الدار تروي قصص مؤثرة حول الإنجاب خارج مؤسسة الزواج
........................................
السيدة تكشف النقاب عن قصتها وكيف تبنتها هذه الأسرة
................................
جلس إليها : سراج النعيم
...........................................
كشفت شابة في مقتبل العمر النقاب عن قصتها المؤثرة
حول إنجابها خارج مؤسسة الزواج الشرعية، ومن ثم نشأت وترعرعت في كنف والدتها بـ(التبني)
منذ ميلادها، وظلت هكذا إلي أن درست وتخرجت من الجامعة، ثم تزوجت وانجبت طفلين،
مؤكدة أنها وبعد مرور سنوات علي إقامتها بالخرطوم قد تعرفت علي حقيقتها المشيرة
إلي أنها جاءت للحياة نتاج ثمرة الخطيئة، وأنها لا تنتمي لأسرة السيدة المعنية، والتي
طوال تلك الفترة لم تجرح مشاعرها بكلمة.
وقالت : منذ أن أكتشفت إنني من أم وأب مجهولين الهوية
حاولت التأقلم مع واقعي الجديد، والذي يرسخ إلي إنني إنسانة (مقطوعة) من شجرة، فما
كان مني إلا وأدرت حواراً مطولاً مع والدتي بـ(التبني) عن هذا وضعي الجديد الذي لم
أألفه قبلاً، فما كان منها إلا وقالت لي : (السيدة التي أنجبتك خارج مؤسسة الزواج الشرعية
هربت إلي جهة غير معلومة والتي سألتها سؤالاً مباشراً لماذا وضعتي نفسك في هذا الموقف)؟
فلم يكن لديها إجابة، إما أنتي فلا ذنب لك سوي أن رجلاً ما اقتحم حياة من انجبتك، ومن
ساعتها كانت تلك السيدة تحاول جدياً التخلص منك، ولكن بكل أسف فشلت فشلاً ذريعاً في
إسقاطك أو أجهضك في شهورها الأولي.
وتسترسل : عموماً استمريت في إدارة حواري مع والدتي
بـ(التبني) نسبة إلي إنني دخلت في حالة نفسية سيئة جداً، وبدأ مشهد (البنت اللقيط)
يطاردني، ويأبي أن يبرح ذاكرتي قيد أنملة، المهم إنني لا ذنب لي في المستقبل الذي رسمته
بطلة القصة المجهولة، وأصبحت أواجه هذه الحقيقة التي لا يمكن إخفاءها مهما طال الزمن
أو قصر، المهم إنني أصبحت متيقنة تمام التيقن إنني إفراز طبيعي للخطأ الذي وقعت فيه
من انجبتني، الأمر الذي قادني إلي أن أدخل في دوامة التفكير العميق، والذي لم يفضي
في نهاية المطاف، إلا أن يوصلني إلي هذا الطريق المسدود، إذ لم أكن أتوقع أن تنتهي
بي الحياة علي هذا النحو الذي ظللت أؤكد في إطاره إنني كثيراً ما تمنيت الموت حتى لا
أفكر في المستقبل بعيداً عن والدي ووالدتي اللذين يفترض فيهما أن يظهرا ويمنحاني الشرعية
والهوية، خاصة وأن زوجي إشترط عليّ إثبات نسبي لكي يعيدني إلي حباله مجدداً.
وأردفت : أرى إن وجهة نظري الصائبة أن أهيئ نفسي
لمعركة في الوقع الجديد، الذي تتسم قصته بالغموض والغرابة، فكم تبنيت وعداً دفع به
هذا أو ذاك، ولكن لا حياة لمن تنادي، لذلك بدأت رحلة البحث عن مستقبلي ومستقبل علاقتي
الزوجية التي طلقت في إطارها طلقة بائنة لحين إثبات نسبي، فالآن الإحساس يغلب عليه
عدم الرضاء أو عدم الإحساس بالاطمئنان لما يمكن أن تنبئ عنه الأيام المقبلة، خاصة وأنني
لم أعد قادرة علي تحقيق المعادلة المطلوبة، فالقلق والتوتر مستمر لأن ردة الفعل لدى
كانت عنيفة، لذلك أرجو أن تجدوا لي العذر في انجرافي بكم نحو هذا التيار، وكلي ثقة
في أنكم سوف تفعلون حينما تضعون أنفسكم في مكاني بعد كل هذه السنوات التي تكتشفون من
خلالها أن الأب والأم اللذين طوقاكم بالحب والحنان ليس هما سوى من تربيتم في كنفهم
دون رابط شرعي.
وتابعت : إن المفاجأة المذهلة بالنسبة لي كضحية
هي أن اكتشف وبدون مقدمات إنني نتاج ثمرة الخطيئة التي سيطرت علي تفكيري بالهواجس
المتمثلة في من أنا وأين هو والدي ووالدتي؟؟ وهكذا تدور الأسئلة في ذهني حتى ابعد نفسي
عن الألقاب التي تطلق علي مجهولي النسب الذين يصعب دمجهم في المجتمع نسبة إلى النظرة
السالبة، وهي بلا شك نظرة رفض رغماً عن تعاطف البعض، ولكن هذا التعاطف ليس علاجاً جذرياً
لأنه وحده لا يكفي، خاصة وأن العصور والأزمان اختلفت في طرق إيجاد الحلول لها، كما
أنها تؤرق المجتمعات بصورة عامة من عصر إلي أخر، ومن مجتمع إلي أخر، وذلك نتيجة الإختلاف
والتنوع الثقافي السائد في المجتمعات عموماً، ولعل من أصعب القرارات علي الإنسان قرار
التخلص أو التخلي عن الأطفال ولو كانوا خارج نطاق الشرعية، فكيف لأم تفكر في التخلص
من طفلتها التي حملتها في أحشائها جنيناً حتي أصبح ينبض بالحركة أمام عينيها بشراً
سوياً.
ومضت : من أهم الأسباب التي ادخلنتي في هذه
الدوامة هي نظرة المجتمع السالبة، وبالمقابل كيف لهذه الفتاة أو السيدة أن تنجب طفلاً
خارج مؤسسسة الزواج الشرعي ثم تخاف من المجتمع العار ووصمة المجتمع التي تلحق بالفرد
الذي ينجب طفلاً أو طفلة مثل حالتي التي جئت فيها إلى الدنيا دون رباط شرعي تقره المعتقدات
الدينية السائدة، وتسنده الأعراف والتقاليد الاجتماعية التي تحكم الناس والمجتمع في
حركاتهم وسكناتهم، بل يمتد هذا العار ليشمل بقية أفراد الأسرة الأمر الذي يجعل الرغبة
في التخلص من الطفل قوية جداً، ويمكن أن يقوم بها أي فرد من أفراد الأسرة، وأن كان
بعيداً عن ارتكاب هذا الجرم، ولكنه في النهاية يشمله بأحكام المجتمع.
وتواصل في سرد الحكاية التي تمتاز بالغموض والغرابة
في آن واحد لقد كفاني الله سبحانه تعالى شر الإنضمام في ذلك الوقت إلى دار المايقوما
التي يصل إليها الأطفال من الجنسين بعددية كبيرة خوفاً من الوصمة المجتمع للحمل، أو
الولادة خارج رباط الزوجية والعار الذي تجلبه الفتيات والسيدات للأسر، وهي ابرز أسباب
التخلي أو التخلص عنا ويتم مجهولي الأبوين في دار الإيواء بموجب أمر من الشرطة، أو
وكالة النيابة، أو المحكمة، ويمنح الطفل، أو الطفلة منذ الوهلة الأولى للدخول (أسماً)،
كما يمنح اسم والديه الحقيقيين أن توفر، أو يمنح اسم والدين وهميين ثلاثياً، ويتم تسجيل
الأطفال في السجل العام للمواليد، ووفقاً لذلك يعطي شهادة ميلاد، أما شهادة الجنسية
والبطاقة الشخصية وجواز السفر فيتم ذلك عبر وزارة الداخلية.
وتبين : وبما إنني كنت في حاجة إلى أيادي دافئة
تحملني بين الذراعين وجدت أمي بـ(التبني) تفعل وتمد الي الأيادي البيضاء انطلاقاً من
حديث الرسول صلى الله عليه وسلم : (أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة)، ولقوله سبحانه
تعالى في كتابه العزيز : (وأما اليتيم فلا تقهر)، وذلك للحيلولة دون ضياعي كطفلة بريئة
ليس لديها ذنب في الخطأ خاصة وأن الخطأ لا يعالج بخطأ أكبر منه، وهو الشيء الذي حدا
بوالدتي بـ(التبيني) تجنبه لمعرفتها بما جري في ذلك الزمن الماضي.