الخميس، 26 يوليو 2012

البرامج التلفزيونية بعد الافطار


كلما شاهدت القنوات الفضائية السودانية في هذا الشهر الفضيل أجد أنها تضحك علي عقول المجتمعات التي ننتمي إليها وذلك من وحي الاستخفاف بمقدرات المتلقي فيما هو مطروح من مادة تدعني أناقش مثل هذه القضايا الحيوية التي تحمل بين طياتها الكثير من البلاوي والمصائب مما يجعلها تنحصر في ذاتها كلياً وتدور في معركة اللاشيء لأنها خالية من فكرة ذات كفاح ونضال يصب لصالح المتلقي الذي يفترض فيهم أن يهتموا به لـ(ابسط الأمور الحياتية التي هو في حاجة ماسة إليها) ولكن لا حياة لمن تنادي فالقنوات الفضائية تبث عقب الإفطار مباشرة برامجها الغنائية وكأن هذا الشهر ليس للعبادة فما الفائدة من الجدال في برنامج (أغاني وأغاني) الذي يعده ويقدمه الأديب الأريب السر قدور منذ أعوام مضت وحتى القناة الرسمية السودانية لم تسلم من ذلك !! فالي متى ننظر لهذا الشهر الكريم نظرة لا تخرج من نطاق الترفية واللهو حتى أن المشاهد أصبح لإيابه بالمادة المطروحة عملاً منه بمقولات متي كان للشاة ان تناقش قصابها وللمحكوم بالإعدام ان يجادل جلاده .. هكذا تسيطر هذه الأفكار علي ذهن الجمهور الذي كثيراً ما يدور بيني وبينه حواراً فأجد انه يتفق معي بل يذهبون إلي ما هو اخطر بقولهم ما ان يغمض لنا جفن إلا وتتحول أفكارنا إلي أفكار بالية تشبه تماماً تلك البرامج المبثوثة من علي شاشات القنوات الفضائية  النيل الأزرق والخرطوم وقوون وامدرمان والشروق فهن جميعاً أدمن الفشل باستضافة أنصاف المواهب ليقنعونا بأنهم يمكن ان يصبحوا مشروع فنانين كبار بمقومات نجد أن البعض منهم  انضم في إطارها لرحلات شريف نيجيريا وهي الرحلات التي لعبت دوراً كبيراً في التشوهات العلنية لـ(صورة السودان) في الخارج مما أسفر عن ذلك سخط في الداخل فالكثير من المواقف المنبثقة من أفعال علي هذا النسق تفتقر للأفكار المفيدة التي تدعنا نرسم خارطة طريق للقنوات السودانية لأنها تحتاج إلي ضوابط كثيرة حتى ننظفها من بعض البرامج غير المجدية وهي غالباً تأتي في توقيت مختلف لبثها علي المشاهد ومهما تجلدنا وتمسكنا بالقيمة الإنسانية نجد أنفسنا أمام حالة لا تحتمل هذا الصمت الذي نمارسه حيال هذه المعضلة الحقيقية فعلي الأقل يفترض فينا تحذير الشباب والنشء من مغبة بعض الأفكار المعروضة في بعض البرامج.
ماذا يمكن ان نؤمل في قنوات فضائية تدفعنا دفعا نحو السطحية في الطرح والتناول البرمجي .. فان أقصي ما يمكن ان يحصل عليه هؤلاء أو أولئك هو مزيداً من السخط وعدم الرضا الذي استدعي الكثيرين إلي الهروب من القنوات السودانية إلي القنوات الدينية والدرامية التي تبث المسلسلات التاريخية الإسلامية .. فالقنوات السودانية بعيدة كل البعد عن متطلبات المتلقي مما جعل تلك القنوات تشكل علامة دالة علي أنها لا تجتهد في خلق برامج يشار إليها بالبنان ولكن بكل أسف تعمل بمنطق الإتباع لما هو مطروح فلماذا لا تبحث إدارات قنوات الفضائيات السودانية عن أفكار جديدة تقود إلي واقع تطبيقي يوازن أكثر ويؤثر علي الأداء الشخصي للعناصر الفنية المشاركة في إعداد هذه البرامج ولكن في ظني لن يفعلوا لأنهم أدمنوا الاستسهال في خطوط متعرجة، مفعمة بتأثيرات موهبة بذات (السطحية) وهي  حالة تفتقر للتدقيق إذا جاز التعبير.
ببساطة هي حالة من حالات عدم شيوع الطقس الإبداعي الذي هو بعيداً كلياً عن شاشات التلفزة التي استعاضت عنه بالتبعية دون التفكير جدياً بإنعاش المناخ الإبداعي في كل الوان الفنون سواء باستدعاء التاريخ.. وإعادة إنتاجه في قوالب جديدة تعانق الأجيال المتعاقبة وليتداخل مع مفاهيمهم عن الفن ومع إحساسهم به.. بدلاً من ان ندخله في مواجهة، هي من دون شك لا تضيف جديداً ولكنها ببساطة تحيطه إحاطة تامة بعدم الإلمام بالجوانب المفترض فيهم اتباعها.. أو بالأفاق التي يمكنهم بلوغها وإبلاغها للمشاهد بشكل جاذب ومشوق كالذي تطبقه .

ليست هناك تعليقات:

azsuragalnim19@gmail.com

*الدكتور أسامة عطا جبارة يشرح الإقتصاد السوداني في ظل الحرب*

..........  *تواصل شبكة (أوتار الأصيل) الإخبارية، وصحيفة العريشة الرقمية نشر الحوار الهام مع الخبير في الإقتصاد العالمي الدكتور أسامة عطا جب...