............................
حلقت شعري (صلعة) قبل تساقطه والتقطت صوراً ونشرتها
..........................
هذا إحساسي بـ(سرطان الثدى) وكنت أقول اللهم أجرني في مصيبتى
.........................
جلس إليها : سراج النعيم
...............................
روت شابة تبلغ من العمر (26) ربيعاً قصتها المؤثرة مع الإصابة بمرض (السرطان) مؤكدة أنها في منتصف ديسمبر من العام 2017م علمت بأنها مصابة بـ(سرطان الثدي القنوي الغازي)، ومنذ معرفتها بذلك تغيرت حياتها تماماً.
وقالت : عندما أجريت لي الفحوصات لم أكن متخوفة ولكن ما أن سمعت تشخيص الطبيب لحالتي الصحية إلا وصدمت صدمة كبيرة، حاولت بعدها التماسك، مرددة الحمدلله.. الحمدلله.. الحمدلله، ثم أصبحت اتضرع بالدعاء للمولي عز وجل قائلة : اللهم أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيراً منها، ورغم صعوبة الموقف بالنسبة لي إلا إنني لم أبك البته وحاولت جاهدة أن أكون إنسانة قوية صابرة علي الإبتلاء ومؤمنة بقضاء الله وقدره، أي أنني كنت لا أرغب في نظرة شفقة أو انكسار من والدتي وإخواني وأخواتي، لم أكن أريد مشاهدة الخوف يطل من عيونهم، فهو أكثر شيء كان سيؤلمني حد النخاع والعظم، لذا قررت علي الأقل أن أظل أمامهم قوية وأن أحارب هذا الداء إلى أن أنتصر عليه، وهذا لن يتحقق لي إلا إذا صبرت، وحينما شاهدتني أسرتي صابرة وصامدة، لم يكن أمامهم بداً سوى أن يساعدوني علي تجاوز تلك المرحلة).
وأضافت : في اليوم التالي من هذا الاكتشاف شددت الرحال مع والدتي متعها الله بالصحة والعافية إلى المملكة العربية السعودية لأداء العمرة رغم أنني كنت قد خرجت من عملية استئصال (ورم خبيث) الحمدلله، المهم أنني توفرت لي طاقة كبيرة ساعدتني علي إكمال مناسك العمرة بالأراضي المقدسة، وكنت طوال تواجدي هناك أدعو الله سبحانه وتعالى أن يقويني ويصبرني علي هذا الإمتحان، وكان كل خوفي من أن يأتي عليّ يوم من الأيام أضعف فيه ولا استطيع الصبر، ولكن مع هذا وذاك كنت اتكل همومي وأمري لرب العالمين، ولم أكن متخوفة من القادم لأنني كنت راضية بقضاء الله وقدره.
وأردفت : المهم أنني عدت من السعودية بعد أداء العمرة، و بدأت في إجراء فحوصات للمرض والحمدلله جاءت النتيجة مطمئنة بأنه ليس هناك انتشار لداء (السرطان) في جزء ثاني من جسمي، ورغم ذلك قال الأطباء لابد من إجراء عملية لاستئصال جزئي أو كلي للثدي مع الغدد الليمفاوية، و بعدها العلاج الكيماوي و الإشعاعي، و تم تحديد موعد العملية بعد أيام، وبالرغم من ذلك كنت أقضي حياتي بشكل طبيعي جدا، بل توجهت إلى مكان عملي، فيما كانت والدتي ربنا يحفظها تعد لي نظاماً غذائيا خاصاً غيرت به أكلي الذي كنت اتناوله قبل الإصابة بالسرطان، قالت لي كلمات مازالت ترن في أذني : (لازم ننتصر)، وكنت قد أخذت قراراً بأن لا أدع المرض يؤثر عليّ أو يهزمني، لذا كنت أعمل كل الذي نفسي فيه، وبالرغم من هذا الصمود إلا أنه كانت تأتي عليّ لحظات أضعف فيها وأفكر خلالها في أشياء كثيرة، وكنت في تلك اللحظات احتاج الى قروب (واتساب) وكان أن أنشأته إلا إنني اشترطت أن يكون الأعضاء من المصابين والمتعافين من مرض (السرطان)، ورغما عن ذلك فشلت الفكرة ومن خلال هذه التجربة توصلت إلى نتيجة أن هنالك من يعتقدون أن الإصابة بالمرض تعني نهاية الدنيا وبدلاً من أن يعيشوا حياتهم بشكل طبيعي استسلموا لليأس والخوف مما يخفيه لهم الغد، وكنت أقول لهم ليس هنالك إنسان في مقدوره تحديد ما يمكن أن يعيشه في الحياة.
وتابعت : هنالك مرضى يعتقدون أن الإصابة بمرض السرطان (عيب) ويخافون من وصمة المجتمع الذي مما يعرف أفراده أن شخصاً ما مصاب بالسرطان إلا ويفترضون أنه سيموت، وعلى خلفية ذلك يدخل المريض في حالة نفسية، وأن كنت أري أنها أفكار وهواجس لا أساس لها من الصحة وما نتحمله نحن لا يمكن لاي أحد أن يتحمله رغم أننا نؤمن بقضاء الله وقدره (يعني أي زول ربنا بيديهو على قد طاقتو)، لذا احتمل ويحتمل الكثيرين من المرضي الإصابة بالسرطان مهما كان صعب.
ومضت : كنت مقتنعة أن المرض لا علاقة له بموت الإنسان الذي لا يموت إلا بانتهاء أجله وطالما أن الله سبحانه وتعالي كاتب لي عمراً جديداً سوف أعيش إلى أن يأخذ العلي القدير وديعته، ودائماً أقول لوالدتي : (يعني شنو في ناس كتار عيانين و حايمين وفي أطفال بيمرضو، وأنا ربنا كتب لي كده ما حأعترض على حكمو).
واسترسلت : عموماً أزفت ساعة إجراء العملية، والحمدلله لم أكن خائفة أبداً إلي أن دخلت غرفة العمليات، حيث كنت أضع في حساباتي أسوأ الاحتمالات رغماً عن ذلك كنت راضية تمام الرضا بما كتبه لي المولي عز وجل، المهم أن الأطباء أجروا العملية ثم خرجت من غرفة العمليات ولم أكن أعرف إن كانوا استأصلوا الثدي كاملاً أم لا؟ وكنت حريصة علي معرفة الحقيقة لأنها كانت ستفرق معي في أشياء كثيرة، ولكن عندما شاهدت والدتي أمامي حمدت لله كثيراً، ثم جاءت نحوي الطبيبة وقالت : (قمنا بعمل تحليل للأنسجة خلال إجراء العملية وكانت النتيجة سليمة إلا أننا استبعدنا الغدد الليمفاوية، وليس هنالك أي إستئصال) لحظتها أحسست إحساسا لا استطيع وصفه.
واستطردت : بقيت في المستشفى أيام وكنت في كل يوم أحمدالله كثيراً، وخلال ذلك اكتشفت إنني قوية جداً، وإن الصبر نعمة كبيرة من ربنا سبحانه وتعالي، وبعد مرور أكثر من شهر علي العملية كان يفترض أن أبدأ في أخذ (الكيماوي)، ومع هذا وذاك ذهبت إلى عملي، بالإضافة إلى أنني كنت أخرج للأماكن العامة، وطبعاً خلال ذلك قابلني الناس السالبين الذين يوصمون المرضي بـ(السرطان)، فلم أكن أوليهم أية اهتمام لحديثهم بل كنت اسمعه وأضحك.
وذكرت : قبل أيام مما ذهبت إليه أخذت أول جرعة و قررت بعدها أن أقص شعري، رغماً عن إنني كنت أحبه حباً شديداً، وكانت هذه الخطوة التي أقدمت عليها جريئة جداً، وكان ولابد لى الاتجاه علي هذا النحو وبإرادتي، قبل أن يحدث معي ذلك مجبرة، المهم إنني خرجت من المنزل دون أن أخطر أحداً من أسرتي التي عندما رأتني علي تلك الهيئة قالوا : (الصلعة فيك جميلة)، عموماً ما كنت خائفة من أخذ جرعة الكيماوي، ولكن ارهقت قليلاً، ورغم ذلك كنت أقاوم وأتماسك، وكلما بدأ شعري في النمو اقوم بحلاقته خاصة وأنه دخل مرحلة التساقط، وأصبحت أنشر صوري بـ(الصلعة) في (الفيس بوك) و(الانستغرام) وأكدت لأسرتي أنه سينمو عندما أنتهي من أخذ جرعات الكيماوي، وظللت هكذا إلى أن اقتنعوا تماماً.
وأشارت إلى أنها في نفس اليوم الذي كانت مقررة فيه الذهاب إلى صديقتها لتحلق لها شعرها أحست بالإرهاق الشديد ودرجة حرارتها أرتفعت مما استدعى أسرتها إسعافها علي جناح السرعة إلى المستشفي، وبعد الفحوصات والتشخيصات قال الأطباء : (المناعة منخفضة كثيراً، ولابد من بقائها في المستشفى)، وظللت فيها إلى أن تحسنت حالتي الصحية، وأول ما خرجت أحضرت ماكينة الحلاقة و طلبت من أختي حلاقة شعري كاملاً .
وأوضحت : بصراحة شكلي عجبني بـ(الصلعة) لدرجة إنني أصبحت التقط الصور وأعمل (الميك اب)، وكنت أتسأل بيني ونفسي لماذا عندما تصاب الفتاة أو السيدة بـ(السرطان) ويتساقط شعرها بتغطي رأسها خوفاً من نظرة المجتمع، إلا إنني أري أن مثل هذه الأشياء لا يمكن اخفاءها من الناس، والإنسانة التي تفعل ذلك تكون غير واثقة من نفسها، خاصة وأن المرض ليس (عيباً)، ويجب عدم الالتفات للنظرات السالبة.
في الختام قالت : الحمدلله استفدت من مرضي كثيراً، وكانت التجربة عميقة جداً ولن أنساها طوال عمري، رغماً عن إنني عشت تجربة صعبة جداً، وقد عرفت أنه في الإمكان أن يتغير الانسان من يوم إلى آخر، وكما أنه أصبت بالمرض سيأتي يوماً من الأيام وأصبح إنسانة صحيحة، ورسالتي لأي مريض أو مريضة بـ(السرطان) أن لا ييأسوا، وأن لا يخافوا مما كتبه لهم الله سبحانه وتعالي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق