................
لابد للشيخ عبد الحى يوسف الابتعاد عما يود الإقدام عليه خاصة بعد أن توحد أبناء الشعب السوداني ضد (الظلم) الذي مارسه نظام الرئيس المخلوع (عمر البشير)، وعندما فعل ذلك لم نراك تقف في وجهه يوماً وأحداً، علما بأنه كان (يقمع)، (يقهر) و(يقتل) في المواطن الأعزل، السؤال أين أنت من تاريخه المفصلي؟ الإجابة بالرغم من موجودك إلا أنك لم تقدم النصح للسلطان الجائر، أو تدين انتهاك حقوق الإنسان، فلماذا ارتفع صوتك بعد الإطاحة بالنظام السابق؟، والذي لا أري له مبرراً حتي تعبر عن مخاوفك.
ومما ذهبت له فإن شباب الثورة السودانية لا يريدون وصايا للخروج بالبلاد إلي بر الأمان، فالمرحلة التي يمر بها حساسة جداً، ولا تحتمل أي زعزعة، لذلك أنصح الشيخ عبدالحي يوسف العدول عن فكرة المسيرة الملونية في هذا التوقيت، وأن يدع المجلس العسكري الانتقالي، وقوى إعلان الحرية والتغيير للعمل والتوافق على حكومة مدنية خاصة وأن الشعب السوداني انحاز إلي هذه القوى التي وقفت معه في أحلك أوقات النظام البائد الذي مارس (القمع)، (القهر)، (التهميش)، (الظلم) و(القتل)، في حين كنت أنت يا عبدالحي وآخرين تمنحونه الشرعية من خلال مساندتكم له على مدي ثلاثين عام، مع علمكم التام أنه استلم السلطة بالقوة العسكرية، ومن ثم خلع البزات العسكرية وارتدي الأزياء المدنية واهماً من يتبعونه أنه يحكم بالديمقراطية، وبالتالي لم يكن النظام (المخلوع) ذو شرعية، وذلك من واقع أنه تقلد مقاليد الحكم بالبندقية وقوة السلاح.
فيما على الدكتور عبدالحي يوسف الابتعاد عن المشهد السوداني الذي رسم له وآخرين خارطة طريق ضياعه طوال السنوات الماضية، وبالتالي يجب أن تفسحوا المجال لشباب الثورة السودانية لكي يرسموا مستقبله بالصورة المتوافقة مع مقتضيات المرحلة، وتطورات الأحداث داخليا وخارجيا، عموما يجب أن لا تقفوا ضد إرادة الشعب السوداني، والذي إستطاع شبابه السائر اقتلاع شجرة نظام حكم (البشير) من جذورها، لذا من حقهم رسم مستقبل السودان في الحاضر القريب والبعيد، وبالكيفية التي يرونها تتوافق مع كل مكوناته شمالا، جنوبا، شرقا وغربا، وهم وحدهم الذين من حقهم تحديد فترة الحكم الانتقالي، خاصة وأن تجارب الحكم الماضيةً أثبتت بما لا يدع مجالاً للشك أنها (فاشلة) في إدارة البلاد سياسيا واقتصاديا، مما يستوجب في هذه الفترة زيادة سنوات الحكم الانتقالي حتى تستعيد مؤسسات الدولة المنهارة كليا بالفساد عافيتها ووضعها الطبيعي، وأن تسترد ثقتها في منسوبيها بعد أن تتم هيكلتها بصورة تعيد الحقوق المهضومة على مدي سنوات وسنوات، والتي تعرضت فيها للتشويه بالتوظيف والتجنيد بالولاء للمؤتمر الوطني، والحركة الإسلامية، وليس المؤهل والكفأة، وبالتالي مرحلة الحكم الانتقالي تحتاج إلي أربع سنوات على الأقل من أجل تهيئة الأجواء المناسبة للخروج بالبلاد من ذلك النفق المظلم.
بينما يعلم الشيخ عبدالحي يوسف تمام العلم أن الديانة الإسلامية، هي المصدر الأساسي في الدستور وتشريع القوانين الضابطه لحركة الحياة العامة والمحددة لهوية الدولة والتي كانت تتخبط على مدي السنوات الماضية، إما محاولة بث الخوف في دواخل الناس من (العلمانية) فهو ليس بالأمر المخيف لإنسان السودن المحافظ على عاداته وتقاليده غير المنفصلة عن الديانة الإسلامية، فلماذا كل هذا التوجس والخوف من (العلمانية)، طالما أنها تراعى الدين والأعراف والعادات والتقاليد والقيم والأخلاق السودانية.
ومن يتخوف من هذه الحقيقة فإنه يركن للنفاق والتناقض الصارخ في المفاهيم، محاولا كسب عطف البسطاء بما يصوره لهم حسب الأهواء الشخصية بعيدا عن المبادئ التي يدعونها، وبالتالي حينما تكون (العلمانية) فى مصلحتهم، فليس هناك أجمل ولا أروع منها، إما عندما تتعارض معها فإنها تكون ضد الشريعة الإسلامية، ولكن هي في حقيقتها تعطي حقوقاً متساوية فى الجتمعات بما فيها المجتمع الإسلامي.
ومما ذهبت إليه فإن النظام (المعزول) كان يجبر إنسان السودان على مبادئه بإستخدام القوة والبتطش، ناسياً أو متناسياً أن الديانة الإسلامية ترفض رفضاً باتاً الإجبار والإكراه لقوله عز وجل في محكم تنزيلة : (لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغيِ)، (وما أنت عليهم بجبار)، (فذكر إنما أنت مذكر لست عليهم بمسيطر)، ومع هذا وذاك فإن علماء الدين على اختلاف توجهاتهم في الكثير مما هو مطروح لم يفرضوا مفهومهم الديني على الآخرين؟ لعملهم أنهم ليسوا مفوضينً لممارسة الوصايا على الإنسان الذي ولد حراً؟ ولعل سيدنا عمر الخطاب رضي الله عنه أوقف العمل بما يسميه البعض (حد السرقة) فى عام الرمادة، واعتبر القرآن مرجعاً يؤخذ منه ما يناسب العصر والظروف؟ (واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم)، وعليه فإن (العلمانية) تعني الوقوف على مسافة واحدة من جميع الأديان واحترامها، ونلاحظ ذلك في دول أوروبا وأميركا، وهي جميعاً رغم علمانيتها تسمح ببناء مساجد للمسلمين، وهذا هو مفهوم العدل في الأرض لقوله سبحانه وتعالي : (إن الله يأْمر بالعدل).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق