..................................................
جلس إليهم : سراج النعيم
........................................
خرجت (الدار) بقصص مؤثرة وحزينة حول مصابي
مرض (السل)، وذلك من خلال زيارة سجلتها إلى مستشفى (ابوعنجة) للأمراض الصدرية بمدينة
أم درمان، وجاءت هذه الزيارة بعد تفشي هذا المرض في الأوساط السودانية، خاصة وأنه من
الأمراض الشائعة المؤدية في كثير من الأحيان إلي الوفاة، بالإضافة إلي أنه من الأمراض
المعدية، ويشير أطباء استطلعتهم الصحيفة إلي أن الإنسان المصاب بالسل الرئوي،
يتأثر أيضاً جراءه في أجزاء أخرى من جسده، وعادة تنتقل العدوي من المرضي إلي
الأصحاء عن طريق الهواء، الذي يساعد علي نقل رذاذ لعاب الأفراد المصابين عن طريق السعال
أو العطس، أو أي طريقة أخرى.
واصلت توغلي إلى داخل مستشفى (ابوعنجة)،
الذي أعتقدت أنه في بادئ الأمر مهجوراً، وليس فيه مرضي أو أطباء أو ممرضين أو
عاملين أو زوار، خاصة وأنني طرقت جميع ابواب المستشفي، دون أن الحظ أي حركة فيه، لدرجة
أنني فكرت جاداً في الانصراف، وفي تلك الأثناء لمحت شخصاً يمشي بصعوبة شديدة، فسألته
هل يوجد مرضى في هذه المستشفى، فقال : نعم، إلا أن العنابر بعيدة جداً من موقعك
هذا، فقلت له : هل الفنان الجنوب سوداني (شول منوت) موجوداً هنا؟ قال : نعم، ثم وصف
إلى العنابر، وقبل أن أصل إليها لمحت ذلك المريض مرة أخرى، فقلت له : أين (شول)، فأشار
إلى المكان الذي يرقد فيه، عموماً توجهت نحوه وأجريت معه الحوار الذي نشر في
الاعداد الفائته، علماً بأن المريض أنف الذكر كان مصراً علي أن يروي لي معاناته مع
(السل)، ما حدا به إنتظاري، ثم طلب مني أن أذهب معه إلى غرفته، ولم اخيب ظنه.
سألته في البداية عن اسمه وعمره؟ قال: هشام حسين ابلغ من العمر (43) عاماً
جئت إلي مستشفى (ابوعجنة) منذ العام 2010م.
هل أنت مصاب بالسل الرئوي؟ قال : لا بل مصاب بـ(السل العضمي)، الذي
أخذت في إطاره العلاج علي مدي السنوات الماضية، إلا أن الألم الذي احس به لم يبرح مكانه
قيد انمله، أي أنني لا أستطيع العيش بدون (مسكنات)، وهكذا ظللت اتناولها طوال الـ(6)
سنوات دون الإنقطاع عنها يوماً واحداً، ومازلت أفعل.
ألم يسبب لك استخدام المسكنات بهذه الكمية الكبيرة آثار جانبية؟ قال
: ادخلتني في إشكالية مرضية أخري، إذ أنها تسببت في أن أصاب بالفشل الكلوي، ولكي اتعالج
منه أحتاج إلى (17) ألف جنيه، من أجل أن أتلقي العلاج بـ(القاهرة)، حسب ما قرر لي الأطباء،
الذين اكتشفوا أن لدي تآكل في بعض الفقرات في الظهر، وأنا الآن موجود في مستشفى (ابوعنجة)
للأمراض الصدرية أنتظر الفرج من الله العلي القدير.
ما هذه الكمية الكبيرة من صناديق الأدوية التي تحتفظ بها؟ قال : كما
تشاهد بنفسك، فهي (المسكنات) التي تناولها في الفترة القليلة الماضية، فما بالك وأنا
طريح الفراش في هذا المستشفي منذ ست سنوات، هل تصدق أنني فكل خمس أو ست أشهر أرمي
بكمية مثلها في مكب (النفايات).
هل كل هذه المسكنات تمنح لك مجاناً؟ قال : لا فأنا اشتريها من
الصيدلية، والشريط الواحد منها بـ(50) جنيه، وهكذا أعيش حياتي علي مسكنات الألم
منذ ست سنوات، حتي ظهرت إشكالية مرضية أخري في منطقة (الرقبة) و(الظهر)، وفي
الإشكالية الأولي أحضرت لي طبيبة جهازاً يخفف عني الألم عند النوم أو الحركة.
هل تتحرك أم أنك تبقى في هذه الغرفة؟ قال : بكل تأكيد اتحرك من مكان
إلي أخر، وأخرج من المستشفى كثيراً، بالذهاب إلى الصيدلية ومنطقة (بانت) للجلوس مع
ستات الشاي، إلي جانب أنني أسافر في بعض الأحيان إلى مدينة (نيالا) غرب السودان،
ثم أعود إلي مستشفي أبوعنجة بالخرطوم.
من وقف معك في أزمتك المرضية هذه؟ قال : إلي الآن لا يوجد أحد، إنما طلب
مني الفنان (شول منوت) أن أصور له أوراقي واحضرها إليه عسى ولعل يأتي إليه خيراً، بعد
أن سلطت الأضواء على المستشفى منذ أن حويل إليه من ولاية سنار.
لماذا لم تتلقى العلاج في نيالا؟ قال : ﻣﺴﺘﺸﻔﻰ (ﺃﺑﻮ ﻋﻨﺠﺔ)، ﻫﻮ ﺍﻟﻤﺴﺘﺸﻔﻰ
ﺍﻟﻮﺣﻴﺪ ﺍﻟﺬﻱ يستقبل مصابي مرض السل المقاوم من جميع انحاء السودان، وتبدأ مرحلة علاجنا
فيه من الفحص، ﻭﺣﺘﻰ تشخيص الحالة وتلقي ﺍﻟﻌﻼﺝ ﻭﺇﻋﻄﺎﺀنا ﺍﻟﺪﻭﺍﺀ اللازم.
ومن القصص التي وقفت عندها قصة إحدى المريضات،
التي بدأ معها المرض بـ(كحة)، استمرت معها فترة من الزمن، دون تأبه بها، فقط كان تستخدم
لها بعض المضادات الحيوية، إلا أن حالتها الصحية ازدادت سوءا، ولم تجد حلاً سوى أن
تعرض نفسها على الطبيب المختص، وبعد اخضاعها للفحص والكشف الطبي، ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻤﻔﺎﺟﺄﺓ في
أنها ﻣﺼﺎﺑﺔ بـ(السل الرئوي)، الذي أصيبت به من خلال مداومتها علي شراء (الفول السوداني)
أحدي البائعات، التي تم إخضاعها هي أيضاً الفحص والكشف الطبي، الذي أثبت أنها ﻣﺼﺎﺑﺔ
ﺑـ(السل الرئوي)، وعندما تم سؤال بائعة الفول السوداني عما تفعله؟ قالت : عندما
تشتري علي الأكياس لتعبئة الفول تقوم بنفخها.
واستمريت في الإلتقاء ببعض المرضي،
موجهاً سؤالي الى مريض آخر، هل هذا المستشفى المتواضع من حيث الإمكانيات يوفر لكم
حياة صحية خالية من الآثار الجانبية؟ قال : كما تشاهد فالمستشفى يفتقر إلى العنابر
المؤهلة المعقمة بدرجة عالية، إلي جانب أبسط مقومات استقبال المرضي، فلا مراوح ساحبة
ولا توجد لمبات فوق الأشعة البنفسجية للقضاء (اﻟﺒﻜﺘﻴﺮﻳﺎ).. و...و...و...و.
فيما وجهت (الدار) بعض الأسئلة لأهل الإختصاص
حول ﺃﻋﺮﺍﺽ ﻣﺮﺽ ﺍﻟﺴﻞ؟ فقالوا : من أبرز علامات الإصابة بالسل الرئوي (ﻛﺤﺔ) المستمرة
لأكثر من أسبوعين، وإذا لم يجدي معها تناول الدواء، فيجب علي المصاب أن يعرض نفسه علي
ﺍﻟﻄﺒﻴﺐ المختص، للتأكد من أن كان مصاباً بـ(السل الرئوي) أم لا، حتى لا يتسبب في نقل
العدوى لمن هم أصحاء من أفراد أسرته أو زملائه في العمل أو الدراسة.
كيف تنتقل العدوى من المرضى إلى الأصحاء؟
قالوا : من خلال (ﺍﻟﺘﻔﺎﻑ)، الذي يجب أن تجري له الفحوصات ما بين الفينة والأخرى،
وإذا ثبت أن نتيجة الفحص سالبة، فإن المريض لا يحتاج إلى إعادة العلاج، خاصة وأن
إنتقال العدوى يتم عبر (ﺗﻔﺎﻑ) ﺍﻟﻤﺮﻳﺾ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺭﺽ، وهو ما ينقل العدوى للأصحاء، حينما
يأتي نحوه غبار، أو عندما يتم كنس المكان الذي تم فيه (التفاف)، لذا على مرضى السل
الرئوي أن (يبصقوا) داخل إيناء.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق