الأحد، 21 أبريل 2019

سراج النعيم يكتب : عطبرة مدينة الصمود والثورة

.....................
ما يجري في الراهن السوداني أمراً طبيعياً بعد أن تم خلع نظام (القهر)، (الذل)، (الكبت)، (الطغيان)، و(الديكتاتورية) الذي كان يمارسه الرئيس المعزول (عمر البشير)، ومن شاركوه حكم البلاد في الفترة الماضية، وظلوا يفعلون ذلك على كافة الأصعدة والمستويات دون أن يأبهوا بما يمكن أن يسفر عنه الإحساس بـ(الظلم)، وقطعاً هو الذي ولد ثورة شبابية لا تعرف التثاؤب أو الركون للعنف الذي استخدم ضدها، هكذا انطلقت شرارتها الأولي من مدينة الصمود (عطبرة)، فهي من المدن السودانية المتمردة على الانظمة (الديكتاتورية)، وذلك على مر تاريخ السودان القديم والحديث، نعم ظلت مدينة (عطبرة) تفعل منذ العام ١٩٥٦م، ولا سيما أنها وقفت في وجه الأنظمة (الديكتاتورية)، وعلى رأسها نظام المخلوع (عمر البشير)، وهذا الديدن جعل أهلها يستشعرون مالآت خطورة الأوضاع المذرية في البلاد، والقائدة له نحو الانهيار التام، وعليه لم يكن بوسعهم الصبر أكثر مما صبروا على نظام الحكم (المخلوع)، وهم يومئون إيماناً تاماً بأن أي نظام قمعي لا يتورع من فعل أي شئ للبقاء في السلطة حتى لا تتطالهم المسألة داخلياً أو خارجياً (المحكمة الجنائية الدولية) التي تطلب عدداً من رؤوس ذلك النظام وعلى رأسهم (البشير).
رغم خطورة الإقدام على خطوة التمرد على ذلك النظام المعزول لم يجد أهالي مديني (عطبرة) حلاً أمامهم سوي العمل على التغيير في ظل ظروف إقتصادية قاهرة جداً، وهي واحدة من العوامل الأساسية في النجاح الذي تحقق للشعب السوداني، والذي أوصله نظام (البشير) إلي مرحلة اللاعودة عما هم مقدمين عليه، وبالتالي اغتنموا الفرصة المواتية للقضاء عليه من خلال استخدام الشعارات الجاذبة والسهلة للكبير والصغير، فوجدت تلك الشعارات البراقة هوي في نفوس السودانيين، فضلاً عن أنهم كانوا مهيئين لهذا اليوم الفاصل من تاريخهم خاصة وأن البلاد عانت ما عانت من ويلات الحروب والسياسات الاقتصادية الخاطئة.
فيما يجب أن تكون الدولة مكونة من شخصيات لعبت دوراً أساسياً في الثورة الشبابية التي خلصت الناس من حكم (الديكتاتور) عمر البشير بعد ثلاثين عام من عمر الشعب السوداني، والذي واصل دروسه النضالية المشهود بها في جميع انحاء العالم، والتي جعلته صاحب الكلمة الأولي والأخيرة في المشهد السياسي، ودعمته ووقفت إلي جانبه قوات الشعب المسلحة، مما قادها أن تكون شريكاً رئيسياً في النضال الثوري للجماهير المنتفضة في وجه نظام الظلم المستبد.
ومما أشرت له يجب على من يشكلون الحكومة الإنتقالية التوافق على منح الشباب والنساء فرصة في القيادة من خلال التغيير الذي يشهده السودان، وهو تغييراً يتطلب إعادة هيكلة مؤسسات الدولة لما طالها من تشويه، وذلك من واقع الاختيار بـ(الولاء) وليس (الكفاءة)، وظل هذا النهج متبعاً منذ أن استلمت ثورة الإنقاذ الوطني مقاليد الحكم في البلاد وإلي أن تم اقتلاع جذورها في الأيام الماضية، لذا يجب التركيز في هذه المرحلة الحساسة من تاريخ السودان على تضافر الجهود من أجل بناء وطن (الحرية)، (السلام) و(العدالة).
فيما أثبت المجلس العسكري الانتقالي، وعلى رأسه الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان عبدالرحمن ونائبه الفريق أول ركن محمد أحمد دقلو بما لا يدع مجالاً للشك انحيازهم التام إلي إرادة الشعب السوداني، وذلك بالاستجابة إلي مطالبه الداعية لـ(لتغيير)، وهذا دليل على الوقوف مع الشعب الصابر على الإبتلاء خلال فترة حكم النظام المخلوع، وعليه فإن المجلس العسكري له القدح المعلي في تجنيب البلاد (الفتنة) و(الإنزلاق) بها نحو الهاوية، وذلك بعد أن قام باستلام السلطة، وإعتقال الرئيس المخلوع (عمر البشير)، وبعض رموز النظام (الفاسد)، مضافاً إليه ضباط وضباط صف وجنود قوات الشعب المسلحة، وقوات الدعم السريع، فهم جميعاً دعموا الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان عبدالرحمن، لذلك هم شركاء في نجاح الثورة الشبابية وتحقيق مبدأ (الحرية)، (السلام)، و(العدالة).
مما ذهبت إليه فإن من حق أي سوداني العمل على التغيير من أجل الديمقراطية، والمشاركة في تطبيقها على أرض الواقع بالتداول السلمي للسلطة لإنشاء دولة تحترم حقوق الإنسان، دولة يتساوي فيها الناس، دولة تحاسب كل مقصر في أداء واجبه المنوط به، وذلك وفقاً للدستور والقانون، دولة تركز على الشأن الداخلي وبناء علاقة متينة مع دول الجوار دون تدخل في شؤونها.
إن الحكومة المقرر الإعلان عنها اليوم (الأحد) يجب أن تصل إلي إتفاقيات مع الحركات المسلحة سريعاً من أجل بناء دولة ليس فيها صراع، وأن تتاح الفرصة لمن تم فصلهم من الخدمة، وذلك بعد تفكيك مكونات الدولة العميقة حتي تصل البلاد لبر الأمان من خلال صنادق الاختراع بعد الفترة الانتقالية، وهذا هو النهج الوحيد الذي يجنب البلاد الخلافات، ومع هذا وذاك يجب الاهتمام بوضع دستور دائم يتم التوافق عليه دون اقصاء.
من جهتها يجب على الحكومة المدنية الإنتقالية بعد التشكيل من خلال ساحة الإعتصام بالقيادة العامة بالخرطوم أن تضطلع بمهامها بالغة التعقيد، والتي انتجها النظام البائد على مدي سنوات وسنوات، وبالتالي هم أمام دولة عميقة أطر لها التنظيم السابق، والذي عمد على غرس منسوبيه من خلال مفاصل السلطة دون أي مقاييس أو معايير سوي (الولاء)، والذي قطعاً لعب دوراً كبيراً في إنهيار الدولة العميقة بكل مؤسساتها.

ليست هناك تعليقات:

azsuragalnim19@gmail.com

*الدكتور أسامة عطا جبارة يشرح الإقتصاد السوداني في ظل الحرب*

..........  *تواصل شبكة (أوتار الأصيل) الإخبارية، وصحيفة العريشة الرقمية نشر الحوار الهام مع الخبير في الإقتصاد العالمي الدكتور أسامة عطا جب...