الخرطوم : سراج النعيم
تبقي قضية الفنان الصديق محمود عبدالعزيز من القضايا
التي تحمل بين طياتها الكثير من الغموض الذي ظل ملازماً لها منذ إسعافه إلي مستشفي
(رويال كير) بالخرطوم ومن ثم نقله إلي مستشفى (ابن الهيثم) بالأردن وذلك الغموض
استدعاني للتوقف عن سلسلة حوارات وخفايا واسرار مع الفنان الرحل محمود عبدالعزيز حتى
أقف علي الحقائق من مصادرها وذلك من وحي ما وضعته المستشفي الأردنية علي منضدة
الصحيفة منذ الوهلة الأولي التي استقبلت فيها الحوت الذي أكدت أنه بما لا يدع
مجالاً للشك في حالة صحية (حرجة).
الآلام التي داهمته
ها
هي ملامح الصورة التي رسمناها لفنان الشباب محمود عبدالعزيز تأخذ منحني أخر سعينا
من خلاله للاقتراب من وضع حداً لما ظل يصاحبها طوال الفترة الزمنية الماضية التي تأثر
في إطارها ببعض الآلام التي داهمته علي حين غرة بمنزله بالمزاد ببحري مما استدعي ذلك
لإطلاق الشائعات بصورة مقلقة جداً للدرجة التي وصلت فيها الي مراحل غاية في
الصعوبة منها مثلاً إعلان وفاته علي خلفية إجراء العملية الجراحية بالمستشفي الذي
أسعف إليه.
الشاب الأسمر النحيل
فيما كانت كل الأنظار تتجه نحو هذا الشاب الأسمر
النحيل متضرعة له بالدعاء ولكن في نهاية المطاف الأعمار بيد الله سبحانه وتعالي.
ومن
هذا المنطلق قال شقيقه مامون : إن عملية نقل الحوت للمستشفي جاءت وفقاً لرغبته للآلام
التي شعر بها بشكل مفاجئ وهي الآلام التي
اكتشف الأطباء أنها ناتجة عن إضرابه عن الطعام حزناً على رفيق دربه الفنان الشاب
نادر خضر الذي توفي في الحادث المروري البشع بطريق التحدي أثناء عودته من مدينة
عطبرة في الساعات الأولى من صباح ذلك اليوم ضف إلي ذلك وفاة العندليب الأسمر زيدان
إبراهيم بالقاهرة ووفيات أخرى في الوسط الفني والمحيط الأسري ومن بينها وفاة خاله
الممثل الطاهر محمد الطاهر مما ترك أثراً عميقاً في دواخل محمود عبدالعزيز وهي
جميعاً كانت في فترات زمنية متقاربة من بعضها البعض ما أدي إلي حدوث تغيرات في
حياته.
حكاية الفنان الشاب
ومن هنا كانت محطة بداية الإصابة بـ(القرحة)
الملتهبة ومن ثم تطورت وتطورت هذه القرحة إلى أن وصلت لمرحلة متأخرة ناجمة عن فقده
الكثير من السوائل إذ أنه لم يعد قادراً على تحمل هذه الوضعية التي فرضتها عليه
الظروف المتجددة لذلك دعوني أقف وقفة تأملية في حكاية الفنان الشاب محمود
عبدالعزيز مع هذا المرض وهي الوقفة التي سنكشف من خلالها أدق الأسرار والخفايا قبل
وبعد ذلك من واقع التطورات الجديدة التي
طرأت علي هذا الملف الساخن الذي تم فيه إقناع الحوت بإجراء العملية الجراحية بعد
أن كان رافضاً لها رفضاً باتاً كما أننا سنجيب علي السؤال الصعب حول بقاءه بغرفة
العناية المكثفة برويال كير بالخرطوم ومن سمح لتوأمه (حنين) و(حاتم) بمقابلته ولماذا؟؟ كل هذه التساؤلات يجيب عليها شقيقه مأمون
عبدالعزيز والدكتور وليد محمد سليمان مساعد المدير بالمستشفي وبالتالي كل هذه
التفاصيل نتعرف عليها من خلال الأسطر القادمة.
إطلاق الشائعات
وفي
ذات السياق قال مأمون : أكثر ما أدمى قلوبنا تلك الشائعات التي أخذ البعض في بثها
بصورة مقلقة وموترة جداً لنا خاصة وأن بقاء الحوت بالعناية المكثفة برويال كير
كانت بطلب منا نحن أسرته من أجل أن يمضي فترة نقاهة بعيداً عن الالتقاء بالناس لأن
العملية الجراحية تتطلب الهدوء والراحة التامة ولكنه أي الحوت طلب مقابلة توأمه (حاتم)
و(حنين) اللذين أنجبهما من زوجته السابقة نجوي العشي.
وفاة إيهاب في الحادث
وزاد:
أكثر ما كان يدهش المحيطين بمحمود أنه كان حزيناً غاية الحزن على الفنان الشاب
نادر خضر الذي توفي في الحادث المروري المروع بطريق التحدي ومكمن هذا الحزن نابع
من العلاقة القوية جداً التي بدأت تتعمق أكثر وأكثر منذ انخراطهما في خارطة الغناء
السوداني وأول لقاء جمع بينهما حفلاً غنائياً جماهيرياً بالنيل الأزرق وقد صاحبته
أحداث شغب استدعت شرطة أمن المجتمع التدخل وإلقاء القبض على محمود ونادر وإيداعهما
في حراسة القسم سوياً ومنذ تلك اللحظة أصبحا يتواصلان بصورة مستمرة لذلك دخل في
حالة نفسية سيئة قادته للإضراب عن الطعام وهي الوفاة التي تضاف إلى وفيات شخصيات
عزيزة عليه بدأت بوفاة شقيقنا الفنان إيهاب عبدالعزيز في حادث مروري بالمملكة العربية السعودية والذي كان
قريباً جداً منه ومرتبطا به ارتباطاً وثيقاً لا استطيع أن أصوره لك بصورة دقيقة فقد كان لا يفارقه في حله
وترحاله نسبة إلى أنه كان – عليه الرحمة- خامة صوتية قوية جداًَ سعى الحوت إلى أن
يعرف بها جمهوره ولكن يد القدر كانت أسرع من كل الأماني تم تلته وفاة (تراجي) ابنة
خالنا الممثل الراحل الطاهر محمد الطاهر الذي لحق بها بعد شهور معدودة من ذلك ومن
ثم تلقي نبأ وفاة العندليب الأسمر زيدان إبراهيم بالقاهرة التي شدَّ الرحال إليها
مستشفياً وما مر على هذه الوفاة شهور إلا وتم إبلاغه بوفاة العملاق محمد وردي وكل
هذه الوفيات توالت عليه فتركت تأثيرها في نفسه التي هي مليء بالإنسانية .
رخصة محمود
وأضاف
: يوجد اهتمام كبير جداً من الدولة والقطاعات الفنية والثقافية والرياضية
والسياسية بمحمود عبدالعزيز الذي نشكر في
إطارها الأستاذ السمؤال خلف الله القريش وزير الثقافة الاتحادي السابق والدكتور
حمد الريح نقيب الفنانين السابق والدكتور عبدالقادر سالم رئيس مجلس المهن
الموسيقية والمسرحية والفنان الكبير ابوعركي البخيت وحارس عرين المريخ والسودان
السابق حامد بريمة .
القيد المنظم للغناء
بما
أنك شكرت الدكتور عبدالقادر سالم فهل استلم الحوت الترخيص له بالغناء من مجلس
المهن الموسيقية والمسرحية ؟ قال : من خلال مركز محمود عبدالعزيز للإنتاج الفني
قمنا بالترتيب الخاص بشروط القيد المنظم لمهنة الغناء إلا أن دخول محمود لمستشفي
رويال كير عطل هذه الإجراءات التي تتطلب في الفنان أن يكون صوته مجازاً من لجان
الإذاعة السودانية علماً بأنه أجاز صوته قبل سنوات خلت وكانت اللجنة مؤلفة من
أساتذة لهم باع طويل في المجال الموسيقي وعلم الصوت أما بالنسبة للغناء الخاص فقد
أنتج مجموعة كبيرة موثق لها في الألبومات الغنائية ومكتبات الأجهزة الإعلامية
المختلفة ورغماً عن ذلك تمت المطالبة بإجازة الإذاعة السودانية التي سجل لها عدداً
من أغنياته مع التأكيد أنه لا يحتاج إلى أن يعرف نفسه كفنان.
بمدينة
أمدرمان.
أما
بالنسبة إلى المجموعات التي تظهر باسم محمود قال : لا نعترف إلا بمجموعة (محمود في
القلب) فهي المجموعة الرئيسية وأنت أخي سراج النعيم تعرف هذه الحقيقة جيداً فهي
كانت في السابق تحمل اسم رابطة معجبي (محمود عبدالعزيز).
حفلاته الجماهيرية
واسترسل:
كان الحوت يضع في اعتباره التجديد في شكل إخراج حفلاته الجماهيرية من ناحية إدخال
إضافات مثل الفن الاستعراضي أما التغييرات التي حدثت مؤخراً في التنفيذ الموسيقي
وطريقة الأداء ومن رائي الشخصي أنها تجربة جديدة لم يكتب لها النجاح لأن محمود
عبدالعزيز ألفه الجمهور بالصورة التي أطل بها عليهم منذ الوهلة الأولى التي صادف
من خلالها قبولاً منقطع النظير .. ولكن ربما كان لشقيقي رؤية مغايرة لرؤيتي.
إقناع الحوت بالعملية
والتقط
قفاز الحديث الدكتور وليد محمد سليمان مساعد المدير الطبي لمستشفي رويال كير إذ
قال: الحمد لله أن العملية الجراحية التي أجريت للفنان محمود عبدالعزيز برويال كير
كانت ناجحة خاصة وأنه حدث له انفجار في (القرحة ) وفي بادئ الأمر رفض إجراء العملية الجراحية إلا أننا قمنا
بإقناعه بفائدتها لحالته الصحية الراهنة فكان أن استجاب لذلك وعلى ضوئها نقل إلى
العناية المكثفة على أساس أنه كان لفترة طويلة لا يأكل ما يتطلب فينا إعادته إلى
وضعه الطبيعي حيث أننا بدأنا في العلاجات اللازمة ولكن هذا لا يعني بأي حال من
الأحوال أن حالته الصحية كانت خطرة أو أنه سوف يموت إنما الهدف منها كان منع
الزيارات عنه ومراقبته بصورة دقيقة وعن قرب من أجل مساعدته في أن تحقق العملية
الجراحية النجاح فنحن لدينا استشاري العناية المكثفة دكتور( سيرمان ) الذي يعد من
جهابزة الطب في البلاد واستطاع أن يعتني بمحمود عبدالعزيز عناية لصيقة حتى انه علق
قائلاً: (عبدالعزيز من المرضي خفيفي الظل فهو يحكي لهم بعض النكات ويداعبهم لذلك
وجوده في العناية المكثفة من أجل الاطمئنان على حالته الصحية أكثر حتى يخرج إلى
جمهوره صحيحاً معافي بأذن الله) ولعلم الجميع أن الحوت يحظى باهتمام كبير ابتداء
من الدكتور معتز البرير حتى أصغر موظف بالمستشفي.
تجاذب أطراف الحديث
ما هي حقيقة عدم تقبل محمود للتخدير قبل إجراء
العملية الجراحية ؟
قال
: هذا الحديث لا أساس له من الصحة وهي شائعة من الشائعات التي سرت منذ الإعلان عن
إسعافه إلى المستشفي حيث أنهم قالوا أنه مات وأنه لديه مشاكل الإصابة بالسرطان
وفيروس المناعة (الايدز) وهي أشياء لا علاقة لها بالواقع الذي عليه هو بدليل أنه كان
يتجاذب أطراف الحديث مع الأطباء المشرفين على حالته الصحية ويداعبهم أي أنه واعٍ
تماماً بما حدث له ويتذكر تفاصيلها جيداً وليكن في علمك أن الدكتور يوسف الأمين
كبير استشاري التخدير هو الذي أجرى له عملية التخدير ولم يواجه مشكلة على النحو
الذي ذهبت إليه في سؤالك حيث أنه فاق من التخدير بصورة طبيعية وأن كانت هنالك
إشكالية فهي تتمثل في رفضه لإجراء العملية الجراحية في البداية.
التهاب الكبد الوبائي
واستطرد
: الفحوصات لم تثبت السرطان والايدز لذلك أحب أطمئنك أخي (سراج النعيم) فقد أجريت
له الفحوصات الطبية في كل ما أشيع من أمراض وكانت النتيجة المؤكدة أن محمود
عبدالعزيز ليس حاملاً لفيروس (الايدز) ولا مصاب بالتهاب الكبد الوبائي (السرطان)
وكل ما في الأمر أنه حدث له انفجار في (القرحة).
التدخين وعدم تناول الطعام
هل
كانت حالة محمود الصحية لحظة نقله إليكم خطيرة ؟
قال
: بلا شك كانت خطيرة نسبة إلى أنه كان هنالك انفجار في (القرحة) وأنت في مثل هذه
الحالة تجد داخل بطنك كمية من السوائل موجودة والخطورة ليست في هذه النقطة لوحدها
بل الخطورة في العملية الجراحية نفسها من واقع أنه حتى يأتي إلينا كان يغالب في
الآلام والأوجاع الناتجة عن عدم تناوله الطعام منذ فترة زمنية طويلة ويكتفي بتعاطي
السجائر (التدخين) والذي مع عدم الأكل يؤدي إلى الانفجار في (القرحة) لذلك كانت خطورة
العملية ناتجة من أشياء كثيرة منها أن الآلام استمرت لفترة طويلة جاء بعدها إلى
المستشفي إلا أنه كان رافضاً إجراء
العملية الجراحية.
انفجار القرحة
ما
مدى صحة عدم عثور الأطباء علي وريد للتغذية بواسطة المحاليل أو أخذ العينات
للتحليل في المعمل الطبي ؟
قال
: في حالة محمود عبدالعزيز وارد عدم وجود وريد لأنه أسعف إلى المستشفي وفقاًَ إلى
انفجار في (القرحة) ولم يشرب الماء ولو شرب الماء يتألم فأنت مثلاَ إذا كنت عطشان
عطش شديد وأتيت إلينا فلن نجد لك وريداً إلا بعد مرور فترة من الزمن وبالتالي
محمود عندما دخل المستشفي كانت كمية السوائل داخل جسمه قليلة جداً ولكن كون أننا
لم نجد له وريد فهذه مجرد أقاويل ومثل حالة الحوت ترد إلينا كثيراً و بالمقابل نتعامل
معها بسهولة ويسر لكن الضغط الاجتماعي الخارجي في الحالة التي نشرح فيه يدخلنا في
(تنشن) ولكن رغماً عن ذلك نتعامل معه باعتبار أنه مريض ولابد أن يجد العناية
الكافية ومن ثم نضع في رأسنا أنه فنان.
داير أطلع من العناية المكثفة
بكل
صراحة ماذا كانت رغبة الفنان الراحل محمود عبدالعزيز وهو داخل غرفة العناية
المكثفة ؟
قال:
كان في الإمكان أن يفعل ذلك قبل ثلاثة أيام من دخوله غرفة العناية المكثفة ولكن
لأسباب كثيرة تركناه ولكن مامون شقيقه شاهده في الغرفة ووجده باتم الصحة والعافية
وأكبر دليل علي ذلك الحوارات المتواصلة التي كانت تدور بيني وبينه مثلاً قال لي :
يا دكتور وليد أنت الذي جعلتني اجري العملية الجراحية لذلك داير اطلع من العناية
المكثفة دي .. فقلت له : يا محمود العناية المكثفة الغرض منها متابعة حالتك بصورة
دقيقة ومنع الزيارة عنك..ضف الي ذلك أنه كان يداعب اصطاف الأطباء الموجود معه وفي
مداعبة له مع دكتور سيرمان الذي قال لمحمود عبدالعزيز : (أنت في السودان الناس كلها
عارفة أنك نجم ستار إلا أنا الوحيد الذي لا أعرف ذلك) فرد عليه قائلاً:( والله دي
مشكلتك كون انك لا تعرف أنني نجم ستار) وغيرها من المداعبات التي تمت بينه
والأطباء والأصطاف الموجود خاصة وأنه أصلا كان فاكهة ورجل يتمتع بروح الدعابة حتى
انه داعب دكتور ضياء الدين عثمان الذي سلم عليه في الصباح وحكي له نكته.
حكاية محمود عبدالعزيز
ويستأنف:
نحن لم نجد عائقاً من أسرته التي مجرد ما أخرجناه من غرفة العملية الجراحية وروينا
لهم قصة العملية الجراحية من البداية إلى النهاية فإكتفوا بذلك ولم يسألن أي منهم
من أفرادها وهي من الأشياء التي كانت مساعدة في سرعة عودة المريض لحالته
الطبيعية ويجب عدم تصدق ما يشاع لأنه من
السهل استقاء المعلومة من مصدرها بالضبط كما فعلت الدار ممثله فيك سراج وأتذكر أن
هنالك سعوديين مرضي بالمستشفي قالوا ليّ .. دايرين نشوف محمود عبدالعزيز لأننا
نسمع به فقلت لهم : إن حالته الصحية وقتئذ لا تسمح بذلك
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق