...............................
حزنت غاية الحزن للشكوى التي تلقيتها من بائعات الشاي اللواتي يعملن في الاماكن العامة من إيقافهن نهائياً بقرار لم يحالفه الصواب، نسبة إلي أنهن يعُلن أسرهن، وأكدن أنهن دخلن في مديونيات، لا يدرين من أين يسددنها في حال استمر القرار، وقلن بكثير من المرارة لم أشهد لها مثيل : (الظروف الاقتصادية القاهرة وحدها أضطرتنا للخروج من منازلنا من الصباح الباكر، ولا نعود إلا في المساء، بحثاً عن أكل العيش بكرامة).
لذا علي السادة معتمدي محليات الخرطوم الإصغاء لهذه الشكوى المعبرة، خاصة وأن بائعات الشاي معظمهن أرامل ومطلقات ولديهن عدد من الأبناء الذين يدرسون في المراحل المختلفة في التحصيل الأكاديمي، فلماذا لا يعاد النظر في القرار، نظراً للظروف الإنسانية التي تمر بها كل واحدة منهن، وهي بلا شك ظروفاً فرضها عليهن الواقع الاقتصادي القائم أصلاً، مضاف إليها عوامل خارجة عن الإرادة ضاعفت من أعباءهن، لذلك الشكوى فيها ما يستدعي معتمدي محليات الخرطوم للوقوف عندها وقفة تأملية ذات رحمة ورأفة وإنسانية، بعيداً عن القرار الذي تم بموجبه منع (بائعات الشاي) من بيع المشروبات الساخنة في الأماكن المختلفة، حتى يتثني لهن فتح بيوتهن، وأن يربين أبنائهن تربية لا تدعهم يمدون أيديهم إلي الناس أعطوهم أو منعوهم، خاصة وأن أغلبهن لديهن من الأبناء من يدرسون في المدارس وربما الجامعات ويحتاجون إلي المصاريف يومياً، فمن أين يدفعن لهم، إذا لم يسمح لهن ببيع الشاي في الأسواق والشوارع العامة، لذلك أنظروا لهن سيادة معتمدي محليات الخرطوم نظرة إنسانية واجتماعية واقتصادية، وبالتأكيد ستصدرون قراراً يقضي بعودتهن لمزاولة اعمالهن، مراعاة للمجهود الذي يبذلنه بحثاً عن ( أكل العيش)، وبالتالي السؤال الذي يفرض نفسه هل في (كش ستات الشاي) أولويات في الحملات علي الظواهر السالبة المتفشية في المجتمع السوداني والتي هي الأجدر بهذا المجهود والزمن الذي تستقطعه المحليات من وقتها؟.
نحن لسنا ضد تنظيم عمل بائعات المشروبات الساخنة في الأسواق والشوارع والأماكن العامة، إلا أنه يجب أن نتخير من هو الذي يقود مثل تلك الحملات، فأي تعامل سالب من فرد من الأفراد ينعكس علي العامة، لذلك أتألم ألماً شديداً كلما شاهدت (بائعات الشاي) مرعوبات وقلقات لمجرد أنهن علمن بأن هنالك (حملة) في طريقها إليهن، ومصدر الألم نابع من أنهن يركن إلي ظروف اقتصادية قاهرة تقودهن للخروج من منازلهن في الصباح الباكر.
ومن هنا يجب أن لا نضيع الجهود في حملات لـ(كش) بائعات الشاي، في حين أن هنالك ظواهر أجدر بهذا المجهود الذي يبذل، فالظواهر السالبة المهددة للمجتمع كثيرة وتحتاج إلي سن تشريعات وقوانين تحد من خطورتها علي الإنسان.
ومما أشرت إليه أرجو شاكراً من السادة معتمدي محليات الخرطوم إيقاف (كشات) بائعات الشاي، نسبة إلي أن أولئك السيدات يعملن في الأسواق والشوارع العامة بهدف إيجاد (لقمة العيش) الكريمة التي يجب أن نقننها لهن في صورة تحفظ لهن مكانتهن خاصة وأنهن ساهمن مساهمة كبيرة في تخريج أجيال وأجيال للمجتمع الذي يقودون فيه مؤسسات هامة فهل أمثال هؤلاء نحفزهم ونسهل مهمتهم أينما كانوا أم نطاردهم بالحملات التي يجب أن لا يكونوا هم من الأولويات فيها باعتبار أنه لا مخرج لهن سوي بيع الشاي في الأسواق والشوارع العامة من أجل الكسب الحلال
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق