاً في المحيط الأفريقي والعربي في نفق مظلم، فالتدخلات الخارجية في الشأن الداخلي تحدث وفقاً للصراعات والنزاعات السياسية والعسكرية ، إلا أن ما تشهده البلاد في الراهن السوداني لم يصل إلى مرحلة الولوج إلى نفق مظلم وبالرغم عن ذلك فإن الاجندات الدولية حاضرة في المشهد السوداني الذي يعتبر من الدول ذات المساحة الجغرافية الكبيرة التي لا يستهان بها وبالتالي له تأثير على مصالح القوى الدولية، وعليه فإن ما حدث من تدويل للقضية السودانية يهدف إلى حل الأزمة.
بينما قال المبعوث الخاص لرئيس الوزراء الإثيوبي للسودان محمود درير، إن المجلس العسكري الانتقالي وقوى إعلان الحرية والتغيير توصلا إلى أن لا عودة فيما تم الاتفاق عليه، مؤكداً عودة الطرفين إلى المفاوضات قريباً.
وتابع : إن الطرفين سيتباحثان حول المجلس السيادي بنية حسنة، وأردف : اتفقا على أن لا يكون هناك ما يسيء لهما من بيانات تصعيدية تعيق المبادرة.
وأشار إلي أن المجلس العسكري الانتقالي وافق على بناء الثقة بإطلاق سراح المعتقلين، كما وافقت قوى إعلان الحرية والتغيير على إيقاف العصيان، وقال مبعوث الرئيس الإثيوبي إنهم سيتقدمون بأفكار لتجاوز معضلة المجلس السيادي.
وأضاف : نحن نسعى لأن تتجنب الأطراف التصعيد والاتهامات المتبادلة، وتابع : نريد أن نمضي قدماً في المبادرة، مؤكداً أنه على ثقة بأن السودان سيتجاوز المرحلة الراهنة.
من جهة أخري أكدت مصادر مطلعة أن الخبير الاقتصادي في الأمم المتحدة عبدالله حمدوك بات أقوي المرشحين لمنصب رئيس الوزراء في الحكومة الانتقالية، وكان الرئيس المخلوع عمر البشير قد اختاره لتولي وزارة المالية، إلا أنه إعتذر عن تقلد المنصب، مؤكداً جاهزيته الكاملة لوضع كل خبراته لصالح السودان.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق