الخرطوم : سراج النعيم
الواقع الذي يشهده العالم بصورة عامة واقع مذري جدا تبثه القنوات الفضائية
الإخبارية العربية مثلا الجزيرة والعربية والأجنبية الناطقة باللغة العربية فهي
جميعها تعكس صورة مغايرة للواقع الذي نعيش فيه ما يجعلنا نعتصر القلب حزنا ويحاصرنا
من كل الجوانب للزيف الذي تزيف به الحقائق
فالقنوات الفضائية التي أتحدث عنها قنوات لديها أجندة وموجهات وسياسة
تحريرية محددة لا تخرج من سياقها قيد أنملة فهي تصور العالم العربي والإسلامي علي
أساس أنه في صراع دائم لا نهاية له ولا تحتفي بالأخبار السارة لإنسانه مهما كانت
المحفزات فمن الملاحظ أن الخطاب الإعلامي لتلك القنوات يمضي وفقا لخارطة طريق
مرسومة في سياستها التحريرية وعلي سبيل المثال فقنواتنا العربية بكل أسف تبث
للعالم الغربي صورة مغايرة لصورتها التي تبثها للعالم العربي ففي الأولي تؤكد أن
العالم العربي والإسلامي يرزح تحت وطأة الويلات والحروب والاحتجاجات ضد الحكومات
والكوارث والأمراض المختلفة راسمه بهذه السياسة وضعاً مأساوياً بكل ما تحمل هذه
الكلمة من معني كما أنها تؤكد أن هنالك تشريداً ويضربون مثلا علي ذلك بما يجري في
سوريا ومصر وليبيا وغيرها من الدول العربية والإسلامية.
مما لاشك فيه أن هنالك بعض الإشكاليات التي تعتري العالم العربي والإسلامي
وهي بأي حال من الأحوال إشكاليات لا يخلو منها العالم قاطبة وهو عالما ملئ بالشتات
والفرقة والانقسامات والانشقاقات كالذي جري في الولايات المتحدة الأمريكية بين
الديمقراطيين والجمهوريين حول مستقبل الاقتصاد في تلك الدولة العظمي التي لو سحب
منها المستثمرون العرب استثماراتهم لكان انهارت تماما ولكن رغما عن ذلك يتم توظيف
الأموال المودعة في البنوك الأمريكية لبث الانشقاقات بين أبناء الوطن العربي
والإسلامي.
وتبقي القنوات الفضائية الإخبارية تتعامل مع الأحداث بمثل ما يتعامل معها
المجتمع الدولي بانتقائية وتمييز وهذا التمييز نابع من مصالح لا تخرج من النطاق
الذاتي الذي جعل الإنسان مصنفا في درجات مختلفة فمواطن الدول العظمي في المرتبة
الأولي ثم يتوالي الترتيب علي حسب قوة الدولة المنتمي لها المواطن ويبدو ذلك جليا
في الجواز الأمريكي وهم يسعون إلي الحياة برفاهية لا تتوقف في حدودهم فقط بل
يعملون إلي أن يرفهوا حتى عن حيواناتهم ولو كان ذلك علي حساب الآخر واعني بالآخر
إنسان الوطن العربي والإسلامي الذي يأمل فيه بأن يعيش حياته في أمن وأمان بعيداً
عن التدخلات التي تتم من الدول الغربية في الشأن الداخلي ما يدل علي أن تلك الدول
الأمريكية والغربية التي لا هم لها سوي أن تؤجج عالمنا.
نعم هنالك أحداث دائرة هنا وهناك ولكن القنوات الفضائية الإخبارية تصورها
علي أساس أن الحكومات تسفك الدماء ويبدو أن إحصائيات القنوات الفضائية الإخبارية
حاضرة في أجندتها مستفيدين من أن الفضاء أصبح بلا رقيب ما يعني أنها معدة مسبقا من
حيث السياق والمضمون الذي جعل أبناء الوطن العربي والإسلامي يلتمسون ذلك من خلال
المقارنة بين ما يبث وما يعيشونه علي أرض الواقع الذي يتم تصويره بما يصبون إليه
وليس نقل الحقائق الملموسة في هذه الدولة أو تلك الشيء الذي أفرز في دواخلنا حزنا
عميقا وكيف لا نحزن ونحن نشاهد صوراً مفبركة وتقارير لا تمت لواقعنا بصلة علماً
بأن ما يحدث في المحيط العربي والإسلامي يحدث بشكل أو بآخر في العالم بصورة عامة
ولكن التناول والطرح يختلف من عالم إلي آخر لذلك لا نرضي بمثل هذا التناول والطرح
الذي فيه تجاوز واضح وضحك علي عقول المشاهدين فإذا نظرنا بمنظار فاحص سنجد أننا
مستهدفين علي كافة المستويات والأصعدة حتى يحققون أجندتهم الخفية والظاهرة ومع هذا
وذاك تتقاذفنا رياح التغيير الذي أحدثته الثورة التكنولوجية التي وقع في فخ
سوالبها الكثير من النشء والشباب من الجنسين الأمر الذي ضيعهم بالوقوع في براثن
آثمة بداوعي المواكبة والتطور فالغالبية العظمي منهم حائرة بين نيران القنوات
الفضائية الإخبارية ومواقع التواصل الاجتماعي وبين مطرقة العطالة وسندان الانجراف
وراء تيار الفراغ ما جعل الثقافات والأفكار التي يتم بثها عبر القنوات الفضائية
الموجهة خصيصا للعالم العربي والإسلامي ومواقع التواصل الاجتماعي التي تبث
الثقافات والأفكار الضالة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق