الخرطوم : سراج النعيم
كشف الفنان الشاب محمد حسن حاج الخضر قصته مع الفنان الراحل محمود
عبدالعزيز بما في ذلك أسرار أدائهم فريضة الحج إبان ما كانوا يشغلون وظائف بإذاعة
الكوثر وقناة ساهور الفضائية.
وقال : شددنا الرحال إلي الأراضي المقدسة ﻗﺒﻞ ﺳﻨﻮﺍﺕ من تاريخه وبعد أن
نادنا منادي الحجيج ونحن بحمدالله لبينا ذلك النداء من خلال التسهيل الذي حظينا به
بفضل من الله سبحانه وتعالي أولاً ثم إذاعة الكوثر وقناة (ساهور) وكان الحوت في
تلك الأثناء مستمتعاً بصحبة سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم حيث تم إنزالنا بفندق
بالمدينة المنورة مجاورين للحرم النبوي الشريف الذي لحقنا فيه شقيق الفنان عصام
محمد النور الذي تم قتله مؤخراً بالمملكة العربية السعودية التي أصدرت سلطاتها
حكماً يقضي بالقصاص من الجاني السعودي الجنسية عموماً عشت وعاش الحوت وبقية أفراد
البعثة في أجواء فرايحية ونحن نؤدي مناسك الحج مرتدين ثياب الإحرام ونردد جميعاً
لبيك اللهم لبيك ﻟﺒﻴﻚ ﻻ ﺷﺮﻳﻚ ﻟﻚ ﻟﺒﻴﻚ، ﺇﻥ ﺍﻟﺤﻤﺪ ﻭﺍﻟﻨﻌﻤﺔ ﻟﻚ ﻭﺍﻟﻤﻠﻚ، ﻻ ﺷﺮﻳﻚ ﻟﻚ تخيل
الحوت وهو يردد ذلك بصوته الذي كان مميزاً عن جميع الأصوات.
وأشار إلي أنه كان قريباً من الحوت طوال أيام الحج قائلاً : الراحل محمود
عبدالعزيز كان ينظر بمحبة كبيرة إلي بيت الله الحرام وهو يقول : يا الله ما أجمل
هذا المشهد مشيراً إلي ﺃﻣﻮﺝ البشرية المتلاطمة التي رغماً عن اختلاف لغاتها
ولهجاتها وسحناتها تداعت من كل بقاع الدنيا ﻷﺩﺍﺀ ﻓﺮﻳﻀﺘﻪ فذلك المشهد الرائع الذي
امتلأت علي أثره مآقي الحوت بالدموع وكنت أشاهد وجهه يكسوه الرضاء التام بما وصل
إليه وهو الرضاء الذي كان يكسو معه كل الوجوه وحينما كنا نفرغ من أداء الفريضة كان
الحوت يبقي في الحرم فقلت له هيا بنا إلي الفندق فقال : يا محمد لا سأبقي لأنني قد
لا أشاهد هذا المنظر مرة آخري لذلك دعني أتأمل وأعود بالذاكرة إلي ميلاد سيد
البشرية ومن انطلاق دعوته.
واسترسل : وعندما كنا نطوف بين الصفاء والمروة وكنا محظوظين كون أن الفندق
الذي نقيم فيه بالقرب من الحرم الشريف والروضة الشريفة ما جعلنا نؤدي صلواتنا
جميعاً في الحرم النبوي والإكثار من زيارة سيد البشرية عليه أفضل الصلوات وأتم
التسليم وكان الراحل محمود عبدالعزيز حريصاً علي أن يصلي علي جثامين من انتقلوا
إلي الرفيق الأعلى فأحسست أنه لم يكن يود أن يفوت أية دقيقة للصلاة والتأمل وزيارة
ﺁﻝ ﺍﻟﺒﻴﺖ ﻭﺻﺤﺎﺑﺔ سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم
ومنذ أن وطأة أقدامنا الأراضي المقدسة ولا سيرة للحوت سوي أنه يرغب في أن
يشرب من ماء زمزم ولم يكتف بذلك بل كان يسابق الزمن بالبقاء لأطول فترة ﺑﺎﻟﺤﺠﺮﺓ ﺍﻟﺸﺮﻳﻔﺔ
وعندما كنا نطلب منه المجيء لتناول وجبة من الوجبات يرفض ويقول : لا أحس برغبة
لتناول الطعام الذي ظللت أتناوله منذ ميلادي وإلي الآن فماذا جنيت دعوني فروحي في
هذا المكان تعانق روح الحبيب صلي الله عليه وسلم وما أن ينتهي من تلك الكلمات
المعبرات إلا وتفيض عينيه بالدموع مدراراً ثم يمسح تلك الدموع وهو يقول : إني أجد
هنا ﺭﺍﺣﺔ لن أجدها في أي مكان وكان يظل كما يشاء علماً بأن السلطات السعودية تمنع
منعاً باتاً الحجاج من التواجد بعد أداء الفرائض إلا أنهم كانوا لا يمنعون الحوت.
أما المشهد الثاني فكان يتمثل في أن الفنان الراحل محمود عبدالعزيز قد
أختفي عن أنظارنا و اكتشفنا فيما بعد أن البعض من أصدقائه قد اصطحبوه معهم وعندما توجهنا
للوقوف بعرفة شاهدنا الراحل محمود عبدالعزيز
في العصر ضاحكاً وهو يتأهب لصعود جبل عرفة ملوحاً لنا بيديه في تعبير عن فرحته
الكبيرة بما حققه في حياته كما أننا قمنا بزيارة مقابر صحابة الرسول صلي الله عليه
وسلم.
واسترسل : وكانت الحجة مع الراحل محمود عبدالعزيز في العام 2008م بالإضافة
إلي عصام محمد نور، وليد زاكي الدين، خالد الصحافة، التجاني حاج موسي، عثمان النو،
يوسف القديل وكان من المفترض أن يكون معنا الراحل نادر خضر ولكن صادف سفرنا إجراء
العملية له في يده بألمانيا المهم أنني أذكر في الأيام الأولي بالمدينة المنورة
بالفندق المطل علي الحرم النبوي الشريف أننا كنا نداوم علي الصلوات الخمس في
المسجد النبوي وأتذكر في يوم من الأيام نزلنا من الفندق لأداء صلاة المغرب وصادف
أن كان المسجد مليء بالحجاج فصليت في باحته وعندما سلمت وجدت الفنان الراحل محمود
عبدالعزيز علي يميني فسلمت عليه وعدت إلي الفندق للراحة ثم أتيت لأداء صلاة العشاء
فوجدت الحوت يجلس في نفس المكان الذي تركته عليه وقت صلاة المغرب فقلت : يا محمود
أنت قاعد هنا من صلاة المغرب ما مشيت الفندق لكي ترتاح.. قال : أمشي وين يا محمد
نحن غداً سنتوجه إلي جدة منظر زي منظر القبة الخضراء ألقاه وين؟ حتى أنه في تلك
الأثناء كان هنالك اتصالاً هاتفياً بينه وأخونا المنتج الفني بشيرالسناري الذي كان
يقول للحوت : أمانة عليك يا محمود أن تدعو لي وكان أن استجاب له بتحقيق رغبته.
ومضي : ومن الدلائل التي تؤكد تأثير الحوت في الناس أنه كان فاعلاً في
المهرجانات التي تقيمها إذاعة الكوثر في المدن السودانية المختلفة وفي مدينة
الأبيض وكان المشاركين مجموعة من الفنانين من بيننا محمود عبدالعزيز وفي المساء
تحركنا بالبص إلي إستاد الأبيض فلم نجد طريقة لدخوله نسبة إلي العددية الكبيرة من
الجماهير وبعد عناء شديد وصلنا إلي المسرح المعد وسط ملعب كرة القدم وكان من بين
الحضور والي ولاية شمال كردفان وحكومته وبعد لحظات من دخولنا الإستاد حدث هرج وسط
الجماهير للدرجة التي لم تستطع الجهات المختصة التحكم في تلك الفوضى فما كان من
الفنان الراحل محمود عبدالعزيز إلا وينهض من مكانه إلي المسرح وطلب من فني الساون
تشغيله فمسك المايكروفون وقال : يا جماعة.. (يا جماعة صلوا علي النبي) فردد الناس
جميعاً : ( صلي الله عليه وسلم ) ثم جلسوا علي الأرض وكأن شيئاً لم يكن.
وحول أول مرة قابل فيها الحوت؟ قال : كان في مطلع التسعينات من القرن
الماضي حيث كنا معاً في فرقة ( المواهب الغنائية ) باعتبار أنه من المؤسسين للفرقة
وكنا نلتقي في شارع الإذاعة السودانية ودائماً ما نتناول وجبة الإفطار بها وآنذاك
الوقت شاركنا بابريت وطني كبير بعنوان ( انتباه ) ويتألف من مجموعة من المصطلحات
العسكرية التي تفصح في مضمونها عن قوات الشعب المسلحة وكان أن قدمناه في قاعة
الصداقة بالخرطوم في عيد ثورة الإنقاذ الوطني الثالث وبعد ذلك اندمجنا في الوسط
الفني والتقينا في الكثير من المحافل وامتدت تلك العلاقة إلي المحيط الأسري ولدينا
عدداً من المواقف التي كنت أقول في إطارها للحوت : ( يا شيخي ) فكان يرد علي ضاحكاً
: ( بطل دجل يا محمد ) وكان كلما التقيت به يتم بيني وبينه نفس السيناريو.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق