تقرير : سراج النعيم
.....
من المؤكد أن الوجود الأجنبي واللاجئين يشكلون مهدداً خطيراً لعدم تقنينه في السودان، وفقاً لما يتم في جميع دول العالم المستضيفة لهم، فأنت كلما خرجت من منزلك متوجهاً إلى مكان عملك تظن أنك في مدينة من المدن السورية أو الإثيوبية أو الإريترية أو الجنوب سودانية، خاصة وأن نظام الرئيس المخلوع عمر البشير جعل السودان دولة مشرعة الأبواب للأجانب واللاجئين الذين يمارسون العمل في قلب الخرطوم، والتي غزوها بصورة لم تحدث على مر تاريخ السودان، إذ أنهم يعملون بصورة غير مقننة، ورغماً عن ذلك تجدهم يعملون في المجالات المختلفة، البقالات، الكافتيريات، المطاعم، سائقين للمركبات العامة الحافلات وحتى الركشات، والمصانع والمستشفيات، مما أدى ذلك إلى تلاشي الثقافة السودانية في ظل انتشار الثقافات الوافدة، فهم يتم التعامل معهم أسوة بالسودانيين، وقد امتد نشاطهم للمأكولات والمشروبات الساخنة والباردة، بالإضافة إلى الترويج لثقافاتهم غير المنضبطة، وبالتالي فإن ثقافاتهم أصبحت تدخل في أدق تفاصيل حياتنا اليومية، وتشير الإحصائيات التقديرية إلى أن أكثر من (٤٠٪) من سكان ولاية الخرطوم أجانب_لاجئين، ويتمركزون في المدن والأحياء والأطراف إلى جانب وجود آخرين منهم في ولايات السودان المختلفة، والأغلبية الكبري منهم تقيم في البلاد بصورة غير شرعية، والأغرب أن البعض منهم يقودون المركبات، ويرفعون سعر التعريفة.
يعتبر الوجود الأجنبي ـ اللاجئين خصماً على الاقتصاد السوداني، فالكثير منهم أجبرتهم الأوضاع المذرية في أوطانهم للجوء إلى السودان، خاصة النزاعات السياسية والمسلحة في بلدانهم، مما قادهم للجوء إلى السودان، والذي يشهد هو أيضاً اضطرابات سياسية، اقتصادية، ورغماً عن ذلك يفضلونه منفاً لهم، مقابل البقاء في بيئتهم غير الآمنة ، وأن كنا نقدر ظروف استدعتهم لممارسة هذا الفعل المنافي لقوانين الإقامة المؤثرة دون أدني شك على ميزانية السودان الاقتصادية، لذا على الحكومة الانتقالية ضبط تدفقات اللاجئين، خاصة وأن بلدانهم شهدت نزاعات سياسية وصراعات مسلحة، إلا أنهم شاركوا المواطن السوداني في كل ما يتصل بحياته الاقتصادية، مما جعلهم يؤثرون على الأوضاع الأمنية، الاقتصادية، الثقافية والاجتماعية، وبالتالي شكلوا مهدداً في المدن والأحياء السودانية، مما يؤثر على الأمن القومي، وهو أمراً يتطلب من الحكومة وضع ضوابط مشددة لتلافي المخاطر التي أفرزها تدفق الأجانب_ اللاجئين الذين أحدثوا تعقيدات بالغة في المجتمع السوداني، الذي هو أساساً يعاني من مشاركتهم له في معاشه، ورغماً عن ذلك لا نرفض وجودهم، إلا أنه يجب تقنينه من خلال مفوضية شئون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة المسئول عنهم في الدولة (المضيفة)، ويخول لها إنشاء معسكرات خارج المدن والأحياء السودانية بالتنسيق مع وزارة الخارجية والداخلية، وأن توفر لهم المأكل والمشرب والأزياء إلى أن تدرس ملفات لجوئهم وفقاً للأسباب المستدعية لقبول طلب اللجوء أو رفضه، وفي كلتا الحالتين تنتفي الإقامة غير المشروعة في البلد (المضيف) الذي هو ليس معنياً بتقديم المساعدات لهم خصماً على ميزانية مواطنيه، وبالتالي على الحكومة الإسراع في وضع تشريعات تضبط وجود الأجانب_اللاجئين الإثيوبيين، الإرتريين، والجنوب سودانيين والسوريين وغيرهم، وإيجاد حلول لهذه المعضلة الحقيقية التي ظهر في ظلها الكثير من الجرائم الدخيلة على المجتمع السوداني، وأشهرها المجزرة البشرية التي شهدتها شقة (شمبات) الشهيرة، بالإضافة إلى الجرائم الخطيرة المنظمة كظاهرة شبكات التهريب والاتجار بالبشر.
ومما ذهبت إليه فإنه ليس هنالك إحصائيات دقيقة نسبة إلى تدفق الأجانب_ اللاجئين كلما سنحت لهم الفرصة من خلال التهريب عبر شبكات الاتجار بالبشر، وبالتالي فإن السودان لديه إشكالية في مسألة الإحصائيات الدقيقة، أما بالنسبة للمسجلين بحسب ما أشار مسئولين من النظام البائد في وقت سابق أن عددهم بلغ (162.097) وهؤلاء يقيمون في ولايات الخرطوم، الجزيرة، البحر الأحمر، غرب دارفور، كسلا، سنار والقضارف، إما اللاجئين فيبلغ عددهم (117.902) شخصاً إريتريا، (19.124) شخصاً تشادياً، (17.245) شخصاً إثيوبياً، إلا أن هنالك تقارير تؤكد أن الوجود الأجنبي في البلاد وصل إلى أكثر من (3) ملايين أجنبي_ لاجئ، وعليه فإن هذه النسب تفوق إمكانيات السودان بكثير، مما أدى إلى اكتظاظهم بتلك الولايات، فيما تشير تقارير آخرى إلى أن الوجود الأجنبي في السودان وصل إلى (24.780) شخصاً، والذين يعملون منهم يبلغ عددهم (2.642) شخصاً، وبما أن هنالك تضارب في الإحصائيات إلا أن السودان يعتبر من أكبر الدول المستضيفة للأجانب_اللاجئين، وهذه النسب غير الدقيقة قابلة للزيادة، وذلك من واقع أن هنالك شبكات إجرامية تنشط في تهريب الأجانب_اللاجئين عبر الحدود المتاخمة للسودان مع دول الجوار، وبالمقابل هنالك إحصائية خلاف السابقة تؤكد أن عدد اللاجئين الاريتريين بلغ (336.828) شخصاً، والإثيوبيين (97) ألفاً شخصاً، والتشاديين (158) ألفاً شخصاً، والكنغوليين (15) ألفا شخصاً، واليوغنديين (5) آلاف شخص، والصوماليين (8) آلاف شخص، وإفريقيا الوسطى (100) ألف شخص، بالإضافة إلى جنسيات دول آخرى وصل عددهم (150) ألف شخص، وهذه النسب خلاف نسب موسم هجرات اللاجئين الجنوب سودانيين والسوريين الذين فتح لهم الرئيس المخلوع عمر البشير البلاد دون ضوابط تتيح للسلطات المختصة عمل إحصائيات دقيقة لوجودهم في البلاد، إذ أنهم دخلوا الأراضي السودانية بإعداد كبيرة جداً، فضلاً عن الأجانب من الدول العربية المختلفة والآسيوية والأوروبية، وهذه التضاربات في الإحصائيات أحدثتها سياسات النظام البائد من حيث التعامل مع هذا الملف الشائك، والذي سبب قلقاً للدول العظمي، ناهيك عن السودان المصنف من ضمن دول العالم الثالث، والتي تعاني من أوضاع سياسية، اقتصادية، اجتماعية، ثقافية وفكرية، ومع هذا وذاك توجد به أكبر بعثة لشئون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة في القارة السمراء، مضافاً إليها المنظمات العاملة في المجال الإنساني.
فيما ظللت أحذر من الوجود الأجنبي في السودان، والذي يشكل خطراً كبيراً على الناس والمجتمع، وذلك من واقع أن الأجنبي ـ اللاجئ يتمتع بكل ميزات المواطن السوداني، مما خلق فوضى عارمة خاصة بعد أن فتح نظام الرئيس المخلوع الأبواب مشرعة لدخول الكثير منهم دون رقيب أو حسيب، وتجاوز ذلك بكثير من خلال منح عدداً منهم الجنسيات السودانية، وأمثال هؤلاء تغلغوا وسط الناس والمجتمع بصورة مخيفة ومقلقة جداً، إذ تشير الإحصائيات إلى أن عددهم فاق الـ (3) مليون لاجئ حيث تسلل البعض منهم للسودان عبر تجار البشر.
والأخطر مما أشرت له هو أن الوجود الأجنبي يهدد السودان أمنياً، فمن السهل استخدامهم في ارتكاب جرائم السرقة، النهب، الاحتيال، غسيل الأموال، التزوير والشعوذة، بالإضافة إلى أنهم يشاركون إنسان السودان في خدماته الصحية، التعليمية، الإقامة والمواصلات، مما يعمق الأزمة الاقتصادية، وبالتالي تضطر الدولة للصرف عليهم بصورة مباشرة أو غيرها، كما أن الوجود الأجنبي يلعب دوراً طليعياً في أحداث متغيرات في الثقافة السودانية المنبثقة من الثقافة الإسلامية، وعليه يتأثر المجتمع بالثقافات الوافدة، ولا سيما أبرزها الزواج العرفي وغيرها، لذا ظللت أكتب مراراً وتكراراً عن الوجود الأجنبي الوافد من دول الجوار وغيرها، وقلت أنه يشكل هاجساً كبيراً للسلطات الرسمية خاصة وأن البعض منه غير مقنن وجوده ، وعدم هذا التقنين أفرز ظواهر سالبة كثيرة في المجتمع السوداني، لذا لابد من تشريع قوانين تنظم الوجود الأجنبي في السودان، والذي حدثت منه تفلتات هنا وهناك، ومعظم الذين يدخلون السودان بصورة غير شرعية يزداد عددهم بصورة كبيرة، ولا تحتاج لهم البلاد، وعليه استطاعوا أن يؤثروا في النشء والشباب بالانحراف عن الطريق الصحيح، فأصبحت الجريمة والسلوك المنحرف متفشياً.