.......................
ضحية يستجيب لرسالة فوزه إلكترونياً بألفي يورو حتى إفلاسه
.......................
وقف عندها : سراج النعيم
.......................
من المعروف أن أي نهضة حضارية تهدف إلى خدمة الإنسانية إلا أنها دائماً ما تحمل بين طياتها بعض الثغرات التي يستغلها بعض ضعاف النفوس لتحقيق ما يصبون إليه، وذلك بالاستفادة من (العولمة) ووسائطها بشكل سالب يهدف إلى خرق خصوصيات الآخرين وسلب حقوقهم بـ(الاحتيال) و(الابتزاز) عبر شبكة (الإنترنت)، وبالتالي تكمن أهمية فتح هذا الملف الساخن فى إيضاح ماهية (المجرم الإلكتروني)، والأساليب التي يستحدثها من خلال الشبكة العنكبوتية ما بين الفينة والاخري، ولم تعد الجرائم الإلكترونية قاصرة على ضحايا بعينهم، بل أصبحت ظاهرة خطيرة ومنتشرة عالمياً، لا سيما وأن خطورتها تتعدى مقدرات مستخدمي التقنية الحديثة بالتوسع فى استخدام الإنترنت الذي ظل منذ بزوغ فجر ثورته المعلوماتية ينجرف بالمجتمع نحو الهاوية، رغماً عن أن الاستخدام الإيجابي فى إطار الأبحاث والدراسات العلمية والمعاملات التجارية مفيداً للانسانية، إلا أنه بدأت تطل فى الأفق جرائم دخيلة على المجتمع السوداني، وتزداد هذه الجرائم يوماً تلو الآخر، وتتعدد صورها وأشكالها وألوانها.
مما لاشك فيه فإن شبكة (الإنترنت) أشبه بقلعة دون حراس للمعلومات الثرة التي تكتظ بها المكتبة الإلكترونية، وقطعاً هي ذات فائدة لمن يبحث عنها عبر محرك البحث (جوجل)، ومع هذا وذاك من الصعب جداً حماية تلك المعلومات من (المجرم الإلكتروني)، وذلك يعود إلى أن التكنولوجيا الحديثة تشهد تطوراً مستمراً يقود البعض للوقوع ضحايا نتيجة الاستخدام السالب أو الجهل بخطورة (الإنترنت) وسرعته الفائقة فى إيصال الرسالة الإعلامية للمتلقي، بالإضافة إلى جهل البعض بكيفية حماية حساباتهم من (الاختراق) أو (التهكير)، وعليه رأت (الدار) أن تواصل فتح ملف قضايا (الاحتيال) و(الابتزاز) عبر (العولمة) ووسائطها الإلكترونية، خاصة وأن الظاهرة تعتبر جريمة يعاقب عليها القانون فى حال الإيقاع بـ(المجرم الإلكتروني) الذي يرتكب عدداً من الجرائم فى حق الضحايا وذلك من خلال استخدام التقنية الحديثة أو بعض شرائح شركات الاتصالات أو الأرقام الدولية أو إنشاء الحسابات بأسماء (وهمية)، لذلك أصبحت الظاهرة تشكل قلقاً كبيراً وخطيراً على المستهدفين وأسرهم والمجتمع.
وبما أن الظاهرة أصبحت في تنامي فإن (الدار) ستناقشها من الناحية القانونية مع تقديم نماذج لقصص مثيرة راح ضحيتها البعض بـ(الاحتيال) أو (الابتزاز) الإلكتروني عبر الرسائل النصية والإلكترونية (الوهمية) مثلاً الفوز بجائزة مالية ونشر الصور ومقاطع الفيديوهات (الفاضحة)، ودائماً ما يستغل الجاني التقنية الحديثة ووسائط التواصل الإجتماعي (الفيس بوك) و(الواتساب) وغيرهما لتحقيق مآربه منتهكاً الخصوصية عبر الشبكة العنكبوتية.
فيما ظلت (الدار) تحذر مراراً وتكراراً من الاستجابة إلى الرسائل النصية (الوهمية) أو (الإلكترونية) التي تشير إلى أن المرسل مجرماً إلكترونياً خطيراً حيث يبعث بها إلى ضحاياه واهماً إياهم بأنه حول لهم رصيداً عن طريق الخطأ، ويطلب إعادته ولا يتوقف عند هذا الحد، بل يستحدث طرق أخرى متطورة مثل إرسال الروابط (الوهمية) المتضمنة صور الضحايا والذين إذا فتحوا الرابط فإنه يقودهم ﺇلى ﻣﻮﻗﻊ ﺇﻟﻜﺘﺮﻭني تتم فيه عملية (النصب) و(الاحتيال) وﺇﺷﻌﺎﺭ المستخدمين بأنه ﺗﻢ ﺗﺤﻤﻴﻞ ﺻﻮﺭﻫﻢ، ﻭﺃﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺃﻣﻮﺍﻻً تنتظرهم بإﺩﺧﺎﻝ ﺑﻴﺎﻧﺎﺗﻬﻢ ﺍﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﻤﺎ ﻓﻴﻬﺎ أرقام حساباتهم المصرفية، لذا نجدد تحذيرنا للجميع على عدم الاستجابة لهذه الرسائل، ﻭﻋﺪﻡ تمليك المجرم الإلكتروني أي معلومات تتعلق بالحسابات المصرفية.
فيما عاش الشاب (خالد) لحظات من السعادة الغامرة بعد أن وصلته فى هاتفه الجوال عدداً من الرسائل النصية القصيرة، تارة تؤكد أنه فاز بمبلغ مالي كبير وتارة أخرى تؤكد انه فاز بسيارة ، فتعامل مع تلك الرسائل بكل جدية ظناً منه أن حلمه بدأ يتحقق مغيراً واقعه إلى واقع أفضل من المشقة فى عمل تشييد المباني كحال الكثيرين الذين هم في مجتمعه الذي سعى فى إطاره إلى نقل نفسه وأسرته إلى عالم الرخاء والرفاهية، ولم يكن يتخيل أنها قد توصله إلى مرحلة متأخرة جداً من حياته الصحية.
وروى (خالد) قصته قائلاً : بدأت فصول هذه الحكاية الغريبة منذ اللحظة التي وصلتني فيها رسالة أثناء عملي (طلبة)، وبما إنني أتعرض لهذا الموقف لأول مرة حيث وجدت نفسي مستجيباً للرسائل على أمل أن يتحسن وضعي المالي في ظل الظروف الاقتصادية القاهرة، ولم أكن أكذب الرسائل باعتبار أنها وصلتني من أرقام دولية تطلب مني الاتصال بها على أساس إنني فزت معهم في مسابقة بمبلغ مالي كبير.
وأضاف : أول رسالة وصلتني كنت أحمل على كتفي (جركانة مليئة بالمونة)، وقبل أن أقرأ محتواها وصلتني رسالة أخرى تشير إلى أنني فزت بألفي يورو، وبالتالي يجب أن تكمل إجراءاتك المتمثلة فى إرسال الاسم، وعنوان السكن في السودان، ولن تستطيع فعل ذلك، إلا من خلال الاتصال علي الرقم المرسلة منه الرسالة النصية، وعند الاتصال سوف تسمع صافرة بعدها يعلمك الموظف بأن تقول اسمك بصوت عالِ وواضح وعنوان إقامتك، وقبل أن أكمل البيانات المطلوبة أجد أن رصيدي قد أنتهى ما يضطرني ذلك لترك العمل بالخرطوم، والتوجه إلى محلات بيع الرصيد للشراء، وكان أن اشتريت رصيداً فى بادئ الأمر بـ(10) جنيهات، إلا أنها خلصت بنفس الطريقة السابقة، وهكذا إلى أن أصبح المبلغ المالي كبيراً جداً، ورغماً عن ذلك لم أيأس فتوجهت من مكان عملي إلى مدينة امدرمان من أجل أن اقترض مبلغاً مالياً أشتري به رصيداً، وكان أن اشتريت بـ(20) جنيهاً حتى أتمكن من الرد على رسالة تقول (رئيس شركة اتصالات شهيرة فى السودان فى انتظارك بمطار الخرطوم لاستلام الجائزة)، وظللت على هذا النحو إلى أن أنتهي كل المال الذي جنيته من عملي والذي اقترضته، أي إنني ظللت أفعل من الصباح حتي الساعة السادسة مساء، بعدها أصبت بالإرهاق ثم الالتهاب الحاد بعد أن اشتريت لوحاً من الثلج، وتوجهت به إلى منزلي لكي (أترشرش) به من السخانة التي طفت فيها بعضاً من مناطق ومدن ولاية الخرطوم.
وعن المسابقة التي فاز بها حسب الرسائل قال : جاء في إحدى الرسائل إنني فزت في مسابقة لبنك مدريد، ورسالة أخرى تؤكد إنني فزت بعربة، وعليّ استلامها بمطار الخرطوم، المهم أن عدد الرسائل التي وصلتني (24) رسالة اتصلت بالبعض منها، كما إنني أجهدت نفسي بالبحث عن الرصيد الذي أرد به على الرسائل للدرجة التي كدت فى إطارها أن أفقد حياتي حيث إنني أشتريت لوحاً من الثلج، وبدأت ابلل به جسدي ما نتج عن ذلك إصابتي بالتهاب حاد.
فيما وضح المعلم (معاذ)، عملية الاحتيال الإلكتروني الذي تعرض له بصورة أكثر غرابة قائلاً : لدى حساب ببنك خرطومي شهير، تعرضت في إطاره لعملية احتيال من (هكرز)، يبدو أنه محترف جداً، حيث أنه انزل رابطاً عبارة عن هدية للزبائن، فدخلت علي الرابط، فوجدت أن به بيانات، وعندما بدأت أطالعها تفاجأت أنه سحب من حسابي (12,500) جنيه خلال سويعات معدودة من دخولي عليه بـ(الفيس بوك)، والشيء الذي استغرب له من وراء هذه العملية، هو إنني شخصياً مالك الحساب، لا يحق لي أن اسحب أكثر من (2000) جنيه، إلا أن الهكرز تمكن من سحب المبلغ فى فترة زمنية وجيزة عبر تطبيق (الانبوك) من خلال ثلاثة محافظ إلكترونية، وعلى خلفية ذلك ابلغت إدارة البنك، فطلبوا مني أن أفتح بلاغاً لدى السلطات المختصة، وكان أن فعلت، وبعد التحري تمت مخاطبة بنك السودان المركزي، بالإضافة إلى شركتي الاتصالات الشهيرتين.
وأشار إلي أن (الهكرز) منشئ صفحة بنفس اسم (البنك)، وعندما أرسل رابط الهدية، وجدت أنه في شكل حقول، معتقداً أن صفحة الهكرز هي الصفحة الرسمية للبنك، فأدخلت (الباصوير)، ثم رقم الحساب، الذي بدأ بعده فى سحب المبلغ المالي، والذي هو مبلغاً مودع بطرفي أمانة من شقيقي الذي يود أن يشتري به (شيلة) زواجه، وأثناء عملية السحب كانت تأتي اليّ إشعارات السحب في دفعة واحدة، الأمر الذي حدا بي تعطيل (الانبوك)، وذلك بإدخال كلمة السر عدد من المرات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق