الشهيد طلب العفو من والده قبل تحركه في المأمورية من مدينة زالنجي
قرر عقب عودته الزواج من ابنة عمه صلاح عمر رغماً عن عدم اكتمال منزله
لهذا السبب أجري اتصالات هاتفية بأهله وأصدقائه وزملائه بقوات الشعب المسلحة
عطبرة: سراج النعيم
خوف ورعب وقلق كلها مشاعر انتابت الكثير من اهالي ولاية نهر النيل بصورة عامة واهل الشهيد ملازم أول عبد المطلب بمناطق السلمة والنبوية والسعدابية ريفي مدينة بربر ومدينة عطبرة ومصدر الخوف والرعب والقلق نابع من حقيقة مؤلمة هي ان الحركات المتمردة باقليم دارفور حصدت الارواح واحدثت الخسائر حيث يذكر انه في الايام القليلة الماضية التي شهدت مواجهات بين حركة العدل والمساواة بزعامة القتيل خليل ابراهيم وحركة تحرير السودان جناح عبد الواحد محمد نور وظلت هذه الحركات المتمردة تقاتل في قوات الشعب المسلحة منذ اندلاع الصراع في العام 2003م عندما حملت مجموعة متمردة السلاح على السلطة الشرعية في المركز.
وحينما تحصي ما بدلته الحركات المتمردة على القيم الانسانية والاخلاقية والاجتماعية السائدة في المجتمع السوداني وما ينتظر ان تحدثه من شرخ في المستقبل المنظور ومع هذا وذاك لا أخفي حزني بهذه الحقيقة الماثلة امام اعيننا مهما كانت تتواري وراء قناع التواضع الكاذب ورغما عن ذلك تجدني وكل الشعب السوداني فخورين بانتصارات قوات الشعب المسلحة في جبهات القتال وان كانت هذه الحروب الدائرة حصدت ارواح ابنائنا.
من هنا دعونا ندلف مباشرة الى وقائع مقتل الملازم أول عبد المطلب مجذوب عبد الجليل الذي كشف والده التفاصيل الكاملة لاستشهاده في الكمين الذي نصبته حركة تحرير السودان جناح عبد الواحد محمد نور في منطقة (الوسيل) بجبل مرة بولاية جنوب دارفور بعد ان تحرك اليها فصيل المدفعية بقيادته من مدينة زالنجي وما ان وصلوا الى المنطقة سالفة الذكر الا واصيب الملازم أول عبد المطلب مجذوب عبد الجليل بعيارين ناريين في الرأس وفخذ الرجل الايمن ليتم على خلفية ذلك اخلاؤه من هناك الى منطقة (قولوا) التي اسلم فيها الروح الي بارئها ووفقا الى ذلك تمت مواراة جثمانه الثري بذات المنطقة.
حركة تحرير السودان جناح عبد الواحد
وفي سياق متصل قال زميله الملازم أول سيف النصر الفضل احمد للدار: كنت اتحدث مع الشهيد (عبد المطلب) قبيل تحركه في هذه المأمورية بلحظات اذ أننا لم نفترق منذ ان تخرجنا من الكلية الحربية والى ان توفي وهنا توقف عن الحديث وبكي للصلة التي تربطهما ببعضهما البعض ثم اخذ نفسا طويلا ليواصل ما انقطع من حديث والدموع تنساب من عينيه: شاءت الاقدار ان يتم توزعينا في كتيبة واحدة هو تحرك الى محطة خارجية في مدينة زالنجي قائدا لفصيل يتبع للمدفعية بينما نقلت انا الى مدينة الجنينة وكان على اتصال دائم بي حيث انه هاتفني قبل تحركه لهذه المأمورية مقدما لي شرحا عن مهمته المقدم عليها وحينما استشهد وصلني الخبر بان الملازم أول عبد المطلب مجذوب عبد الجليل استشهد في الكمين الذي نصبته اليهم حركة تحرير السودان جناح عبد الواحد محمد نور في منطقة (الوسيل) بجبل مرة.
قتل بمنطقة الوسيل بجبل مرة
واضاف النقيب الجعلي على خضر: كل الصفات الحميدة اجتمعت في الملازم أول عبد المطلب فحتي في اليوم الذي استشهد فيه كان مهموما بالاتصال بنا حيث قال لي في مهاتفته لي : سوف نتوجه في مأمورية واذا قدر الله – سبحانه وتعالي – ان اعود سالما غانما من هذه المأمورية فأنني سأتزوج بمشيئة الله الى هنا انتهت المكالمة وذهب هو وفصيل المدفعية بقيادته الى وجهتهم واثناء ما كانوا يمضون في هذا الاتجاه رسمت لهم حركة تحرير السودان جناح عبد الواحد محمد نور كمينا في منطقة (الوسيل) الواقعة بجبل مرة وعلى ضوء هذا الكمين ضرب الشهيد عبد المطلب بعيارين ناريين في رأسه وفخذه وبعد مرور ثلاث ايام على ذلك وصلنا النبأ باستشهاده في منطقة (قولو) التي تم فيها دفن جثمانه الثري بها باعتبار انها المنطقة التي اخلي اليها بعد الاصابة التي تعرض لها في منطقة (الوسيل) وبالتالي أسأل المولي عز وجل ان يتقبله قبولا حسنا ويجعله من الشهداء وحسن اولئك رفيقا وان يلحقنا به ان شاء الله.
الصراع المسلح في اقليم دارفور
وعدد عثمان محمد سرور خير الله ابن عمة الشهيد الملازم أول (عبد المطلب) قائلا: كان -عليه الرحمة – يحترم ويقدر الكبير والصغير بدليل انه قبل استشهاده بأيام هاتفني مؤكدا رغبته في قضاء ايام معي بالخرطوم ويغادر بعدها الى مسقط الرأس وهذا يؤكد بما لايدع مجالا للشك انه لم يكن بالنسبة لنا انسانا سهلا في الأسرة.
فيما قال التوم سرور ابن عمة الشهيد وزوج شقيقته يعجز اللسان عن وصف الشهيد الملازم أول عبد المطلب الذي كان بارا باهله جميعا وكان شجاعا في الاقدام.
اما خاله بخيت عبد المطلب فقال: الشهيد رحمة الله عليه كان منذ ميلاده محبا لاخوته بارا بوالديه واهله واصدقائه وزملائه في القوات المسلحة وطوال حياته لم نسمع عنه الا كل ماهو طيب وخير وكل من يصل الينا معزيا يتحدث عن معاملاته الحسنة.
ومن هذا الواقع يتجدد السؤال بشكل يومي عن الحركات المسلحة في اقليم دارفور الى متي تظل هذه الحركات المتمردة على هذا الحال الذي ليس فيه خيرا لاهلها ولا خيرا لهذه البلاد فهي ظاهرة بدأت تأخذ حيزا كبيرا دون ان تطرح على نفسها سؤال في غاية الاهمية كيف سيكون حالها والمجتمع الدولي يعلن صراحة عن انتهاء الصراع المسلح في اقليم دارفور إلا من بعض التفلتات.
والده يكشف تفاصيل استشهاده
ومازال الحديث يتواصل عن الشهيد الملازم أول عبد المطلب مجذوب عبد الجليل الذي خبر طريق النضال واقفا الى جانب اهله في اقليم دارفور رغما عن انه من شمال السودان بولاية نهر النيل ففي هذا الاطار قال والده مجذوب عبد الجليل للدار: انجبت ابني الشهيد في العام 1982م ومنذ ميلاده كان مختلفا في الطبائع والسلوكيات ثم قطع حديثه ومن هنا دخل في نوبة بكاء شديد على هذا الفقد الجلل ثم يستأنف الحوار والدموع تنهمر من عينيه مدرارا وهو يقول كان (عبد المطلب) باراً جداً بوالديه فلم يسبق له ان تذمر او غضب عن المسؤولية الكبيرة الملقاة على عاتقه وعندما التحق بالكلية الحربية كانت لديه رغبة شديدة في ارتداء البزة العسكرية بالرغم من ان رغبتي كانت تتمثل في دراسته بجامعة ام درمان الاسلامية حينما وجدته مصرا على الالتحاق بقوات الشعب المسلحة استجبت فورا لما يصبو اليه وهذه الاستجابة جاءت بعد تفكير مضني تمخض عن ذلك ان شبابنا الذي سلك هذا الطريق يحمل في معيته روح الوطنية الصادقة وهي وطنية قادتهم الى التضحية كالذي فعله الشهيد (عبد المطلب) في منطقة (الوسيل) بجبل مرة .. المنطقة التي نصب لهم فيها كميناً من حركة تحرير السودان جناح عبد الواحد محمد نور بينما تعتبر هذه الحركة المتمردة في إقليم دارفور من الحركات المسلحة التي رفضت الجلوس إلى طاولة المفاوضات بالدوحة .
طلب العفو من والده قبل مقتله:
ويستطرد العم مجذوب عبد الجليل والد الشهيد الملازم أول (عبدالمطلب) قائلاً: وعندما عرض فكرته على والدته رحبت بها من اجل ان يحمي الأرض والعرض من أعداء الوطن .. وبالتالي التحق بالكلية الحربية في العام 2004م وتخرج فيها في العام 2007م . وفي باديء الامر وزع في المدفعية عطبرة لفترة زمنية قصيرة .. نقل بعدها إلى مدينة القضارف .. ومنها مباشرة إلى مدينة الجنينة .. وهو في تلك المدينة اتصل عليّ هاتفياً مؤكداً أنه تم نقله إلى مدينة زالنجي.. ومن هذه المدينة جاءنا خبر انتقاله إلى الرفيق الأعلى بعد أن نصبت لهم حركة تحرير السودان جناح عبدالواحد محمد نور كميناً في منطقة (الوسيل) بجبل مرة .. وقبل تحركه في هذه المأمورية اتصل بيّ هاتفياً قائلاً: يا والدي نحن متحركين إلى المنطقة المشار إليها في معرض تناولي لحادثة استشهاده وأضاف في مكالمته الهاتفية ..طبعاً في هذا الطريق لا توجد اتصالات هاتفية حتى اتواصل معكم .. لذلك انتظروني إلى أن اعود من هذه المأمورية .. هكذا ظللت قلقاً عليه .. إلى أن وصلنا خبر وفاته متأثراً بالطلقتين الناريتين في الرأس والفخذ اللذين صوبهما ناحيته الفصيل المسلح من حركة تحرير السودان جناح عبد الواحد محمد نور .
وفي ذات الإتصال الهاتفي قال ليّ: لا اطلب منك أكثر من العفو .. فقلت له : العفو ليس لفظاً . إنما هو نابع من داخل قلبي .وعلى الدوام ومنذ نشأتك وأنا راضٍ عنك . لأنك لم تعمل شيئاً في حياتك يجعلني اغضب منك فأنت لم تكن عائشاً هذه الفترة الزمنية البسيطة من أجل نفسك بقدر ما كنت عائشاً لنا – أي أنه لم يرتاح ولو لكسر من الثانية . ثم عاد إلى البكاء وهو يقول : الحمد لله .. الحمد لله . على كل حال .. هذه هي الأقدار وحدها وضعتنا في هذا الامتحان الذي لا نملك معه إلا أن نقول (إنا لله وإنا إليه راجعون ).
لماذا أغلق الشهيد هاتفه السيار؟
فيما قال سيد عبد الجليل عم الشهيد الملازم أول (عبد المطلب) : تعرفت عليه منذ أن كان طالباً .. حيث كان يرافقني بصحبة والده إلى أراضينا الزراعية التي كان يعمل معنا فيها بكل جد وإخلاص .. ولم يكن يتواني في أي عمل نوكله إليه مهما كان هذا العمل قاسياً .. وكان لا يرفع رأسه أو صوته مهما قسونا عليه. وكان رجلاً مسئولا . أسأل الله – العلي القدير أن يتقبله فداً لهذا البلد. الذي لا نبخل عليه بفلذات أكبادنا .. وأن يدخله جنات الخلد مع الصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقاً وأن يحفظ هذا الوطن من الفتن ما ظهر منها وما بطن.
وألتقط قفاز الحديث زين العابدين بخيت عبد المطلب (الدانقا) ابن خال الشهيد الملازم أول (عبد المطلب) قائلاً: كان الشهيد في أواخر حياته يرافقني في جولة إلى زملائه الأصحاء والمصابين بمستشفي السلاح الطبي .. وكان يقول ليّ: هذا هو مصيرنا .. وعندما غادرنا متوجهاً إلى مدينة زالنجي كان يتصل عليّ بصورة مستمرة ويوصني على شقيقه الأصغر (أحمد) وهو يشير إلى انه راحل من هذه الدنيا .. فهو لم يكن متشبثاً بها ..وكان متصوفاٌ ويتطبع بطبائع الصوفية .. زاهداً في كل شيء. حتى ميزات أنه ضابط في قوات الشعب المسلحة لم يكن يستغلها في قضاء حوائجه الخاصة .. ولم أشاهده منذ تخرجه في الكلية الحربية متباهياًُ بارتداء البزة العسكرية في غير مكان عمله .. ولا تكتشف أنه ضابط إلا إذا عرفك عليه أحد أهله أو زملائه أو أصدقائه .. هكذا أتي إلى هذه الدنيا في هدوء وذهب منها في صمت وفي آخر مكالمة هاتفية دارت بيني وبينه كان يوصيني بشدة على والده ووالدته وأشقائه .. وسبحان الله تعالى .. قلت لشقيقه الأصغر (أحمد) لقد اتصلت بالهاتف السيار بالشهيد (عبدالمطلب) .. ولكن جاءني الرد من الطرف الآخر على النحو التالي : (هذا المشترك لا يمكن الوصول إليه حالياً) .. ولم أتفوه بذلك الإحساس بأن أمراً ما حدث وعلى هذا الحال ظللنا خمس أيام نترقب رده .. الذي وصلنا في شكل هذا الخبر المحزن.
حكايا الشهيد الملازم أول عبد المطلب:
وتبقي حكايا الشهيد الملازم أول عبد المطلب مجذوب عبد الجليل مختلفة في تفاصيلها حيث أكد كل من استطلعتهم الدار في خيمة العزاء بمنطقة النبوية ريفي بربر وهم يحي عثمان عبدالله واسماعيل محمد أحمد الباشا وعبدالله النعيم وآخرين . أنه كان شاباً ملتزماً في حياته باراً بأهله .. وذو أخلاق وادب جمَّ .. حيث ظلت هذه الصفات تتعمق فيه يوماً تلو الآخر إلى أن تم مقتله في الكمين الذي نصبته لهم حركة تحرير السودان جناح عبد الواحد محمد نور بمنطقة (الوسيل) بجبل مرة.
ومن هنا نقف بتأمل فيما تبعته المنظمات العاملة على زعزعة السودان في أربعة آليات تهدف إلى الترويج بأن في اقليم دارفور توجد (جرائم إبادة جماعية ) وهي الفكرة التي تقودها المجموعات الصهيونية العاملة في إطار اللوبي .. الذي يعمل على إقناع العالم بالمحرقة النازية.. لاستدرار المزيد من التعاطف مع اليهود.. وبالتالي قصدت هذه الحملة اليهودية تصعيد أزمة إقليم دارفور وتدويلها عالمياً وإيواء بعض الحركات المتمردة على الشرعية في المركز وفتح مراكز لحركة تحرير السودان جناح عبد الواحد ممد نور في دولة الكيان الصهيوني ..عملاً منها لصرف الأنظار عن الجرائم التي ترتكبها في حق إخوة لنا في دولة فلسطين الجريحة عبر فتح المنافذ لصراعات أخرى ينشغل بها المجتمع الدولي .. ضف إلى ذلك ان الحملة ترسخ لمفهوم الافتراء على العرق في إقليم دارفور بادعاء ان المسلمين العرب يرتكبون مجازر أو إبادة في حق المسلمين الأفارقة وفي نهاية المطاف ترمي تلك المجموعات الصهيونية إلى ان تفسح المجال امام التدخل الأجنبي في اقليم دارفور من خلال بوابة الحركات المتمردة .. حركة العدل والمساواة بزعامة القتيل خليل إبراهيم . حركة تحرير السودان جناح عبدالواحد محمد نور ، حركة تحرير السودان بقيادة اركو مني مناوي فهذه المجموعة الصهيونية تحرك برلمانيين امريكان وأوروبيين لاستصدار قرارات تدين الحكومة السودانية . حتى أنه صدر ضد الحكومة السودانية في عامين فقط أكثر من 20 قراراً تصب رأساً في هذا الاتجاه من مجلس الأمن الدولي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق