الخميس، 22 سبتمبر 2016

سراج النعيم يكتب : (ﺍﻟﺸﻬﺮﺓ ﺁﻓﺔ ﻭﻛﻞ ﻳﺮﺿﺎها )

كلما كانت دواخل الإنسان نقية ومهذبة ومشذبة فإنه بلا شك لا يأبه بالشهرة كثيراً طالما أنه موهوب ويبدع من خلالها في محيط مجتمعه أو علي نطاق أوسع من ذلك المحيط فالموهبة تؤهله للإرتقاء للمراتب العليا أما إذا كان مفتقراً للموهبة فإنه بلا شك سيدور في فراغ لا غرار له مدعياً أنه (موهوب) ولكن هو في الحقيقة ( موهوم) يستبدل ( الميم) بـ( الباء) فيصدق نفسه التي يرهقها بالبحث الدؤوب عن الشهرة بأي ثمن من الاثمان بالتالي يطل علي المتلقي إطلالة باهتة لا تضيف له سوي السخرية والتندر أي أنه بذلك الإصرار يحرث في السراب فكم من مدعي انجرف وراء ذلك التيار رغماً عن قناعاته الداخليه بانه لا يمكن أن يصبح بأي حال من الأحوال اسماً في حياتنا فالناس لا يعرفون المجاملة ولا يمنحون صكوك الشهرة مجاناً إلا لمن يستحقها لذا أنصح هؤلاء أو أولئك بأن لا يهدرون الوقت في البحث عن الشهرة بالرغم من أن الحقيقة مؤلمة ومرة جداً فالشهرة ليست قرص (اسبرين) يبتلعه الانسان فيصبح بين ليلة وضحاها مشهوراً والشهرة تستعصي علي من يصطنعون الموهبة إصطناعاً باللجوء إلي إبتكار أساليب منافية للواقع كنقل الاخبارعبر المواقع الالكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي بالضبط كما تفعل هذه المغنية بمحاولاتها اليائسة بتقليد الفنانة العربية الراحلة الأمر الذي جعل نشطاء الشبكة العنكبوتية يوجهون لها نقداً لاذعاً وساخراً فهي إنسانة بلا موهبة بلا إبداع سوي أنها تشبه الفشل بالإضافة إلي آخرين يعمدون إلي الإتجاه علي هذا النحو لإحساسهم بالدونية والتهميش ما يضطرهم إلي عرض أنفسهم بما يثير الدهشة إلا أن زمننا هذا لم يعد فيه شيئاً مدهشاً فكلما احست تلك المغنية وآخرين بالعزلة خرجوا بتصريحات أو بحوارات فطيرة يقولون من خلالها للناس نحن موجودين. وعلي من يركنون لهذا السلوك الخاطي أن يعيدوا حساباتهم بمقابلة اطباء علم النفس قبل أن يستفحل الأمر ويصبح جزءاً من تكوينهم فيصعب تداركه مع مرور الزمن للخلط الذي يحدثونه بين ( الموهبة) و( الشكل) و(السالب) و(الموجب) و(الاصل) و(الصورة) و(الجميل) و(القبيح) في درجات متفاوتة. ومن هنا تجدني أقف وقفة تأملية في حديث سيد البشرية صلي الله عليه وسلم عن الإنسان المتعلم والمحارب والثري الذين يعتقدون إعتقاداً خاطئاً أنهم علي شيﺀ في حين أنهم ليسوا علي أي شيء إلا أنهم نالوا حظاً من الشهرة الزائفة التي كان خيراً لهم منها النسيان فإنهم لا محال إلي زوال لذا الشهرة بدون موهبة تؤثر فيهم خاصة عندما يجهلهم الناس بعد أن كانوا يحتشدون حولهم ويزينون لهم الخيال حقيقة. وإذا عدنا بالتاريخ للوراء سنجد أن مسألة حب الظهور علي اكتاف الآخرين مسألة ليست حديثة بقدر ما هي قديمة ضاربة الجذور فمثلاً العالم جلال الدين السيوطي أشار في مؤلفه ( الحاوي) إلي الشهرة مدوناً : ( الخمول نعمة وكل ﻳﺄﺑﺎﻩ . ﻭﺍﻟﺸﻬﺮﺓ ﺁﻓﺔ، ﻭﻛﻞ ﻳﺮﺿﺎﻩ ) . وسبقه ابن أبي الدنيا الذي ألف كتاباً في ذات الإطار مركزاً فيه علي أقوال ومواقف الصحابة رضوان الله عليهم بالإضافة إلي التابعين في فضيلة العزلة والعزوف عن الشهرة إلا أنها لم تجد طريقها إلي أرض الواقع بالتطبيق. وحين استشار أحد معارف سفيان الثوري في أي الاماكن ينزل قال : يمر الظهران بوادي فاطمة ) ولا يعرفه العامة لذا يستطيع المرور بسهولة ويسر دون أن يوقفه عامة الناس ولكن إذا كان مشهوراً فإنه لا يستطيع بلوغ غاياته نحو مقصده نسبة إلي أن للشهرة ضريبة يدفعها المشاهير كلما التقوا بالناس في التجمعات والمناسبات لان الشهرة تفضي إلي الإعجاب وربما أدل علي ذلك بأن سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه قد هوي بالدرة علي رأس أبي كعب حين شاهد نفراً من أصحابه يمشون خلفه قائلاً له : ( ﺇﻥ ﻫﺬﺍ ﻓﺘﻨﺔ ﻟﻠﻤﺘﺒﻮﻉ ﻭﺫﻟﺔ ﻟﻠﺘﺎﺑﻊ). وعليه وقع الكثير من الناس في فخ الشهرة الذي ولد لهم الكثير من الإشكاليات والصراعات حتي مع اقرب الاقربين فضاع منهم العمر دون أن يشعروا به وحتي المشاهير الحقيقيين تأذوا من الشهرة حيث أنهم وجدوا أنفسهم مضطرين إلي مجاملة الناس الذين يلتقون بهم في الاماكن العامة إلي جانب الرد علي المكالمات الهاتفية لدرجة أن الكثير منهم عبر صراحة عن المضايقات التي يتعرضون لها ما بين الفينة والآخري.


ليست هناك تعليقات:

azsuragalnim19@gmail.com

*الدكتور أسامة عطا جبارة يشرح الإقتصاد السوداني في ظل الحرب*

..........  *تواصل شبكة (أوتار الأصيل) الإخبارية، وصحيفة العريشة الرقمية نشر الحوار الهام مع الخبير في الإقتصاد العالمي الدكتور أسامة عطا جب...