الخميس، 28 مايو 2020

سراج النعيم يروي قصة حواره مع ( أم الحسن) أشهر صاحبة قهوة شمال السودان وماذا قال لي الأستاذ أحمد البلال الطيب*


.......
*الخرطوم : العريشة*
.......
تعتبر (أم الحسن) الهوارية أشهر صاحبة قهوة وكافتيريا بطريق شريان الشمال الواقع شمال السودان.. حيث بدأت قصتي معها.. بأول لقاء صحفي .. ففي ذلك اليوم جئت على غير العادة إلى مقر صحيفة ( الدار) بالخرطوم في الصباح الباكر لكتابة صفحتي ( أوتار الأصيل ).. وقبل أن أدلف إلي المكتب.. تفاجأت بسيدة كبيرة في السن تجلس هي وبعض الشبان علي الأرض بمدخل الصحيفة.. وكانوا يتفاكرون في ماذا؟.. لا أدري.. ولكن كانت تعتريني رغبة في التعرف علي تلك السيدة.. وبالرغم من تلك الرغبة.. إلا أنني كنت متخوفاً من أن يكون لهم موعداً مع أحد الزملاء.. باعتبار أن لديها إشكالية ما.. وتود طرحها للرأي العام عبر الصحيفة.. فتجاوزت رغبتي ودلفت إلي المكتب.. فكان منظرها يطل أمام عيني.. فقلت في غرارة نفسي لماذا لا اقتحم عليها خلوتها مع أولئك الشبان وأسألها عن مشكلتها التي قادتها إلى المجىء للصحيفة في هذا الصباح الباكر؟.. المهم أنني خرجت من المكتب وذهبت إليها مباشرة.. وسألتها ما هي مشكلتك؟ فلم ترد علي والتفت إلى أحد الشبان متسائلة ماذا قال؟.. فرد علي ذلك الشاب قائلاً : وهذه السيدة هي والدتي ( أم الحسن) أشهر صاحبة قهوة بطريق شريان الشمال.. ثم أرؤدف : ووالدتي هذه لها قصص مثيرة في الصحراء الواقعة شمال السودان.. إلى جانب أن لها علاقة قوية بالرئيس الراحل جعفر محمد نميري الذي استجاب لها ابان ما كان حاكماً للسودان عندما طلبت منه حفر بئر للمنطقة التي تقطن فيها.. بالإضافة إلي أن الرئيس عمر البشير كسر لها البرتكول.. وسألها سؤالاًً مباشراً.. ما الذي تريدين أن أقدمه لك؟.. فقالت : سيدي الرئيس أحتاج إلى عربة تعينني في استجلاب السكر والشاي والبن.. ومستلزمات القهوة والكافتيريا.. وكان أن تبرع لها بعربة.. ومن هنا تبدأ الأسباب التي جعلت أم الحسن والشبان يلجأون إلي الصحيفة.. وأثناء إدارتي للحوار مع أم الحسن أكتشفت أن الشبان هم أبنائها.. وأن حضورها من شمال السودان إلي الخرطوم بدوافع استلام العربة.. والتي كانت إلي ذلك الوقت الذي ادرت فيه الحوار معها لم تستلمها.. عموماً عندما فرغت من الحوار والتقطت لأم الحسن صوراً.. قررت أن اعود بالحوار إلى المنزل وكتابته.. ومن ثم تسليمه السكرتارية في صباح اليوم التالي.. وبالفعل تحركت من مقر الصحيفة.. وما أن وصلت وسط الخرطوم.. إلا ورن السيار.. وحينما نظرت في الشاشة.. وجدت المتصل الأستاذ أحمد البلال الطيب رئيس مجلس إدارة صحيفة ( الدار).. ورئيس تحرير صحيفة ( أخبار اليوم) فقاللي بالحرف الواحد : أين أنت الآن؟.. فقلت : وسط الخرطوم.. فقال : أركب أي عربة أجرة.. وعود إلي مقر الصحيفة.. وكان أن استجبت لرغبته.. وعندما وصلت مقر الصحيفة.. وجدت الأستاذ معاوية محمد علي سكرتير التحرير.. يسألني عن نص حوار الحاجة أم الحسن؟.. فقلت : لم أعيد صياغته حتي الآن.. فقال : الأستاذ أحمد البلال الطيب يرجو منك أن تكتب منه خبر .. فقلت إنه ابلغني بذلك.. وكان أن كتبت خبراً مطولاًً من الحوار الذي اجريته مع أم الحسن.. فتفاجأت في صباح اليوم التالي بأن صوري وصور أم الحسن والمشيرين النميري والبشير تتصدر صدر الصفحة الأولى.. مصحوبة بالخطوط العريضة.. والخبر الذي كتبته.. وكان هذا الحوار هو التوثيق الوحيد الذي تم للسيدة أم الحسن.
وأم الحسن التي التقيتها.. سيدة كبيرة في السن.. وتعاني من إشكالية بسيطة في السمع.. لذا كان أحد أبنائها حلقة الوصل في إدارة الحوار.. الذي بدأت تداعياته علي هذا النحو.. بأن طلبت منهم تشريفي في المكتب.. حتي اتمكن من التوثيق لأم الحسن.. فهي إنسانة جديرة بذلك.. وكان أن طلبت لها قهوة ولأبنائها وشخصي أكواب شاي من ست الشاي حاجة الصايمة.. وبعد أن فرغنا من ارتشاف القهوة والشاي.. بدأت أم الحسن في رواية قصتها من الألف للياء.. وكيف كان لقاءها بالرئيسين الراحل جعفر محمد النميري..وعمر البشير.. فالأول تبرع لها بفحفر بئر.. بينما تبرع الثاني بعربة.. والاخيرة هي السبب في إجراء الحوار.. إذ أن البشير أصدر توجيهاته بأن تمنح أم الحسن عربة دفع رباعي.. لحظة افتتاح طريق شريان الشمال.. ولكنها لم تستطع الحصول عليها.. ما استدعاها اللجوء إلي الصحيفة لإيصال صوتها إلي البشير.. أما قصتها مع الرئيس الراحل المشير النميري.. فبدأت عندما زار المنطقة.. وقهوتها.. ولم يجدها.. فسأل عنها فجاءه الرد بأن أم الحسن ذهبت في مشوار؟.. فقال : ألم تسمع بأنني سآتي إلي هنا؟.. فقالوا : أم الحسن لا تملك راديو.. فحزن النميري حزناً شديداً .. وأمر بأن تمنح أم الحسن راديو.. حتي تستطيع أن تستمع نشرة الأخبار.. وتعرف موعد زيارته الثانية للمنطقة.. وقوتها.. وعندما أزفت ساعة زيارة النميري.. كانت أم الحسن في مقدمة مستقبلية.. فسألها عن حالته الصحية؟.. فقالت : الحمدلله.. ثم أردف : ما الذي تحتاجين إليه؟.. فلم تطلب لنفسها شئياً.. بل طلب حفر بئر لمنطقتها.. هذه هي الحاجة أم الحسن ﺻﺎﺣﺒﺔ أشهر قهوة بطريق شريان الشمال.. الطريق الممتد من مدينة ﺍﻣﺪﺭﻣﺎﻥ إلي مدينة دنقلا.
وقالت أم الحسن ( لأوتار الأصيل ) : لم أكن أفكر في نفسي بقدر ما كنت أفكر في تنمية المنطقة وتطوير القهوة إلي قهوة وكافتيريا حديثة.. وكنت استثمر أي فرصة لخدمة أهلي.. والمسافرين.. وظللت علي هذا النحو منذ أن كان هذا الطريق صحراء جرداء.. صحراء قاحلة.. ما يربو عن ﺳﺘﺔ ﻋﻘﻮﺩ.. ﺃﻭ ﻳﺰﻳﺪ.. وخلال تلك العقود فكرت في إنشاء قهوة ( أم الحسن).. ثم طورتها فيما بعد.. إلي قهوة.. وكافتيريا حديثة.. ساهم معي في إنشائها الباشمهندس عطا المنان.. وواصل اسهاماته معي داعماً للمشروع بالسكر والشاي والكراسي والطرابيز.. وكلما مر عبر طريق شريان الشمال لا يقصر معي.. المهم أن المنطقة بفضل الله.. وطريق شريان الشمال تمت تنميتها.. بعد أن كانت صحراء جراء.. صحراء قاحلة.. لا خضرة.. ولا مياه.. إنما كانت منطقة ملئية بالكثبان الرملية الثابت منها.. والمتحرك.
وتضيف ( أم الحسن) في حوارها مع ( أوتار الأصيل ) : من المعلوم أن طريق شريان الشمال يمتد من مدينة ﺍﻣﺪﺭﻣﺎﻥ.. إلي مدينة ﺩﻧﻘﻼ.. ويبلغ ﻃﻮﻟﻪ ( 594) ﻛﻴﻠﻮ متر.. ﻣﺮﻭﺭﺍً بمنطقة ( ابوﺿﻠﻮﻉ) ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺪ (68) ﻛﻴﻠﻮ متر.. ﺷﻤﺎﻝ ﻏﺮﺏ ﺃﻣﺪﺭﻣﺎﻥ.. وﻳﻤﺘﺪ ﻟﻤﺴﺎﻓﺔ ( 7) ﻛﻴﻠﻮ ﻣﺘﺮﺍﺕ.
وتتذكر أم الحسن كيف كان هذا الطريق قبل أن يتم رصفه بالاسفلت؟.. فقالت ( لأوتار الأصيل ) : كان من الصعب علي الإنسان ان يسلك هذا الطريق الصحراوي.. فكل من جازف.. ودخله فقد.. ولم تفلح كل عمليات البحث عن المفقودين.. أو أن يستطيعوا الخروج من ذلك النفق.. ما يؤكد أن من يدخل تلك المنطقة مفقود.. مفقود.. والخارج منها مولود.. مولود.. إلا أنني خبرت الصحراء جيداً.. وذلك من كثرة ترحالي فيها من منطقة إلي أخري.. حتي أنني أصبحت خبيرة فيها من منطقتي.. وﺣﺘﻰ منطقة( ﺍﻟﺘﻤﺘﺎﻡ) ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺪ ( 200) ﻛﻴﻠﻮ متر.. فيما تجد أن منطقتي ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺪ ( 50) ﻛﻴﻠﻮ متر.
عن كيف استطاعت التأقلم علي أجواء الصحراء المتقلبة؟.. قالت ( لأوتار الأصيل ) : نشأت وترعرعت فيها وكنت انتقل فيها منذ نعومة اظافري.. فقد كان والدي يدعني يصطحبني معه من منطقة صحراوية إلي اخري.. هكذا إلي أن أستقر بنا المقام في منطقتنا الصحراوية حالياً.. وخلال ذلك الترحال شهدت ﺍﻟﺼﺮاع الحقيقي في صحراء بيوضة..الصحراء الممتدة ﻣﻦ ﻏﺮﺏ ﺍﻟﻨﻴﻞ ﺣﺘﻰ الصحراء ﺍﻟﻜﺒﺮﻯ.. وكان آنذاك السفر عبرها لا يتم إلا ليلاً.. فالسفر بالنهار من رابع المستحيلات.. ﻧﻈﺮﺍً إلي أن درجات الحرارة مرتفعة جداً.. وبالتالي تجد العربات صعوبة في أن تقطع الصحراء.. فمع إرتفاع درجات الحرارة.. ترتفع درجات حرارة ماكينات العربات السفرية.. مما يجعل سرعتها تنخفض.. ويضطر السائق إلي إيقاف العربة ما بين الفينة والاخري.. بغرض تبريد ( اللديتر).. والماكنة.. إلى جانب أن العربة تتعرض إلي الوحل وسط الكثبان المنتشرة علي امتداد الصحراء.. مما يجعل السائق ومساعده والركاب يعانون معاناة شديدة.. حتي يتجاوزون تلك العواقب.. ما يقودهم إلي الوقوف لفترات طويلة لأخذ قسط من الراحة.. فالسفر عبر الصحراء يستمر إلي عدد من الأيام.
وتستمر أم الحسن في روايتها مع ( أوتار الأصيل ) قائلة : من أشهر سائقي العربات الذين كانوا يمرون بها قبل افتتاح طريق شريان الشمال.. كان السائق ﻋﻠﻰ ﻣﺤﻤﺪ ﺳﺎﺗﻰ المنتمي إلي قبيلة الدناقلة.. الذي انتقل فيما بعد للعيش في الخرطوم حي ( السجانة).. بعد أن ترك العمل في هذا المجال.. وأصبح يتاجر في السيارات التي استطاع من خلالها أن يمتلك ﺳﻴﺎﺭﺓ ( ﻓﻮﺭﺩ) في العام 1934م.. وما أن إمتلك هذه السيارة.. إلا وفكر في السفر عبر مدينة امدرمان.. إلي مدينة دنقلا.. ومن خلال ﺍﻟﺼﺤﺮاء.. وكان أن نفذ الفكرة التي راودته.. بعد أن حصل ﻋﻠﻰ ﺑﻮﺻﻠﺔ.. ﻭﻛﻤﻴﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﻴﺮ ﺍﻷﺑﻴﺾ ﻟﻮضعه ﻛﻌﻼﻣﺎﺕ.. تدله إلي طريق العودة من مدينة دنقلا إلي مدينة امدرمان.. كما أنه تحصل علي تصريح المرور من ﺍﻹﺩﺍﺭﺓ ﺍﻹﻧﺠﻠﻴﺰﻳﺔ.. علي أن يتحمل بهدا التصريح كل العواقب التي تنتج ﻋﻦ ﻫﺬﻩ المغامرة ﺍﻟﻤﺤﻔﻮﻓﺔ ﺑﺎﻟﻤﺨﺎﻃﺮ .
وأضافت أم الحسن في حوارها الذي خصت به ( أوتار الأصيل ) : المهم أن السائق ﻣﺤﻤﺪ ﺳﺎﺗﻰ شد الرحال متحدياً كل الصعاب.. مستفيداً من خبرته السابقة.. وكان أن حقق ما يصبو إليه.. حيث ﺇﺳﺘﻐﺮﻗﺖ ﺭﺣﻠﺘﻪ من مدينة امدرمان إلي منطقة ﺍﻟﺪﺑﺔ ( 7 ) أيام.
واردفت أم الحسن : ولم تتوقف مثل هذه الرحلات المحفوفة بالمخاطر وقتئذ إذ قام السائق ﺳﻴﺪ ﺍﺣﻤﺪ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻤﺠﻴﺪ في العام 1947ﻡ برحلة عبر تلك الصحراء برفقة مالك العربة ﻋﻤﺮ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﺍﻟﻜﻮارتي.. ﻭﻛﺎﻥ ﺩﻟﻴﻠﻬﻢ في هذه الرحلة مجهولة المصير ﻋﺮﺑﻰ يدعي ( ﺃﺑﻮ ﺟﺒﺔ).. وكانت العربة محملة بشاي مهرب.. ورافق ذلك الثلاثي في هذه الرحلة كل من ﻣﻴﺮﻏﻨﻰ ﻋﺒﺪﺍﻟﻤﺠﻴﺪ ﻭمساعد العربة ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﻃﻠﺐ.. ﻭﺃﺳﺘﻐﺮﻗﺖ ( 5) ﺃﻳﺎﻡ.. ثم عادوا منها ﺇﻟﻰ مدينة ﺃﻣﺪﺭﻣﺎﻥ بعد (6) ﺃﻳﺎﻡ.. وبهذه الرحلة تم فتح الطريق أمام عربات أخري كان ملاكها.. يتخوفون من المصير المجهول.
بينما ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺤﺎﺟﺔ ﺍﻟﻤﺮﺣﻮﻣﺔ ﺃﻡ ﺍﻟﺤﺴﻦ ﺃﻣﺮﺍﺓ مربوعة ﺍﻟﻘﺎﻣﺔ بشرتها قمحية.. ﻛﺒﻴﺮﺓ في ﺍﻟﺴﻦ.. إلا أن ﻓﻴﻬﺎ روح اﻟﻨﺸﺎﻁ ﻭﺍﻟﻘﻮﺓ التي جعلت من شخصيتها.. شخصية قوية.. وذات هيبة تدع كل من يتعامل معها يحترمها.. ويقدرها.. خاصة الشخوص الذين مروا علي قوتها أن كانوا يعملون في مجال السواقة.. أو ركاب.. وظلت علي هذا النحو إلي أن طورت قوتها إلي قهوة وكافتيريا.. وظلت تفرض من خلالها ﺷﺨﺼﻴﺘﻬﺎ المميزة بسحنتها السودانية الأصيلة.. وكل من شاهدها عن قرب يلحظ ﻗﺴﻤﺎﺕ ﻭﺟﻬﻬﺎ المتجلي رغماً عن الظروف القاسية التي مرت بها طوال السنوات الماضية.. فالبيئة التي نشأت وترعرعت فيها.. بيئة تمتاز بالخشونة.. وبالرغم من أنها كانت كبرة في سنها.. إلا أنها كانت ترتدي ثياباً تتناسب معها ومع البيئة المنتمية إليها.
وفي هذا السياق قالت ( لأوتار الأصيل ) : العيش في الصحراء يفرض عليك ارتداء الوان محددة.. ليس من بينها اللون الأبيض.. لذا أختار الألوان المناسبة مع بيئتي.
وعن كيفية بدايتها بيع القهوة؟ قالت ( أوتار الأصيل ): كنت دائماً ما أفكر في الآخرين.. خاصة أولئك الذين يستقلون هذا الطريق الصحراوي.. ومن خلال تفكيري هذا طرأت لي فكرة إنشاء قهوة تلبي بعضاً من إحتياجات سائقي العربات والركاب.. وبدأت فعلياً في تنفيذ الفكرة براكوبة صنعتها بمعاونة أبنائي من المواد المحلية.. فيما كنت أشعل النار من ﺍﻟﺤﻄﺐ.. حتي أن القهوة يميل لونها إلي السواد.. نسبة إلي أن النيران فيها لا تنطفئ.. وتظل مياه القهوة تتبخر متصاعدة إلي أعلي.. ويختلط ذلك البخار بالدخان الأسود الذي تنتجه نيران الحطب.. فيشكلان ضبابية مائلة إلي الليل في كل أرجاء الراكوبة.. وبالرغم من هذه الأجواء القاسية.. إلا أن أبنائي كانوا يجدون متعة في مساعدتي بتقديم القهوة والشاي إلي الزبائن.
ومضت : كنت اطوف بين ركاب العربات من أجل أن البي طلباتهم.. فيدور بيني وبينهم حوار بلهجة سودانية ممزوجة بلغة عربية.. وكنت أحس أنهم يتعاملون معي برقي فابادلهم الإحساس.. بالإحساس.. دون أن أتوقف عن تلبية الطلبات.
أين تقع قهوتك جغرافيا؟ قالت (لأوتار الأصيل) : ﻋﻠﻰ ﺇﻣﺘﺪاد ﺻﺤﺮاء ( ﺑﻴﻮﺿﺔ).. وكان السفر قبل افتتاح طريق شريان الشمال.. بالعربات ( اللواري).. ثم تطور إلي البصات.. ومع هذا التطور قهوتي إلي كافتيريا.. فاصبحت مشهورة.. ولكن شهرتي زادت عندما زارني الرئيس الراحل جعفر محمد النميري مرتين المرة الأولي لم يجدني واهداني راديو.. وفي المرة الثانية حفر لي بئراً.

🛑 Awtar Alaseel news  https://www.facebook.com/groups/sraj2222/

🛑 alarisha news 
http://alarisha.net/wp-admin/customize.

الجمعة، 22 مايو 2020

*سراج النعيم يكتب : حكومة عجيبة وغريبة.. تعصر على المواطن بالكمامات لإزالة التشوهات*


.......
يتأرجح المشهد السوداني ما بين شد وجذب منذ انتشار فيروس (كوفيد-19) المستجد، والذي نجم عنه إصابات ووفيات على حد قول السلطات الصحية في البلاد، والتي اتخدت التدابير الاحترازية الوقائية، وأصدرت القرارات دون دراسة آثارها السالبة على الأوضاع الاقتصادية المذرية للمواطن داخل وخارج السودان، خاصة وأن هنالك عدد كبير من السودانيين العالقين في بعض الدول، إلا أن الأكثر تضررا هم السودانيين العالقين بمصر،  فالأغلبية العظمي منهم شدت الرحال إلى (القاهرة) لتلقي العلاج، وصادف ذلك ظهور وانتشار وباء (كورونا)، وفيما بعد تفاجأوا بإغلاق المطارات، المواني والمعابر، مما عطل عودتهم إلى البلاد، بالإضافة إلى أن الإجراءات تسببت في تعطيل العمل بالمؤسسات الحكومية والخاصة.
حقيقة هذه الحكومة أثبتت أنها عجيبة وغريبة في إدارتها لملف فيروس (كورونا)، والذي منذ اطلالته في المشهد السوداني، لا هم لها سوي وضع التدابير الاحترازية الوقائية، وإصدار القرارات غير المدروسة، كقرار إلزام المواطن بارتداء (الكمامة) إزاء التطور الذي يشهده الفيروس، ومثل هذا القرار نؤيده بشدة في حال رفعت الحكومة الحظر الشامل، وعادت إلى الحظر الجزئي للتعايش مع الجائحة تدريجياً. إن إلزام المواطن بارتداء (الكمامة) يتطلب من السلطات توفيرها (مجاناً)، والتي أطرح في ظلها أسئلة في غاية الأهمية من أين للمواطن بالمال لشراء الكمامات؟ وهل هي متوفرة في الصيدليات والمحلات التجارية الطبية، وكم يبلغ سعرها؟؟؟، وما طرحته من أسئلة ليس مهما الإجابة عليها، إنما المهم هو توفيرها (مجاناً)، ومن ثم قرروا إلزام المواطن من عدمه.
يبدو أن بعض الدول المتأزم موقفها سياسياً، اقتصاديا، اجتماعيا، ثقافيا وفكريا ما صدقت انتشار جائحة (كورونا)، وبدأت في توظفيها بما يروق لها، وهذا يؤكد أن الفكرة منحصرة في مصلحة البقاء بأي صورة من الصور بدليل أن التدابير الاحترازية الوقائية والقرارات المقيدة للحركة لا تصبب في مصلحة المواطن الذي صبر صبراً منقطع النظير.
هل تعلم الحكومة الانتقالية أن (الكمامات) إذا توفرت، فإنها تباع في الشوارع العامة، وعند إشارات المرور، وبأسعار مضاعفة عشرات المرات عن سعرها الحقيقي، فمن أين يأتي المواطن المقلوب على أمره بالمال لكي يشتريها، أليس الأجدر بكم تقديمها له (مجاناً)، كما تفعل معظم دول العالم التي لا تكتفي بالقرارات والتدابير الاحترازية وحدها في إدارتها للأزمات، بل توفر لمواطنيها الاحتياجات الخاصة بهم، لذا السؤال لماذا تعصر الحكومة الانتقالية على المواطن دون أن تعصر على نفسها، ولو لمرة واحدة قبل أن تلزم المواطن بأن يعفل كذا وكذا، وإلا فإنه مهدد بالغرامة أو السجن في حال أنه خالفها، اهكذا تعلمتم التعامل مع إنسان السودان الذي يتم استغلاله بقراراتكم وتدابيركم الاحترازية الوقائية في أبشع الصور، وذلك من خلال السوق السوداء، والتي انهكت ميزانيات محمد أحمد الغلبان، وميزانيات الأسر الفقيرة أن وجدت أصلاً، وبالتالي لا يمكن لهؤلاء أو أولئك شراء (كمامات) طبية، ولو كان سعرها جنيهاً، ناهيك عن سعرها الذي وصل إلى أكثر من (٢٠٠) جنيهاً، وهذا في حال أنها توفرت، وقطعا عدم توفرها يعود إلى أن هنالك من ظل يشتريها بكميات كبيرة من الصيدليات، ويخزنها في انتظار أن تصدر الحكومة الانتقالية قراراً بخصوص فيروس كورونا، ثم يطرحها للبيع بالسعر الذي يروق له، وظل هذا الوضع مستمرا منذ انتشار الجائحة، وإعلان أول حالة مصابة بفيروس كورونا، وعليه ساعدت الحكومة الانتقالية على الجشع والطمع الذي يمارس على المواطن باستغلال القرارات غير المدرسة، والتي تركت تأثيرها اقتصاديا وإنسانيا، فالكمامات تباع في الشوارع العامة، مما يعرضها للتلوث.
إن الإجراءات المتسارعة المتخذة من قبل الحكومة منذ الـ13 من الشهر الجاري، إجراءات أصابت إنسان السودان بشلل تام، لأنها إجراءات خاطئة وغير مدروسة من النواحي الاقتصادية والإنسانية، وبالتالي فتحت تلك الإجراءات الأبواب مشرعة لاستغلال المواطن، والذي يجد نفسه محاصرا بين نار التدابير الاحترازية الوقائية من جهة، ونار جشع بعض الشركات، المصانع والتجار من جهة آخري، أي الكل يستثمر في جائحة (كورونا)، وليس مهما عندهم من أين يجلب إنسان السودان المال الذي يوفر به مستلزماته؟، مع العلم أنه ظل (عاطلا) عن العمل بسبب انتشار الفيروس في السودان، وذلك بحسب تقارير وزارة الصحة، وعليه فإن الإجراءات المتخذة من السلطات الصحية أدخلت المواطن في  هلع وخوف من المصير الذي ينتظره أو الذي يخفيه له القدر في المستقبل خاصة في حال ظل فيروس كورونا مسيطرا على المشهد، والذي لم تكن الحكومة الانتقالية موفقة في إدارة ملفه بما تبثه في نفوس الشعب السوداني من هلع وخوف، وهو الأمر الذي جعل الإنسان بصورة عامة قلقا على الحاضر والمستقبل الذي يكتنفه الكثير من الغموص، ومن ثم فرضت الحظر الشامل، والذي تسبب في عدم وجود  مستشفيات للعلاج من الأمراض غير مرض (كورونا)، وعليه أطلق عدد من المرضي نداءات استغاثة للأطباء لسد نقص الكوادر الطبية في بعض المستشفيات، وجاءت تلك النداءات بعد أن عجزت السلطات من القيام بدورها المنوط بها.

الخميس، 21 مايو 2020

ابوهريرة حسين يكشف أسرار وخفايا حول اعتقاله تنشر لأول مره


........
*قوات أمنية اعتقلتني أثناء شهر العسل واقتادتني إلى (كوبر) *
........
*الرئيس اليوغندي لعب دوراً في إطلاق سراحي لهذا السبب*
.......
*الرئيس السابق عمر البشير لم يلعب الليدو في سجن كوبر*
.......
*إقصاء الفريق طه عجل بالاطاحة بنظام الرئيس المعزول ب(٧٠٪)*
.......
*التقاه : سراج النعيم*
.......
كشف الأستاذ ابوهريرة حسين، وزير الشباب والرياضة السابق أسرار تنشر لأول مرة حول اعتقاله ضمن رموز نظام الرئيس المخلوع عمر البشير بالسجن الاتحادي (كوبر).
*في البدء ماذا بعد إطلاق سراحه من المعتقل؟*
أولا تحياتي لك أخي الحبيب سراج النعيم، وسعيد جدا بالدردشة معك، والتي أشكر من خلالها الأهل، الأصدقاء والإعلاميين الذين بذلوا مجهودا كبيراً حتي تم خروجي من السجن الاتحادي (كوبر).
*ماذا عن الروايات التي صاحبت إطلاق سراحك؟*
هنالك عدد من الروايات المصحوبة ببعض الشائعات، لأن اعتقالي في حد ذاته رسم الكثير من علامات الاستفهام في المشهد السوداني؟؟؟، ولكن الرواية الراجحة، والتي لا استبعدها بعد تدخل الكثير من السياسيين والشباب، هي رواية الرئيس اليوغندي يوري موسفيني الذي دعا لإطلاق سراحي من المعتقل نسبة إلى موقفي من الترحيب به في الحوار الوطني الأخير، والذي دعا له الرئيس السابق عمر البشير، والذي شرفه الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، الرئيس التشادي إدريس دبي، الرئيس الموريتاني، والرئيس اليوغندي يوري موسفيني، والذي كنت من خلاله مسئولا عن مسرح الفنانين، وإلى جانبه مباشرة الرؤساء الأفارقة الأربعة، بالإضافة إلى المنصة الخاصة بالتقديم، والتي يتولي إدارتها المذيع الكبير الطيب قسم السيد، والمسئول عنها المخرج شكرالله خلف الله، وأثناء تقديم الفقرات بدأ الإعلامي الطيب قسم السيد بالترحيب بالرؤساء إلا أنه فات عليه أن يرحب بالرئيس اليوغندي، مما أحدث صدمة وإحراج مما جعل الموقف يتأزم، والذي على إثره فكر الرئيس يوري موسفيني مغادرة قاعة الصداقة، فيما كان الرئيس السابق عمر البشير متوترا جدا، إلا أن المسافة بين الحضور والمذيع الضليع الطيب قسم السيد كانت بعيدة، والذي انخرط في مواصلة الترحيب بالوزراء والسفراء أي أنه نزل بالترحيب إلى درجة أقل من الرؤساء، وكانت في تلك الأثناء تجلس بجواري الأستاذة نجوي قدح الدم، ومعها سكرتيرة الرئيس اليوغندي يوري موسفيني، وكانت هنالك إشارات بعدم الرضا للتجاوز الذي حدث دون قصد، وحاولت السكرتيرة مغادرة المكان، فسألتها ماذا حدث؟ فقالت : المذيع لم يرحب بموسفيني، وهذا الخطأ خلق توترا كبيراً، واحتمال تحدث حاجة تكون لها آثار كبيرة جدا في العلاقة بين البلدين، فما كان مني إلا وأن أتوجه مباشرة إلى المنصة متخطيا الحاجز الأمني، وقلت للطيب قسم السيد أنت ارتكبت خطأ كبير جدا يتمثل في عدم ترحيبك بالرئيس يوري موسفيني، فقال : سوف أرحب به، فقلت : لا يمكنك أن تفعل بعد أن نزلت بالترحيب لدرجات أقل منه، إلا أنه بخبرته وتجربته الإعلامية العميقة رحب بالرئيس يوري موسفيني بطريقة اذهلت كل الحضور، واستطاع أن يعيد الأمور إلى نصابها، ومن ثم ضجت القاعة بالتصفيق، الأمر الذي أدخل السرور في نفس الرئيس اليوغندي والوفد المرافق له، والذي دفع سكرتيرة يوري موسفيني أن تأتي نحوي وتقبلني على رأسي، ويقال إنه بعد ذلك جاء عنصر منه وتوسط لدي المجلس السيادي لإطلاق سراحي للموقف الذي مثلته مع في قاعة الصداقة، قائلاً : هذا الموقف وحده يكفي لإخلاء سبيلي، وهذه الرواية الأقرب إلى خروجي من المعتقل.
*ماذا عن الروايات الاخري لإطلاق سراحك؟*
حدث تواصل أثناء مرضي داخل المعتقل، والذي قامت على إثره عدد من الشخصيات بمبادرات تصب في هذا الإطار إلا أن رواية يوري موسفيني هي الرواية الأقرب إلى إطلاق سراحي، ومن ثم أصدر وزير الدفاع  عليه الرحمة قراراً يقضي بإطلاق سراحي، وأشكره وأشكر المجلس السيادي، وكل من وقف إلى جواري. .
*ماذا حدث قبل إنهيار نظام المخلوع عمر البشير؟*
كان هنالك صراع على مستوي كبير جدا داخل الدولة، وهذا الصراع يقوده عدد كبير من القيادات السياسية والأمنية، إذ أنهم كانوا جميعا يقفون ضد الفريق طه عثمان الحسين، وأخذ ذلك الصراع منحنيات واتجاهات شخصية، وذهبوا به إلى أبعد من ذلك بأن اصبحوا يوقرون صدر الرئيس ضد الفريق طه مؤكدين أنه فعل كذا وكذا، هكذا إلى أن تمكنوا من اقصائه من مكتب الرئيس السابق، وكان البشير دائماً ما يتحدث عن الفريق طه عثمان الحسين على أساس انه لعب دورا كبيراً في إدارة دفة البلاد إلى الأحسن، وأنه يقوم بمهام كبيرة جدا، ولا يمكن أن يقوم بها أي مسئول خلافه، ومن كانوا يقودون الحملة ضد الفريق طه نسوا دوره الذي قدمه، وظلوا يوجهون له الاتهام تلو الآخر في أشياء شخصية يفترض عليهم تجاوزها، ورغماً عن ذلك نجحوا في إقصاء الفريق طه، وأعتقد أن إبعاده أضعف الدولة، واضعف قوة الرئيس السابق عمر البشير بنسبة (٧٠٪) لأنه كان يقوم بدور كبير جدا في الامارات والسعودية، فهو كان رجلا جرئيا، ولكن بكل اسف البعض يشخصون القضايا، لذا أعتقد اعتقادا جازما بأن بداية تدهور الحكومة كان في استبعاد الفريق طه عثمان الحسين، وخروجه من المشهد السياسي، وبالتالي فقدت الحكومة الدور الطليعي الذي يقوم به، وهو الدور الذي لم يستطيع أي شخص آخر القيام به مهما كانت درجته أو وظيفته أو طريقته، فالكل يشهد له إنه يكون مستيقظ حتي الساعات الأولي من صباح اليوم التالي لمتابعة دولاب العمل إذ أنك تتفاجأ به يتصل بك هاتفياً في أي وقت لاستفسارك عن أمر يتعلق بالعمل في الحكومة، أي أنه يتابع كل ما يدور في اروقة الحكومة سياسياً، اقتصاديا، اجتماعيا وثقافيا، وفجأة فقدت حكومة البشير هذا الدينمو المحرك لها.
*كيف تم اعتقالك ولماذا؟*
ربما لانني في الأيام الأخيرة لحكم البشير كنت وزيراً للشباب والرياضة، وصادف ذلك أن الشباب خرجوا للشارع، وفي هذه الفترة البسيطة طلبت من الرئيس السابق عمر البشير للالتفات إلى قضايا وهموم الشباب، وذلك من واقع انني كنت قريبا جدا منه، وقطع شك لاحظ الناس الذين كانوا متابعين للموقف ذلك أو أنهم اكتشفوا عبر التقارير ظهوري معه في بيت الضيافة أو القصر الجمهوري، أي كان تواصلي مستمرا مع الرئيس السابق عمر البشير، عموماً تفاجأت انني المعتقل رقم (٦) من بين قيادات نظام الرئيس السابق.
*ماذا كنت تفعل لحظة اعتقالك؟*
كنت في تلك اللحظة عريسا، واقضي في شهر العسل، والذي تفاجأت في إطاره بقوة عسكرية كبيرة جدا تطلب مني الذهاب معها إلى سجن كوبر، وكان أن فعلت.
*ما الذي وقفت عنده خلال اعتقالك بالسجن الاتحادي كوبر؟*
الشيء الغريب في الأمر عزيزي سراج النعيم هو أن كل الجهات أمنية نفت نفيا قاطعا أنها قامت باعتقالي، مما أدخلني في حيرة من أمري، أي إنني كنت معتقلا مع مجموعة من قيادات من نظام الرئيس السابق عمر البشير، وهم تتبعون للمؤتمر الوطني والحركة الإسلامية، لا تربط بيني وبينهم أي علاقة، وهم جميعا كبار في السن، وأنا كنت اصغرهم سنا، ولا يوجد شيء يجمعني بيني وبهم من حيث التجربة السياسية والتاريخ، المهم كانت الأمور غير واضحة إلى هذه اللحظة، فلربما اكتشف مع مرور الزمن معلومات وأسرار جديدة في هذا الاعتقال، وهكذا كنت في حيرة إلى أن التقيت بجمال الوالي خلف قضبان السجن، ولكن بعد اعتقالي بأسبوع تم إطلاق سراج جمال الوالي، وكان يمكن أن يكون الوحيد الذي تربط بيني وبينه علاقة في المجال الرياضي، فمازال هنالك الكثير من الغموض والاسرار.
*ما هو احساسك أول ما دخلت سجن كوبر؟*
تفاجأت مفاجأة كبيرة حينما دخلت عنبر المخصص لي بالسجن، وعامل المفاجأة يكمن في إنني وجدت في ذلك العنبر على عثمان محمد طه، الدكتور نافع علي نافع، الدكتور عوض الجاز والفريق أول مهندس عبدالرحيم محمد حسين، عندها بدأت اسأل نفسي من أنا حتي يتم اعتقالي مع هؤلاء القيادات، وما الذي اتي بي إلى هنا، وماذا فعلت؟؟؟ حقيقة كانت المفاجأة بالنسبة لي كبيرة جدا لدرجة إنني كنت في حالة تفكير يومياً.
*هل صحيح كنتم تلعبون الليدو في المعتقل مع الرئيس المخلوع عمر البشير؟*
لا أساس لهذا الحديث فليس في الإمكان أصلاً أن تلعب ليدو في ظل الاعتقال، فالأمر في سجن (كوبر) كان أمراً جللا، وليس هنالك مساحة لممارسة أي نوع من اللعب، والرئيس كنا نلتقي به في  الساعات المسموح بها للرياضة مساء كل يوم، بالإضافة إلى يوم الجمعة، ولكن لا توجد ممارسة لأي العاب آخري داخل المعتقل سوي ممارسة الرياضة الجماعية فقط، ولم نلعب ليدو أو ضمنة أو كوتشينة.
*من الذي اخطرك باطلاق سراحك؟*
تم اخطاري بذلك من خلال ثلاثة ضباط جاءوا من سجن (كوبر) إلى مستشفي (علياء) بامدرمان حوالي الساعة الثانية عشر ليلاً، وقالوا لي لدينا لك خبرا سارا مفاده أن السلطات المختصة قررت إطلاق سراحك، وفعلاً تم سحب القوة العسكرية الموجودة في حراستي، والمكونة من اثنين من الضباط وثلاثة من الأفراد، وكان أن قالوا لي في امكانك الذهاب إلى منزلك، وكان ذلك حوالي الساعة الواحدة صباحاً
*موقف خالد في ذاكرة أثناء اعقتالك بالسجن الاتحادي كوبر؟*
من الأشياء الجميلة رغم الألم الذي كنت أعاني منه بسبب المرض، والذي تم على إثره اسعافي من داخل سجن (كوبر) إلى مستشفي (المعلم)، ويرافقني في الإسعاف ضباط من السجن، وأثناء ما الإسعاف يمضي في طريقه مر بساحة الاعتصام ناحية شارع الجامعة، وهنالك اوقفه (الترس) الذي وضعه شباب ثورة ديسمبر، وبالتالي تم ايقاف الإسعاف الذي حاصره عدد كبير جداً من الشباب، ومن ثم قاموا بإنزال القوة العسكرية الموجودة معي داخل الإسعاف، وذلك بعد اكتشاف أن معتقلا من نظام الرئيس السابق داخل الإسعاف قادم من سجن (كوبر)، عندها قلت في قرارة نفسي هذه هي نهاية حياتي لا شك في ذلك لأن الموقف كان صعبا جدا، عموماً صعد شابا ثائرا إلى داخل عربة الإسعاف، وعندما شاهدني قال لي : (يا أستاذ كتر خيرك على ما قدمته للناشئين، فنحن ما ناسين العملتو لينا)، ومن ثم خرج من الإسعاف وخاطب جموع الشباب الثائر بأن الموجود داخل الإسعاف هو الأستاذ ابوهريرة حسين وهو مريضا، وبالتالي ما في أي زول يهبشوا خاصة وأنه زولنا، بعدها طلبت منه أن يسمح للضباط أن يعودوا معنا، وأن يأمن لنا خروج الإسعاف من هذا المكان، المهم أن هذا الموقف أثبت بما لا يدع مجالا للشك نبل الشباب الثائر، وعندها شعرت بأن كل ما اعاني منه من مرض وألم زال بهذا الموقف النبيل الذي وجدت في إطاره من يقدر ما قدمته، ورغماً عن أن الأجواء كانت غير ذلك، إلا أنه وحينما تجد شاباً يقدر ذلك فانك تشعر بفخر واعتزاز، وأن ما قدمته كان دافعا لرفع روحك المعنوية.

الأربعاء، 20 مايو 2020

*سراج النعيم يرتبط بالصحفية إجلال إسماعيل

*
........
تلقي الكاتب الصحفي سراج النعيم مؤسس صحيفة (العريشة نت)، وشبكة (أوتار الأصيل) الإخبارية التهاني والتبريكات بمناسبة ارتباطه بالصحفية إجلال اسماعيل.
فيما أهدى النعيم الأستاذة إجلال قصيدة (بلسم) :-
روعة وكمان بلسم
مالك قليبي وكم
تشفيني أنت رواك
دايما تزيل الهم
ذكراك شوق بتعيد
ونظرات عيونك عيد
نرجاك بالترحاب
لهفة وحنان وشديد
وكتين تطل نرجاك
يا سامي في معناك
أنت القلب والذات
أنت الفرح يوم داك
يلاك تعال يلاك
اكمل غناي معاك
وتبقي لي براك
ويصبح هواي هواك

الأحد، 17 مايو 2020

*سراج النعيم يكتب : الحظر الشامل سيقتل المزيد من السودانيين في الداخل والخارج


...........
يشكل حظر التجوال الشامل هاجسا للكثير من الأسر الفقيرة، وأن كان لا حل أمام الحكومة الانتقالية سوي التعايش مع فيروس (كورونا)، لأنه أصبح أمراً حتميا لتشابهه مع عدد من الأمراض أبرزها (الإنفلونزا)، وهي جميعا لديها لقاحات، وأدوية تساعد المصاب على الشفاء، أو تقلل المضاعفات، اما جائحة (كورنا) فقد فشل العلماء من إيجاد لقاح لها أو أدوية تساهم في القضاء عليها أو تقلل المضاعفات، لذا سيظل الفيروس لفترة طويلة من الزمن بحسب ما أشار الخبراء، وبالتالي على الحكومة الانتقالية عدم التفكير في تمديد الإغلاق الكامل، لأنه يعني قتل المزيد من المواطنين في الداخل والخارج، وعليها الاكتفاء بالحظر الجزئي، واجلاء مواطنيها العالقين في عدد من الدول، خاصة وأن الوباء مازال حديث عهد من حيث الاكتشاف العلمي.
إن العالم ألكسندر غينتزبرغ، مدير المركز القومي لبحوث الأوبئة والأحياء الدقيقة قال : (إن الناس سيعانون من الجائحة ليس هذا الصيف فقط، ولكن ربما بقية حياتهم كلها، وأيضاً سيقضون في محاولة مكافحتها، والناس ستعيش بشكل طبيعي بعد وجود التطعيم الشامل)، السؤال هل ستصر الحكومة الانتقالية على الحظر الشامل أم أنها سترفعه في ظل جائحة ليس لها لقاح، ومع هذا وذاك كل ما تفعله السلطات الصحية هو علاج المرضي بالبندول على حد قول الدكتور أكرم التوم وزير الصحة، وأضف إلى ذلك عدم إمكانيات صمود الحكومة الانتقالية طويلاً أمام الحظر مهما ارتفعت معدلات الوفيات، فالفيروس فاقم من الأوضاع المعيشية، وبدأت المعاناة واضحة في وجوه الناس الذين إذا توفرت لهم السلع الأستهلاكية، فمن أين يأتون بالمال الذي يشترونه بها؟ فضلاً عن أن معظم سكان السودان يركنون لمصدر رزق يومي لم تضع في إطاره الجهات المختصة برنامجا إصلاحيا يصب في صالح المواطن الذي لا يدري من أين يأتي بالمال؟، وهو (عاطلا) عن العمل منذ ظهور وانتشار فيروس (كورونا)، والذي جعل الأوضاع الاقتصادية مذرية جدا، ولا تسمح للمواطن بالبقاء داخل منزله أكثر من ذلك، وبالتالي على الحكومة الانتقالية التفكير جدياً في التعايش مع الوباء، والبحث عن حلول اقتصادية تخفف معاناة الفقراء لأنهم أن لم يموتوا بالوباء، فإنهم سيموت بطرق آخري، فالاغلبية تعيش تحت خط الفقر.
إن استمرار الحظر الكامل ستكون له آثار سالبة لا تحمد عقباها للضغوطات الاقتصادية بالغة التعقيد، وهي دون أدني شك ستسفر عنها آثار نفسية سيئة جدا، وربما تصل إلى مرحلة العنف والطلاق، مع التأكيد أن التدابير الاحترازية الوقائية لم يتم تنفيذها بالصورة المثلي بدليل أن الإصابة بالفيروس في تزايد، وذلك نسبة إلى الضائغة الاقتصادية الطاحنة التي يمر بها الشعب السوداني، وبالتالي من الصعب جدا الإستمرار في الحظر الكامل، ما لم تجد الحكومة الانتقالية حلول، وأن لم تفعل فإن الحظر سيقود البلاد إلى نفق مظلم.
من أخطاء الحظر عدم وجود مستشفيات تعمل بصورة طبيعية، وهو الخطأ الذي أدي إلى حدوث عدد من الوفيات، وأبرزها حالة الإعلامي ماجد لياي وزوجة الكوميديان حامد كسلا وغيرها من الحالات المؤثرة، والتي في إطارها روت سيدة قصة وفاة إنسانة عزيزة عليها باحدي المستشفيات، فالمتوفاة كانت مريضة بالقلب والسكري، وأثناء تواجدها بالمنزل شعرت ببعض الآلام، فما كان من أسرتها إلا أن تسعفها على جناح السرعة  إلى مركز القلب، وبعد إجراء الفحوصات، جاءت النتيجة مؤكدة بأن هنالك ماء في الرئة، ولكن إدارة المركز نصحتهم بأخذ المريضة للعلاج في المنزل، وبرروا ذلك بوجود حالات مشتبه فيها الإصابة بفيروس (كورونا)، وكان أن نفذت أسرة المريضة النصيحة، إلا أنها وبعد أيام ساءت حالتها الصحية، فتم أخذها إلى أحد الأطباء في منزله بالحي، وبعد الفحص على الحالة نصحهم باسعافها إلى المستشفى، وكان أن توجهت بها أسرتها مباشرة إلى المستشفى المعني، وبما أنها مريضة بالقلب والسكري، ولديها ماء في الرئة كان من الطبيعي إدخالها غرفة العناية المكثفة، إلا أن إدارة المستشفى قررت اعتبارها حالة من الحالات المشتبه فيها بالاصابة بفيروس كورونا، وعلى خلفية ذلك تم عزلها في غرفة لا يوجد بها إلا أنبوبة أكسجين ومروحة ودرجة الحرارة لا تقل عن (40) درجة مئوية، هكذا ظلت في الغرفة بدون أنبوب تغذية، ولم تؤخذ منها عينة لفحص جائحة (كورونا) إلا قبل نصف ساعة من إبلاغ أسرتها بالوفاة، فالمستشفى غضت الطرف عما تعاني منه المرحومة من أمراض آخري، واستنجدت بما يسمي الاشتباه بالإصابة بفيروس (كورونا) لسهولة العزل، ولكنها لم تفعل شيئاً تجاه أمراض تم اسعافها في إطارها، ولم تتخذ خطوات لعزل من خالطوا المرحومة، وإدارة الأوبئة لم تحضر إلى المتوفاة إلا في آخر نصف ساعة من حياتها لأخذ العينة لفحص جائحة (كورونا)، فهل أصبح كل هم الوزارة ومستشفياتها (كورونا)، دون الكشف عن الأمراض المزمنة الأخرى المصابة بها المتوفاة، عندما اتصلت الأسرة بإدارة الأوبئة لتطلب منهم الحضور لتعقيم منزل المتوفاة جاء الرد محبطا بأن يعقموا منزلهم بطريقتهم.

الثلاثاء، 12 مايو 2020

*سراج النعيم يكتب : بسبب (كورونا) لسان حال المواطن يقول : (ميته وخراب ديار).. ورسالة مؤثرة من سيدة (ارملة) للحكومة الانتقالية : (حسبي الله ونعم الوكيل فيكم)*


........
وصل إنسان السودان إلى مرحلة غاية في الصعوبة من الناحية الإنسانية والاقتصادية، وذلك بسبب تمديد فترة حظر التجوال إلى (10) أيام بحجة احتواء فيروس (كورونا) المستجد، فهل الحكومة الانتقالية ستكتفي بها أم أنها ستمدد لفترة إضافية إلى بعد إنهاء عطلة عيد الفطر المبارك؟ الإجابة عندي أتوقع ذلك دون مراعاة الظروف الاقتصادية للأسر الفقيرة، والتي تركن إلى مشهد معقد تعقيدات خطيرة، مشهد يدعو للريبة والشك فيما آل إليه الوقع السياسي، الاقتصادي، الاجتماعي، الإنساني، الثقافي والفكري، والذي سيظل واقع مذريا إلى ما بعد القضاء على الفيروس، والذي عاني في اطاره إنسان السودان معاناة لم يشهد لها مثيل، وبالتالي لم يعد قادرا على إحتمال المزيد من المعاناة بقرارات الإغلاق الجزئي أو الكامل، والذي قوبل برفض واسع، لأنه ضاعف المعاناة اضاعفا مضاعفة للمواطن الذي صبر على أمل أن تجد السلطات المختصة حلول ناجزة لوضعه المعيشي بعيداً عن (المهدئيات) و(المسكنات) المستخدمة في علاج الحالات المصابة بالجائحة، والتي أشار في إطارها الدكتور أكرم التوم وزير الصحة إلى أن علاج المرضي يتم من خلال (البندول)، فهل التفكير بهذه الطريقة يمكن أن يكبح جماح الفيروس التاجي، والذي قيل أن الإصابات به تجاوزت حاجز الألْف.؟٠
من المؤكد أن الوضع الراهن لا يتحمل بأي حال من الأحوال المزيد من القرارات المقيدة للحركة، لذلك أي إضافات لأيام الحظر الشامل تعني أن الحكومة الانتقالية ليس مهما لديها المواطن الذي أمضى ثلاثة أسابيع ماضية بشق الأنفس، وسيمضي (10) أيام جديدة وهو ربما يلفظ أنفاسه الأخيرة، وكما اسلفت ربما لا ينتهي الحظر إلا عقب الانتهاء من عطلة عيد الفطر المبارك، فهل سألت السلطات المختصة نفسها كيف سيمضي محمد أحمد الغلبان أيام الحظر الجديد؟، هذا إذا افترضنا أن أكثر من (60٪) تقريباً من سكان السودان يعيشون تحت خط الفقر، فهل أمثال هؤلاء في مقدورهم احتمال المزيد من الإجراءات، والتي دون أدني شك ستضاعف من معدل الفقر في البلاد أن يتجاوز النسبة المئوية التي ذكرتها، خاصة وأن العزل المنزلي لم تسفر عنه نتائج إيجابية، بل ارتفع في ظله عدد الإصابات بالوباء، والذي نقر وجوده في بقاع متفرقة من أنحاء العالم.
إذا نظرنا بمنظار فاحص إلى الأوضاع الاقتصادية سنجد أن الحكومة الحكومة الانتقالية بعيدة كل البعد عنها، وكل ما تفعله يندرج في ظل التشديد على تنفيذ القرارات المقيدة للحركة، وذلك بدواعي احتواء الفيروس الفتاك، والذي إلتزم في إطاره المواطن بالاجراءات الصحية طوال الفترة السابقة، إلا أنه لم يعد قادرا على المواصلة في هذا الاتجاه لأنه لم يلتمس دوراً ملموسا من الحكومة الانتقالية لتخفيف العبء الملقي على عاتقه اقتصاديا، وعليه أصبح ينطبق عليه المثل القائل : (ميته وخراب ديار).
فيما تلقيت رسالة مؤثرة جدا في بريد صحيفة (العريشة نت) تشير إلى أن كاتبتها سيدة سودانية تعاني جدا من التدابير الاحترازية الوقائية، والرسالة مفادها : (الأستاذ سراج النعيم الناشط في حقوق الإنسان.. أنت ذكرت من خلال ما تكتب أنك بتحس بمعاناة الناس الفقراء والغلابة، وأن قلمك مسخر لمناصرتهم، وإيصال أصواتهم للرأي العام، عليه أريد أن أروي لك قصتي منذ ظهور وانتشار فيروس (كورونا) المستجد، وتتمثل قصتي في إنني لدي إبن وحيد ظللت أصرف عليه إلى أن تخرج من الجامعة، ومن ثم التحق بمعهد للطيران، أي انني اهلته تأهيلاً اكاديميا إلى أن أصبح يحمل في جعبته عدد من الشهادات العلمية، إلا أنه ظل (عاطلا) عن العمل لأنه لم يحوز على وظيفة إبان حكم الرئيس المعزول (عمر البشير)، وكما تعلم فالوظيفة لمن ينتمي للمؤتمر الوطني أو الحركة الإسلامية، أو أن تكن لديه واسطة تذكيه للمسؤولين في الدولة، المهم أنه صرف النظر عن الالتحاق بوظيفة، واتجه إلى العمل الحر من خلال إستئجار سيارة بواسطة بعض الخيرين، وما أن أستلم العربة إلا وانخرط بشكل مباشر في العمل بها سائق (ترحال)، والحمدلله كان بوفر منها مصاريف المنزل وعلاجي من الأمراض المزمنة، إلا أن هذا توقف مع ظهور وانتشار جائحة (كورونا)، والتي لم تجد في إطارها حكومتنا الفاشلة بكل ما تحمل الكلمة من معني حلولا غير أن تحبسنا في منزلنا دون إيجاد حلول للأسر الفقيرة، والتي تعتمد كلياً على رزق اليوم باليوم، وبالتالي وقفت القرارات الصحية عائقا أمام مصدر رزقنا الوحيد، ولك أن تتخيل كيف نعيش نحن الأن في ظل الأوضاع الاقتصادية الراهنة؟ الإجابة في غاية البساطة نعيش في حالة نفسية سيء جدا، ولا أملك إلا أن أقول لهذه الحكومة الانتقالية حسبي الله ونعم الوكيل فيكم.. حسبي الله ونعم الوكيل.. حسبي الله ونعم الوكيل.

السبت، 9 مايو 2020

*سراج النعيم يكتب : أجريت حوارا مع الحالة رقم (٦) وحجرت نفسي فاكتشفت لا وجود لكورونا


..........
منذ ظهور وانتشار جائحة (كورونا) في العالم، والحكومة السودانية الانتقالية تصدر القرار تلو الآخر فيما يتصل بها، ولم تكتفي بفترة الحظر السابقة، بل مددتها إلى (١٠) أيام، تبدأ من اليوم (السبت)، ولكن المؤسف حقا أن التمديد تم دون دراسة الآثار السالبة على إنسان السودان الذي صبر عسي ولعل أن تجد السلطات الصحية حلولا للجائحة، وعلاجا للمرضي خلاف (البندول) الذي أشار له الدكتور أكرم التوم وزير الصحة الذي أوجه له بعض الأسئلة المتمثلة في من أين جاءت سلطاته الصحية بأجهزة الفحص المتطورة للمتشبه فيهم بالإصابة بفيروس كورونا المستجد، ولماذا لا يتم عرض نتائج الفحوصات طالما أن الأرقام المذكورة صحيحة، وأين تم عزل هذا العدد الكبير من الحالات، وأين دفنت الحالات المتوفاة، وكيف انتقلت إليهم العدوي، وما الدواء الذي عالج حالات قلتم إنها تماثلت للشفاء؟؟، علماً بأن الإصابة بالوباء زادت في فترة حظر التجوال الشامل، وذلك رغماً عن التزام الشعب السوداني بالبقاء في المنازل أي أن الحكومة جعلتهم (عاطلين) عن العمل؟.
سبق وأجريت حوارا مطولا مع الحالة رقم (٦) الأستاذ ربيع دهب، والذي قيل إنه توفي بجائحة (كورونا)، دون الإشارة إلى أنه مريضا بأي مرض آخر، مع التأكيد أن العدوي تنتقل بالمخالطة، فهل حالتي حالة إستثنائية، مجرد سؤال للسلطات الصحية في البلاد، كما كشفت التدابير الاحترازية الوقائية عن عدم وجود خطة تحدد متي ينتهي حظر التجوال الكامل؟، والذي تتمتع في ظله بعض المؤسسات الخاصة والعامة بامتيازات التحرك من خلال التصاريح من وإلى، فطالما أن هنالك إستثناءات فإن الجائحة ليست بالخطورة التي تصورها بها الحكومة الانتقالية، وبالتالي السؤال لماذا لا ترفع الحظر الشامل والاكتفاء به جزئيا خاصة وأنها ليس لديها حلول بديلة سوي اتخاذ المزيد من الإجراءات لمواجهة الفيروس، ومن يخالف القرارات المندرجة في إطارها فإنه مهدد بالعقوبات، والتي بلا شك تعزز من حجم معاناة (محمد أحمد الغلبان) الذي أصبحت ثقته مهزوزة فيما يجري من حوله، مع التأكيد أنه صبر صبرا منقطع النظير على أمل أن يتجاوز فترة الحظر الشامل السابقة، إلا أن الحكومة الانتقالية فاجأته بتمديد الفترة إلى (١٠) أيام آخري، وبالتالي يكون تبقي للعيد (٥) أيام، ولكن السؤال من أين يأتي بالمال الذي يحجر به نفسه وأسرته الأيام الجديدة، علماً بأن الأزمات الاقتصادية بالغة التعقيد، وهذا يؤكد أن المواطن من آخر اهتمامات هؤلاء أو أولئك.
يبدو أن الحكومة الانتقالية لم تجد حلولا وسطية كما فعلت معظم الدول في إطار مكافحتها للوباء، إذ أنها رفعت الحظر جزئيا في هذا الشهر الفضيل، مما جعل إنسان السودان حائرا من الفواتير المتراكمة، والتي لم تضع لها السلطات حلولا مناسبة خاصة وأن الضائغة المعيشية تفوق طاقته بكثير. وفوق هذا كله مهدد بالتدابير الاحترازية الوقائية، لذا لا يدري ماذا يفعل؟، وهو مجرد إنسانا (عاطلا) عن العمل طوال الفترة الماضية، وسيظل كذلك إلى انقضاء عطلة عيد الفطر المبارك، والذي تتطلب عطلته مستلزمات إضافية جديدة لا يدري من أين يأتي بها خاصة إذا كان لديه أطفال فالأفضل لا يعرفون (وباء) أو خلافه، المهم عندهم هو توفير ما يحتاجونه، وبالتالي يبقي الأب بين نارين نار أطفاله ونار حظر التجوال الشامل، والذي كان يفترض أن تراعي فيه الجوانب الاقتصادية والإنسانية، والعمل على وضع السياسات الملائمة وتخفيض ساعات الحظر على الأقل مع الالتزام بالإجراءات الوقائية.
بالمقابل فإن الشعب السوداني لا يستحق أن يوضع في هذه الأوضاع الاقتصادية والإنسانية القاسية بكل ما تحمل الكلمة من معني، فالشعب السوداني معلم باخلاقياته، التزامه، صبره وتجاوبه مع السلطات الصحية في البلاد، وبقدر ما أنه فعل كنت أتوقع أن تبحث الحكومة الانتقالية عن حلول بعيداً عن التمديد، والذي لا نملك في ظله غير أن ندعو الله أن يجلي الوباء عن الشعب السوداني، وأن يرفع البلاء عن العالم أجمع، ويحسن الظروف الاقتصادية القاهرة، لأن ما يحدث على خلفية جائحة كورونا يشعرني بحجم المعاناة التي نعيشها في وطن يبتليه الله بحكام يمتازون بالسياسات والقرارات الخاطئة، والتي لا تجلب لنا غير المحن والأزمات المتكررة، وهي جميعا ليست بقدر الشعب السوداني الذي أظهر صبراً جميلاً على الابتلاء بفيروس كورونا المستجد والحكومة الانتقالية معا.

azsuragalnim19@gmail.com

*الدكتور أسامة عطا جبارة يشرح الإقتصاد السوداني في ظل الحرب*

..........  *تواصل شبكة (أوتار الأصيل) الإخبارية، وصحيفة العريشة الرقمية نشر الحوار الهام مع الخبير في الإقتصاد العالمي الدكتور أسامة عطا جب...