الخميس، 26 يوليو 2012

شجرة الزيتون وبنات حواء

إلي أي مدى تؤثر ثورة الاتصالات المعاصرة في الحضارات والثقافات الإسلامية بصورة عامة والسودانية بصورة خاصة وأنه بدأت تظهر في مجتمعنا ظواهر سالبة مسكونة بالتوجس والقلق كظواهر مخلة بالشكل المتعارف عليه في البرامج والسهرات التلفزيونية مما جعل القنوات الفضائية السودانية تلوث الأجواء بكل فضاءاتها الشاسعة دون الاستفادة من (العولمة) ووسائلها الاتصالية بكل تداعياتها المعرفية في مختلف الاتجاهات باعتبارها(أمركة) أي اقتباس النموذج الأمريكي وهيمنته  وهذا ما ذهب إليه الكاتب الأمريكي ذائع الصيت توماس فريد مان الذي يعد من أهم المبشرين بالعولمة والمدافعين عنها في احدث كتبه (السيارة ليكساس وشجرة الزيتون).
وربما كان التناقض الأكثر حدة والأكثر خطراً هو ذلك الذي أصبح يواجه المواطن الفرد الذي تلزمه ظاهرة (العولمة) بالانفتاح علي العالم بأثره واكتساب حضارات وثقافات وهوايات محددة أسقطت الحواجز وشجعت القنوات الفضائية المعاصرة لأبرز ظواهر وهمية مهددة للمجتمع السوداني حتى ان الحقيقة صارت بفضل ما يطرح من مادة يكتنفها الكثير من الغموض والشك والالتباس الذي يؤكد أننا أمام تحدي حقيقي في ظل المتغيرات التي يشهدها العالم مما يحدو بنا طرح السؤال المهم جداً ما هي الكيفية التي توظف بها من أجل استثمار أدوات الثورة التقنية الحديثة في تحقيق اكبر قدر من المنافع والإقلال من الاعتماد علي أصحاب المقدرات الضعيفة من المبدعين في إعداد وتقديم البرامج والسهرات التي استثني منها (بنات حواء) الذي يبث من علي شاشة قناة قوون هذا العام لأنه بذل فيه مجهود كبير في الإعداد الذي تولي أمره الزميل أمير احمد السيد إلي جانب أن الأستاذة أم وضاح استطاعت أن تدير الموضوعات المطروحة للنقاش بصورة جيدة ربما هذا البرنامج هو الاشراقة الوحيدة في هذا الشهر الكريم بالرغم من أن المخرج الرائع الجعيلي قد بثه قبلاً من خلال قناته هارموني العام الماضي وبالتالي استطاع ان يحرك البركة الراكدة إعلاميا للدرجة التي خطف فيها الأضواء عن برنامج (أغاني وأغاني) الذي يبث من علي شاشة قناة النيل الأزرق التي حاولت أن أجد لها العذر في التقاعس عن الابتكار والتجديد لجذب وتشويق المتلقي السوداني مع التأكيد أن ثورة الاتصالات التكنولوجية أفرزت نوعاً جديداً من الحروب الضالة ألا وهي (حرب المعلومات) أو (جرائم المعلوماتية) أو الجرائم الالكترونية أو (أخطاء الفضائيات) فهي جميعاً تدعو إلي تشويه الصورة وهزيمة الحضارات والثقافات بالاغتيال معنوياً من دون إطلاق رصاصة واحدة خاصة إذا أدركنا ان أكثر من 80 في المائة من المعلومات المبثوثة في العالم العربي والإسلامي غربية المصدر وأمريكية في المقام الأول والأخير فلنا ان نتصور مدى فعالية تلك الحرب وتأثيرها علي أقطار العالم المستهدف.
وما لا يعلمه من يقودون دفة القنوات الفضائية السودانية ان جون دوتيش رئيس وكالة المخابرات الأمريكية قال في عام 1996م : ان الالكترونات هي السلاح الموجه لإصابة الأهداف بدقة.
وبما أن الأمر مأخوذ علي محمل الجد فقد درسته وزارة الدفاع الأمريكية واعدت كراساً في هذا الجانب تسربت بعض معلوماته التي ميزت بين نوعين من حرب المعلومات احدهما عرف باسم (القتل الناعم) والآخر باسم (القاتل الصارم) وما يلينا هو القتل الناعم الذي تستخدم في إطاره المعلومات للتدمير النفسي للجماعات ويتوقع كراسي البنتاجون استخدام تقنية المحاكاة عن طريق خلق (دافع ظاهري) لا أصل له في الحقيقة وبمقتضاه يتم إنتاج وتخليق صور مزيفة وذلك بالفيروسات المبرمجة المتغلغلة المتكاثرة داخل الفضاء الملوث بالأفكار الخبيثة التي لا يستفيد منها المتلقي بأي شكل من الإشكال  ولكي ننجح في تقييم النتيجة المترتبة عليها سخرية القدر التي جعلت الفضائيات السودانية تقف محلك سر بيد أنها لم تستطع أن تجابه ذلك وكأنها مبرأة من مهمة التصدي للحملات التي تواجه البلاد وهو المفهوم الذي يدعني أؤكد ان حظوظ القنوات الفضائية إداريا قليلة جداً وبالمقابل هي واحدة من اكبر الأسباب المؤدية بنا نحو الهاوية وعدم المواكبة في ظل غياب الفكر الموازي للتجربة التلفزيونية .

ليست هناك تعليقات:

azsuragalnim19@gmail.com

*الدكتور أسامة عطا جبارة يشرح الإقتصاد السوداني في ظل الحرب*

..........  *تواصل شبكة (أوتار الأصيل) الإخبارية، وصحيفة العريشة الرقمية نشر الحوار الهام مع الخبير في الإقتصاد العالمي الدكتور أسامة عطا جب...