مما لا شك فيه، فإن أي علاقة إنسانية بين شخصين تشوبها بعض الشوائب بسبب تدخلات طرف ثالث في إطارها دون سابق إنذار، وهذا الشخص الثالث وفي كثير من الأحيان يبدأ في الايقاع بين الشخصين الناجحين بـ(النميمة) و(القوالات)، هكذا يمارس فعله المشين لغرض في نفسه وهو في الغالب يعود إلى إشكاليات نفسية متراكمة، وبالتالي دائماً ما يكون ذلك الشخص في غاية الانزعاج كون أنه شاهد علاقة ناجحة في المحيط الأسري أو العمل أو المجتمع، فمثلها تشعره بـ(الفشل) الذي سيطر على حياته عموماً، لذلك يكون حريصاً على إظهار (عيوب) من يدور في فلكهم دون مراعاة لما يسفر عنه نهجه السالب، والذي لا يدع مجالاً لمن يستهدفهم للالتزام بعوامل النجاح، هكذا يمارس فعله (القبيح) في كل حركاته وسكناته، ورغماً عن أنه واضحاً فيما يهدف له إلا أن البعض ينجرفون وراء تياره دون وعي، وكأنهم لا يعلمون أن أى علاقة ناجحة يجب أن لا تسمح لأي طرف ثالث بالتدخل، فالعلاقات الإنسانية قائمة أصلاً على الاتفاق والاختلاف الذي يحدث ما بين الفينة والآخري، وهي دائماً ما تكون في نطاق محدود جداً إلا أن الطرف الثالث يعمد إلى توسيعها، لأنه يسعي في ظلها سعياً حثيثاً لعدم استمرارها، مما يتطلب من الطرفين الناجحين عدم الانصات له أو منحه مساحات يتحرك في إطارها في حياتهم نسبة إلى أنه لن يتركهم يهنئون بالنجاح، فضلاً عن أنه يفعل مقدرته في هز الثقة بالنفس لإفشال تلك العلاقات، لذا يجب عدم الركون له ولأفكاره (الهدامة)، وهي تدعو صراحة للخنوع الذي يضيق خناق التفكير في تقييم التجربة الإيجابية من أجل تجاوز السلبيات.
إن الطرف الثالث (الدخيل) يعمل على هز الثقة بين الشخصين الناجحين من خلال تشجيعهما على إنكار نقاط القوة والضعف، و هذه النقاط تحديداً تكون مدخلاً له، خاصة وأنه يعتقد اعتقاداً جازماً بإنه إنساناً ذكياً، إلا أنه في الحقيقة إنساناً (ساذجاً) بكل ما تحمل الكلمة من معني، وهذا يعود إلى أن نطاق معرفته محكوماً بـ(الفشل) الذي أدمن التوسع فيه، بالمقابل هذا النطاق المحدود يضيق للنجاح، لذا عليه أن يكون متنبهاً لما يمكن أن يسفر عنه تفكيره السالب من إشكاليات نفسية في المستقبل، فالحاضر بالنسبة للناس كشف لهم أنه مجرد إنساناً منتفخاً بـ(الفتنة)، والتفريق بين الأشخاص الناجحين في علاقاتهم الإنسانية، وبالتالي هو لا يعرف حدوده في التعامل معها من قريب أو بعيد، لذلك يعمل جاهداً على إفشالها لإرضاء الفشل المتجذر في دواخله، وتأكيداً لذاته المريضة، فهو بلا شك إنسان (فاشل) إلا أنه رغماً عن فشله يصور نفسه (وهماً) أنه (ناجح)، وهذه واحدة من عيوبه التي لا يستطيع أن يتجاوزها، ولا يستطيع إنكارها مهما حاول، لذا من الأفضل له أن يختار تفريغ طاقته السالبة فيما يفيد الناس بدلاً من الأذي الذى يمارسه منذ سنوات ناسياً المرض والموت، وأن يترك العلاقات الناجحة تسير في طريقها دون أن يضع لها المتاريس.
ومن هنا يجب أن يدرك الطرفين جيداً أن الأخطاء في الحياة عامة جزء من تكوين البشرية، وهي ليس سبباً للفشل طالما أن الخطأ قابلاً للتصحيح، وخير الذين يخطئون من يعترفون بالخطأ الذى يعمدون إلى تصحيحه فيما بعد ، لذا أكرر أن أى علاقة بين شخصين يسودها الإتفاق، ومن ثم يحدث الإختلاف، إلا أنه وفي الغالب الاعم نجد أن الكثير من العلاقات الإنسانية الناجحة تشهد كثيراً من الخلافات، وتتطور إلى مرحلة سيئة في حال أججها ذلك طرف ثالث ولو لم يكن مرغوباً فيه، ومثله أقل ما يوصف به هو أنه إنساناً (حشرياً)، لذا حري بالأشخاص الناجحين عدم إفساح المجال لأمثال هؤلاء لتعكير صفو حياتهم ، وأن لا يركزوا مع ما يبثونه من سموم ستؤدي في نهاية المطاف إلى أحداث هوة عميقة لا يمكن ردمها، مما يجعل العلاقة متوترة وفاترة بين الطرفين اللذين استجابا لذلك الشخص الذى درج على أن يتطاول على الناس تطاولاً مؤذياً، وهو قطعاً سيقوده أن طال الزمن أو قصر إلى التهلكة، وستجد ذلك ظاهراً في حياته مع مرور الأيام.
بالمقابل لا أتوقع من ذلك الشخص الذي يعمل على إفشال العلاقات الإنسانية للتراجع عما هو يرمي إليه، لأن الأمر أصبح عنده عادة يمارسها بشكل يومي، لأنه في الأصل تربي على الاهتمام بصغائر الأمور ولا يستطيع أن يحسن من سلوكياته المؤذية للآخرين، إذ أنه درج على ممارسة الأفعال السالبة المنافية لما هو طبيعي، ولا سيما فإنها ترتكز على إفشال العلاقات الإنسانية الناجحة من خلال تضخيم كل الأمور، والزعم أن الخطيئة مهما كانت صغيرة جريمة مقصودة.