الأحد، 12 سبتمبر 2021

منير عبدالوهاب ممثل كبير من توتي وسراج النعيم



 

تنبأ له طبيب بالاصابة بالعمى بعد (70) عام
منير عبدالوهاب : عرفت منذ الصغر بانني سأصبح (كفيفا) 
جلس إليه : سراج النعيم 
كشف المخرج الإذاعي والممثل المخضرم منير عبدالوهاب قصته الحزينة مع الإصابة بالعمى، والذي تنبأ في إطاره طبيبا سودانيا قبل أكثر من (70) عام بأنه سيصبح (كفيفا)، كما أنه رد على أسئلة وضعتها على منضدته فيما يتعلق بوظيفته في مجال الحسابات الحكومية، ومن ثم أصبح مخرجاً للبرامج، السهرات والدراما بالإذاعة السودانية والتلفزيون القومي. 
كيف أصبحت (كفيفا)؟
بدأت قصة إصابتي بالعمى منذ أن كنت طفلاً، إذ انني وقتئذ كنت أدرس في المرحلة الاوسطي، وأثناء ذلك مر أطباء العيون كالعادة على مدرسة (الاميرية) بمدينة أمدرمان، وكان أن كشفوا لي النظر، فقال الطبيب المختص : (سبحان الله.. سبحان الله)، موجها خطابه إلى أطباء الامتياز الذين كانوا يرافقونه في تلك اللحظة، فما كان منهم إلا أن سألوه بصوت ماذا هناك يا بروف؟ فقال بلا تردد : إن هذا الطفل الذي اوقعت له الكشف الطبي مصيره الإصابة بالعمى، فاردفوا : لماذا؟ فقال : توجد في عينيه ماء سوداء، فسألوه يا بروف أليس لهذه الحالة علاج؟ فقال : في الوقت الحاضر ليس لها علاج، ولكن ربما بعد عشرين أو ثلاثين عام سيصل العلماء إلى علاج له، عموماً مصير هذا الطفل الإصابة بالعمى، وتأكد لي منذ ذلك التاريخ بانني ساصبح (كفيفا)، وهو ما يؤكد بأن الطب وقتئذ متطور جدا.
وماذا؟
حينما ازفت ساعة الصفر بدأت أشاهد (طشاش)، فما كان إلا وأجريت في هذا الإطار أكثر من (6) عمليات في السودان، بالإضافة إلى عملية أخرى في (القاهرة)، ولم تسفر كل تلك العمليات عن نتائج (إيجابية)، والحمدلله على ما أراد الله الذي قال في حديث قدسي : (من أخذت حبيبة عينيه، فإن جزاءه الجنة) فهذا الحديث كثيرا ما يريحني.
كم مضى على إصابتك بالعمى؟
مضى على الإصابة بالعمى حوالي ال(7) سنوات، وقبل هذه السنوات كنت أشاهد (طشاش)، هكذا إلى أن أصبحت لا أشاهد نهائياً. 
هل تأقلمت مع الإصابة بالعمى؟ 
نعم.. فقد أضحيت أمارس حياتي بشكل طبيعي، لأنني كنت أصلاً مهيأ لهذه الحالة، بالإضافة إلى انني لدي إبني الذي يساعدني كلما فكرت في الخروج من المنزل. 
هل نجلك مضى في مجالك؟ 
لا.. فقد اختار تخصصه بعيداً عن والده، ووالدته عفاف شيخ الدين المتخرجة في مجال الموسيقى رغماً عن أنه عازف (أورغ) و(بيز جيتار) و(عود) ماهر جدا، كما أنه خاض تجربة التمثيل، أي أنه اختار دراسة الترجمة، ومن ثم عمل في السفارة البريطانية
هل أنت أصلا من جزيرة توتي؟
نعم.. فأنا في الأساس من قبيلة (المحس)، والتي أتذكر في ظله انني سافرت إلى الولاية الشمالية وقدمت مع مجموعة من الزملاء مسرحية في مدينة (دنقلا)، ومنها إلى مدينة (كريمة)، وأثناء ما كنا هناك جاء إلينا مدير الشرطة، وطلب مني أن نقدم عرضا مسرحيا في إفتتاح دار الشرطة، وكان أن استجبنا له وقدمنا عرضا (مجاناً)، فقال لي : من أين أنت في الخرطوم؟ فقلت : من جزيرة توتي، فأردف سؤاله بآخر : هل أنت (محسي)؟، فقلت : نعم، فما كان منه إلا وتحدث معي باللهجة المحلية، فلم أرد عليه، فقال : أليس محسيا أنت؟ فقلت : (محسي)، ولكن لا (ارطن)، فقال : لماذا؟ فقلت : منذ أن تم انجابي في جزيرة توتي وجدت أجدادي يحفظون الناس القرآن الكريم، ولا يعرفون اللهجة المحلية، عندها أكد لي أنه عندما تخرج من كلية الشرطة تم ابتعاثي إلى أمريكا، وأثناء تجواله فيها وجد متحفا أمريكيا، فدلف إليه وأثناء ذلك وجدت فلكلور سوداني بالقرب منه لافتة مكتوب عليها (من ترهاقة ملك مملكة كوش إلى ملك أمريكا)، فاستغرب غاية الاستغراب، فسأل المشرف على المتحف ما هذه الأشياء؟ فرد عليه قائلاً : هذه الهدية من ملك أفريقيا، وكان أن شرح له بأن الفلكلور هدية من حاكم السودان، فطلب منه الأمريكان أن يعمل معهم في مجال السياحة إلا أنه رفض الفكرة رفضا باتاً، وتمسك بعمله الشرطي في السودان.
ما أبرز المسرحيات التي شاركت فيها؟
شاركت في العام 1976م في مسرحية (سقوط برليف) في إفتتاح قاعة الصداقة بالخرطوم، وهي من تأليف الشاعر الفلسطيني هارون هاشم رشيد، وإخراج عمر الخضر، بالإضافة إلى مسرحية (المهدي في ضواحي الخرطوم)، و(لعنت المحلق) من تأليف نعمات حماد وإخراج الفنان الراحل عبدالعزيز العميري، وشاركت  فيها في مهرجان الثقافة الثاني بمدينة (كسلا).
ماذا عن المخرج الراحل خطاب حسن أحمد؟
كان عليه الرحمة عبقريا، إذ أنه كان مخرجاً مميزا، وقد أخرج لي برنامج (الصباح رباح) بالإذاعة السودانية، وظلت علاقتي معه مستمرة حتى بعد احالت النظام المباد لنا للصالح العام، إذ أنه اتصل بي هاتفياً، وطلب مني أن أأتي إليه في شركة إنتاج إعلامي، وكان أن عملت معه حوالي (10) إعلانات، ومنحني على إثر ذلك مبلغ من المال ظللت أصرف منه عام كامل، وهو من أسرة في جزيرة توتي، ومنها الفنان عابدين ابوعشة الذي سبق حمد الريح في الحركة الفنية، وإبراهيم زكريا أميز كوميديان، والشيخ عمر الذي ألف منلوجات للأطفال مثلاً (الغروية)، و(امحمد) تمجيدا للمزارع، و(يا فاعل خير)، وهي دعوة لكفالة اليتيم وغيرها من المنلوجات التي وصلت إلى (10). 
ما الأعمال الأخيرة التي اخرجتها للإذاعة السودانية؟
كنت استكتب اللواء الراحل عبدالله ابوقرون عن شخصيات سودانية خالدة في ذاكرة الأمة السودانية مثلا الشيخ فرح ودتكتوك وعبدالرحمن النجومي وآخرين.
ما البرامج المميزة التي اخرجتها للإذاعة السودانية؟
(العلوم الدينية)، (فترة السحر) و(السهرة)، وهي برامج كنت مقدماً ومخرجاً فيها، وأصبح فيما بعد ضيوف البرنامج من الممثلين المميزين.
كيف جئت لعالم الدراما؟ 
كان مدخلي لها في منتصف سبعينيات القرن الماضي من خلال وظيفتي في مجال الحسابات، فأنا كنت مولها بالرديو منذ الصغر، وكانت لدي أخت تحب الإذاعة، ويوميا تستمع إلى اثيرها، وتطلب مني أن استمع معها للبرامج الإذاعية لدرجة انني أصبحت أحفظ بعض الشعارات، وبما انني كنت محاسبا في الحكومة طلب مني وكيل وزارة المالية أن أمثل أمامه، وعندما ذهبت إليه أبدى إعجابه بتجربتي في مجال الحسابات، وطلب مني أن انقل إلى وزارة الخارجية، فرفضت الفكرة جملة وتفصيلا، وابديت رغبتي في العمل بالإذاعة السودانية، إلا أنه ونقلني إلى (اللاسلكية واللا سلكية) لمراجعة شيكات لم تتم مراجعتها منذ الاستقلال، وعندما انتهيت من المهمة اصريت على نقلي للإذاعة السودانية رغماً عن الإغراءات من مدير (الحريقة) آنذاك قبل أن توول للشرطة السودانية، إذ أنه منحني رتبة (ملازم أول)، إلا انني رفضت ذلك، واصريت على الإذاعة السودانية، هكذا إلى أن تم منحي خطاب نقلي لوزارة الثقافة والإعلام، والتي ابقتني بطرفها فترة إلى أن نقلت للإذاعة السودانية، وأصبحت أنتج فيها البرامج الإذاعية، المسلسلات، التمثيليات والمسرحيات في الإذاعة والتلفزيون. 
ما الموقف الذي مر بك في الإذاعة وخالد في الذاكرة؟ 
في مرة من المرات كنت أقف أمام صراف الإذاعة، فوضع لي الصراف مبلغا كبيراً، وأثناء ذلك كان يقف خلفي مباشرةً الممثل الراحل عوض صديق، فسألني ماذا تشتغل يا منير؟ فقلت : عدد من البرامج الإذاعية، فقال : أنا وأستاذ يسن عبدالقادر دايرين نشغل معك، فقلت : لا مانع لدي، لكن دعني أشاور المخرجين، وعندما فعلت لم أجد لدي البعض منهم مساحة إلا في برنامج الشاذلي عبدالقادر الذي اعتبر انضمامهما له إضافة، وكان أن شكرني الأستاذ عوض صديق، وهذا يقودني إلى تقييم المبدع، والذي أتذكر في ظله انني كنت مشاركا، وعددا من الشباب الخريجين في مسرحية (العروس في المطار) مع الأستاذ ابوقبورة في بعض الولايات، والتي قدمنا من خلالها عرض مسرحي في منطقة (طابت)، وحقق العرض نجاحا منقطع النظير، فما كان من الأستاذ محمد سراج إلا وقال : يا منير وزع القروش بالتساوي على طاقم المسرحية، فقلت : يا أستاذ ليس منطقا أن أخذ مبلغا معك بالتساوي، هكذا رفضت ورفض طارق علي وخالد خيري وكل الممثلين في المسرحية.

الجمعة، 10 سبتمبر 2021

سراج النعيم يكتب : متسول فى (العالم الافتراضي)

 


...........................

وقفت متأملاً ظاهرة التسول المنتشرة فى المجتمع بشكل عام وتطورها فى ظل (العولمة) ووسائطها المختلفة، مما يدعو إلى دراستها دراسة مستفيضة وتحليلها تحليلاً اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً ودينياً وسيكولوجياً من واقع أنها ظاهرة خطيرة سبق ناقشتها الإعلامية رشا الرشيد بقناة النيل الأزرق ومعظم البرامج المندرجة فى هذا الإطار أعيب على منتجيها إغفال بعض الجوانب المهمة وتركيزهم على تحليل الظاهرة فى حيز ضيق جداً.

إن (التسول) أخذ أشكالاً مختلفة فى المجتمع وفى العالم الافتراضي الذي أصبح فيه سهلاً لانتشار الهواتف الذكية، لذا تجد (المتسول) يواكب التطور التقني نسبة إلى أنه أطر نفسه فى هذه الفكرة إلى أضحي إنساناً مريضاً يحتاج أن نقنعه بفائدة العلاج حتى لا يصاب بالإدمان، وبالتالي ويتطور كلما تطورت وسائل التقنية الحديثة، لذا يصعب استئصال هذا الداء الفتاك الذي يقننه البعض بصور تحمل بين طياتها الغرابة، وقد نجح الفنان عادل إمام في تجسيد ظاهرة التسول فى فيلمه الذي حمل عنوان (المتسول)، فبالإضافة إلى والدراما العربية التي تطرقت للظاهرة فى العديد من الدراسات والبحوث.

من الملاحظ أن المتسولون يعملون على تطوير أواتهم والتنوع فيه مبتعدين عن الطرق التقليدية، وهؤلاء هم الأكثر خطراً علي المجتمع ويتطلب منا أن نلقي عليهم الأضوء وذلك حسب مشاهداتنا اللصيقة للبعض منهم، والذين لديهم أساليب وطرق متطورة جداً وبصورة لا يمكن أن تخطر على البال.

ولنبدأ التطرق للظاهرة من حيث الطرق التقليدية التي يستعطف فيها (الشحاد) العامة من خلال الإعاقة التي يتخذون في إطارها مواقعاً إستراتيجية مثلاً الأسواق أو أماكن التجمعات أو أمام المساجد أو مداخل الكباري أو الأستوبات أو الشوارع الرئيسية ليمدوا أيديهم للناس طلباً للمال، ولم تقف الظاهرة عند الرجال، إنما امتدت فى الآونة الأخيرة إلى النساء والأطفال الأصحاء، وهنالك متسولون يدعون أن لديهم مرضي بالمستشفيات، وآخرين يقولون : (إن ظروفاً مرت بنا هنا أفقدتنا مبلغ تذاكر السفر إلى مدننا البعيدة، وهنالك بعض النساء يحملن طفلاً أو طفلة ويقفن بهم فى مواقف المواصلات العامة والأستوبات)، وتقول الواحدة منهن للمارة : (لو سمحت.. ثم تطلب منه المساعدة)، وهكذا يتكرر المشهد يومياً أي أنهم اتخذوا من (التسول) مهنة، وأمثال هؤلاء أفقدوا أصحاب الحوجة الحقيقية المصداقية، ومن هذا المنطلق أدعو من يتسولون بالمرض لهم أو لأقربائهم أن لا يفعلوا.

وهنالك من يستقلون المواصلات للتسول بكلمات محفوظة يشرحون من خلالها ظروف اقتصادية يمرون بها حيث أنهم يدعون أن لديهم روشتات طبية ولا يملكون المبلغ الخاص بصرفها، وتتواصل الظاهرة فى أشكال مختلفة، إذ أنهم يتخذون من أشارات المرور موقعاً له وذلك بمسح زجاج السيارات التي تقف بأمر الإشارات المرورية التي لا يتجاوز زمنها سوي دقائق معدودة، ثم يطلب المتسول مقابلاً لما قام به، كما أن هنالك ظاهرة الأطفال الذين ينتشرون فى الحدائق، ضف إليهم (الشماشة) الذين يتخذون من باطن الأرض مسكناً بالليل، ويجوبون الأسواق والطرقات بالنهار، ومن المواقع الإستراتيجية للشحدة المكاتب الفخيمة ومواقف السيارات وإشارات المرور وأمام المساجد إلى جانب الأماكن الراقية وغيرها.

ويري المهتمين بشأن الظاهرة أن الأسباب القائدة للظاهرة هي أن الكثيرين يلجئون لممارسة (الشحدة) في بادئ الأمر للظروف الاقتصادية القاهرة، وعندما يجد المتسول أنها تحقق له عائداً مالياً كبيراً يمتهنها كمهنة تدر عليه أرباحاً لا تدعه يكف عن (الشحدة)، السؤال الذي يفرض نفسه ما هي الكيفية التي يمكن أن نستأصل بها ذلك الداء؟ الإجابة فى رأي تكمن في اجتزاز الظاهرة من جذورها، وذلك بالتعامل معها بحسم شديد، ثم العمل بشكل جاد علي تجفيف منابعها، ودراسة حالة المتسول من الناحية الاقتصادية لتبيان الأسباب الحقيقية التي تقوده للاتجاه على ذلك النحو حتى يتم تأهيله بالصورة التي لا تدعه يعود إلى (التسول) مرة آخري، ولكي ننجح فى الفكرة يجب توفير فرص لمن هم خارج منظومة العمل ومحاربة الفقر، إلى جانب توعية وتثقيف المتلقي خاصة وأن أحاديث سيد البشرية عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم تحث العباد علي العمل فى قوله : (ما أكل أحد طعاماً قط خيراً من أن يأكل من عمل يده وأن نبي الله داود عليه السلام كان يأكل من عمل يده) ﺭﻭﺍﻩ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ، وقال أيضاً : (ﻷن يحتطب أحدكم حزمة علي ظهره خير له من أن يسأل أحداً فيعطيه أو يمنعه).

وحتى تنتهي ظاهرة (التسول) يجب أن نوفر المال للمحتاج الحقيقي عبر الدراسات الميدانية بواسطة اللجان الشعبية فى الأحياء باعتبار أنهم الأردي بمن هو الأحق بأموال الزكاة والصدقات التي يجب توزيعها بحسب قول المولي عز وجل : (إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وأبن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم).

من هنا أتمني صادقاً أن يعود المجتمع للدين الإسلامي فى كل كبيرة وصغيرة، وأن تتحد الجهود من أجل اجتزاز ظاهرة (التسول) بشكل نهائي لما فيها من سوالب ظاهرياً وباطنياً، فالظاهرة من أساسها مرض نفسي خطير ينتشر يوماً تلو الآخر بصورة مخيفة ومرعبة

سراج النعيم يكتب : أحسنوا الظن يرحمكم الله


.......................

إن الكثير منا فى هذا الزمن لا يحسنون الظن في الآخرين، ويتخذون على خلفية ذلك القرارات المصيرية في الحياة دون التأكد من حقيقة ما يذهبون إليه، وبالتالي يقعون في فخ (الظن)، الذي أصبح ظاهرة منتشرة لدى بعض النساء أكثر من الرجال، وهذا يعود إلى أنهن ﻻ ﻳﻘﻤﻦ لهذا ﺍﻟﺠﺎﻧﺐ ﺃﺩﻧﻰ ﺍﻫﺘﻤﺎﻡ، ﺇﻻ ﺍﻟﻨذﺭ ﺍﻟﻴﺴﻴﺮ منهن.

وما لا يعلمه هؤلاء أو أولئك الذين يظنون في الناس الظنون، أنهم يرتكبون الخطايا المترتب عليها إﺛﻢ ﻛﺒﻴﺮ، ﻭﻓﻌﻞ ﻋﻈﻴﻢ، وهذا الفعل ينمو تدريجياً إلى أن يتحول بمرور الزمن الي مرض نفسي، يستسهل معه الشخص عدم (إحسان الظن).

ومن المعلوم للعامة أن النار تبدأ ﻣﻦ ﻣﺴﺘﺼﻐﺮ ﺍﻟﺸﺮﺭ، وعليه يبدأ الظن صغيراً ثم يكبر إلى أن يصبح مشكلة يصعب حلها، الأمر الذي قاد إلى إنتشار الظاهرة وسط المجتمع خاصة في ظل التطور التقني الحديث، والذي سهل التواصل بين الراسل والمرسل من خلال الهواتف الذكية، وذلك عبر (الماسنجر) و(الفيس بوك) و(الواتساب) و(الايمو) وغيرها مما أنتجته (العولمة)، ما جعل الواقع واقعاً مختلفاً وهذا الواقع قائم على عنوان (أترك الحبل على القارب).

ومن أكثر القصص التي وقفت عندها بتأمل عميق قصة الرجل الذي أشتهر لدى العرب بكرمه الفياض، والذي قالت له زوجته ذات مرة : لم أشاهد في حياتي قوماً أشد لؤماً من أشقائك وأصدقائك.

فرد عليها قائلاً : ما الذي جعلك تذهبين على هذا النحو؟.

فقالت : لاحظت أنهم عندما تكون لديك أموال كثيرة بين يديك يلازمونك على الدوام، وما أن تفقد تلك الأموال، فإنهم يتركونك ولايسألون عنك.

فقال رداً عليها : المسألة عندي مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بكرم أخلاقهم، فهم لم يعتادوا على التقشف، لذا يذهبون إلى من آلت إليه الأموال، وبالتالي متى ما أعاد الله سبحانه وتعالي تلك الأموال، فإنهم سيعودون اليّ لأنني سأكون قادراً على أن امنحهم ما يرغبون فيه.

ومن يطلع علي هذه القصة، فإنه يجد فيها دروساً وعبراً، من حيث (إحسان الظن)، فذلك الرجل جمل القبح الذي حاولت زوجته إظهاره، ولم يكن هو في حاجة إلى من يفسر له ابتعاد أقرب الأقربين له بعد فقده المال، وأن دل هذا الشئ فإنما يدل على أنه يحسن الظن في الآخرين، ملتمساً لاشقائه واصدقائه العذر.

ومن الأمثلة الشائعة هذه الأيام مثلاً إذا وجدت الزوجة زوجها يتواصل بـ(الواتساب) أو يتحدث عبر الهاتف وقطع ذلك التواصل أو الإتصال الهاتفي لرؤيته لها، فإنه يدور في مخليتها أنه كان يتواصل أو يتحدث مع شابة من الشابات، مما يترتب عليه أن تخلق الزوجة أزمة قائمة على سوء الظن، وذلك قبل أن تتحقق من حقيقة التواصل أو الإتصال الهاتفي، ومن ثم تبدأ الأسئلة مع من كنت تتحدث؟ ﻣﺎ ﺍﻟﺮﻗﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﻨﺖ تتواصل معه، وهكذا تكون الزوجة قد وجدت سبباً لسوء الظن وأن كان (بعض الظن إثم)، خاصة وأنه وفي كثير من الأحيان لا يكون هنالك دليل واضح على (سوء الظن)، يدع الزوجة تختلق إشكالية بينها وزوجها، أو تجري معه تحقيقاً حول هذا المؤشر أو ذاك، لأنها لا تمتلك دليلاً يتمثل في رسالة أو إتصال هاتفي يمكن أن تستند عليه لتوجيه الإتهام لزوجها، وربما تفعل الزوجة هذا الفعل اعتقاداً منها بأنها تحافظ على مملكتها رغماً عن عدم وجود أي مؤشر يدفعها إلى (ﺳﻮﺀ ﺍﻟﻈﻦ)، الذي ربما يلعب دوراً كبيراً في تفكك الأسر، وعليه فإن من ينجرف وراء هذا التيار لا يفكر قبلاً في قوله سبحانه وتعالى : (يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيراً من الظن، إن بعض الظن إثم، ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضاً، أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه)، وهذه الآية الكريمة تدعو الناس إلى أن لا يظن الإنسان في أخيه ظن السوء.

سراج النعيم يكتب : انحصار الإعلام في (هلا ريخ)؟



..........................

دائماً ما يتبادر إلي ذهني سؤالاً مفاده هل إعلامنا الرياضي له تأثيره على جماهير كرة القدم قاطبة ؟ الاجابة عندي لا .. لأنه في الغالب الأعم يركن إلي السطحية في الطرح والتناول لذا يحتاج إلي تقويم، وبالتالي دائماً ما تكون التفاصيل الشخصية في عملية النقد الرياضي حاضرة في كتابات البعض، وهي تفاصيل تحلق بنا في أجواء ملوسة بالأفكار (الخبيثة) بكل ما تحمل هذه الكلمة من معني، لذلك كله نجدها تمارس دور الحاجب عن التغيرات التي تحدث حتى في حركة الرياضة في البلاد، وذلك يعود إلي أن الإعلام الرياضي قلما يخوض بشفافية لكشف الحقائق المجردة للمتلقي المغلوب علي أمره، خاصة وأن القنوات الفضائية الرياضية المتاحة له لا تلبي طموحاته، مقارنة بما يشاهده في ظل الإنفتاح علي العالم بصورة عامة، لذلك يفرض علينا هذا الواقع المذري جملة أسئلة، هل الرياضة محصورة في فريقي المريخ والهلال، وهل هما يستحقان كل هذه العددية من الصحف والقنوات الفضائية والإذاعات، وهل اختلفت الأمور بعد كل السنوات الماضية، خاصة وأننا منذ ثمانينيات القرن الماضي، والعلاقة الإعلامية مع الرياضة بشكل عام، تقتصر علي أراء الغرض منها السخرية والتشفي، لا ممارسة نقد رياضي يستفيد منه المنشغلون والمهتمون بما نتج من هذه المباراة أو تلك، وربما لهذه الأسباب لا انجاز للإعلام الرياضي، الذي هو في رأيي ليس له صوت نافذ، ولا أخفيكم سراً أنني لا أقرأ إلا لكتاب قلة، وهؤلاء أحس في حروفهم الصدق الذي افتقده لدي البقية الباقية، وهذا الفهم ظل مسيطراً علي تفكيري، لأنني بصراحة شديدة أرفض مطالعة الصحف التي تقودها وجهة نظر مالكها، حتي ولو كان صاحب إمكانيات لا تؤهله لهذه الريادة.

وحينما أذهب إلي سلبيات الإعلام الرياضي المرئي نجد أنه بعيداً عن أشواق الجماهير، فهو الاخر لم يخرج من ثقافة النظر إلي الواقع الرياضي الراهن بمنظار المشجع للهلال والمريخ، وتلمس ذلك بجلاء في طريقة تحليلهم للمباريات، وفي هذه النقطة تحديداً أنصح البعض بعد الاطلالة علي المتلقي كمقدمين أو كمعلقين علي المشهد الرياضي لأنهم يفتقرون إلى أدني مقومات المقدم أو المعلق الجاذب بالطرح أو بالتناول أو كليهما معاً، ضف إلي ذلك أن القنوات الرياضية تحاول جاهدة إثبات ذاتها، ولكنها تتبع المسار الخاطئ الذي لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تنافس به محلياً ناهيك في ظل تواجد القنوات الفضائية الأخري، وربما عند بداية قناة رياضية نتخوف كثيراً علي إذاعة الرياضية، إلا أنهن ما أن يبدأن البث إلا ونكتشف بما لا يدع مجالا للشك أنهن لن ينافسن إلا أنفسهن .

من وجهة نظري الخطيئة كبيرة ولا تغتفر لأنه من البديهات عدم قفز القنوات الفضائية فوق رسالتها الإعلامية التي يجب توظيفها لخدمة الأحمر والأزرق معاً بعيداً عن الانتماءات للمريخ أو الهلال حتى لا تضطر جماهير هذا النادي أو ذاك إعلانها مقاطعة هذه القناة أو تلك حتى يتمكنوا من إيقاف الإساءات المتكررة لهذا النادي أو ذاك أو بعض لاعبيه وذلك يعني ببساطة أنه علينا غربلة تلك القنوات الفضائية، وإعادة بناء الرسالة الإعلامية حتى لا تصبح الإساءة نهجاً وارثاً متوارثاً جيلاً تلو الأخر، لأنه لا شيء يمكنه الغاء الإنجازات التي حققها هذا النادي أو ذاك على مدى السنوات الماضية، فهي جزء من تاريخه بخيره وشره، لأنه كان نتيجة قناعة وصدق جارف، وبالتالي لا ننفى إمكانية السقوط في الخطأ.

azsuragalnim19@gmail.com

*الدكتور أسامة عطا جبارة يشرح الإقتصاد السوداني في ظل الحرب*

..........  *تواصل شبكة (أوتار الأصيل) الإخبارية، وصحيفة العريشة الرقمية نشر الحوار الهام مع الخبير في الإقتصاد العالمي الدكتور أسامة عطا جب...