درج الكثير من الشخصيات
علي أن يصنعوا لأنفسهم هالة ووضعاً (وهمياً) من حولهم، معتمدين علي إثارة موضوعات
(سطحية)، أو مناقشة قضايا فكرية عميقة بـ(جهل)، مما يدخلهم في جدل لا قبل لهم به، وكل
ما يأملون فيه هو تحقيق النجومية والشهرة (الزائفة)، بإثارة أفكار مخالفة للعادات والتقاليد
السودانية، والشواهد عليها كثيرة، أي أنهم يرغبون في أن يكونوا أشخاصاً مهمين في المجتمع،
رغماً عن أنهم أبعد من ذلك بكثير، لأنهم لا يعلمون لماذا يودون أن يصبحوا هكذا، وما
مدي الأهمية التي يرمون إليها؟.
أظن أنهم يمضون علي
ذلك الهدي، ويطرحون الموضوعات الحساسة دون معرفتهم بتأثيرها علي الناس والمجتمع، ربما
أنهم يجدون في تناولها متعة لحظية ربما يتفاجأون بعدها أنهم كانوا يحلمون ثم يصحون
منه علي وهم كبير، وبعد أن أنتجوا وكتبوا أفكاراً سالبة أفرزتها (العولمة) ووسائطها
(الفيس بوك)، (الواتساب)، (تويتر)، (انستغرام) وغيرها، مع هذا وذاك يحرصون علي استخدامها بشكل خاطئ من خلال نشر الصور
ومقاطع الفيديوهات لهم ولأطفالهم.
وأكثر ما وقفت عنده
هو ظاهرة بعض النساء اللواتي ينشرن صوراً وفيديوهات دون أن يتورعن من مغبة الانجراف
نحو ذلك التيار، الذي يلجأن في ظله لاستخدام أسماء (مستعارة)، ربما يجهلن معها أن التخفي
لن يصلح ما أفسدته الأفكار السالبة، خاصة عندما ينشرن مقاطع فيديوهات وصور شخصية خاصة
بهن وبمناسباتهن، مما يجعل خصوصيتهن منتهكة، وهكذا يفعلن اعتقاداً منهن أنهن أصبحن
شخصيات مهمة في نظر الناس والمجتمع، كما حدث بالضبط مع (لوشي)، وصاحب فكرة (محاسن كبي
حرجل)، والفنان (علي كبك)، وغيرها.
وعلي تلك الشاكلة
ظهرت بعض الشاعرات والكاتبات المصنوعات وهن يمضين علي ذلك النحو، الذي يشعرن من خلاله
بالتضخيم (الوهمي)، والإحساس (الزائف) بالنجومية والشهرة والتأثير في المجتمع، ناسين
أو متناسين أن الإبداع ليس قرص (اسبرين) يبتلعه الإنسان، فيصبح ما بين الفينة والأخرى
مبدعاً، مع عدم وجود من يبصرهم بالرأي السديد، المبعد لهم عن ذلك (الوهم)، الذي يعيشون
فيه، علماً بأن الجمهور لا يلتف حولهم، إلا إذا كانوا يقدمون لهم خدمة ثقافية أو فنية
أو مجتمعية، فلربما مشاركاتهم لا ترقي لمستوي النشر عبر الوسائط الحديثة، التي أضحت
من الوسائل المؤثرة جداً.
إن الظواهر المستفزة
تؤكد عدم الإدراك بما يمكن أن تسفر عنه الموضوعات المطروحة للرأي العام، وهي بلا شك
تجعلهم يعيشون خدعة كبيرة، ويتوهمون من خلالها النجومية والشهرة، ويظهرون في المناسبات
الخاصة والعامة، وعندما يدلفون إلي النادي أو الصالة يتفاجأون بنظرة مغايرة لما يعتقدون،
مما يسبب لهم ذلك شرخاً نفسياً قاسياً في حياتهم، وبالتالي يكونون مضطرين لمواجهة واقع
مرير، ربما يقودهم إلي الاستمرار في الفشل، مع التأكيد بأن الأشخاص الناجحين المتميزون
يلتمسون ذلك لدي التقائهم بالآخرين.
من المؤكد أن الظواهر
السالبة أفرزت حالات نفسية تحتاج إلي العلاج العاجل، لأن معظمهم يعجزون عن تحقيق ما
يصبون إليه، فيتجهون إلي الكتابة بصورة عامة، وكتابة الشعر الغنائي بصورة خاصة، وأن
كانت كلماتهم ليست كالكلمات، حيث أنهم يدفعون بها إلي من (يسمكرها) مقابل مبالغ مالية،
ويظهر ذلك بجلاء في بعض القصائد المنتشرة، فهل أمثال هؤلاء يمكن أن نصنع منهم شعراء
(مزيفين)، ربما استطاعوا الوصول إلي الفنانين بسرعة فائقة، بعد تكفلهم بمستحقات الملحن
والاستديو، بل هنالك من ذهبوا إلي أبعد من ذلك، بإنتاج النصوص الغنائية فيديو كليبات،
ولا يكتفون بل يساهمون في بثها عبر القنوات الفضائية.
المرفوض أنهم ينفقون
المال لإنتاج أعمال غنائية ربما لا تصمد كثيراً في الحركتين الثقافية والفنية، باعتبار
أنها لم تكتب بإحساس، بقدر ما أنها تمت صناعتها، وكان الأجدر بهم تحقيق النجومية والشهرة
بالصرف علي مشاريع إنسانية أهم بكثير، فهي من وجهة نظري الأحق بالإنفاق الذي ينفقونه
في (السراب)، بحيث يصرفون الأموال مرغمين، لأنهم إذا لم يفعلوا، فإن نصوصهم الغنائية
(المسمكرة) لن تري النور، وأنا أعرف عدداً منهم قام بإنتاج البومات وطبع دواوين، أليس
هذا تزييفاً للحقائق والتاريخ، الذي لن يرحم من ارتكبوا تلك الجرائم النكراء، وذلك
بإيهام بعض الأشخاص بأنهم شعراء، فاستسهلوا المسألة التي أصبحت ظاهرة من الظواهر الخطيرة.
من الملاحظ أن الظواهر
لم تتوقف علي من يملكون المال، بل امتدت حتى إلي بعض طلاب العلم، ما حدا بـ(السمكرجية)،
وضع (تسعيرة) للنصوص كل علي حسب الإمكانيات المالية، والغريب أن من بينهم من أصبحوا
أسماء تتم استضافتهم عبر الإذاعات والقنوات الفضائية، وبهذا أضحوا يتمددون في الحركتين
الثقافية والفنية، أكثر من المبدعين الحقيقيين، الأمر الذي أثار الكثير من الظنون والشكوك
حولهم، عموماً إذا استمرت الظواهر علي ما هي عليه، فإن القلق سيكون مسيطراً علي المبدعين
الحقيقيين الذين سيجدون أنفسهم خارج المنظومة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق