امام: اعتقلونا وعذبونا وقتلوا منا(17) بالاختناق في الكونتينات
عبدالله: تركونا داخل زنزانات السجن الحربي والطيران يقصف في المنطقة
أسرونا عقب إعلان مالك عقار التمرد علي المركز
الدمازين/ الخرطوم:سراج النعيم/تصوير: رضا
وبما أن التمرد في السودان قد طال أمده وغطي مساحات شاسعة من البلاد التي تواجه تحديات جسام في ظل ما تقوم به بعض القوى الخارجية من تمويل معنوى ولوجستي للحركات المتمردة على الشرعية في المركز .. وبما أن الأمر يأخذ كل هذه الأبعاد في هذه الحروب الدائرة في مناطق الصراع.. فإن الأسلحة المستجلبة من القوى الغربية والإسرائيلية تلعب دوراً أساسيا في قتل أبناء الوطن. خاصة أولئك المنتمين للقوات المسلحة .. وكانت في هذا الإطار الألغام أحد الأسلحة المستخدمة في النزاع .. وهي تمثل آلية القتل القائم على الجبن . الذي دفعنا وفقه ثمناً باهظاً القي على كاهل القوات المسلحة عبئاً ثقيلاً .. فحقول الألغام حصدت الأرواح .. وسط دوي الإنفجارات .. كالذي حدث بالضبط في وقائع استشهاد الملازم مهند فيصل محمد التوم وسبعة من جنود قوات الشعب المسلحة أثناء أدائهم لواجبهم بالمشاريع الزراعية غرب مدينة الدمازين حيث أنه انفجر بهم لغماً بعد أن أنجزوا مهمتهم التمشيطية في تلك المناطق الواقعة تحت دائرة حراستهم ..وفي طريق عودتهم إلى نقطة الارتكاز حدث الانفجار باللغم الذي زرعه أعداء الوطن من تجار الحرب بزعامة المتمرد مالك عقار الذي أشعل فتيل التمرد في ولاية النيل الأزرق عندما خاطب طلاب وشباب الدمازين في ختام دورة (كأس السلام ) ودعاهم صراحة إلى أن يهيئوا أنفسهم لخوض الحرب والقتال ضد الحكومة السودانية.
عقار بذر بذور الفتنة بالولاية:
وبذلك الخطاب أرسل رسالته الملغومة التي اعتبرها المراقبون إعلاناً مبدئياً للتمرد على السلطة الشرعية وعلى مواطني ولاية النيل الأزرق متحالفاً مع الحركة الشعبية التي تمرد معها قبلاًَ في أطول حروب القرن. ولم تضع السلاح جانباً إلا بتوقيع اتفاقية السلام بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية بالعاصمة الكينية نيروبي في التاسع من يناير 2005م وقبل أن تطوي البلاد هذه الصفحة بعد فترة احتراب دامت لأكثر من (20 عاماً ) .. ها هو المتمرد مالك عقار يحن إلى كاره القديم الذي دحرته منه قوات الشعب المسلحة .. خاصة وأن جهات أجنبية تستغل وتعمل على استغلال حليفها مالك عقار في بذر بذور الفتنة بين أبناء الوطن الواحد .. وبالتالي العمل وفق المخطط الداعي إلى زعزعة الشمال .. حيث أن التمرد الذي قام به المتمرد مالك عقار جاء عقب إعلان دولة جنوب السودان بشهرين من تاريخه .. كما أنه جاء بعد أيام قلائل من الشكوى التي رفعتها وزارة الخارجية السودانية ضد الدولة الوليدة في الجنوب .. وهي الشكوى التي حملت بين طياتها اتهام دولة جنوب السودان بدعم المتمردين في ولاية جنوب كردفان واستقبال البعض منهم في مراكز إيواء مؤقتة قامت بتهيئتها الولايات التي شهدت توافد المتضررين إليها والتي كان غالبها بالمدارس وبعض المرافق العامة الأخرى.
قصة أسر المنقبين عن الذهب
ثمة من يقول وهم عديدون جداً أن الأسري الهاربين من جحيم الموت والهلاك بمعتقلات الحركة الشعبية بزعامة المتمرد مالك عقار ينقلون لنا صورة قاتمة صورة ذات إبعاد دقيقة إلي ما بعد الأشياء الخفية في تلك البقاع التي تعرض فيها التجار ورجال الأعمال والباحثون عن الذهب إلي القتل بالاختناق والتعذيب المضني والحرمان من المأكل والمشرب إلا في فترات زمنية متقطعة مما أستدعي أن يعيشوا واقعاً مؤلماً جداً في الكثير من الأحيان وكان الاتهام يطالهم بأنهم يتبعون إلي المخابرات السودانية..
وفي سياق متصل كشف التاجر المنقب عن الذهب امام محجوب امام البالغ من العمر(33) ربيعاً تفاصيل مثيرة جداً عن الفترة التي أمضاها في سجون الحركة الشعبية حيث قال: مازالت جراحي تتفتح تحت الشمس ولاتنمو بشكل طبيعي لأن التعذيب الذي مارسوه معنا كان تعذيباً مميتاً بكل ما تحمل هذه الكلمة من معني.
واضاف: بدأت قصة أسرنا لا تتردد في السباحة في بحيرة الشيطان لكي تمزق اقنعة الحق بالنفاق وتقدم نفسها أمام عيننا في نموذج ظالم . نعم ظالم . فلاشيء غير الظلم هناك. إذ شددت الرحال من ولاية الخرطوم للبحث عن الذهب في ولاية النيل الأزرق بواسطة الجهاز الخاص بعملية التنقيب التي ذهبت في إطارها إلى منطقة (قيسان) جنوب مدينة الدمازين .. وكان أن حققت ما أصبو إليه وعدت مباشرة إلى الخرطوم ثم عدت إلى هناك مرة أخرى في شهر رمضان المعظم حاملاً معي جهازين للتنقيب بقدران (65) ألف جنيه .. وأثناء عملية التنقيب في المنطقة سالفة الذكر حدثت التطورات التي تمرد في ظلها المتمرد مالك عقار على الشرعية في المركز .. ففي اليوم الثاني من الحرب بين قوات الشعب المسلحة وجيش الحركة الشعبية الذي يصادف اليوم الخامس من عيد الفطر المبارك في العام الماضي وكنت في تلك الأثناء مقيماً مع شيخ منطقة (قيسان) الشيخ صالح.
{ جنوبي يضع السونكي على عنقي:
ماذا حدث بعد ذلك ؟ السؤال يجيب عليه التاجر امام قائلاً: وفي ذلك اليوم اقتحم منزل الشيخ صالح جندياً مدججاً بالسلاح من جنود الحركة الشعبية القي نظرة عامة على المكان ثم توقف متاملاً أجهزة تنقيب الذهب دون ان يتفوه بكلمة ثم خرج من المنزل الذي عاد إليه مرة أخرى يرافقه سته من متمردي الحركة الشعبية وقاموا باخذ المبالغ المالية والذهب الذي كان بحوزتي وأجهزة التنقيب وهو تبلغ في قمتها (90) ألف جنيه . وتحت تأثير السلاح تم تقييدي بالحبال ومن ثم وضعوني في راكوبة الحيونات في منطقة قريبة من منطقة (قيسان) على الحدود الأثيوبية لتبدأ معي مرحلة جديدة تتمثل في التعذيب المطلق ضرباً مبرحاً بمؤخرة البنادق التي كانوا يحملونها بلا رأفة أو رحمة .. ومع هذا وذاك اخلوا سبيل شمالي من إقليم دارفور المضطرب منذ العام 2003م . وكنت أقول لهم : لا علاقة ليّ بالمخابرات السودانية ، إلا أنهم كانوا يقولون ليّ .. أنت عميل أو فرد مخابرات ابتعثك الجيش السوداني للتجسس علينا خاصة وأنك (جلابي) والجلابة بالنسبة لنا اعداء .. وعندما انتصف النهار في ذلك اليوم جاء جنوبي منهم نحوي وهو مشهراً سونكي وضعه على عنقي وأنا مقيد بالحبال وقال : لقد حان الوقت لكي أذبحك أيها العربي.. فما كان من حراس الحركة الشعبية إلا وحاولوا منعه من ممارسة هذا الفعل. ولولا أنهم انشغلوا بالقبض على عمدة منطقة (قيسان) الذي اعتدوا عليه بالضرب المبرح .. بينما توجه الجنوبي من ناحيتي إلى الناحية التي كان فيها العمدة (براش) وأيضاً منعوه من الوصول إليه.
{ وفاة 17 شخصاً بالاختناق:
ويسترسل : وفي عصر نفس اليوم تم تحويلنا من هناك إلى معسكر قوات الحركة الشعبية وفيه أودعنا داخل الحمامات التي أمضينا فيها (24 ساعة) تعذيباً لايطاق بأي حال من الأحوال مع التحقيق حول اتصالي بالمخابرات السودانية وهكذا ظللت على هذا الحال أكثر من (20) يوماً متصلة دون انقطاع . وبعد مرور هذه الايام كانت قوات الشعب المسلحة وقد حررت منطقة (قيسان) من التمرد . الشيء الذي حدا بهم نقلنا إلى رئاستهم في مدينة الكرمك التي تحركنا إليها راجلين لمدة سبعة أيام .تركوا من كانوا معي وبدأوا في استجوابي مجدداً مع الضرب المتكرر .. وكنت أصر اصراراً شديداً على أنني مواطن لا علاقة له بالشأن السياسي أو المخابرات في البلاد إلا أنهم لم يكونوا يصدقون روايتي والامر الذي قادهم إلى اعتقالي خلف قضبان السجن الحربي الذي التقيت فيه بالكثير من الشماليين وأيضاً واصلوا معنا مسلسل التعذيب والشتائم والأساءة للسودان .. المهم أنهم في النهاية قالوا لي .. أنت باكستاني احضرت خصيصاً من أجل أن تحارب بالوكالة عن الحكومة السودانية.. ومن هذه الإتهامات بقينا جميعاً (40 يوماً) في مدينة الكرمك التي عندما سقطت في يد القوات المسلحة أخذونا إلى منطقة (خور البودي) الذي ادخلنا فيه داخل (كونتينات) كل واحدة منها يدخلون فيها (80شخصاً) والكونتينة المجاورة لنا توفي فيها خلال ساعتين جراء الاختناق حوالي (17 شخصاً) ومن حسن حظنا أن القوات المسلحة حررت المنطقة وكان أن حولنا متمردي الحركة الشعبية إلى سجن خارج مدينة الكرمك وهي منطقة (قردان) التي تم سجننا فيها (24 يوماً) وعندما قصف الطيران المنطقة نقلنا إلى منطقة (مقوف) وفيها أقمنا أكثر من (20يوماً) قالوا لنا بعدها سوف نطلق سراحكم بشروط البقاء داخل المنطقة .. ولأننا نحن (جلابة) كما يزعمون تم وضعنا في رقابة من خلال عملنا في ميز ضباط الحركة الشعبية .. وعلى مدار شهرين كنا نتاجر مع الأثيوبيين .. إلى أن قصف الطيران الحربي المنطقة.
{ التنقل بين سجون الحركة الحربية:
وإلتقط منه قفاز الحديث رجل الأعمال الشاب عبدالله حسن محمد حامد الصابونابي من ولاية سنار محافظة سنجة قائلاً: كنت في مدينة الكرمك ادير اعمالي المتعلقة ببيع الذهب الذي انقبه من تلك المناطق التي ذهبت إليها وفي معيتي اجهزة تنقيب وعربة يقودها لي من تربطني به صلة قرابة. وعندما ضربت الكرمك كنا قد دخلنا إثيوبيا التي ظللنا فيها (20 يوماً) تقريباً في كرمك إثيوبيا الفاصل بينها وبين كرمك السودان (خور) .. وبعد أنقضاء تلك الأيام جاء نحونا متمردي الجيش الشعبي بحجة أنه لدينا ممتلكات في السوق وحتى نحافظ عليها يجب أن نسجل اسماءنا وبما أنهم أخذوا مني مبالغي المالية والذهب والعربة قررت أن اجرب هذه الفكرة ربما أتمكن من استرداد حقوقي وأن كنت على قناعة بأن الحركة الشعبية تفتقر للمصداقية ولكن كما يقول المثل: ( الغريق يتعلق بقشة) وبالتالي توجهنا معهم من هناك إلى مدينة الكرمك السودانية .. فما كان منهم إلا واودعونا في السجن الحربي الذي تعرضنا فيه للتعذيب الشديد والاساءات الجارحة .. وحينما يقصف الطيران الحربي السجن يتم اخراج الجنوبيين من الزنزانات ويتم تركنا وهم يقولون هؤلاء العرب دع الطائرات تقتلهم .. إلا أن إرادة الله – سبحانه وتعالى – شاءت ألانصاب بمكروه .. وعندما حررت قوات الشعب المسلحة مدينة الكرمك .. قامت قوات متمردي الحركة الشعبية بجمعنا في مكان واحد ثم اقتادونا على الأرجل الى منطقة (خور البودي) وفي هذه المنطقة وضعونا داخل حاويات البضائع التي توفي فيها عدداً كبيراً من الشماليين الذين لم يدعونا نسترهم في الحفرة ومن هذا الحادث نقلونا الى منطقة (جردان) التي حبسنا فيها داخل مخزن ومنه مباشرة الى منطقة (مبوت) التي بقينا في سجنها شهرا ونصف بعدها قالوا ان التجار ورجال الاعمال والمنقبين عن الذهب ضبطنا معهم اجهزة تنقيب ومبالغ مالية وعربة وعددنا (16 شخصا) في ذلك الوقت اطلقوا سراحنا بشرط البقاء في المنطقة مع مراقبتنا وفي ظل هذه المراقبة اصبحوا يشغلونا في نحر الخراف والابقار ونبيع لحومها في الجزارة في حين كنا نأكل بليلة عيش في وجبة واحدة يوميا دون ان يعطونا الماء الكافي وفي كل صحن تسعة افراد في تمام الساعة التاسعة وطوال هذه الفترة لا تتاح لنا الفرصة للاستحمام حتي ان القمل ملأ رؤوسنا وملابسنا المهم اننا صبرنا على ذلك صبر ايوب – عليه السلام – ومع هذا وذاك نقضي حاجتنا في المكان الذي سجنونا فيه.
الهروب بواسطة المركبات الجامبوا
ويواصل عبد الله الحكاية: عموما استمرينا في هذا الواقع المذري ردحا من الزمان الذي نخدم من خلاله اهل المنطقة بمراقبة من جيش الحركة الشعبية وبعد مرور شهر أو شهرين قصف الطيران منطقة جردان فاشاروا على المواطنين بمغادرتها وكان ان منحونا أذنا مكتوبا بالارتحال مع اهالي المنطقة الى منطقة اخري وفي تلك اللحظات كانت عربتي البوكس تم تهريبه لي عبر منطقة (الفونج) بواسطة فرد من افراد الجيش الشعبي وعندما وصلت المنطقة المشار اليها مسبقا وقد اتي الىّ شقيقي خصيصا من الصابونابي وهو يحمل معه تصريحا بالمرور بالعربة وخرج بها الى ان وصل بها الى ولاية سنار.
اما نحن فقد خرجنا من هناك عبر العمل ككماسرة في الدفارات التي يطلقون عليها (الجامبوا) وكان ان وصلنا بهذه الطريقة الى مدينة الرنك ومنها الى منطقة (جودة) ثم (ربك)
انتهاكات متمردي الجيش الشعبي
وكان قد تسارعت وتيرة الاحداث بولاية النيل الازرق على خلفية التمرد الذي قاده المتمرد مالك عقار على الشرعية في المركز الأمر الذي استدعي المشير عمر البشير رئيس الجمهورية لاعلان حالة الطواريء في الولاية الواقعة جنوبي السودان وعين لها حاكما عسكريا بعد يومين من اندلاع القتال في ولاية النيل الازرق بين قوات الشعب المسلحة ومسلحين تابعين لقوات الحركة الشعبية لتحرير السودان كما يزعمون – قطاع الشمال.
وكانت الاشتباكات بين الجيش النظامي السوداني وقوات الحركة الشعبية المتمردة بقطاعها الشمالي في الولاية قد تجددت وتبادل المسئولين في كل من السودان ودولة الجنوب الوليدة الاتهامات بالمسؤولية عن تفجر الأزمة.
من جانبه قال العقيد ركن الصوارمي خالد سعد الناطق الرسمي بأسم الجيش السوداني ان قوات الجيش الشعبي التابعة للحركة الشعبية التي تحكم دولة الجنوب الموجودة في ولاية النيل الازرق بشمال السودان – نفذت هجمات على مدينة الدمازين عاصمة الولاية وأكثر من أربع مناطق أخري خارج المدينة.
واضاف ان الجيش الشعبي حشد قواته للقيام بهجوم متزامن على عدد من وحدات الجيش السوداني ولكن قوات الشعب المسلحة تمكنت من دحر القوات المهاجمة وبسطت سيطرتها على مدينة الدمازين بالكامل.
كما قالت سناء حمد وزيرة الدولة بوزارة الاعلام السودانية ان القوات المسلحة السودانية سيطرت على الوضع داخل مدينة الدمازين مع الساعات الأولي لفجر اليوم
وافادت الوزيرة بأن القوات السودانية تصدت لهجوم منظم من قبل قوات الحركة الشعبية من دندرو باتجاه مدينة الدمازين وطالبت الحكومة مقاتلي الحركة بتسليم أنفسهم للجيش والا فسيتم اعتقالهم.
وفي الاثناء قال الجيش السوداني ان 14 مدنيا قتلوا وجرح 11 أخرون في هجوم نفذه الجيش
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق