قرشي : أوصاني قبل استشهاده بابنه لهذا السبب التربوي والتعليمي
وضع الأستاذ قرشي الشيخ إدريس علي شاعر الميل أربعين ومعلم مصعب نجل الشهيد
المشير الزبير محمد صالح.. وضع أدق الأسرار التي جمعته بفقيد الأمة السودانية أبان
ما كان النائب الأول لرئيس الجمهورية كاشفاً عن إندهاشه للبساطة التي كان يتعامل
بها مع عامة الناس.. مؤكداً أن المنصب لم يزيده إلا المزيد من التواضع وحل مشاكل
الناس مهما كانت عصية.. وكان محباً للثقافة والفن بدليل أنه وقف إلي جانب الكثير
من المواهب حتي أصبحت اسماء في حياتنا وعلي رأسهم الشاعرة المتميزة روضة الحاج
وآخرين لايسع المجال لذكرهم جميعاً فإلي التفاصيل.
وقال : أنا اصلاً معلم بوزارة التربية والتعليم بولاية الخرطوم الآن منتدب
بدولة جزر القمر لتعليم مادة اللغة العربية.. من شعراء الميل أربعين.. حزت ونلت
أكثر من جائزة في مسابقة شعرية.. الأولي كانت في العيد الأول لثورة الانقاذ
الوطني.. وكانت الجائزة مادية.. والثانية كانت في ملحمة الميل أربعين.. وهي كانت
مسابقة اشترك فيها عدد كبير من شعراء السودان وفاز فيها شعراء كنت من بينهم..
ونشرت بعض القصائد في الصحف السيارة .. علي سبيل المثال رثاء في الشهيد المشير
الزبير محمد صالح.. ورثاء في زوجتي طيب الله ثراها.. ورثاء في زوجة الدكتور
عبدالمطلب الفحل.. ولي ديوان تحت الطبع بعنوان ( في محراب الحب النبوي ).
ما الذي جعلك تتجه باشعارك نحو الحركة الإسلامية؟ قال : هذا ما يمليه عليّ
واجب الوطن.. والدين.. وفي إطار ذلك ذهبت داعية إلي منطقة منقلا والاستوائية..
ودرع الوطن.. فكنت داعية علي أساس أنني أمام مسجد السلمي العتيق قبل أن أشد الرحال
من هنا إلي جزر القمر.. الآن آلت الإمامية إلي أخي اسعد في الدين.. والوطن.
هل أنت كشاعر.. ومعلم.. وإمام مسجد تؤمن بفكر الحركة الإسلامية؟ قال : نعم
منذ العام 1980م.
ماهو رأيك فيما آلت له الحركة الإسلامية؟ قال : نسأل الله العلي القدير أن
يجمع الشمل وأن يلم الشعذ.. فالخلاف هو سنة الحياة.. ولكن ينبقي أن يكون الخلاف
بآدب.. وليس فيه مغالاة
.. ولا فجور ونسأل الله سبحانه وتعالي أن يلم شمل وشعذ الأمة الإسلامية
جمعاً.. ولا أقول الحركة الإسلامية فقط.. وفي معظم أشعاري أدعو الناس للاتحاد علي
قلب واحد.. ( عشان سودانا نحقق مجدو.. يمين ويسار لله اتحدو.. لا تتعادو لا
تتعدو.. خلو الخائن نلحق حدو ).. فنحن أمة إسلامية ينبقي أن تتكاتف بكل ألوان
الطيف السياسي.. ولا أركز علي تنظيم سياسي واحد.. إنما كلنا أبناء هذا الوطن..
وعليه جاءت قصائدي دعوي للوحدة والسلام.. فأتمني قبل أن أغادر أرض السودان.. أن
أري شمل هذه الأمة قد التئم.. وجرحها قد إندمل.. وتوحد كل الصف في هذا الوطن
الحبيب الذي أوصانا عليه اجدادنا..وتظل ( جدودنا زمان وصونا علي الوطن ).. تظل
عالقة بالأذهان.. ويظل ذلك الشعر القوي المتين باقياً في مخيلة كل إنسان يحي في
هذا الوطن.. ويعشق تراب هذا الوطن.
ماهي علاقتك بالشهيد المشير الزبير محمد صالح الذي ألفت فيه رثاء عقب
استشهاده؟ قال : نعم ربطتني به علاقة من خلال أنني كنت معلماً لنجله ( مصعب )
بمدرسة العمارات المتوسطة.. وفي تلك الأثناء سجلنا له زيارة في منزله.. فنمت بيننا
العلاقة بأعتبار أنه والي أمر الطالب آنذاك الوقت مصعب الزبير محمد صالح.. كان
يتعامل معنا معاملة والي الأمر.. لا النائب الأول لرئيس الجمهورية.. يلبي
الرغبات.. ويستجيب للدعوات.. هذا ما جعل الرابط والاواصر تكون به قوية.
ما الذي التمسته في لقاءاتك بالشهيد المشير الزبير عن سائر الناس الذين
التقيتهم في ظل الحركة الإسلامية؟ قال : ما يميزه عن البقية.. هو البساطة.. وطبعه
السوداني الأصيل.. وحتي إستعماله للمفردات كان إستعمالاً عادياً لا تكلف فيه..
فكان يرتدي ذلك الزي البلدي.. غير البذة العسكرية.. وأنت تراه به فتعلم أنه فعلاً
من أهل الدار.. وهو فعلاً من أبناء السودان.. الذين ينتمون إلي هذا الوطن.
مواقف مرت بك مع الشهيد وأنت معلماً لأبنه ( مصعب )؟ قال : كان الشهيد
المشير الزبير محمد صالح يقول لنا أبني مصعب كسائر التلاميذ.. كل ما يكتب علي
التلاميذ.. أو يرسل إلي أولياء أمورهم.. يرسل الي.. دون الاعتقاد أنني نائباً أولاً
لرئيس الجمهورية.. ولكن تعاملوا معي بأنني أبا لمصعب الزبير محمد صالح.. هكذا كان
يوصينا.. هكذا كان يقول لنا.
هل كنتم تتعاملون بالوصية التي أوصاكم بها الشهيد الزبير محمد صالح؟ قال :
كنا نطبق الوصية بالتعامل مع نجله مصعب بنفس النهج الذي ننتهجه مع سائر الطلاب بمدرسة
العمارات المتوسطة.. وحتي أن لم يوصينا تلك الوصية.. فنحن لانستطيع أن نفرق بين
أبن النائب الأول للرئيس وبقية التلاميذ الذي ينتمون لذات المدرسة.. وأن دل ذلك
علي شيء فإنما يدل علي أننا نتعامل بنفس النهج الذي حثنا عليه الشهيد المشير
الزبير محمد صالح.
ما الذي توصلت له من اللقاء مع الشهيد الزبير محمد صالح؟ قال : إن يستقبلنا
في منزله بهذه البساطة.. وهو يلبس ذلك الزي البسيط المبسط السوداني.. كنا علي موعد
معه.. وتخيلنا أنه يتهيأ.. ولكن تفاجأنا بأنه بسيطاً جعله يكبر بكثير في أعيننا.
هل علاقتك بأسرته متصلة بعد إستشهاده؟ قال : العلاقة كان يجب أن تكون
متصلة.. ولكن لعملنا نحن.. وإنشغال أبننا مصعب الزبير محمد صالح ببعض المهام.. هي
لوحدها ابعدت بيننا.. خاصة وأنني منتدباً للتدريس بدولة جزر القمر.
ماذا بعد استشهاد المشير الزبير محمد صالح؟ قال : كان وقع خبر استشهاده..
وقعاً أليماً جداً.. حيث أنني بعثت برسالة إلي ابنه مصعب كتبت فيها : ( يا مصعب
سلام من قلبي ليك في المحنة.. في ذاك المصاب.. كل البلاد ممتحنة.. الخبر الآليم ذي
صاقعة جات هزتنا.. لكن الرجوع للمولي كان فطرتنا.. السودان فقد يا مصعب اغلي
كتيبة.. في شخص الزبير الفيهو عزة وطيبة.. الدمع انسكب.. والصدمة جاتنا عصيبة..
لكن الصبر مطلوب لكل مصيبة ).
ماذا عن الشاعرة روضة الحاج؟ قال : هي خنساء السودان.. لأنها استطاعت أن
تتصدر الشاعرية بما تمتلكه من عقل وقاد.. وذهن متوقد.. هي استطاعت أن تعبر
بشخصيتها.. أما اختيار الشهيد المشير الزبير محمد صالح.. فقد كان اختياراً موفقاً..
أما هي.. فهي جاءت المرأة السودانية الشاعرة الاديبة الاريبة.. التي أستطاعت أن
تقفز باسم السودان.. علي تلك القمم العربية.. وهي زميله في مجال الشعر.. ومسابقة
الميل أربعين.. ونجل لها كل إحترام وتقدير.
هل كنت الأول علي شعراء مسابقة الميل أربعين؟ قال : لا لم أكن الأول.. بل
كان أخي محمد حامد آدم من أبناء كردفان وله برنامج بعنوان ( في ظلال القرآن )
يقدمه من خلال تلفزيون السودان.. وهو أيضا من المجاهدين الذين حظيت برفقتهم إلي
شرق الآستوائية.
ومضي : جمعت كل قصائد ملحمة الميل أربعين في كتاب طبعة الطيب إبراهيم محمد
خير.. بحبه للجهاد.. وكلمات الشعر القوية الرصينة.. أستطاع أن يطبع هذا الديوان في
سوريا علي ما أعتقد.. وشاركه في ذلك الأخ فتح الرحمن الجعلي.. وهو الآن محاضراً
بجامعة أفريقيا العالمية.. وكان بفرع التوجيه المعنوي بقوات الشعب المسلحة.. وهو
أيضاً من شعراء الميل أربعين.. وكتبت في نهاية الديوان نبذة عن كل شاعر من أولئك
الشعراء.. الفائزون في مسابقة الشعر الذين كانوا عشرة.. ولا أدري كم عددهم في
القصة القصيرة.. ولكن الفائز الأول اسحق احمد فضل الله.. أما الشعراء الفائزون فهم
روضة الحاج، عبدالعظيم أكول، خالد الشقوري، احمد بابكر، محمد الأمين عليه رحمة
الله، زهير، وآخرين.
دعني انتقل بك إلي محور ثاني ماذا عنك في إطار التدريس والحركة الإسلامية؟
قال : بالنسبة للتدريس فقد عملت معلماً للغة العربية وتخرجت الآن من جامعة بخت
الرضا من بعدها معهد اللغة العربية للناطقين بغيرها.. ويقع المعهد جنوب جامعة
أفريقيا العالمية.. ومنه نلت درجة الدبلوم.. وبعدها سافرت منتدباً إلي دولة جزر
القمر.
ماهي مشاهداتك بدولة جزر القمر؟ قال : هي أن وصفتها بعين الشاعر : ( إن
أنسي.. يا جزر القمر.. لن أنسي يوما قد عبر.. لن أنسي حسناً قد ظهر.. بين الجداول
والشجر.. لن أنسي وقعك يا مطر.. عند الصباح مع السحر.. لن أنسي ماء قد هدر.. عبر
المحيط وأنتشر) .. وقد جعلت لي هذه القصيدة علاقة مع شاعر القمر الكبري.. أخي حسن
سولي.. وأصبحنا نتواصل من أجل هذه القصيدة.. وما يقوله هو في أفريقيا.. لأنه شاعر
قمر يعتز بأفريقيته.. وإنتمائه لهذه القارة السمراء.
بمن تأثرت من الشعراء؟ قال : تأثرت بالشاعر الراحل الأستاذ فراج الطيب.. لا
سيما قصيدته المربدية.. التي يتحدث فيها عن واقع الأمة العربية المرير.. حيث يقول
: ( حتي نثري وهذا الليل متكيء.. ولا دليل ولا شمس ولا قمر وإلي آخرها).. والقصيدة
طويلة وقد حفظتها كلها.
اللغة العربية ما عادت اللغة العربية بالمدارس؟ قال : هذا السؤال جميل جداً..
نعم لم تعد اللغة العربية.. هي تلك اللغة التي جاءت علي لسانها العربي المبين..
فالآن تجد أن بعض التلاميذ يخطئون في الإملاء.. والتعبير.. والنحو.. وما إلي ذلك..
وكل تلميذ نتمني له أن ينهض.. ولكن نبذل الجهد.. والجهود.. ونستطيع أن نصلح ما
يشاء الله سبحانه وتعالي إصلاحه.
من أنت؟ قال : أنا قرشي الشيخ إدريس علي من مواليد قرية آلتي ريفي.. محلية
الكاملين.. ولاية الجزيرة في العام 1960.. تلقيت المرحلة الابتدائية بألتي..
والمتوسطة بالمسيد.. والمرحلة الثانوية بمعهد ام درمان العلمي.. والجامعة جامعة
بخت الرضا.. وفوق الجامعي معهد اللغة العربية للناطقين بغيرها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق