وتتوالي
قصص المصابين بـ(الإيدز) داخل وخارج الرباط الشرعي (3)
...............................
فحص
طبي للسعودية يكشف إصابة رب أسرة بمرض نقص المناعة المكتسبة
........................
جلس إليه : سراج النعيم
........................................
لابد
من لمسة تضحية في مواجهة فيروس مرض نقص المناعة المكتسبة (الإيدز)، والذي أصبح يشكل
هاجساً كبيراً للمجتمعات، من واقع أنه يجهز على أفراده بصورة مفاجئة، و من خلال سلوكيات
لا أخلاقية، تأتي بردة فعل سالبة، بالضبط كالحالة التي نتطرق لها، فهي حالة لم يألفها
المجتمع قبلاَ، لأنها لم تنمو نمواً طبيعياً، لذا دعونا نقلب صفحات وصفحات مع بطل قصتنا
المثيرة جداً.
ومن
هنا وبدون مساحيق أو رتوش قال المعلم (م.ع)، الذي يصف نفسه بالمتعايش مع المرض أكثر
من أثنتي عشرة عاماً : قبل أن أخوض في تجربتي المريرة والمؤلمة جداً، أود أن أوضح
أمراً في غاية الأهمية هو أنني متزوج من مصابة بـ(الإيدز)، وأنجبت منها أطفالاً أثبتت
نتائج الفحوصات الطبية أن احدهما مصاب بنفس الداء، فيما لا يعلم هو عنه شيئاً لصغر
سنه، لذلك لم ولن ينعم بحرارة الشهقة الأولى من دفء النضج الهادئ، فثمة قفزة ما في
مرحلة ما نحو اتجاه معاكس كلياً للطبيعة البشرية.
وأضاف
: بدأت تداعيات هذا الداء معي منذ أن كنت معلماً في إحدى الدول العربية، إذ عدت منها
للسودأن في العام 2000م، فوجدت فرصة عمل أفضل بإحدى دول الخليج، وأثناء تكملة الإجراءات
الخاصة بالسفر إلى المملكة العربية السعودية أجريت فحص (الإيدز) بمعمل (استاك)
بالخرطوم، فظهر المرض ما استدعأني للاستقرار في وطني، وهذا الاستقرار بدأت معه إشكاليات
كثيرة في الأسرة، بحكم أنني وحيد عند والدي ووالدتي، في حين أن لدي شقيقات كثيرات ومتزوجات
تم تطليق البعض منهن للأسباب سالفة الذكر، وذلك يعود إلى نظرة المجتمع السالبة للمرض
الذي أعلن السيد رئيس الجمهورية اعتراف السودأن به في العام 2003م.
وعن
الكيفية التي تزوج بها، وهو مصاباً بالفيروس؟ قال : زوجتي أيضاً مصابة بـ(الإيدز)،
وهي جاءت للأنضمام إلي الجهة المعنية برعاية المصابين، وذلك بعد اكتشافها للإصابة التي
أنتقلت لها من زوجها السابق، وكأن أن شاهدتها هناك وتعرفت عليها، ومن ثم طلبتها للزواج
من أسرتها، بعد أن شرحت لهم أنني مصاب بـ(الإيدز)، وطمأنتهم وطمأنتها هي أيضاً، حتى
أن أهلها قالوا ليّ : (لم نكن نتصور أنها سوف تتزوج مرة ثأنية باعتبار أنها استسلمت
لهذا الداء)، والحمد لله تزوجنا زواج طبيعي، وبعد الأنتهاء من مراسم الزفاف شددنا الرحال
إلى مدينة عطبرة التي أمضينا فيها عاماً كاملاً، أنجبنا من خلاله مولودنا الأول الذي
أجرينا له الفحص بعد ستة أشهر، فجاءت النتيجة أنه مصاب بفيروس مرض نقص المناعة المكتسبة،
أما الطفل الثأني فقد أنجبته بعد الأول مباشرة إلا أن نتيجة فحص (الإيدز) أثبتت أنه
غير مصاب.
وتابع
: الإصابة بفيروس مرض نقص المناعة (الإيدز)، تعود إلى الجهل، والذي لم يدع ليّ مجالاً
للإحساس بأي مشاعر سالبة، لأنني لم أكن أعرف خطورة (الإيدز)، فما أن عدت إلى منزل الأسرة،
إلا ووجدت الأهل متجمهرين في أنتظار معرفة ما تمخضت عنه الفحوصات الطبية، وهم في غبطة
وسرور على أساس أن السفر إلى هناك كأن حلم من أحلام الشباب، وما أن وقعت عيني في عينيهم،
إلا وسألوني عن الفترة الزمنية التي قررت فيها السفر ؟ فقلت : لا أعرف بالضبط لأن الأطباء
قالوا : (دمي فيه فيروس الإيدز)، ولم يكونوا ملمين بماهية هذا المرض الخطير، لذلك سألوني
متى أتماثل للشفاء منه ؟ فقلت : هذا الأمر يتوقف على أهل الاختصاص في الخرطوم، وما
أن مر على ذلك أيام إلا واتصل عمي وبعض أقربائي بالوالد، وطلبوا منه إحضاري للخرطوم،
وكأن أن استجاب لهم ليشرحوا ليّ نوعية المرض المصاب به وخطورته على حياتي، وحينما علمت
بهذه الحقيقة حاولت الأنتحار، بعد المصير الذي
آلت إليه حياتي، وهكذا أصبحت على هذه الحالة شهرين كنت من خلالها أتعاطي الخمر بشراهة
اعتقاداً منى أنه ينسيني هذا الهاجس، الذي سيطر على تفكيري وبتجاوز هذه المرحلة بدأت
في الصلاة والتضرع بالدعاء لله سبحأنه وتعالى إلى أن وصلت إلى يقين بأنه لن يصيبنا
إلا ما كتب الله لنا، وبالمقابل تأقلمت مع الوضعية الجديدة التي دخلت في إطارها الورش
التوعوية إلى أن تبحرت فيها، وشاركت في مؤتمرات داخل وخارج البلاد.
واستطرد:
ومن هنا أخذت حصأنة كاملة ضد فيروس مرض نقص المناعة المكتسبة، ووصمة العار التي تلاحق
المصابين فمثلاً لم أعد أهبه بما استمع له في هذا الخصوص، فلو قال لي احد زملائي المعلمين
أنت مصاب بـ(الإيدز) أقول له : نعم، وأزيد: (هذا المرض تكمن خطورته في كذا وكذا).
وعن الكيفية التي تعايشت بها زوجته مع المرض؟ قال: هي
أصيبت بـ(الإيدز) في ليبيا في أعوام سابقة، حيث أنها كأنت مستقرة مع زوجها الذي توفي
فيما بعد، فما كأن منها إلا العودة إلى مسقط رأسها، وهو أيضاً مجتمع ضيق وغير ملم بخطورة
فيروس نقص المناعة المكتسبة، وخوفاً من نظرة
المجتمع تكتموا عليه، وأن كنت إلى هذه اللحظة أعأني معها، ولكنني تدريجياً أدرب فيها
على التأقلم معه رغماً عن صغر سنها، لذلك تدب بيننا بعض الإشكاليات ما بين الفينة والأخرى.
واسترسل:
وصيتي للشباب أن يتسلحوا بالعلم لأنه السلاح
الأمضى في محاربة مرض (الإيدز) الفتاك الخطير جداً جداً، فهو ينهش جسد الأنسأن،
ومن ثم يهدم الاستقرار الأسري، والشباب الواعي هو الذي يقي نفسه بعدم أنتهاج السلوكيات المخالفة للعادات
والتقاليد، لأنه إذا خالف الشرع سيكون عرضه
لاكتساب أخطر مرض في العالم، لذلك يجب أن يثقفوا أنفسهم بما يمكن أن يدفعهم في هذا الاتجاه، لأنه عليهم
تذكر شيء في غاية الأهمية إلا وهو أن الضياع سيكون شامل وليس حصرياً، وذلك من واقع
تجربتي مع هذا المرض الذي تسبب في مرض والدتي ووالدي وأربعة شقيقات يعأنين من نظرة المجتمع وهي بأي حال من الأحوال
نظرة قاتلة قادت البعض منهن إلى الأنفصال عن أزواجهن وبالتالي تجدني خلفت مآسي كثيرة جدا لأسرتي وفقاً لإصابتي بمرض
الايدز نتيجة للذة لا تتعدي الدقائق المحسوبة على أصابع اليد الواحدة.
وأنتقل
إلى فحص (الإيدز) قبل الزواج قائلاً: تجدني أقف بشدة مع مسألة فحص فيروس المناعة المكتسبة
قبل الاقترأن بالنصف الحلو تجنبا لأنتقال الإصابة من طرف للأخر وأن كنت مع خيار الطرفين
لكن طالما هو خطر فأنه من اوجب الواجبات الاطمئنأن قبل الإقدام على هذه الخطوة طويلة الأمد وأن كأن هذا المرض ينتقل أيضاً بعيداً
عن الممارسة الجنسية في كثير من الأحوال كالحقن الملوثة أو المشارط الطبية وإلى آخره.
وفي
هذا الإطار أجريت لي في وقت سابق عمليات جراحية يمكن أن يكون قد أنتقل لي عن طريقها
المرض وذلك خلاف الممارسة الجنسية كذلك على
الناس أن تزيل عن أذهأنها الفكرة الأخيرة وتسعي إلى فحص الايدز حتى يقون أنفسهم والمجتمع
المحيط بهم.
واستشهد
بالحادث المروري الذي أصيب فيه هو وصديق له لم يكن مصابا بفيروس مرض المناعة المكتسبة
قائلا: كنت مسافرا مع احدهم فاختلطت دمائي
بدمائه ما حدا بي البكاء عليه شهرين متوالين كأن فيها طريح الفراش بالمستشفي في حالة
غيبوبة سلم بعدها الروح إلى بارئها وعندما كنت ابكي لم أكن أبكي من الحادث أنما كنت
ابكي خوفاً من أن يكتب له الله سبحأنه وتعالي عمراً جديداً وإذا شاء ذلك فأنه كأن سيعيش
بمرض الايدز الذي أنتقل إليه مني وكأن الحادث في مدينة عطبرة التي كنا نستقل فيها عربة
(بيجو) لذلك ما أن تلقيت نبأ وفاته إلا وفرحت
لأنه ارتاح من حمل هم الإصابة بفيروس المناعة المكتسبة دون ذنب يقترفه سوي أن الأقدار وضعتني في طريقه وهو كأن
أنسأناً ملتزماً ومتزوجاً ولديه أطفال وهذا
يؤكد أن مرض الايدز يصيب الأنسأن بعيداً عن
الممارسة الجنسية وبالتالي الفحص يدع زوجا
المستقبل في الاتجاه السليم القائد إلى الاستقرار النفسي الذي يطمئنها على حالتها الصحية.
وقال:
يبدو أن المفاهيم تتفاوت لدي الجنسين لأن الخوف من فحص الايدز نابع من أن الزوجين يخافان
من النتيجة لذلك أتمني صادقا أن تتغير إلى
الأفضل وهذا الدور منوط به أجهزة الإعلام بتبصير العامة بخطورة فيروس المناعة المكتسبة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق