الاثنين، 28 أكتوبر 2019

بعد أن نزعتها منه رئاسة الجمهورية عائد من الاغتراب يخوض أطول قضية ضد نظام البشير في (قطعة أرض)

جلس إليه : سراج النعيم
..........كشف العم أحمد حسين حسين البنا، البالغ من (66) عاماً، العائد من الاغتراب بعد سنوات تفاصيل مثيرة حول أطول قضية ضد نظام حكم الرئيس المخلوع عمر البشير في قطعة أرض.
وقال : من حقي الطبيعي وفقاً للدستور والقانون أن أمتلك قطعة أرض، ومن حقي التنقل في كل إرجاء السودان، ما قادني إلى هذه المقدمة، هو إنني اشتريت قطعة أرض في العام ١٩٨٤م من مواطن يدعي (خضر زين العابدين) بالخرطوم وبعد إكمال المبايعة سلمني شهادة البحث وكتب عليها قيمة قطعة الأرض، وهي إلى الآن مسجلة بأسمي في سجلات أراضي الخرطوم الزراعية، وبعد ذلك شددت الرحال إلى السعودية، وعندما عدت منها طلب مني مقابلة وكيل نيابة الأراضي وكان أن فعلت، وفي التحري سئلت أين كنت في الفترة الماضية، فأكدت إنني كنت في السعودية فقالوا : يجب أن تحضر ما يثبت أنك كنت في المملكة العربية، فما كان مني إلا و أحضرت لهم جواز سفري، وبعد الإطلاع عليه قالوا : إن هذه الأراضي فيها تزوير، وإذا ثبت ذلك فإننا سوف نلقي عليك القبض، فرديت عليه قائلاً : جدا، وكان أن ذهب إلى سجلات الأراضي، وراجع القطعة فوجدها مسجلة بأسمي، وتم على خلفية ذلك تجديد شهادة البحث، وعليه منحت خطاب إلى مدير الأراضي يشير إلى أنني أملك ثمن فدان في منطقة الجريف، لذا يجب تسليمه لي، وبالرغم من الإجراءات القانونية إلا إنني لم استلمها منذ ثمانية سنوات، مما حدا بي اللجوء إلى السلطة العدلية التي منحني في إطارها النائب العام إذناً بأن اقاضي مصلحة الأراضي، وكان أن رفعت عريضة الدعوي للسلطات المختصة، وقد حكمت المحكمة لصالحي، وخيرة مصلحة الأراضي إما أن تمنحني قطعة أرض، وإما أن أعطي قيمة القطعة المعنية بسعر المتر في السوق، فلم تنفذ القرار القضائي، مؤكدة أن رئاسة جمهورية الرئيس المخلوع عمر البشير نزعت قطعة أرضي بمنطقة الجريف غرب، وخيرتني بين خطة اسكانية أو إعطائي قطعة أرض آخري أو تعويضي مالياً بقيمة سعر المتر في سوق الأراضي، إلا أن مصلحة الأراضي استئانفت قرار محكمة الموضوع لدي محكمة الاستئنافات، فما كان منها إلا وأيدت قرار المحكمة الابتدائية، ورغماً عن ذلك لم ينفذ الحكم، علماً بأن القطعة نزعها نظام الرئيس المخلوع عمر البشير لمصالح شخصية لا تستمد بصلة للمصلحة العامة، فإذا كان نزعت للصالح العام كنت تنازلت عنها بطوعي واختياري، فأنا ظلمت ظلم الحسن والحسين، إذ أن النظام البائد نزع قطعة أرضي، وأعطاها لشخص آخر لا أعرف من هو.
وماذا بعد ذلك؟
ذهبت إلى وزارة التخطيط العمراني لمقابلة الوزير، والذي بدوره طردني من مكتبه، وقال : أخرج من مكتبي، فأنت ليس لديك أي حق بطرفنا، فقلت له : انا لدي شهادة بحث تثبت ملكيتي لقطعة الأرض، بالإضافة إلى قرار المحكمة.
هل استسلمت بعد أن طردك الوزير من مكتبه؟
لا لم أستسلم، بل ذهبت إلى ديوان المظالم الذي نصحني باستلام استحقاقي.
فيما تشير الوقائع إلى أن قطعة الأرض نزعت بقرار جمهوري وفق المادة (5) من قانون نزع ملكية الأراضي لسنة 1930م، والتي تقرأ (إذا قرر رئيس الجمهورية مباشرة السلطات المخولة له بموجب أحكام هذا القانون لنزع الأرض لغرض عام يصدر إعلاناً بتوقعيه في ذلك المعني)، ولكن نفس القانون حدد الجهات التي تتولي اجراءات التعويض، وتشكيل لجنة التحكيم واستئناف قرارات اللجنة، والأسس التي تأخذ بها في التعويض، كل ذلك في المواد 13 وما بعدها من قانون نزع ملكية الأراضي لسنة 1930م، ولا تحدد هذه الأسس في الأمر الجمهوري نفسه، وقد نصت المادة (19) من القانون على قواعد التقدير (القيمة السوقية للأرض عند منح التعويض أي المبلغ الذي يمكن أن يتوقع أن تحققه الأرض إذا باعها بائع راغب في البيع في سوق مفتوحة) أي أن قيمة الأرض تكون بالقيمة السوقية أي سعرها إذا عرضت للبيع يوم العرض عدد تقدير للتعويض.



فنان الثورة السودانية يلوح بمقاضاة قناة (الجزيرة) القطرية بسبب العطبراوي







جلس إليه : سراج النعيم

 هدد الفنان الشاب أحمد النيل احمد قناة الجزيرة الفضائية باتخاذ الإجراءات القانونية في مواجهتها بسبب بثها أغنية (أنا لست رعديداً) للعطبراوي بصوته دون الإشارة لأصحاب الحقوق الأصيلة، والشئ الثاني هو أن القناة لم تأخذ منه الإذن المسبق لبث الأغنية عبر شاشهتها، ومن ثم رفع الأغنية عبر موقع (اليوتيوب)، مؤكداً أنه عندما غناها كانت المسالة مرتبطة بمشاركته في الثورة الشبابية الشعبية السودانية، وهو شخصياً لم يقم بتسجيلها ونشرها، بل تفاجأ بها مبثوثه عبر قناة الجزيرة القطرية، ومن ثم على نطاق واسع عبر وسائل الميديا الحديثة (اليوتيوب)، (الواتساب) و(الفيس بوك)، وبالتالي حظيت الأغنية بانتشار واسع قاد الكثير من الثوار الشباب أن يطلقوا عليه لقب فنان الثورة.
ما الذي تنوي فعله فيما ارتكبته قناة الجزيرة القطرية في حق العملاقين العطبراوي ومحي الدين فارس؟
ما حدث بالضبط هو إنني غنيت الأغنية بغرض دعم الثورة الشبابية، والتي كنت جزءاً منها إلى أن أطاحت بنظام الرئيس المخلوع عمر البشير، وبما أن الأغنية حظيت بالقبول بصوتي قامت قناة الجزيرة الفضائية ببثها على أساس أنها الأغنية الأكثر تداولاً عبر السوشيال ميديا، إلا أن القناة ارتكبت خطأ فادحاً إذ أنها نسبت إلىّ الأغنية، متجاوزة بذلك أصحاب الحقوق الأصيلة، مما أدخلني ذلك في حرج شديد، لذا أردت أن أوضح اللبس الذي حدث فلا ذنب لى فيه من قريب أو بعيد، فلا يمكن أن أدعي أن أغنية بهذه الضخامة من إنتاجي، فأنا مجرد نقطة في بحر العطبراوي العميق، لذا أطالب وبشدة قناة (الجزيرة) تصحيح الخطأ الكبير الذي وقعت فيه، وفي حال أنها لم تفعل، فإنني مضطر إلى اتخاذ الإجراءات القانونية في مواجهتها حفاظاً على الحقوق الأدبية للعملاقين حسن خليفة العطبراوي ومحي الدين فارس.
هل قناة الجزيرة كتبت اسمك على الأغنية دون الإشارة إلى شاعرها محي الدين فارس وفنانها العطبراوي؟
نعم وهو الأمر الذي أغضبني جداً من قناة (الجزيرة) الفضائية، فالأغنية ليست خاصتي، بل هي للعملاق العطبراوي الذي سطر اسمه في تاريخ السودان بأحرف من نور، وأنا مجرد مؤدي للأغنية التي نسبتها لي القناة.
هل هنالك اتجاه لمقاضاة قناة الجزيرة؟
سوف أنتظر إدارة قناة (الجزيرة) للاعتذار عن الخطأ، وإعادة بث الأغنية مع حفظ الحقوق الأدبية للشاعر محي الدين فارس والفنان الكبير حسن خليفة العطبراوي، وأن يرسلوا أعتذاراً مكتوباً لأسرتي الشاعر محي الدين فارس والفنان حسن خليفة العطبراوي، فهما أصحاب الحقوق الأصيلة، وإذا لم تستجيب القناة لهذين الشرطين، فإنني ودون أدني شك مضطراً إلى وضع القضية على منضدة السلطات العدلية وفقاً لقانون حق المؤلف والحقوق المجاورة.
ما ارتباطك بمدينة (عطبرة) رمز الثورة الشعبية السودانية؟
أنا لست من مدينة (عطبرة) ولكن أحبها لأنها لعبت دوراً ريادياً في نضال الشعب السوداني، والذي ظلت تدعوه للتحرر منذ الاستعمار البريطاني الذي وقفت في وجهه، ودعمها العطبراوي بأغنياته النضالية الخالدة في الوجدان، ولعلك تابعت دخول (قطار عطبرة) لساحة الاعتصام أمام القيادة العامة بالخرطوم، وهو القطار الذي حسم نقاط الخلاف الدائرة بين الأطراف السودانية، لذا كنت حريصاً على أن أغني هذه الأغنية في هذا التوقيت تعبيراً عما يجيش في دواخل كل سوداني، وعندما اتجهت على هذا النحو، فإنني فعلت كما فعل سائر السودانيين الذين ثاروا ثورتهم المجيدة ضد النظام (البائد)، وبما إنني أحب مدينة (عطبرة) جداً كنت حاضراً في اعتصام الثوار الشباب أمام القيادة العامة بالخرطوم.
وماذا؟
منذ صغري وأنا متأثر جداً بالعطبراوي، وما انتجه من أغاني تدعو للتحرر من القيود اللا إنسانية، ورفع الظلم عن البشرية، وأنا أعتبره الأب الروحي لي في هذا المجال الذي اختارتني له موهبتي.
أين كنت قبل أن تبث لك قناة الجزيرة مشاركتك لأغنية العطبراوي؟
موجوداً في الساحة الغنائية إلا إنني كنت أعتقد أن نظام الرئيس المخلوع عمر البشير حصر الإعلام في نطاق ضيق جداً، وبالتالي لم تكن هنالك مساحات لكي أطل من خلالها على المتلقي، فهي كانت ترتكز على العلاقات الشخصية دون توزيع الفرص بعدالة، مما أدى إلى ظهور بعض الفنانين بشكل مكثف، وكأن حواء لم تنجب خلافهم، وهذا أن دل على شئ، فإنما يدل على أن (فساد) النظام السابق طال كل مؤسسات الدولة العميقة، وعليه أتمني من الحكومة الانتقالية الالتفات إلى الأجهزة الإعلامية وأحداث ثورة التغيير فيها، فهي كسائر المؤسسات عانت ما عانت.
هل كنت تتوقع أن تحدث لك أغنية العطبراوي كل هذه الضجة، وتجعلك فنان الثورة الأول؟
لا لم أكن أضع في حساباتي ذلك، لأنني حينما غنيت الأغنية غنيتها بإحساس الفنان الثائر على نظام الرئيس المخلوع عمر البشير، بالإضافة إلى انني أصلاً معجباً بأغنيات العطبراوي.
هل تعتقد أن هنالك فنانين ساهموا في الثورة الشعبية السودانية؟
بكل تأكيد هنالك من لعبواً دوراً كبيراً في انزال شعاراتها على أرض الواقع، وهذا الدور مشهوداً من خلال المشاركة ببث الأغاني عبر وسائط التواصل الاجتماعي المختلفة، ومن ثم الغناء من خلال مسارح ساحة الاعتصام أمام القيادة العامة بالخرطوم إلا انني كنت محظوظاً كون انني رددت أغنية للعطبراوي،  بالإضافة إلى انني شاركت في مواكب الثورة منذ انطلاقتها الأولي.
ما الرسالة التي توجهها للأجهزة الإعلامية
أرجو أن تطبق شعارات الثورة الشبابية السودانية (عدالة، سلام وحرية) حتى يكون التغيير الذي حدث تغييراً حقيقياً وملموساً على أرض الواقع.
هل سبق لك الإطلالة عبر الأجهزة الإعلامية السودانية؟
تمت استضافتي عبر قناة النيل الأزرق، والفضائية السودانية وبعض إذاعات (الاف ام).
هل لديك أعمال غنائية خاصة بك ومن هم شعرائها؟
نعم لدي عدد من الأغاني الخاصة للشعراء أحمد البلال فضل المولي ومنتصر العاقب وبشير على الحاج والدكتور عوض إبراهيم عوض وآخرين.

سراج النعيم يكتب : إقصاء حزب المؤتمر الوطني من المشهد السياسي في البلاد


طالب عدد من السودانيين الحادبين على مساءلة ومحاسبة رموز حزب المؤتمر الوطني الذين يثبت تورطهم في جرائم ضد الإنسانية، طالبوا باقصائهم عن المشهد السياسي، وهو نهج متبع في ظل الثورات التحررية التي في كثير من الأحيان تصدر أحكاماً بالاعدام لمن ارتكب جرائم قتل في حق الشعب والاعتقال لمن مارس السياسة مؤيداً لما كان يجري، وبالتالي فإن الإقصاء أو العزل ما هو إلا ﺇﺟﺮﺍﺀ بالنسبة للاجراءات سالفة الذكر أخف، خاصة وأن الإقصاء أو العزل السياسي تكتيك من التكتيكات المتعارف عليها في ظل الثورات الإنسانية الشعبية، وقد تم انتهاج هذا الأسلوب في ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ وﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﺿﺪ ﺍﻻﺣﺘﻼﻝ ﺍﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻲ وغيرها من الثورات التحررية التي لم تتسامح مع من انتهكوا حقوقها طوال فترة حكمهم.
إن الإتجاه إلى إقصاء أو عزل حزب نظام عمر البشير من المشهد السياسي واجباً تمليه الضرورة الوطنية، لأنه إذا لم يتم الإقصاء أو العزل السياسي فإنه سيكون بلا شك خطراً على الحكومة المدنية الانتقالية، والانتقال من تلك المرحلة إلى المرحلة الديمقراطية بصورة سلسه، وفيما بعد قد يشكلون خطراً على العملية الانتخابية والاقتراع عبر الصناديق، لذا يجب أن يتم الإقصاء أو العزل من المشهد السياسي حتي لا يتسربوا إليه تحت مسميات حزبية آخري، وبالتالي يعيدون السودان إلى المربع الأول دون تحقيق آمال وأشواق الشعب السوداني، والذي ظل على مدي ثلاثين عام يحلم بالحرية، السلام والعدالة.
إن الإقصاء أو العزل من المشهد السياسي لحزب المؤتمر الوطني يعتبر في هذه المرحلة الحساسة من تاريخ السودان إجراء احترازي فيه محافظة على مكتسبات الحراك الثوري الشبابي.
فيما اقترح أن يتم الإقصاء أو العزل لحزب نظام الرئيس المخلوع (عمر البشير) أو من شاركه أو دعمه خلال فترة حكمه الممتدة لثلاثة عقود ماضية من الراهن السياسي في السودان، وأن يكون الإقصاء أو العزل بموجب قرار تتخذه السلطات العدلية في البلاد، بعد أن يتم فتح الباب لشكاوي المتضررين في مواجهة حزب النظام البائد أو أي عضو من أعضاء الحزب، وعلى خلفيته يقرر القضاء الإقصاء أو العزل السياسي لكل من يثبت تورطه في قضايا تتعلق بالفساد الذي استشري في مفاصل مؤسسات الدولة أو جرائم ضد الإنسانية أو الاخلال بالشرف والأمانة، وﻫﺬﻩ ﺍﻹﺟﺮﺍﺀﺍﺕ الاقصائية أو العزل السياسي تعتبر إجراءات ﻭﻗﺎﺋﻴﺔ من أجل الحفاظ على ما حققته الثورة الشعبية من انتصارات ظافرة، والاقصاء أو العزل السياسي من ﺃﺧﻒ ﺍﻹﺟﺮﺍﺀﺍﺕ المتبعة في ظل الحراك الثوري الشبابي الذي شهدته البلاد والداعي إلى التغيير الجذري، وذلك من أجل حماية مستقبل السودان و استقرار أوضاعه حتي لا تتاح لهم الفرصة للعودة مجدداً، وإجهاض الثورة الشعبية الشبابية، لذا إقصاء أو عزل حزب المؤتمر الوطني في هذه المرحلة ومرحلة الانتخابات لن يدع له فرصة المشاركة النشطة في صنع القرار بعد أن ظلوا يقررون في مصير الشعب السوداني ثلاثين عام عاني من خلالها التهميش والتمييز ﻋﻠﻰ ﺃﺳﺎﺱ ﺍﻻﻧﺘﻤﺎﺀ السياسي، هكذا يجب اتباع هذه الاستراتيجية، وأن تكون مشاركة الثوار فعالة في الحكومة المدنية ﺑﻤﺎ ﻳﻤﻜﻦ ﻷﻳﺔ ﻓﺌﺔ ﻣﻬﻤﺸﺔ ﺍﻻﺳﺘﻔﺎﺩﺓ ﻣﻨﻬﺎ.

القبض على متفلتين اعتدوا على عازفين وسيدة بالسواطير بامدرمان


ألقت المباحث القبض على أربعة متهمين في البلاغ الذي فتح في إطار الاعتداء على عازفين وزوجة أحدهما، وقد استغل المتهمين مجريات الأحداث في البلاد للاستفادة منها في الخروج عن القانون.
فيما كشف الموسيقي أحمد يوسف محمد عبدالله الشهير بـ(أحمد ساكس)، عضو اتحاد الفنانين، تفاصيل حزينة ومثيرة حول الاعتداء عليه، وزميله عازف آلة الكمان بريمة وزوجته أثناء عودتهم من إحدي المناسبات بالخرطوم إلى منزله، وصادف ذلك التظاهرات التي شهدتها البلاد على خلفية مناداتها بسقوط نظام الرئيس المخلوع عمر البشير، والذي تم على إثره وضع المتاريس في الشوارع العامة.
وقال : ما حدث بالضبط في ذلك اليوم هو إنني وزميلي العازف بريمة وزوجته تحركنا من مناسبة زواج بالخرطوم عائدين منها إلى منزلنا بمدينة امدرمان، والتي كنا نتجاوز فيها المتاريس المغلق بها الشوارع العامة، هكذا إلى أن استطعنا الوصل إلى شارع (الإمام) بمدينة امبدة، والذي وجدنا فيه مجموعة كبيرة من الناس تهتف ضد الأوضاع السياسية، الاقتصادية المتردية في البلاد، وبما أن الوضع الراهن قابل لاستغلال المتفلتين فإن من اعتدوا علينا استفادوا من الثورة الشعبية التي كانت متجهة جغرافيا من الشمال إلى الجنوب، فلم يكن أمامنا بداً سوي أن نسلك شارعاً آخراً، لذلك توجهنا مباشرة نحو شارع ليبيا بالخلاء، وما أن وصلنا منطقة (ابوريال) إلا وظهرت لنا مجموعة تقدر بحوالي (20) شخصاً، وهؤلاء الأشخاص يحمل البعض منهم آلات حادة (سواطير)، ومما أشرت له تأكد لي بما لا يدع مجالا للشك أنهم ليسوا ثواراً، فالثوار ثورتهم سلمية الأمر الذي دفعني إلى أن أزيد سرعة السيارة بغرض تخويفهم لكي لا يعترضوا طريقنا في ذلك الوقت المتأخر من الليل، فلم يكن أمامي حلا سوي الإتجاه على ذلك النحو، خاصة وأن شارع ليبيا بالخلاء أيضاً كان مترساً من قبل ثوار المنطقة، وعندما توجهت نحوهم مسرعاً هرب البعض منهم ناحية احد (الخيران)، وانجرفت في ذات الوقت السيارة في نفس الإتجاه الأمر الذي نتج عنه إصابتها بعطب، فتوقفت داخل ذلك الخور، عندها استغلوا الأمر وقامت المجموعة المتفلتة بمحاصرتنا في ذلك الحيز، ومن ثم اعتدت علينا ضرباً بالساطور، إذ اصابوني على وجهي، مما نجم عن ذلك خياطة الجرح بثلاثة غرز، كما أنهم اعتدوا أيضاً على زميلي الموسيقي (بريمة) على صدره ورجله اليمني، بالإضافة إلى الاعتداء ضرباً على زوجته، عموماً تم اسعافنا على جناح السرعة من مسرح الحادث بمدينة امبدة إلى مستشفي السلاح الطبي بمدينة امدرمان.
وأردف : وفي صباح اليوم التالي من الحادث الذي تعرضنا له توجهنا إلى النيابة المختصة ورفعنا عريضة دعوي جنائية بالاعتداء، وبموجب ذلك اتخذنا الإجراءات القانونية لدي قسم شرطة (الإمام مالك)، والذي بدوره باشر التحري حول الواقعة إلا أنه لم يصل إلى نتيجة، عندما مر على البلاغ أكثر من شهر دون الوصول إلى المتهمين لجأت إلى صديقي العازف الطيب عبدالرحمن المعروف بـ(الطيب سمك)، والذي هو مساعد في الشرطة، وأوضحت له ما جري معنا، وما اتخذناه من إجراءات قانونية، وأين وصلت، فما كان منه إلا واصطحبني إلى زميله المساعد شرطة (إبراهيم) الذي يعمل في المباحث، وهو بدوره وجهنا إلى زميله المساعد شرطة (بكرى) في المباحث أيضاً، وبعد الإستماع إلى الرواية من الألف للياء وعدني خيراً، وفيما بعد القي القبض على أحد المتهمين، فتم الاتصال بي للتعرف عليه، وكان أن توجهت إلى هناك وتمت مواجهتي به فأكد أنه قابلني أبان المظاهرات في شارع ليبيا بالخلاء، والذي سقطت في إطاره سيارته في الخور بتلك المنطقة، وكان أن اعتدينا عليه، ومن معه في تلك الأثناء، وأخذنا منه آلة (الساكس)، وبعض الاغراض الآخري التي كانت بحوزتهم، وكشف للمباحث من هم المتهمين الذين شاركوه في ارتكاب الجريمة، وعرفهم بالأسماء والالقاب.
ومضي : وبعد أيام من إلقاء القبض على المتهمين البالغ عددهم أربعة أشخاص تمكنت المباحث من ضبط آلة (الساكس) خاصتي إلا أنه أخذ منها بعض الأجزاء، وتم أيضاً ضبط هاتفي الذكي ماركة (جلكسي)، وبعد إكتمال التحري حول البلاغ من قسم شرطة (الإمام) إلى محكمة دائرة الاختصاص، والتي لدينا في إطارها جلسة في الخامس من الشهر الجاري لمواصلة محاكمة المتهمين الأربعة، الذين اخذوا مني آلة الساكس وهاتفي السيار، وهاتف اخر بالإضافة إلى هاتف زميلي بريمة، وشنطة وهاتف زوجته أيضاً.
وتابع : إما بالنسبة إلى الساكس فقد باعه المتهمين إلى موسيقي ونظامي معروف، مما حدا بي إتخاذ الإجراء الذي يحفظ لي حقي والذي صدر في ظله خطاب لوحدته التي يعمل فيها، وهو يعتبر موسيقياً فنياً في الآلات النحاسية بمعني أنه خبير في آلة الساكس أكثر مني أنا الذي اعزفها، ورغماً عن ذلك أشار المتهمين إلى أنه قام بشرائها منهم مبلغ (2000) جنيه في حين أن سعرها الحقيقي (70) ألف جنيه.

سراج النعيم يكتب : قطوعات الكهرباء والمياه


بالرغم من أن إدارة الكهرباء بولاية الخرطوم ترفع شعار : (يوم بلا كهرباء يوم بلا حياة)، الشعار الذي تسمعه من خلال المجيب في حال الاتصال بخدمات المشتركين، ورغماً عن ذلك الشعار إلا أن سكان ولاية الخرطوم عموماً يشكون من انقطاع التيار الكهربائي والإمداد المائي لساعات طوال، وفي أوقات مختلفة دون توضيح الأسباب للقطع المتكرر، والذي يقود إلى تعطيل إشغال الناس، كما أنه تسبب في خلق أجواء مليئة بالقلق، التوتر والزعزعة، خاصة وأن انقطاع التيار الكهربائي يفرض على السكان الخروج من المنازل إلى الشوارع، وهنالك من لا يستطيع إنجاز عمله المرتبط به، وما يزيد الأمر معاناة انقطاع الإمداد المائي ما بين الفينة والآخري، وهما يشهدان أزمة لعدم استقرارهما مما يضطر البعض للبحث عن مخرج يتمثل في شراء المولدات الكهربائية والمياه المعدنية، وهذا لا يتحقق إلا لمن استطاع لهما سبيلياً، لأنها من البدئل التي لا تتوفر للعامة من واقع الظروف الاقتصادية بالغة التعقيد، وفي ظل ذلك بدأت تظهر عربات النقل المجرورة بواسطة حمار في الأحياء لبيع المياه، السؤال من أين تأتي تلك العربات بالمياه، وعليه فإن هنالك غضب داخل المدن والمناطق للانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي والإمداد المائي في أوقات مختلفة ، وذلك نهاراً وليلاً، مما قاد إلى السخط على إدارتي الكهرباء والمياه في ظل تزايد وتيرة القطوعات، وذلك منذ الإطاحة بالرئيس المخلوع عمر البشير، واستمرار ﺍﻷﺯﻣﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ في البلاد، وتفاقم الأوضاع دون وضع برمجة.
السؤال لإدارتي الكهرباء والمياه هل هنالك أسباب موضوعية للانقطاع غير المقنن للكهرباء والمياه في ظل دولة عميقة انتهجت سياسة التمكين على مدي ثلاثين عام، ولماذا لا يتم التغيير في قيادات الإدارتين طالما أنهم عجزوا عن إيجاد الحلول لهذين المرفقين الحيويين، ولماذا لا يوضحون الأسباب خاصة وأن الأمر فاق كل التصورات والسيناريوهات، ولم يعد الناس يثقون في المبررات الواهية التي تصدر من هنا وهناك فالغالبية العظمي على قناعة تامة بأن نظام الرئيس المخلوع عمر البشير يحتاج إلى سنوات وسنوات لكي يتم اقتلاعه من جذوره، لذا يجب الضغط على الكهرباء والمياه لإيقاف القطوعات غير المبرمجة المندرجة في إطار سياسات النظام السابق، والتي تركت آثارها السالبة في المجتمع، وهو الأمر الذي يرفضه المواطن جملة وتفصيلا باعتبار أنه يلتزم بالدفع المقدم.
وتشير المعلومات حول أزمة إنتاج الكهرباء بأنها نابعة من عدم عمل (ﺳﺪ ﻣﺮﻭﻱ) ﺷﻤﺎل السودان، والذي لم يخرج من الفساد المستشري في البلاد رغماً عن أن سعته الإنتاجية التي يفترض أن يعمل في إطارها بصورة كبيرة جداً، ﺇﺫ ﺇﻥ (ﺗﻮﺭﺑﻴﻨﺎﺗﻪ) ﻻ ﺗﻌﻤﻞ بالشكل الذي خطط له، مما يسفر عن ذلك إنتاج تيار كهربائي لا يكفي للذي نحتاجه من كهرباء.

سراج النعيم يكتب : خطورة ظاهرة الاستعداء بعد سقوط نظام الرئيس المخلوع البشير


الحقيقة أن البعض يعتقد اعتقاداً جازماً بأنه يستطيع استعداء الآخرين الذين يخالفون الأفكار والرؤي حول مجريات الأحداث في المشهد السياسي الراهن دون التفكير في إعلاء قيمة الاختلاف حول وجهات النظر، والذي لا يفسد للود قضية طالما أنه يصب في المصلحة العامة، ولا يستند على أيدلوجيات سياسية، لذا يجب قبول الرأي والرأي الآخر حتى لا يضع كل واحد في مخيلته أي مسافة بينه والآخرين فيما جري وسيجري مستقبلاً، بل يجب أن يفكر بترو لتجاوز النقطة التي وصل إليها هؤلاء أو أولئك تواً، وعليه فإن الأشخاص الاستعدائين لا يحسون بما ترمي إليه أفكار أو وجهات نظر الاخرين، وذلك من واقع قراءتهم للأحداث المتسارعة بصورة سلبية، وبالتالي يكون ليس في مقدورهم إيصال الرسالة لمن جال في خاطره تحليلاً صحيحاً من حيث طرحه من الزاوية لا ينظرون إليها نظرة صائبة نسبة إلى أن المسافة بينه وبينهم متسعة اتساعاً (هائلاً).
إن أفكار الاستعداء المطلقة تهدم أكثر مما تبني، لأنها قائمة على فكرة لا تحترم عقلية المتلقي، ولا تتوافق مع الديمقراطية التي ينادي بها، وذلك منذ سقوط نظام الرئيس المخلوع عمر البشير، والذي أفقد الجميع تنسم دعاش الحرية، السلام والعدالة، لذا السؤال الذي يفرض نفسه لماذا يسعى البعض إلى إعادة إنتاج الأفكار السالبة والأساليب الاستعدائية المكتسبة من النظام السابق، ونشرها عبر (العولمة) ووسائطها المختلفة ومن ثم مجالس المدينة، فهي بلا شك تكسب من ينتهجها عدواً جديداً، ولو كان مؤمناً ومتفقاً معهم حول الفكرة المنبثقة وفقاً للمعطيات السياسية الجديدة، والمنوط بها أحداث التغيير الحقيقي، والمؤسس على ما هو مقبول من حوار حول الوطن الكبير، بالإضافة إلى التمسك بالمبادئ، القيم والأخلاق الحافظة للمجتمع من الانزلاق إلى بؤرة اثنه.
قلما تجد من يدرك خطورة الاستعداء السياسي لمن يؤيدون فكرة التغيير في هذه المرحلة الحساسة والحاسمة من تاريخ السودان، لذا يجب أن يكون الاختلاف قائماً على المصلحة العامة، والنظرة المستقبلية للسودان، وليس المصلحة الشخصية القاصرة على الكسب الذاتي، والتي يسعي في إطارها البعض لتطويع ما يجري من أحداث لصالح أجندته، وعليه فإن على الجميع الاتفاق على خطاب إعلامي لا يبعد أي شخص حادب على الوطن من المشهد السياسي باستثناء النظام السابق.
يجب عدم استعداء الجميع بالخطاب الإعلامي الذي يتم من خلاله وصم المخالفين بما لا يتسم مع المرحلة القادمة، فهي مرحلة تتطلب تضافر الجهود عامة، وذلك من أجل ايقاف من يحاولون بشكل أو آخر سرقة الثورة الشعبية الشبابية، وفي هذا السياق أطل عدداً من الادعياء الانتهازيون، وبالتالي سلوكيات من هذا القبيل تنافي ما ترمي إليه الثورة التي لعب في ظلها أشخاصاً أدوراً مهمة، وأن كانت هذه الأدور واجباً وطنياً يمليه عليهم الضمير الحي، خاصة وأن الشعب السوداني صبر لتحقيق ما يصبو إليه بعد ثلاثة عقود من القهر، القمع، الظلم وسفك الدماء، وعليه فإن أي مرحلة من مراحل حكم البلاد تتطلب وجود معارضة قوية تراقب المشهد السياسي، الاقتصادي، الاجتماعي، الثقافي والفكري، وذلك من خلال رقابة من يتقلدون المناصب حتى لا يتكرر سيناريو النظام البائد، والذي سبق وأن انتهج سياسة الاستعداء، بالإضافة إلى أنه اجتهد لإضعاف المعارضة السياسية وتشوية صورتها لدي الرأي العام، ووجه لها الاتهامات جزافاً، كما أنه اعتقل قياداتها المؤثرة، وفتح ضدهم البلاغات، وهي إجراءات تهدف لتكميم الافواه المبصرة للشعب السوداني بما يجري هنا وهناك.
ومما ذهبت إليه فإن نظرية التآمر أخذت حيزاً كبيراً في وسائط الإعلام الحديث ومجالس المدينة، وهو ما قاد إلى انتشار ثقافة الاستعداء، والتي أصبحت لا تفرق بين الصالح والطالح، وبالتالي لا تفضي في النهاية  للديمقراطية، لذا يجب عدم التفكر وفق نظرية التآمر حتى لا تصبح بمرور الأيام جزءاً أصيلاً من الموروث السياسي في البلاد، وتجعل البعض يستقوي بها كلما وجد إنساناً خالفه الرأي أو وجهات النظر مستخدماً ضده المصطلحات التجريمية، وهي في رأي لغة العاجز، لأنها لا تتجاوز إدراكه المحدود للراهن السياسي، هكذا يحاول البعض ايصال رسائله بمفهوم مكشوف للعامة، وإذا نجحت فكرته فإن من يستهدفه يكونون أمام موقف لا يحسد عليه، وربما تتغير نظرة الناس له من واقع التعبئة السابقة، وعليه يصبح كالسرطان الذي يجب استئصاله حتى لا يستشري في الجسد، هكذا كل واحد لا يقبل الاختلاف مع الآخر في شأن عام، ويتمسك بوجهة نظره، ويري أنه إنساناً معصوماً من الخطأ، وتكون الحلول للإشكاليات المطروحة حاضرة لديه، ويرفض كل الحقائق الماثلة أمامه لعدم توافقها مع ظنه وشكه في الاخرين، بحيث يري أنه الأحق بالأتباع، وإما الآخرين فهم مجرد أشخاص يبحثون عن مصالح شخصية تتعارض مع أفكاره ووجهات نظره.
هنالك من يستخدم أساليب (الغمز) و(اللمز) للاستعداء الذي يثير به جدلاً أكثر مما أنه يفيد مفاهيم التغيير، وهي أساليب هدامة ولا ترسي دعائم البناء والتنمية لشعب عاني من ويلات السياسات الخاطئة ثلاثة عقود، وخلالها كان يدعو لاستعداء الخصم في المشهد السياسي، مما نتج عن سياسته عموماً البطالة، الفقر، العنوسة، الرشاوي والفساد، وحاق بالبلاد الدمار.
من المعروف أن الاستعداء يستخدم في الإطار ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ لحرمان الخصوم السياسيين من ممارسة نشاط يحققون من خلاله أجندات حزبية أو تنظيمة حققت لهم الاستفادة في فترة حكمهم المنزوع، وبالتالي فإن سلاح الاستعداء السياسي حق من الحقوق السياسية إلا أنه يجب عدم استخدامه ضد أي إنسان أخر خالفك الرأي، فالتعميم يكسبك خصوماً جدد ربما كانوا يقفون إلى جانبك لأحداث التغيير المنشود، ولا سيما فإنه يحتاج للتوافق على تخصيصه لشخصيات محددة يثبت تورطها في انتهاكات ضد إنسان السودان أو تمت إدانتها بإحكام قضائية أو ارتكبت جرائم أثناء الحراك الثوري الشبابي.

سراج النعيم يكتب : (المعلم) مظلوم ظلم الحسن والحسين


مما لاشك فيه فإن الأسباب المؤدية إلى التدهور المريع الذي حاق بالتعليم بمختلف مراحله في البلاد التي ظلت تعاني من (الفساد) المستشري في كل مؤسسات الدولة العميقة، وبالتالي لم يسلم التحصيل الأكاديمي عن ذلك الانهيار التام من واقع أنه أصبح تجارة رائجة، مما جعلها الشغل الشاغل لإنسان السودان الذي يمر بظروف اقتصادية بالغة التعقيد، الأمر الذي قاد اهل الاختصاص للبحث عن حلول ناجزة تعيد للتعليم سيرته الأولي بعد أن أدخله نظام الرئيس المخلوع عمر البشير في نفق مظلم، وظل يزداد سوءً يوماً تلو الآخر، وهذا الاتجاه السالب ربما يصعب المهمة لمن تصدي لها في ظل الحكومة الانتقالية، والتي لا يكفيها الثلاث سنوات لإصلاح ما افسده النظام البائد.
من المؤكد أن الثلاثين عام الماضية لعبت دوراً ريادياً فيما آل إليه السودان من انهيار في شتي مناحي الحياة، وبالتالي فإن ما حدث في ذلك العهد أدى إلى عدم تطور ومواكبة التعليم لما يجري في كافة الاصعدة والمستويات رغماً عن أن البلاد كانت فيما سبق متقدمة على الكثير من البلدان العربية والإفريقية، مما منحها سمعة ممتازة في هذا الجانب الذي جعل الأساتذة والخريجين من الجامعات السودانية مرغوب فيهم في جميع أنحاء العالم، والأمثلة والشواهد أكثر بكثير مما يمكن تصوره، وقد ساهموا بشكل كبير في تعليم وتنمية الكثير من الدول العربية والإفريقية، بل هنالك من تجاوز الحدود الجغرافية المحدودة إلى العالمية، وأصبحوا بعلمهم وفكرهم الأخطر تنافساً لكبار العلماء في أمريكا، بريطانيا، السويد، فرنسا وغيرها، وليس ذلك على مستوي الجامعات فقط، إنما تعداها إلى الاكتشافات، الدراسات والأبحاث التي حازوا بها على أعلى مراتب الشرف، وبالمقابل فإن الأمر أصبح مختلفاً عما سبق، إذ لم يعد الأساتذة والخريجين بذات الامتياز والألق والحضور المميز في الدول عموماً، وهذا يؤكد أن المكانة السابقة فقدت كثيراً من مزاياها التي أضحي في ظلها السودان متأخراً عن ركب الدول، إذ لم يعد مصنفاً كما كان مسبقاً ضمن التصنيفات العالمية المتقدمة إقليميا أو دولياً، لذا نجد أن التعليم في السودان أمام تحد كبير للسياسات الخاطئة من النظام السابق الذي غير المنهج والسلم التعليمي خلال الثلاثة عقود الماضية، مما أدى إلى عدم القدرة على اصطحاب المتغيرات والتطورات المتسارعة جداً في إطار (العولمة) ووسائطها المختلفة و التي ساهمت بشكل مطلق من حيث إكتساب المعرفة والمعلومات المتدفقة عبر الشبكة العنكبوتية، والتي سهلت كثيراً لطلاب العلم في شتي مجالاتهم المجالات، مما جعل التعليم في السودان متأخراً عن ركب الدول المتطورة، والتي نجد أن استثمارها فيه متوافقا مع التعليم الحكومي الذي هو منافسا قوياً للتعليم الأجنبي والخاص الذي يشهد في السودان إشكاليات لا حصر لها ولا عد، وبالتالي أصبح التعليم عموماً يعاني الأمرين ولا يقدم التحصيل الأكاديمي المرجو من حيث النظرة الإيجابية حاضراً ومستقبلاً، إذ نجد أن من وضع المناهج التعليمية في السودان لم يراع ما يشهده العالم من تطور، وأقل ما يمكن أن توصف به المناهج التي تدرس أنها وضعت من أجل بقاء البلاد على ما هي عليه، إذ نلحظ أنه مكتظا بالمعلومات غير المجيدية للتلاميذ وطلاب العلم.
ومما ذهبت إليه، فإن السياسة التعليمية في ظل الحكومة الانتقالية يجب أن تعيد النظر في السياسات السالبة لنظام الرئيس المخلوع عمر البشير، لذلك على وزير التربية والتعليم تشكيل لجنة إسعافية لمراجعة المناهج التعليمية ودراسة إمكانية إعادة السلم التعليمي لما سبق وفقاً لما تقتضية الضرورة في الحاضر والمستقبل لكي يتحقق ما يصبو إليه الشعب السوداني، والذي يأمل في تعليم يوفر له اكتساب علم يؤمن له مستقبل مشرق، وثقافة محفزة للتجارب الحياتية والإنسانية المتفوقة في هذا الجانب الهام.
وبما أن النظام السابق كان يؤهل كوادره دون الالتفات للمسألة بعيداً عن الانتماء مما جعل التدريب شبه غائباً عن الكادر البشرية غير الموالية للنظام البائد، وبالتالي التأهيل يحتاج أيضاً إلى إعادة النظر بعين فاحصة حتى يستطيع الكادر البشري مواكبة التطور الذي يحدث يومياً، وعندما يكون المعلم مؤهلاً لذلك، فإنه سيكون قادراً على تطبيق المناهج التعليمية تطبيقاً سليماً على أرض الواقع، وأن لم يحدث هذا فإن الأمر برمته سيكون تحصيل حاصل، لأنه وليس من الممكن أن يكون (المعلم) غائباً عن المشهد طوال السنوات الماضية من حيث الايدلوجيات التي طالت كل شئ، ويأخذ عائدا غير مجزياً نظير ما يقدمه من تعليم الأجيال وأجيال رغماً عن الظروق القاسية التي يعمل في إطارها، وعليه لم يسلم منها التعليم بصورة عامة، لذا على الجميع التكاتف مع وزارة التربية والتعليم لإنقاذ التعليم من الضياع الذي كان يركن له، وهذا لن يتم إلا من خلال إعادته لسيرته الأولي بتأهيل البيئة (المدرسة) الحكومية من خلال مجالس الأباء الذين هم الشركاء الحقيقين لعملية التغيير المنشود، خاصة وأن هنالك من ساهم منهم في إنشاء أو إعادة تأهيل مدارس حكومية.
ومما أشرت له، فإن المسئولية الملقاة على عاتق كبيرة من حيث إعادة تأهيل البيئي المدرسية الحكومية لتنافس آفة التعليم الأجنبي والخاص الذي انشر كانتشار النار في الهشيم، لذا من أوجب الواجبات أن تصبح البيئات المدرسية متناغمة مع التحصيل الأكاديمي يضع خارطة طريق للتلاميذ وطلاب العلم، خاصة وأن هنالك عوامل أثرت تأثيراً بالغاً منها المواقع الإلكترونية، ومواقع التواصل الاجتماعي، والقنوات الفضائية، وهي جميعاً تشكل خطرا على تلقي التعليم في بيئة سليمة، ومواكبة للمنهج الدراسي، والذي يتطلب توفير الإمكانيات المنوط بها تحقيق ما يرمي إليه إنسان السودان، والذي يستحق المكافأة على صبره لسنوات طوال، لذا يجب أن توضع سياسات تعليمية تلبي الطموح، والاهتمام بإنزال السياسات وتنفيذها على الأرض ومراقبة ذلك إلى أن يتحقق الأمر حتى لا يختل الميزان كما هو مختلا في النظام البائد الذي لم يكن يطلع بمسؤولياته، مما نجم عن ذلك فقدان الثقة في التعليم الحكومي الذي أدي إلى أن تتغير النظرة الإيجابية للتعليم، والذي أصبح في ظل النظام الديكتاتوري الذي أفرز ظاهرة التعليم الطبي، والذي لم جعل التعليم في البلاد غير متوازناً، خاصة الأسر الفقيرة لم تحظي بالتعليم الذي تأمل فيه اكاديميا وتقنياً، مما نجم عن ذلك (البطالة)، بالإضافة إلى أن الفجوة أصبحت عميقة جداً، وبالتالي أضحت هنالك فئة قادرة على تلقي التعليم بصورة خاصة إما باقي الفئات مفتقرة لعدم استطاعت التعليم الحكومي منافسة التعليم الأجنبي والخاص، ومع هذا وذاك فإن نظام الحكم المعزول روج إلى أن التعليم يمضي في الاتجاه الصحيح، ويلقي باللائمة على (المعلم) الذي ظلم بكل تأكيد ظلم الحسن والحسين في ظل نظام الرئيس السابق عمر البشير الذي أفشل كل ما يتصل بهذا الجانب، والذي دمجت في ظله المرحلة الابتدائية بالمرحلة المتوسطة.

azsuragalnim19@gmail.com

*الدكتور أسامة عطا جبارة يشرح الإقتصاد السوداني في ظل الحرب*

..........  *تواصل شبكة (أوتار الأصيل) الإخبارية، وصحيفة العريشة الرقمية نشر الحوار الهام مع الخبير في الإقتصاد العالمي الدكتور أسامة عطا جب...