السبت، 16 نوفمبر 2013

ﺍﻟﺼﻤﺖ قبل وبعد ﺍﻟﺮﺣﻴﻞ !

الخرطوم : سراج النعيم

من الإشكاليات الواجب مناقشتها علي صعيد كل المجتمعات عدم التوثيق للأحداث الدائرة في محيطنا الخاص والعام ولا يتوقف الأمر عند سائر الناس إنما الأغلبية العظمي من المفكرين والكتاب والشعراء وﺍﻷﺩﺑﺎﺀ ﻭﺍﻟﻌﻈﻤﺎﺀ لم يوثقوا لحياتهم بشقيها فإذا عدنا إلي سيرتهم جميعاً نجد أنهم ﺁﺛﺮﻭﺍ ﺍﻟﺼﻤﺖ في الوقت الذي كان يفترض فيهم التوثيق لتجاربهم عبر الوسائط الإعلامية حتي تستفيد منها الأجيال المتعاقبة جيلاً تلو الآخر للاستفادة من أفكارهم وذكرياتهم وهي دون أدني شك جديرة بأن يحفظها عامة الناس عن ظهر قلب لما تحمله بين طياتها من مواعظ وعبر ومواقف وحكم بشقيها الإبداعي والإنساني وذلك من واقع أنهم ادوا أدواراً مميزة قبل أن يرحلوا إلي الفانية في صمت ثم يمارس المقربين منهم ذات الفعل جهلاً باهمية الحركة التوثيقية.
وفي ظل ذلك جال بخاطري بعضاً من الأسئلة التي تصب رأساً في ذات الاتجاه الذي اتطرق له هل عمد كل هؤلاء إلي الصمت حتي الرحيل وهل مارس المقربين منهم نفس الفعل بعد رحليهم وهل كل هؤلاء علي قناعة بعدم جدوي رواية تلك التجارب التي مروا بها في حياتهم علي الصعيدين الخاص والعام أم أنهم بخلوا علينا بما نفتقده من تجارب نحن احوج إليها في وقتنا الحاضر أم أنهم دخلوا في حالة إحباط جراء انصرام الحياة أمامهم مع مرور السنوات دون أن يحققوا ما يصبون إليه في الحياة علي المستويين وبالتالي ربما ظنوا أنه لا دافع لهم في واقع يركن إلي عدم تقييمهم التقييم المستحق أدبياً ومالياً ما جعلهم يرون في الصمت خيراً أوهرباً من ذلك الواقع المرير الذي لانجاة منه فهو سبيل الأولين والآخرين ومهما حاولوا الهرب فأنه ملاقيهم وبما أن الأمر يمضي علي هذا الهدي فأنني أرجو أن يجد الجانب التوثيقي الإهتمام وأن تسعي الأجهزة الإعلامية لمن هم أحياء حتي نوثق لتجاربهم.
لأنني كلما توفي مفكراً أو مبدعاً في الحركتين الثقافية والفنية أو من مشاهير المجتمع أجد أن التوثيق له لم يكن بالصورة المطلوبة التي نجد علي ضوءها مادة تعرف بهم وبما انتجوه من فكر وإبداع قبل الإنتقال إلي الدنيا الآخره وأبرز النجوم الذين أفتقدنا لهم المادة التوثيقية الفنان الراحل مصطفي سيداحمد الذي لم توجد له تسجيلات إلا في بعض البرامج الإذاعية والتلفزيونية التي لم تكن بقدر الإبداع الذي قدمه في حياته ضف إليه آخرين عاشوا حياتهم ملء السمع والبصر بخلقهم مدارس فنية خالدة في وجدان الشعب وبل فيهم من فرضوا أنفسهم علي الوسائط الإعلامية من خلال الجماهير العريضة التي التفت حولهم وأكسبتهم أرضية قوية بالغناء في بيوتات الاعراس والمنتديات والجامعات وإلي آخره حتي أنهم توغلوا في عالم الثقافة والفن والإبداع ولم يكتفوا بالمحلية إنما شدوا الرحال للعديد من دول العالم لإيصال صوت السودان ومن بينهم العملاق محمد وردي الذي أنتزع لقب ( فنان إفريقيا الأول ) ليصبح سفير الأغنية السودانية في المحيط الإفريقي والراحل سيد خليفة سفيرنا لدي الدول العربية والدكتور عبدالقادر سالم سفيرنا لدي الدول الأوروبية وفي مجال الشعر هنالك الشاعرة المميزة روضة الحاج والفيتوري والهادي آدم وفي الأدب الأديب العالمي الراحل الطيب صالح وغيرهم فأين الحركة التوثيقية من هذا الإبداع المتدفق الذي لم يحظي بالإهتمام الذي يفترض فمعظمهم جاءوا للدنيا وإبدعوا ثم رحلوا في صمت فإلي متي نتركهم يمارسون هذا الفعل باستثناء برنامج ( اسماء في حياتنا ) الذي يعده ويقدمه الإعلامي المخضرم عمر الجزلي عبر تلفزيون السودان وهو من البرامج المميزة فيما نطرق وإذا كانت قناة ( انغام) ذكية فالتلتقط زمام المبادرة ببث البرنامج سهرة ثابته في خارطتها البرامجية خاصة وأنه استطاع أن يخرج الكثير من الفنانين والشعراء والأدباء ومشاهير المجتمع من صمتهم وهو يحتوي علي مادة جديرة بإعادة بثها للمتلقي فهي أفضل من المادة التي تقدمها القناة في الوقت الحاضر.
ومن هنا لابد من الوقوف بتأمل في مسألة إلتزام الصمت المهيب الذي لايعبأ في ظله من أشرت لهم بالصخب الذي يتركونه خلفهم بعد الرحيل فالفلاسفة والأدباء والشعراء والمفكرين يكون همهم الأكبر قبل الانتقال من الدنيا أن يتربي أبنائهم علي القيم والاخلاق الفاضلة ولكن هنالك قلة حادت عن هذا الخط الصارم بالإبداعات التي ارشفها لهم المعجبين والاصدقاء توثيقاً لما جادت به قرائحهم من حكم وأفكار وأشعار وقصص وأبرزهم سيبويه الذي ذاع صيته في العلم النحوي.
آخر الدلتا
وهنالك من قال ﺷﻌﺮاً في الأمل فمات ﺍﻟﻤﺆﻣﻞ ﻗﺒﻞ ﺍﻷﻣﻞ ...
ﻭﺍﺧﺘﺰﻝ ﺣﻜﻴﻢ ﺍﻟﻌﺮﺏ الفكرة في الآتي : ﺇﺫ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﺄﺧﺬﻭﻥ ﺍﻟﻤﻮﺗﻰ، ﻭﻳﻀﻌﻮﻧﻬﻢ ﻓﻲ ﺃﻋﻠﻰ ﻗﻤﺔ ﺟﺒﻞ ﻋﻨﺪﻫﻢ، ﻭﻳﺴﻤﻮﻧﻪ ﺑﺮﺝ ﺍﻟﺼﻤﺖ، ﻭﺫﻟﻚ ﻻﻋﺘﻘﺎﺩﻫﻢ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﺠﺴﺪ ﻧﺠﺲ ﻭﻳﺠﺐ ﻋﺪﻡ ﻭﺿﻌﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺭﺽ.

ليست هناك تعليقات:

azsuragalnim19@gmail.com

*الدكتور أسامة عطا جبارة يشرح الإقتصاد السوداني في ظل الحرب*

..........  *تواصل شبكة (أوتار الأصيل) الإخبارية، وصحيفة العريشة الرقمية نشر الحوار الهام مع الخبير في الإقتصاد العالمي الدكتور أسامة عطا جب...