الأحد، 17 نوفمبر 2019

سراج النعيم يكتب : (المعلم) مظلوم ظلم الحسن والحسين


مما لاشك فيه فإن الأسباب المؤدية إلى التدهور المريع الذي حاق بالتعليم بمختلف مراحله في البلاد التي ظلت تعاني من (الفساد) المستشري في كل مؤسسات الدولة العميقة، وبالتالي لم يسلم التحصيل الأكاديمي عن ذلك الانهيار التام من واقع أنه أصبح تجارة رائجة، مما جعلها الشغل الشاغل لإنسان السودان الذي يمر بظروف اقتصادية بالغة التعقيد، الأمر الذي قاد اهل الاختصاص للبحث عن حلول ناجزة تعيد للتعليم سيرته الأولي بعد أن أدخله نظام الرئيس المخلوع عمر البشير في نفق مظلم، وظل يزداد سوءً يوماً تلو الآخر، وهذا الاتجاه السالب ربما يصعب المهمة لمن تصدي لها في ظل الحكومة الانتقالية، والتي لا يكفيها الثلاث سنوات لإصلاح ما افسده النظام البائد.
من المؤكد أن الثلاثين عام الماضية لعبت دوراً ريادياً فيما آل إليه السودان من انهيار في شتي مناحي الحياة، وبالتالي فإن ما حدث في ذلك العهد أدى إلى عدم تطور ومواكبة التعليم لما يجري في كافة الاصعدة والمستويات رغماً عن أن البلاد كانت فيما سبق متقدمة على الكثير من البلدان العربية والإفريقية، مما منحها سمعة ممتازة في هذا الجانب الذي جعل الأساتذة والخريجين من الجامعات السودانية مرغوب فيهم في جميع أنحاء العالم، والأمثلة والشواهد أكثر بكثير مما يمكن تصوره، وقد ساهموا بشكل كبير في تعليم وتنمية الكثير من الدول العربية والإفريقية، بل هنالك من تجاوز الحدود الجغرافية المحدودة إلى العالمية، وأصبحوا بعلمهم وفكرهم الأخطر تنافساً لكبار العلماء في أمريكا، بريطانيا، السويد، فرنسا وغيرها، وليس ذلك على مستوي الجامعات فقط، إنما تعداها إلى الاكتشافات، الدراسات والأبحاث التي حازوا بها على أعلى مراتب الشرف، وبالمقابل فإن الأمر أصبح مختلفاً عما سبق، إذ لم يعد الأساتذة والخريجين بذات الامتياز والألق والحضور المميز في الدول عموماً، وهذا يؤكد أن المكانة السابقة فقدت كثيراً من مزاياها التي أضحي في ظلها السودان متأخراً عن ركب الدول، إذ لم يعد مصنفاً كما كان مسبقاً ضمن التصنيفات العالمية المتقدمة إقليميا أو دولياً، لذا نجد أن التعليم في السودان أمام تحد كبير للسياسات الخاطئة من النظام السابق الذي غير المنهج والسلم التعليمي خلال الثلاثة عقود الماضية، مما أدى إلى عدم القدرة على اصطحاب المتغيرات والتطورات المتسارعة جداً في إطار (العولمة) ووسائطها المختلفة و التي ساهمت بشكل مطلق من حيث إكتساب المعرفة والمعلومات المتدفقة عبر الشبكة العنكبوتية، والتي سهلت كثيراً لطلاب العلم في شتي مجالاتهم المجالات، مما جعل التعليم في السودان متأخراً عن ركب الدول المتطورة، والتي نجد أن استثمارها فيه متوافقا مع التعليم الحكومي الذي هو منافسا قوياً للتعليم الأجنبي والخاص الذي يشهد في السودان إشكاليات لا حصر لها ولا عد، وبالتالي أصبح التعليم عموماً يعاني الأمرين ولا يقدم التحصيل الأكاديمي المرجو من حيث النظرة الإيجابية حاضراً ومستقبلاً، إذ نجد أن من وضع المناهج التعليمية في السودان لم يراع ما يشهده العالم من تطور، وأقل ما يمكن أن توصف به المناهج التي تدرس أنها وضعت من أجل بقاء البلاد على ما هي عليه، إذ نلحظ أنه مكتظا بالمعلومات غير المجيدية للتلاميذ وطلاب العلم.
ومما ذهبت إليه، فإن السياسة التعليمية في ظل الحكومة الانتقالية يجب أن تعيد النظر في السياسات السالبة لنظام الرئيس المخلوع عمر البشير، لذلك على وزير التربية والتعليم تشكيل لجنة إسعافية لمراجعة المناهج التعليمية ودراسة إمكانية إعادة السلم التعليمي لما سبق وفقاً لما تقتضية الضرورة في الحاضر والمستقبل لكي يتحقق ما يصبو إليه الشعب السوداني، والذي يأمل في تعليم يوفر له اكتساب علم يؤمن له مستقبل مشرق، وثقافة محفزة للتجارب الحياتية والإنسانية المتفوقة في هذا الجانب الهام.
وبما أن النظام السابق كان يؤهل كوادره دون الالتفات للمسألة بعيداً عن الانتماء مما جعل التدريب شبه غائباً عن الكادر البشرية غير الموالية للنظام البائد، وبالتالي التأهيل يحتاج أيضاً إلى إعادة النظر بعين فاحصة حتى يستطيع الكادر البشري مواكبة التطور الذي يحدث يومياً، وعندما يكون المعلم مؤهلاً لذلك، فإنه سيكون قادراً على تطبيق المناهج التعليمية تطبيقاً سليماً على أرض الواقع، وأن لم يحدث هذا فإن الأمر برمته سيكون تحصيل حاصل، لأنه وليس من الممكن أن يكون (المعلم) غائباً عن المشهد طوال السنوات الماضية من حيث الايدلوجيات التي طالت كل شئ، ويأخذ عائدا غير مجزياً نظير ما يقدمه من تعليم الأجيال وأجيال رغماً عن الظروق القاسية التي يعمل في إطارها، وعليه لم يسلم منها التعليم بصورة عامة، لذا على الجميع التكاتف مع وزارة التربية والتعليم لإنقاذ التعليم من الضياع الذي كان يركن له، وهذا لن يتم إلا من خلال إعادته لسيرته الأولي بتأهيل البيئة (المدرسة) الحكومية من خلال مجالس الأباء الذين هم الشركاء الحقيقين لعملية التغيير المنشود، خاصة وأن هنالك من ساهم منهم في إنشاء أو إعادة تأهيل مدارس حكومية.
ومما أشرت له، فإن المسئولية الملقاة على عاتق كبيرة من حيث إعادة تأهيل البيئي المدرسية الحكومية لتنافس آفة التعليم الأجنبي والخاص الذي انشر كانتشار النار في الهشيم، لذا من أوجب الواجبات أن تصبح البيئات المدرسية متناغمة مع التحصيل الأكاديمي يضع خارطة طريق للتلاميذ وطلاب العلم، خاصة وأن هنالك عوامل أثرت تأثيراً بالغاً منها المواقع الإلكترونية، ومواقع التواصل الاجتماعي، والقنوات الفضائية، وهي جميعاً تشكل خطرا على تلقي التعليم في بيئة سليمة، ومواكبة للمنهج الدراسي، والذي يتطلب توفير الإمكانيات المنوط بها تحقيق ما يرمي إليه إنسان السودان، والذي يستحق المكافأة على صبره لسنوات طوال، لذا يجب أن توضع سياسات تعليمية تلبي الطموح، والاهتمام بإنزال السياسات وتنفيذها على الأرض ومراقبة ذلك إلى أن يتحقق الأمر حتى لا يختل الميزان كما هو مختلا في النظام البائد الذي لم يكن يطلع بمسؤولياته، مما نجم عن ذلك فقدان الثقة في التعليم الحكومي الذي أدي إلى أن تتغير النظرة الإيجابية للتعليم، والذي أصبح في ظل النظام الديكتاتوري الذي أفرز ظاهرة التعليم الطبي، والذي لم جعل التعليم في البلاد غير متوازناً، خاصة الأسر الفقيرة لم تحظي بالتعليم الذي تأمل فيه اكاديميا وتقنياً، مما نجم عن ذلك (البطالة)، بالإضافة إلى أن الفجوة أصبحت عميقة جداً، وبالتالي أضحت هنالك فئة قادرة على تلقي التعليم بصورة خاصة إما باقي الفئات مفتقرة لعدم استطاعت التعليم الحكومي منافسة التعليم الأجنبي والخاص، ومع هذا وذاك فإن نظام الحكم المعزول روج إلى أن التعليم يمضي في الاتجاه الصحيح، ويلقي باللائمة على (المعلم) الذي ظلم بكل تأكيد ظلم الحسن والحسين في ظل نظام الرئيس السابق عمر البشير الذي أفشل كل ما يتصل بهذا الجانب، والذي دمجت في ظله المرحلة الابتدائية بالمرحلة المتوسطة.

الدار تفتح ملف الاحتيال العاطفي والرومانسي عبر الأرقام الدولية


قصص مثيرة لضحايا التواصل مع المحتالين بالاتصالات والانترنت
استدرار عطف الفتيات بالقضايا الانسانية والنصب عليهن 

وصلت إحصائيات ضحايا النصب والاحتيال بالأرقام الدولية مرحلة غاية في الخطورة، إذ أن الشبكة العنكبوتية أصبحت وكراً فضائياً لارتكاب الجريمة المقننة، مما دفع بعض الدول إنشاء جهات متخصصة في مكافحة جرائم الإنترنت المتطورة، والمهام الموكلة لها دراسة الحالات التي تعرضت للاحتيال بتلك الصورة، ومن ثم التحري حول المعلومات المندرجة في هذا الإطار الذي أضحي يشكل قلقاً منقطع النظير، وحسب إحصائية تندرج في إطار الاحتيال (العاطفي) و(الرومانسي)، فإن الضحايا من الجنسين يتجاوز الثلاثة ألف ضحية خلال فترة وجيزة، والأغرب أن من يقعون في شباك الاحتيال لا يتعظون من السوابق التي تم نشرها إعلامياً، وبالرغم عن ذلك فإن عدد الضحايا في تزايد مخيف جداً، ووراء كل عملية احتيال قصة مثيرة ومؤثرة، وفي السياق تروي احدى الضحايا قصتها قائلة : بدأت التواصل مع هذا العالم الإجرامي بعد أن توفي زوجي في حادث مروري تاركاً لي مسئولية أمواله التي ورثتها، والتي في ظلها انضممت إلى موقع إلكتروني خاصاً بالتعارف بين الجنسين ، ومن خلاله تواصلت مع شاباً بحسب ما زعم هو، ومن خلال ذلك التواصل أكد أنه تعرض للسرقة أثناء ممارسة عمله التجاري متنقلاً من دولة لآخري الأمر الذي وضعه في موقف غاية في الصعوبة لدرجة أنه غير قادر على العودة إلى مسقط رأسه، وبما أنه كذلك فهو لا يستطيع أن يأتي للالتقاء بها في دولتها، وأشار في ذات الوقت إلى أن طفلته الوحيدة مريضة وتحتاج إلى تدخل جراحي عاجل جداً، وبما أن الجزئية الأخيرة من القصة تتعلق بالانسانية وجدت السيدة نفسها ترسل له المبالغ دون احكام عقلها، وادراك حقيقة أن ما ذهب إليه ذلك الشخص ما هو إلا احتيال من خلال استدرار العاطفة ومخاطبة المشاعر بصورة محكمة.
وعندما ننتقل إلى قصة آخري نجد أن بطلتها وقعت في فخ الغرام مع شاب وفقاً لما أكد لها هو عبر تواصله معها من خلال العالم الافتراضي، وظلت هي تتواصل معه بشكل مستمر إلى أكثر من العام، وقالت : وقعت في ذلك الشرك الذي نصبه لي ذلك المحتال الذي كان يؤكد أنه يبذل مجهوداً من أجل جمع المال الذي يتيح له فرصة أن يشد الرحال إليها، وبالفعل وصل البلاد والتقيت به لأول مرة فكان كريماً معي إلا أن هذا الكرم لم يدم طويلاً، ومع هذا وذاك قطع لي وعداً بأن يتزوجني، وما أن تأكد من رغبتي الأكيدة فيه إلا وأصبح يطلب مني المال بصورة غير مباشرة، وبما إنني موظفة بسيطة لم أجد حلا للإشكاليات التي تعترض طريقه سوي أن اقترض المال من أجل مساعدته، ومضي الأمر بهذه الصورة دون أن ينصلح حاله، واستمر الحال على ما هو عليه إلى أن عجزت تماماً عن الاستدانة وتسديد المديونيات السابقة، وحينما وجدني لا استطيع توفير المال يغضب غضباً شديداً، وكلما طلبت الالتقاء به يتحجج بحجج واهية، هكذا إلى أن أصبح بمرور الأيام يبتعد عني تدريجياً إلى أن اخطرني رسمياً أنه لا يرغب في استمرار علاقته، ومتي ما توفرت المبالغ التي دفعتها له سوف يستردها، ومنذ ذلك التاريخ وإلى الآن لم يتواصل معي لرد المبالغ التي منحتها له، ولم اسمع عنه شيئاً، وظللت أنا أدخل الصناديق من أجل تسديد ديونه على مدى عامين.
وأبان خبراء أن المسألة أخذت ابعاداً ليس في الإمكان معالجتها بصورة جذرية، لذا تتعمق الإشكالية في هذا الجانب يوماً تلو الآخر، ويعود ذلك إلى أن هناك حالة عدم وعي، وذلك من واقع أن شركات الاتصالات لا تقدم إرشادات لعملائها الذين يحتاجون إلى حملات توعوية من تلقي المكالمات الهاتفية والرسائل النصية والالكترونية عبر الفيس بوك، تويتر، والواتساب وغيرها، خاصة وأن معظم تلك التطبيقات تطلب الوصول إلى البيانات الشخصية، وبالتالي يجب التركيز على توعية العملاء من خطورة الانجراف وراء الأرقام الدولية المجهولة، والتي تقود للاحتيال من خلال خدعة المستقبل للاتصالات أو الرسائل بأنه فاز بجائزة مالية، ومن أجل استلام المبلغ عليه إرسال مبالغ محدد وذلك عبر خدمة تحويل الرصيد، لذا يفترض في شركات الاتصالات توعية العملاء طالما أنه ليس في مقدورها حظر تلك المكالمات والرسائل عبر الأرقام الدولية، فهي دون ادني شك يقع على عاتقها الدور الكبير في هذا الإطار، والذي يجب عليها أن تنبه وتحذر من مغبة ذلك، فبعض العملاء يجهلون خطورة الاتجاه على هذا النحو الذي يتطلب من الشركات المعنية تكثيف الحملات التوعوية عبر كل الوسائل المنوط بها إيصال الرسالة لعملائها، خاصة المواقع الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي، وهذا واجب عليها حتى تحمي عملائها من الانتهاك الذي يتعرضون له.
انتبه ولا تكن أحد ضحايا  الاحتيال العاطفي والرومانسي إن من يقعون ضحايا الاحتيال العاطفي والرومانسي يجهلون مخططات المرسل المتطور في الإجرام الإلكتروني، والذي يستطيع من خلاله نصب الكثير من الأموال.

طرد مراجعي وزارة المالية من مؤسسات الدولة العميقة


كشفت منال شنقر بالإنابة عن لجنة التسيرية لتكوين نقابة (المراجعة الداخلية) بوزارة المالية الاتحادية، كشفت أسباب تعرضهم للطرد من مؤسسات الدولة العميقة.
ما هي المراجعة الداخلية التابعة لوزارة المالية وما الدور المنوط بها ؟
إن المراجعة الداخلية تمثل درع الحماية الأول للمال العام، إلا أنها عانت ما عانت في عهد الرئيس المخلوع عمر البشير ونظامه الذي استشري فيه (الفساد) في معظم مفاصل الدولة العميقة.
ما الإشكالات التي تواجه المراجعين خلال مراجعة مؤسسات الدولة ؟
الإشكاليات كثيرة، وهي بلا شك تتطلب إعفاء محمد سرالختم الباهي، مدير المراجعة الحالي.
لماذا ؟
أولاً عمل المدير المشار له على تهميش كل القيادات السابقة، والذين قامت علي اكتافهم المراجعة، وحل محلهم صغار الموظفين الذين لا كفاءة ولا خبرة لديهم، ولا يمتلكون شيئاً غير الانتماء لحزب النظام البائد.
ماذا عن هيكل إدارة المراجعة بوزارة المالية ؟
هيكل المراجعة الداخلية ضعيف جداً.
ما القرار الخاطئ الذي اتخذ في إطار إدارة المراجعة ولم يكن سليماً ؟
تعيين نائباً للمدير العام للمراجعة الداخلية دون أن تكون له علاقة بالمراجعة، علماً بأنه يتبع إلى جهاز أمني.
هل كانت إدارة المراجعة تولي تدريب الكوادر البشرية اهتماماً للتأهيل واكتساب المزيد من الخبرات ؟
 لا لم يكن هذا الأمر يحدث معنا، بل انحصر التدريب بالداخل والخارج على من هم موالين للنظام السابق.
كيف تنظرون إلى قانون المراجعة الداخلية ؟
قانون المراجعة الداخلية من القوانين الضعيفة التي تحتاج للمراجعة حتي تتم محاسبة كل من يثبت تورطه في التعدي على المال العام، وتقديمهم إلى محاكمات عادلة، وبما أن هذا الأمر لم يكن موجوداً في العهد البائد، فإنه لعب دوراً رئيسياً في التشجيع على (الفساد) و الاعتداء على المال العام بعد أن تم إضعاف المراجعة الداخلية.
مما ذهبتي إليه ما هي مطالبكم التي تضعونها على طاولة الحكومة الانتقالية ؟
المطالب تتمثل في اعطاء المراجع الداخلي حصانة تحفظ لنا حقوقنا وفقاً للقانون، وحماية لنا من مؤسسات الدولة التي نقوم بمراجعتها، بالإضافة إلى أننا نطالب بالاستقلالية الكاملة للمراجع الداخلي.
هل تتعرضون للاعتداء والضغوط من مؤسسات الدولة التي تقومون بمراجعتها ؟
بكل تأكيد هنالك مؤسسات كثيرة قامت بطرد المراجعين من حرم مؤسساتها، ومؤسسات آخري لم يستطع المراجعين عبور بوابتها للولوج إلى داخلها مطلقاً، منها على سبيل المثال ديوان الزكاة ووزارة الداخلية ووزارة النفط وغيرها.
كم مؤسسة من مؤسسات الدولة استطعتم مراجعتها قبل الإطاحة بالرئيس المخلوع عمر البشير ؟
كل ما استطعنا مراجعته في تلك الفترة (25٪) من مؤسسات الدولة العميقة.
هل انتي شخصياً تعرضتي للطرد من مؤسسة من مؤسسات الدولة وما هي تحديداً ؟
نعم حدث معي ذلك عندما قمت بمراجعة الشركة السودانيه للموارد المعدنية، والتي تم طردنا منها أكثر من مرة، وذلك يعود إلى ضعف المدير العام الذي كان ينصرهم علينا.
ما الأسباب التي يتم من خلالها طردكم، هل هم غير معترفين بالمراجعة أم لديهم وجهة نظر أخرى ؟
دائماً ما تكون أسباب طردنا من مؤسسات الدولة قائمة على رفض وجود المراجع أصلاً أو الإختلاف أو إيقاف المراجع لأي شيك أو دفعية من وجهة نظر المراجعة هنالك مخالفه للوائح والقوانين، فيما يكون المنتهك لديه الرغبة الملحة لتمرير المخالفة.
هل تم ضبط مخالفات في مؤسسات الدولة التي قمت بمراجعة حساباتها؟
بكل تأكيد هنالك الكثير من المخالفات التي تم ضبطها.

سراج النعيم يكتب : انفصال جنوب السودان


إن نظام الرئيس المخلوع عمر البشير كان على قناعة تامة بأن توقيعه على اتفاقية (نيفاشا) سيقود جنوب السودان للانفصال، وهذه الخطوة لم تكن الحل الجذري للصراع التاريخي، الذي أحدث زعزعة ليس على مستوي السودان، بل على مستوي القارة، مثله مثل صراعات شهدتها أفريقيا لسنوات وسنوات مثل يوغندا، الكونغو، رواندا، نيجيريا، وتشاد وغيرها.
ومن أجل استمرار الحرب الدائرة في السودان انتهج الاستعمار خطة جديدة في العام 1989م مرتكزاً على سياسة إضعاف الوجود الشمالي في الجنوب واللغة العربية، والاستعاضة عنها باللغة الإنجليزية، وعمل على ايقاف الدعوة لاعتناق الديانة الإسلامية، وبالمقابل شجع البعثات التنصيرية المختلفة، مما وضع الحكومات السودانية المتعاقبة أمام معضلة حقيقية من حيث مفاهيم ارساها الاحتلال البريطاني في ذهنية الجنوبيين، وعليه فإن النزاع ظل قائماً لدرجة أنه اشتهر إعلامياً باطول حروب القرن، ورغماً عن الانفصال إلا أنه مازال يترك آثاره السالبة في الشمال، والذي تضرر ضرراً بالغاً منه، ومن السياسة الاستعمارية الإنجليزية في البلاد، إذ أنها شرعت قوانيناً للمناطق المنغلقة في العام 1922م، وتم تنفيذها عملياً في جنوب السودان، وعلى خلفية ذلك تم أبعاد الموظفين السودانيين والمصريين من الجنوب، ومن ثم أصدرت القرارات العامة في جنوب السودان، مما نجم عنها إعادة التوتر في المنطقة مجدداً، وفي العام 1982م صدر قرار يقضي بإعادة تدوير القوات العسكرية في جنوب السودان، وهذا القرار قاد عدد من الضباط الجنوبيين للهروب من الخدمة في القوات النظامية، وصادف ذلك محاولة تصدير البترول خاماً، وفي بداية العام 1972م وقعت اتفاقية نصت على منح الحكم الذاتي لمحافظات الجنوب الثلاث تحت إشراف المجلس التنفيذي الأعلى، كما نصت على تشكيل جمعية تشريعية، بالإضافة إلى أنها شملت على ملاحق ونصوص تتعلق بإعادة توطين اللاجئين وترتيبات وقف إطلاق النار وتشكيل قوة عسكرية محلية من 12 ألف رجل نصفهم على الأقل من أبناء الإقليم.
وعندما تم اكتشاف النفط، والذي على خلفيته بدأ نزاع بين الحكومة والتمرد، فالمواقع البترولية أضحت بؤرة للصراع الذي نتج عنه عنفاً في العام 1965م، كما ظهرت في الساحة حركات سياسية تطالب بانفصال الجنوب عن الشمال، وهو الأمر الذي قاد إلى السلطة العسكرية في العام 1969م، وذلك من واقع أن الجنوب شهد (فوضى) احدثتها الحركة المتمردة (الأنيانيا)، والتي اتجه في إطارها النظام المايوي لإيجاد الحلول لهذه الأزمة بالتهدئة، وإعلان العفو عن السياسيين والمتمردين الجنوبيين.
وفي العام ١٩٨٣م تمردت حامية مدينة (يور) التابعة للقوات المسلحة، ثم صدر البيان الأول لحركة تحرير السودان بزعامة العقيد جون قرنق الذي أبعد عن حركته الدعوة لانفصال الجنوب عن الشمال، مؤكداً بالوحدة، واستطاع أن يستقطب المقاتلين خلال ثلاثة أشهر وتجنيد كتائب كاملة من المقاتلين، ومن ثم وجد الدعم من النظام الليبي برئاسة العقيد معمر القذافي، وبذلك الدعم استطاع أن يصيب حقول التنقيب عن النفط باضرار بالغة وبالرغم من الإختلاف القائم حول مدينة (أبيي) إلا أنها تشهد تعايشاً بين القبائل المختلفة، والذي تم بين (المسيرية ودينكا نقوك)، والذي وُقّع بين الناظر (علي الجلة) والسلطان (أروب)، وقد أثنى على ذلك التعايش المفتش الإنجليزي في تقريره الصادر في العام (1920م _ 1921م)، بالإضافة إلى مدير مديرية بحر الغزال من خلال خطابه الذي القاه بتاريخ 21/7/1927م وأوصى بأن يستمر دينكا نقوك في مجلس ريفي المسيرية نتيجة لعلاقتهم الجيدة، إلا أن أصل الإشكالية يعود إلى عصر الاحتلال البريطاني، إذ أن المستعمر اجري استفتاء لدينكا نقوك، ومنحهم حق البقاء في الشمال أو التبعية للجنوب إلا أنهم اختاروا أن يكونوا تابعين لمجلس ريفي المسيرية، ورغماً عما أشرت إليه إلا أن المستعمر الإنجليزي سعي سعياً حثيثاً لإقناع (كوال أروب) سلطان دينكا نقوك بالانضمام إلى جنوب السودان بدلاً من البقاء في الشمال إلا أن جميع المحاولات باءت بالفشل الذريع، وفي العام 1943م توفي السلطان (كوال أروب)، وخلفه نجله (دينق)، والذي حاول المفتش البريطاني إقناعه بالفكرة القديمة المتجددة أثناء الاستعداد لمؤتمر جوبا في العام 1943م، ورغماً عن الرفض إلا أن الإنجليز ظلوا يحاولون في هذا الإطار إلى أن تم إجراء استفتاءات في السنوات (1950م و1951م و1953م و1954م و1955م)، إلا أنها لم تنجح، وانتهت بخروج بالاستعمار في العام 1956م.
وعلى خلفية ذلك هدأت الأوضاع في جنوب البلاد، إلا أنها تجددت مع انقلاب نظام الرئيس المخلوع عمر البشير على شرعية الإمام الصادق المهدي في الثلاثين من يونيو في العام 1989م، وعليه ابرمت اتفاقيات حول مدينة (أبيي) في العام 1997م، كما أنها وضعت جدول أعمال في العام 2000م بغرض إيجاد الحلول للاشكالية كجزء من تنفيذ اتفاقية الخرطوم للسلام المؤكدة إن مدينة (أبيي) موطناً للمسيرية ودينكا نقوك، وهي ليست جزءاً من الجنوب، وأنها منطقة تعدد عرقي وثقافي، وهي واحدة من المناطق الأقل نمواً في البلاد، وأن لها إشكالية خاصة، ورغماً عن ذلك أخذت القضية بعداً آخراً عندما شرعت أمريكا في عمل تسوية للقضية عقب أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001م، إذ أنها أثارت صراعاً حاداً بين النظام البائد والحركة الشعبية لتحرير السودان، مما نجم عن ذلك تدخل المبعوث الأميركي آنذاك وطرح رؤية للحل سُميت بالورقة الأميركية، وذلك في 2004م، وهدد الطرفين قائلاً: (إن الإدارة الأميركية تحمّل المسؤولية في حال انهيار المفاوضات لأي طرف يعوق مسيرة السلام)، مما أدي إلى أن تصبح الورقة الأميركية جزءاً من اتفاقية (نيفاشا)، وهي من الاتفاقيات الخطيرة التي تثبت مبدأ الاستفتاء، والذي حُدد له العام 2011م تزامناً مع استفتاء الجنوب ولم ترسم حدود جغرافية لمدينة (أبيي)، وترك الأمر برمته للجنة من الخبراء، ورئيس اللجنة سفير أميركي سابق بالسودان، ونائبه من جنوب أفريقيا وثلاثة أعضاء من دول الإيقاد، إلا أن اللجنة فشلت في مهمتها، وبالرغم من فشلها إلا أنها رسمتها وفق الحدود واعتبرته تغولاً على الأراضي الشمالية، فيما باركته الحركة الشعبية لتحرير السودان، مما أدي إلى حدوث اشتباكات في ديسمبرمن العام 2007م واشتدت في العام ٢٠٠٨م، وعلى خلفية ذلك اتفق نظام الرئيس المعزول عمر البشير ودولة الجنوب على إحالة ملف النزاع إلى هيئة تحكيم دولية بلاهاي في العام ٢٠٠٨م، مما أدي بنظام حكم المؤتمر الوطني الفشل لحل الإشكالية بطريقته التي تعد سابقة خطيرة تاريخياً نسبة إلى أنها جعلت السودان لقمة صائغة للانقسامات، والمطامع الخارجية، إذ أنها احتكمت إلى هيئة التحكيم الدولية، وهو الأمر الذي وضع القضية موضع شد وجذب بين طرفي الصراع، وبالتالي مضي نظام المعزول عمر البشير نحو الفشل الذي لم تجد في إطاره الحلول الجذرية للصراعات الدائرة في جنوب السودان، جبال النوبة، النيل الأزرق، أبيي، دارفور وشرق السودان، وهي بلاشك لا يمكن أن تنتهي من خلال اتفاقية (نيفاشا) الموقعة بين الحكومة والحركة الشعبية، أو غيرها من التفاهمات السياسية، وذلك يعود إلى أن ما يستند عليهم النظام السابق ما هم إلا جزء أصيل من الأزمات المتتالية في البلاد، وبالتالي لا يمكن أن يكون الداء هو الدواء الناجع، علماً بأن ما يجري من أحداث قائم على أسباب كثيرة منها تعميق الأنظمة المتعاقبة على حكم السودان، والمصالح المحلية، الإقليمية والدولية في مناطق الصراعات للإشكاليات المبنية على أن الحكومات تهمشهم، ووجدوا في هذا الجانب المساندة من الخارج الذي دعم أطراف الصراع، بالإضافة إلى السيطرة التامة على آليات التسوية.

azsuragalnim19@gmail.com

*الدكتور أسامة عطا جبارة يشرح الإقتصاد السوداني في ظل الحرب*

..........  *تواصل شبكة (أوتار الأصيل) الإخبارية، وصحيفة العريشة الرقمية نشر الحوار الهام مع الخبير في الإقتصاد العالمي الدكتور أسامة عطا جب...