الأربعاء، 30 أكتوبر 2013

اللواء شرطة ( م ) عبدالرحيم يكشف أشهر القضايا التي حقق فيها ( 2 )



اتهمت بقتل الحرس الخاص للنائب الأول للرئيس النميري

الخرطوم : سراج النعيم

يواصل اللواء شرطة ( م ) عبدالرحيم أحمد عبدالرحيم الفكي عرض أشهر القضايا التي تولي التحري فيها طوال فترة خدمته الشرطية.
وقال : استمريت في عملي الأمني والبحثي بأقسام الشرطة المختلفة ضابط أمن ومباحث بالسكة حديد التي تعرضت فيها إلي أتهامي بقتل مواطن من واقع أن قطارات نيالا وبابنوسة وواو كانت تحدث بها بعض الإشكاليات والشئ الذي يحدث دائما أن الركاب يأتون إلي هذه القطارات بعددية كبيرة جدا ويدخلون إلي داخل ورش السكة حديد والعاملين في الورش يرفضون صيانة العربات التي بها ركاب نسبة إلي أن ذلك الفعل فيه خطورة عليهم لحظة تجميع العربات لكي لا يتحملون مسئولية الركاب حيث يقومون بتحميلها للشرطة لكي تخلي الركاب من العربات التي داخل الورشة فاذكر أنه تلقيت اتصالاً هاتفياً في الواحدة صباحاً من شرطة السكة حديد يشيرون فيه إلي أنهم تلقوا إشارة من الكنترول تفيد بأن القطار المتجه إلي مدينة نيالا مطلوب أن يتم إخلاءه فأرسلت لي عربة آنذاك الوقت في المنزل وبالفعل تحركت بها إلي هناك ومعي أفراد من الشرطة العسكرية بالنسبة لجنود القوات المسلحة وكان أن أخلينا ورشة السكة حديد وفي بوابة الورشة كان يقف معي بعض المهندسين والفنيين في السكة حديد وأثناء ذلك شاهدت مواطن في مواجهتي علي أمتار مني حتى أن احد المهندسين علق قائلا لماذا يقف هذا الشخص في هذا المكان الأمر الذي استدعاني إلي أن أتدخل وأسأله لماذا يقف هنا؟ وقلت له يا أخينا أذهب من هنا فقال لي سوف أذهب وكررت له العبارة عدة مرات وهو يقول سأذهب رغماً عن أنه كان يقف في مكانه فما كان مني إلا أن توجهت ناحيته وقمت بإمساكه من يده وقلت له يا أخي أنت ما تمشي ثم بدأت في إخراجه من حرم ورشة السكة حديد وأثناء ذلك أصبح جسم الشخص المعني يثقل تدريجياً إلي أن سقط علي الأرض وكنت أنا ممسكا بيده فشاهد ذلك المنظر مواطنين كانوا علي مقربة منا وظلوا يقولون (قتلو قتلو قتلو) فيما جاء نحوي المهندسين وقالوا لي ماذا حدث؟ فقلت لهم : إن هذا الشخص ثقل جسده ثم رجف فسقط علي الأرض وأردفت وانتم شهوداً علي هذا المشهد وهو الآن سقط علي الأرض وقد يكون توفي إلي رحمة مولاه لكن نحن سنتخذ إجراءاتنا القانونية اللازمة في هذه الواقعة التي ارضي فيها بقضاء الله وقدره وعلي ضوء ذلك أحضرت عدداً من رجال الشرطة الذين يتبعون لنا في شرطة السكة حديد وقام المتحري بالإجراءات القانونية الخاصة بمسرح الحادث ومن ثم أحضرنا عربة بشكل سريع ونقلناه إلي المستشفي التي قال فيها الطبيب المختص أن هذا الشخص توفي منذ خمسة دقائق بعد وصوله إلينا الأمر الذي حدا بنا نقل الجثمان إلي مشرحة الطب الشرعي بالخرطوم من أجل التشريح وتحديد سبب الوفاة فيما اتصلت أنا برئيس قسم الشرطة وأبلغته بما جري وأنني في طريقي لقسم شرطة الخرطوم شمال فما كان منه إلا وقال لي هذه القضية عادية جدا وفي إمكانك أن تواصل عملك بشكل طبيعي جداً
فقلت له : في مثل هذه الظروف أفضل البقاء في قسم الشرطة حيث قمت بوضع نفسي في الإيقاف لحين ظهور نتيجة التشريح وأن تمضي الإجراءات في مسارها حتى لا يقول الناس أن القاتل غير موجود في قسم الشرطة المهم أنني بقيت في القسم منتظراً وصادف ذلك الانتظار وجود إضراب في مشرحة الطب الشرعي ما أدي إلي توقف العمل في المشرحة ثلاثة أو أربعة أيام من تاريخه وفي اليوم الثالث من الحادثة وحوالي الساعة الخامسة مساء جاء وفد عسكري برئاسة ضابط برتبة اللواء يرافقه عدد من الضباط التابعين إلي قوات الشعب المسلحة وكان سؤالهم عبارة عن اتهام من الذي قتل العسكري؟ فقلت للواء أنا يا سعادتك فقال لي أنت فقلت نعم لكن تفضل إلي المكتب لكي اروي لك تفاصيل ما حدث إذا كان عن طريقي أو عن طريق المتحري ولكن أنا المتهم في هذه القضية وتم إلقاء القبض عليّ في الحراسة وما أشرت به إليهم أدخل فيهم اليقين بأن الإجراءات تمضي بصورة سليمة واتضح لي أن المتوفى يتبع لقوات الشعب المسلحة التي من خلالها يقوم بحراسة شخصية هامة في الدولة وهو حرس لنائب رئيس الجمهورية الراحل جعفر محمد النميري وهي كانت المعلومة الأولية التي تحصلت عليها كما اتضح أنه طالب في جامعة النيلين وكان الفترة التي جاء فيها إلي السكة حديد كان الغرض منها تسفير بعض أهله رغما عن أنه كان آنذاك الوقت ممتحن المهم أنه حينما وصلنا مرحلة التشريح تم تشكيل لجنة طبية وعلي خلفية ما أدليت به للضباط التابعين لقوات الشعبة المسلحة تم إبلاغ النائب الأول لرئيس الجمهورية والذي بدوره وجه بأن يعقد كونسلت طبي يعقد في مثل هذه الوفيات وفي مثل هذه الحالة التي أواجه فيها الاتهام وكان أن تم تشكيله وعندما بدأ مباشرة عمله اشترط إحضاري كمتهم في القضية وكان أن ذهبت إليهم في المشرحة وكان الموقف بالنسبة لي صعب جدا لأن تشريح الجثمان لا يحتمل سوي قرارين أما أن يكون القرار لصالحي أو ضدي وكنت لحظة التشريح أتصبب عرقا فيما كان الأطباء يوجهون لي عدداً من الأسئلة مثلا كيف كنت تمسك بالمتوفى وأين كنت أنت تقف وبالمقابل أين كان هو يقف وهل أنت ضربته أم لا وإلي آخره ومن ثم فتش الفريق الطبي الجثة من الرأس إلي أخمص القدمين ثم بدءوا في فتح منطقة الرأس والرقبة والصدر والبطن وعندما وصلوا منطقة البطن وبدءوا يبحثون داخلها فالتفت إليّ احد الأطباء وهو دكتور عبدالمطلب أخصائي التشريح مبتسما وقال لي حمدلله علي السلامة يا جنابو حينها تنفست الصعداء وبدأت أتنفس بشكل طبيعي وكان أن وجد باودر عبارة عن حبوب مهضومة في المعدة فقام الطبيب باستخراجها وفركها بيديه ثم تناقشوا في إطارها مع بعضهم البعض وكان في خارج المشرحة يوجد أهل المتوفى فأرسلوا في طلب احدهم ووجهوا له سؤالا في خصوص الحبوب؟ فقال لهم فعلا كان يتعاطي الحبوب لأنه داخل علي امتحانات في الصف الثالث الجامعي كلية التجارة بجامعة النيلين وكان يستخدم الحبوب المنشطة وكان أن تم إرسال أفراد إلي غرفته وتم إحضار الحبوب المعنية وأخذوا عينة منها وعينة من التي تم العثور عليها في المعدة وعندما تم إخضاعها للفحص جاءت النتيجة أنها نفس الحبوب التي تم العثور عليها في معدة المتوفى وعلي ضوء ذلك كان القرار الطبي أن الحبوب المنشطة أحدثت له هبوطا مفاجئا وحادا في الدورة الدموية ما أدي إلي توقف نبضات القلب وهو كان السبب الذي نتجت عنه الوفاة ولم يكن هنالك أذي أو ضرب علي الجثة وهي واحدة من القضايا التي استفدت منها في عملي اللاحق في الجنايات أن لا يقوم ضابط شرطة أو متحري أو أي شرطي بالاعتداء علي مواطن أو متهم لأنها في النهاية تعود عليه هو بالضرر فإذا سبب الأذى أو ضرب متهم فإنه يدخل تحت طائلة القانون.
جرائم السرقات الغامضة
وأضاف : واصلت عملي في شرطة السكة حديد التي استفدت منها كثيرا بالذات في جانب كتابة التقارير الأمنية والجنائية والتحريات والجوانب الفنية المختلفة ومن شرطة السكة حديد نقلت إلي شرطة ولاية الخرطوم للمرة الثانية برئاسة شرطة محلية الخرطوم وكنت ضابط وقتئذ برتبة النقيب شرطة مسئولاً عن مكتب المباحث و إعداد التقرير الجنائي اليومي الخاص بالجرائم المختلفة وأيضا عن إعداد التقارير الأمنية بحكم التجربة التي اكتسبتها في الشرطة وكنت اخرج علي رأس الاتيام المختلفة مشرفا علي عملها ولكنني لم ابق فيها فترة طويلة وأغرب الجرائم التي مرت عليّ في تلك الفترة أننا تم تكليفنا بعمل تيم بحثي عن جرائم السرقات الغامضة خاصة الليلية وفي هذا السياق مر عليّ بلاغ من هذا النوع وتدور وقائعه حول أن صائغا تمت سرقته بمنطقة الكلاكلة والغريب في البلاغ أن شرطة الكلاكلة فتحت بلاغاً وألقت القبض علي عدد من المتهمين من بينهم ثلاثة هم المتهمين بالسرقة وامرأة معنية باستلام المال المسروق وعندما ظهرنا نحن في البلاغ القينا القبض علي متهمين بطرفهما كميات كبيرة من المصوغات الذهبية المسروقة وأثناء ما نحن نعمل في هذا البلاغ فجأة تداخل معنا بلاغ الكلاكلة فكان أن قمنا باستدعاء المبلغ لكي يتعرف علي الذهب الذي ضبطناه وكان أن تعرف علي كمية كبيرة منه وعندما بدأنا التحري في بلاغ صائغ الذهب اتضح أنه تتم محاكمتهم في المحكمة وهم ليسوا نفس المتهمين الذين ارتكبوا جريمة السرقة وكان أن قمنا بالتحري مع متهم من المتهمين قام بإرشادنا علي بقية المتهمين الذين احضروا له الذهب الخاص بالتاجر وكان أن القينا القبض عليهم حيث اعترفوا بتفاصيل الجريمة حتى أنهم ارشدوا علي المنزل الذي سرقوا منه ومكان وجود المصوغات الذهبية وأخذنا اعترافاتهم وذهبنا بها إلي القاضي الذي أودعت أمامه القضية و التفاصيل الكاملة للسرقة فوافق علي إعادة القضية مرة ثانية إلي التحري الذي تم بموجبه شطب الاتهام في مواجهة المتهمين الذين أشرت لهم في سياق طرح هذه القضية وقمنا بإعادة القبض علي المتهمين الحقيقيين بالإضافة إلي المعروضات ومن ثم قدمنا البلاغ إلي المحكمة واصدر القاضي الموقر حكمه في القضية بالسجن علي المتهمين الذين ارتكبوا السرقة خمسة سنوات سجن لكل منهم والمتهم باستلام المال المسروق سنتين سجن وتم تسليم الشاكي المصوغات الذهبية موضوع القضية.
سرقة ذهب
ومضي : وأتذكر من القضايا التي توليت فيها التحري آنذاك الوقت قضية سرقة ذهب ولكنها تحمل بين طياتها الكثير من الغرابة حيث تمت سرقة محل خاص بالجعافرة في محطة سبعة والمبلغ لديه محل مصوغات ذهبية والمتهمين من المتمرسين في جرائم السرقات عن طريق النهب حيث أنهم درسوا المحل التجاري دراسة دقيقة حتى ينفذوا الجريمة بحرفية شديدة وكان أن دخلوا اليه وتبينوا كمية الذهب الموجودة في الفترينات الخاصة بالعرض بالإضافة إلي أنهم رصدوا تحركات الشاكي من المحل التجاري إلي المنزل والعكس ثم وقتوا إلي تنفيذ الجريمة علي أساس أن يكتنفها الغموض وكان ذلك بالتزامن مع محاكمة بهاء الدين محمد إدريس حيث تتم محاكمته الساعة الثامنة مساء وكانت المحاكمة تبث عبر التلفزيون  وكان كل الناس تجلس أمام الشاشة لمشاهدة ما تسفر عنه الجلسات فيما كانت الشوارع خالية من الناس ومن عادات المبلغ أنه كان يأخذ كل مصوغاته الذهبية من محله التجاري بعد نهاية عمله إلي منزله ويحملها في شنطة سمسنايت ويقوم بإيداعها في خزنة بمنزله مشيدة بالمواد الثابتة ومغلقة بباب مؤصد وفي ذلك اليوم افرغ كل المصوغات في الشنطة السمسنايت وتوجه بها إلي منزله وكان الجناة علي دراية بهذه المعلومة لأن الشاكي يقوم بإدخال عربته داخل المنزل فيما جاء الجناة وأوقفوا عربتهم في نهاية الشارع الذي يقع فيه الميدان من الناحية الغربية وأول ما شاهدوا الشاكي في الشارع المشار إليه تركوه حتى قطع نصف المسافة ثم أرسلوا له إضاءات متقطعة ومن ثم نادوه باسمه فما كان منه إلا أن أوقف عربته وترجل منها لمعرفة من الذي يناديه باسمه في هذا التوقيت الذي ترجل علي أثره من العربة فكان أن شاهد أناس علي هيئة نظيفة وليس هنالك ما يدعوه للريبة والشك وترجل عن العربة وتوجه ناحيتهم فيما كان هم أيضاً في طريقهم إليه وأول ما وصلوا له قام احد المتهمين باستخراج سكين بينما اخرج المتهم الآخر مسدساً ووضعه للتاجر الشاكي علي رأسه فيما وضع الآخر السكين في بطنه وطلبا منه عدم التحرك وفي تلك الأثناء ترجل من عربة المتهمين الآخرين اللذين كانا يقبعا في العربة وتوجها مباشرة إلي عربة الشاكي وأخذا منها الشنطة السمسنايت المليئة بالذهب عندها حاول التاجر الشاكي مقاومة المتهمين اللذين يهدداه بالسلاح الناري والأبيض ما عرضه لبعض الخدوش وهو ممسكا في قميص احد المتهمين الذين كانوا علي عجله من أمرهم لركوب عربتهم التي نفذوا بها الجريمة وظل التاجر ممسكا بقميص المتهم إلي أن تحركت العربة وعندما ضعفت قوته فك مسكته وبدأت عربة المتهمين تأخذ سرعتها في الازدياد تدريجياً إلي أن سقط الشاكي علي الأرض وبالتالي لم يستطع أن يصل العربة كما أنه لم يستطع أخذ نمرتها فالوقت كان مظلماً والملاحظة الجيدة التي استفدنا منها في هذه التفاصيل تكمن في إدارة محرك العربة ومن ثم قيامها تدريجيا أو ما يعرف بـ(الرترته) حيث أن التاجر المبلغ قال العربة عندما تحركت في اتجاهها كان التحرك بترس خفيف إلي مسافة ثم أخذت قوة دفعها فهي كان يبدو أنها عربة جديدة لأنها لو كانت قديمة كان أن توقف المحرك وكان كل التحليل الأمني منحصرا في تحرك العربة بالطريقة التي رواها الشاكي لماذا تحركت بهذه الصورة وكان التحليل علي النحو التالي أما أن يكون سائق عربة المتهمين خبرته ضعيفة في قيادة العربات وأما أن يكون مبتور اليد وبعد تداول ونقاش مستفيض في هذه الفرضية قمنا باستبعادها من التحليل لأن أفراد هذه العصابة لأبد من أن يستعينوا بشخص من معتادي الإجرام في سرقة السيارات ويجيد في نفس الوقت قيادتها أما التحليل الثاني فكان يندرج في أن سائق عربة المتهمين من معتادي الإجرام المبتوري الأيدي حدا حيث أنه حاول أن يعشق فضرب العصاية بيده المقطوعة فوضعت في النمرة ثلاثة وبحكم أن العربة جديدة فبالنمرة ثلاثة تتحرك العربة ولكنها تتحرك بشكل متقطع إلي أن يأخذ المحرك قوته وكان أن ركزنا في هذا الاتجاه وبدأنا البحث عن الجناة الذين تم قطعهم حدا وكان أن قمنا بتحديد بعض الأسماء منهم ومضينا في الاتجاه الذي يوصلنا إلي المتهم المعني بقيادة سيارة المتهمين ثم بقينا بعد ذلك في رغبة لمعرفة معلومات إضافية من أوكار الجريمة المرتبطة بمعتادي سرقة العربات وبالفعل تمكنا من جمع بعض المعلومات وتم إخطارنا بأن المتهم المعني شد الرحال إلي مدينة مدني حاضرة ولاية الجزيرة والمعلومة الثانية تؤكد أنه سافر إلي بعض الولايات الطرفية وهكذا أصبحنا نتابع إلي أن حددنا منطقة الهدف الذي ذهبوا إليه وقمنا بوضعه هو وبقية المتهمين في الرقابة اللصيقة إلي أن عادوا إلي الخرطوم وفي منطقة طرفية بالخرطوم تأكد وجودهم بها فتم مداهمتهم وإلقاء القبض عليهم وكان عددهم سبعة متهمين احدهم وقتئذ لم يشارك معهم في جريمة السرقة إنما كان يجلس معهم لحظة القبض عليهم المهم أننا القينا القبض عليهم جميعا ومعهم بعض الأغراض التي ضبطت معهم في تلك الأثناء وقمنا باقتيادهم إلي وسط الخرطوم وبما أنني استفدت من وفاة حرس النائب الأول لرئيس الجمهورية الراحل جعفر محمد النميري في أن لا أميل إلي ضرب المتهم لكي يسجل اعترافه بهذه القضية أو تلك مهما كان الجرم الذي ارتكبه و كنت أضع ذلك نصب عيني فكان أن منعت أفراد المباحث من أن يتعاملوا مع المتهمين الذين ارتكبوا جريمة نهب المصوغات الذهبية من التاجر الشاكي وأمرت أن يتم توزيعهم في أقسام الشرطة المختلفة علي انفراد ثم تخيرت أضعفهم وركزت عليه حيث أن التعامل الحسن قد يؤثر فيه فكان أن وقع اختياري علي المتهم المقطوع حدا والذي كان يقود السيارة للمتهمين وأحضرته من أجل أن اعرف ماذا يحب فوجدت أنه مولعا بقيادة السيارات وتدخين السجائر والجلوس في الأماكن الهادئة مثل الحدائق وغيرها من الأماكن التي تمتاز بالهدوء وعلي ضوء ذلك استجبت إلي رغبته هذه وقمت بإعطائه فردين من أفراد المباحث وفرغت لهم عربة لكي تقلهم من وإلي وأن يتم أخذه من الصباح إلي المكان الذي يحب الذهاب إليه ولا يتم إحضاره إلا في الوقت الذي يرغب فيه وكان أن استمر هذا البرنامج لمدة ثلاثة أيام من تاريخه حتى أنه بعد ذلك طلب مقابلتي وسألني لماذا تعاملني بهذه الطريقة فقلت له هذا التعامل نابع من أنك أنت بني آدم وعليه أتعامل معك من هذا المنطلق كإنسان فمن حق الإنسان أن تتم معاملته بإنسانية فالإنسان كرمه الله سبحانه وتعالي فما بالك ونحن البشر وكان أن وجد في إجابتي وقعا علي قلبه فتحركت في دواخله المشاعر الإنسانية فسألني قائلا يا جنابو ماذا تريد مني بالضبط؟ فقلت له إن كان في مقدوري أن أجد للناس علاجاً ناجعاً من الإجرام سأفعل ﻷنه العلاج الناجع لكي تتلاشي الجريمة من المجتمع وأنت إنسان متعلم ومثقف ومن أسرة لها وضعيتها وتعي ما تقوم به من إجرام فلماذا تنقاد في هذا الاتجاه؟ وبالتالي كل ما أرغب فيه هو معرفة كيف تمت السرقة ومن هم الذين نفذوها وأين هي المعروضات وكان أن وجدت منه استجابة كبيرة بفك طلاسم القضية التي كانت تمتاز بالغرابة
وقال لي توجد صور في شنطة خاصة بأحد المتهمين في البلاغ وكان أن قمنا بإحضارها فبدأ ذلك المتهم يتحدث عن الصور التي كانت مودعة داخل تلك الشنطة وشرح من خلالها تفاصيل الجريمة ومن هم الأشخاص الذين ظهروا معهم في الصور التي تم التقاطها في ولاية طرفية من الولايات السودانية والمنطقة التي يسكنون فيها وكان أن حركت مأمورية من أفراد المباحث إلي المنطقة المعنية وكانت المفاجأة الكبيرة لنا بأن وجدنا كميات كبيرة جداً من المصوغات الذهبية المسروقة وأنهم باعوا منها الكثير أيضا لبعض التجار الصاغة وبعض المواطنين في تلك المنطقة أما المفاجأة الثانية فكانت تكمن في أن العربة التي ارتكبوا بها الجريمة مسروقة وتم العثور عليها في منطقة الحزام الأخضر آنذاك الوقت ووجد فيها آثار بدرة ذهب تم تصويرها وتحريزها بالإضافة إلي بصمات منسوبه للمتهمين أنفسهم وعليه تم إلقاء القبض علي المتهمين باستلام المال المسروق وتم اقتيادهم من هناك إلي ولاية الخرطوم وبعد اكتمال ملف التحري في القضية حول البلاغ إلي المحكمة التي قضت في حكمها علي المنفذين للجريمة بالسجن المؤبد والمتهمين باستلام المال المسروق أن يقوموا برد كل المسروقات إلي جانب السجن مع وقف التنفيذ.
رئاسة شرطة السودان
وعرج إلي فترة عمله برئاسة شرطة السودان قائلاً : بعد السنوات التي قضيتها بشرطة ولاية الخرطوم تم نقلي إلي رئاسة الشرطة في المكتب التنفيذي للسيد المدير العام سعادة الفريق أول شرطة فيصل محمد خليل واستمريت معه إلي أن تولي منه دفة القيادة سعادة الفريق أول شرطة إبراهيم احمد عبدالكريم عليه الرحمة ثم تم نقلي من رئاسة شرطة السودان إلي مباحث التموين الجهاز الذي تم إنشاؤه  بوزارة التجارة وكنت وقتها برتبة الرائد شرطة وهي الفترة التي عملت فيها في إطار السجلات حيث استفدت منها في إعداد التقارير النوعية التي كانت ترفع إلي وزير التجارة إلي جانب أنها تعرض بمجلس الوزراء.
ونواصل

ليست هناك تعليقات:

azsuragalnim19@gmail.com

*الدكتور أسامة عطا جبارة يشرح الإقتصاد السوداني في ظل الحرب*

..........  *تواصل شبكة (أوتار الأصيل) الإخبارية، وصحيفة العريشة الرقمية نشر الحوار الهام مع الخبير في الإقتصاد العالمي الدكتور أسامة عطا جب...