الثلاثاء، 27 أغسطس 2019

العاملون بالكهرباء يقفون وقفة احتجاجية بسبب الدولة العميقة






................
تكرر الاعتداءات على العاملين ضرباً بسبب عدم توفر (المواد) 
...............
طارق : قرار إعادة قسم التأمين أزم الإشكالية بين المسئولين والعاملين
..............
مهند : وكيل الوزارة يقيل مدير عام الشركة السودانية لنقل الكهرباء
.............
وقف عندها : سراج النعيم
...............
أكدت لجنة العاملين بالشركة السودانية لتوزيع الكهرباء، ممثلة في الدكتور طارق عبدالكريم، مسؤول الإعلام بلجنة العاملين بالشركة السودانية لتوزيع الكهرباء، ومهند أحمد عثمان، عضو اللجنة : حدثت خلال الفترة الماضية تطورات جديدة في مجريات الأحداث المتسارعة بالشركة السودانية لتوزيع الكهرباء، وهي إشكاليات تتطلب تدخلا عاجلاً من المسؤولين حتى تتم المعالجة بشكل عاجل جداً، وذلك في ظل ثورة تصحيحية شهدتها البلاد منذ الإطاحة بنظام الرئيس السابق (عمر البشير)، لذلك إذا استمر الوضع على ما هو عليه آنياً، فإننا مضطرون إلى تصعيد الإشكاليات المتراكمة بشتي الطرق السلمية، خاصة وأننا رفعنا الإضراب الأخير مراعاة للمواطن، والذي عندما نفذناه كنا نهدف للضغط على المسؤولين من أجل توفير المواد الخاصة بعمل الطوارئ، بالإضافة إلى معرفة أسباب قطوعات الكهرباء، وإقالة الباشمهندس خالد مصطفي، المدير العام للشركة السودانية لتوزيع الكهرباء، وعلى خلفية ذلك كانت مطالبنا، إلا أن إدارة الكهرباء لم تعقد مؤتمراً صحفياً توضح من خلاله سبباً واحداً من الأسباب أو أن ترد على استفساراتنا في ذلك الإطار، والذي يتضرر في ظله المستهلك والعاملين بالشركة، ومع هذا وذاك تمت إعادة قسم التأمين التابع للشركة السودانية لتوزيع الكهرباء بعد أن تم إلغاؤه في وقت سابق، وبلا شك نعتبره جسم غريب على الشركة، لذلك قبول قرار إخلاء سبيله بالترحاب من العاملين، وإلغاء ذلك القسم تم وفقاً لقرار صادر من وكيل وزارة الكهرباء إلا أنه لم يتم تنفيذه إلى أن أتي وكيل وزارة الكهرباء الجديد، ومرر قرار إعادة قسم التأمين، مما دفع العاملون بالشركة السودانية لتوزيع الكهرباء إلى استنكار القرار، والذي أبدوا على ضوئه جاهزيتهم لتنفيذ السيناريوهات المناهضة لقرار إعادة قسم التأمين، والتي بدأت أمس بوقفة احتجاجية للعاملين أمام مكاتب الشركة بسبب الدولة العميقة.
ماذا حدث في مطالبكم السابقة، والتي أضربتم على إثرها في الفترة الماضية؟
قال الدكتور طارق عبدالكريم مسؤول الإعلام بلجنة العاملين بالشركة : لم تتم الاستجابة لها إلى الآن، ولم يعقد مؤتمراً صحفياً من قبل وكيل وزارة الكهرباء أو المدير العام للشركة السودانية لتوزيع الكهرباء لتوضيح الحقائق الداعية لعدم توفر المواد، وما هي أسباب قطوعات التيار الكهربائي بصورة مستمرة، ولماذا تمت إقالة الباشمهندس خالد مصطفي، المدير العام السابق للشركة.
هل زاولتم عملكم بصورة طبيعية بعد رفع الإضراب، والذي لم تتحقق في إطاره مطالبكم؟
قال : لابد من التأكيد أننا رفعنا الإضراب لصالح المستهلك، وذلك بعد أن آلينا على أنفسنا أن نعاني من أجله، ورغماً عن معاناتنا الكبيرة زاولنا عملنا وظللنا نتلقي البلاغات من المواطنين، ونستجيب لها فوراً رغماً عن الندرة النسبية في (المواد).
ما الأسباب التي جعلتكم تفكون الإضراب طالما أن مطالبكم لم تحقق؟
قال : فضنا للإضراب نابع من عدم استجابة إدارة الشركة لما طرحناه من مطالب، ولا سيما فإننا نظرنا لذلك بعيون المستهلك، والذي إذا استمرينا في الإضراب فإن المعاناة ستكون كبيرة جداً، وربما تفوق كل التصورات الممكنة وغير الممكنة، وبما أننا لسنا المتحدثين الرسميين باسم الشركة، إلا أن رغبتنا تكمن في إشراك الرأي العام فيما يجري، خاصة وأننا سعينا لتوضيح الأسباب الحقيقية لقطوعات التيار الكهربائي ما بين الفينة والأخري، وأن نضع على منضدته معاناة العاملين داخل الشركة السودانية لتوزيع الكهرباء، والإشكالات المعترضة طريقه في تنفيذ البلاغات المقدمة من المستهلك، والذي في كثير من الأحيان يتفاجأ بعدم معالجة المشكلة، مما يقوده إلى الاعتداء (ضرباً) على بعض العاملين، وقبل أيام تعرض بعض العاملين للاعتداء المباشر رغماً عن الاستجابة للبلاغات المقدمة من المستهلكين، والسبب عدم توفر (المواد)، ورغماً عن ذلك قمنا برفع الإضراب بعد أن عكسنا صورة حقيقية لما يجري داخل الشركة، وذلك دون وضع مساحيق أو رتوش، وكان أن شرحنا واقعنا باستفاضة، وبالتالي بتنا مهيئين للتصعيد مرة أخرى، في حال عدم الاستجابة لمطالبنا المتمثلة في إلغاء قرار إعادة قسم التأمين مجدداً، والذي يعتبر جسماً غريباً، وربما هذا القرار يأزم الأوضاع الداخلية مرة ثانية، وهي أوضاعاً قد تقودنا للعودة إلى المربع الأول.
هل في الإمكان التوضيح أكثر للمتلقي حول القرار الخاص بقسم التأمين، وما الأبعاد السالبة الناتجة عنه؟
قال : القرار مرفوض من العاملين شكلاً ومضموناً، خاصة وأنهم سبق ورفعوا شعار لقسم التأمين الموجود داخل الشركة السودانية لتوزيع الكهرباء، وبالتالي لا يمكن أن توكل مهامه لشخص واحد، ولا يمكن بقاء هذا الجسم، والذي يعتبر عبأً على الشركة، لأن مهامه أصلاً يقوم بها العمال والموظفون، وهذا الدور مستمر قبل إنشاء قسم (التأمين).
هل تم تعيين مدير عام للشركة بعد إقالة الباشمهندس خالد مصطفي، المدير العام السابق؟
قال : نعم تم تعيين مدير عام جديد، وتم ملء الهياكل، ولكن قبل هذا القرار حدثت تنقلات أبرزها نقل مهندس يتبع للجنة العاملين إلى إدارة خارج الخرطوم بعد أن تمت ترقيته من مهندس إلى مدير إدارة، إلا أن هذا القرار قبول بالرفض باعتبار أنه أصلاً موجود في الخرطوم، وسبق أن كان مدير إدارة، إلا أنه تم إنزاله منها إلى مهندس (عادي)، وها هو تتم ترقيته مرة أخري، ورغماً عن ذلك كله لم نتعامل مع هذا القرار بردة الفعل، بل قررنا أن نملك الرأي العام الحقائق كاملة، مما يؤكد تاكيداً قاطعاً أن الحال (مائل) داخل الشركة السودانية لتوزيع الكهرباء.
مدي قبول العاملين للمدير الجديد للشركة؟
قال : هنالك قبول نسبي، ورغماً عما أشرت له إلا أن هنالك تساؤلات مشروعة حول ذات الأمر، لماذا تمت إقالة الباشمهندس خالد مصطفي، المدير السابق، ولماذا لم يتم توضيح أسباب الإقالة، وذلك بعد أن أمضي أربعة أشهر في هذا المنصب، ورأينا هذا لا يعني تحدثنا عن المدير العام الجديد للشركة في شخصه، لأنه ليس لدينا فيه رأياً (سالباً) بقدر ما أن هنالك تساؤلات داخلية لم يتم الرد عليها.
من الذي أصدر قرار تعيين الباشمهندس خالد مصطفي، المدير العام السابق، ومن الذي أصدر قرار تعيين المدير العام الجديد؟
قال : قرار تعيين الباشمهندس خالد مصطفي، المدير العام السابق صادر من وكيل وزارة الكهرباء السابق، أما قرار تعيين المدير العام الجديد للشركة السودانية لتوزيع الكهرباء، فهو صادر من مجلس إدارة الشركة، علماً بأن هنالك قرار صدر من وكيل وزارة الكهرباء يقضي بإقالة المدير العام للشركة السودانية لنقل الكهرباء، وتعيين مدير عام آخر، وبالتالي فإن وكيل وزارة الكهرباء لديه صلاحية التعيين، إذاً ليس هنالك حجة لقول إن مدير عام الشركة السودانية لتوزيع الكهرباء تم تعيينه بواسطة الوكيل، لذا ليس هنالك ما يستدعي للطعن في شرعيته، فهنالك من يقول إن تعيين الباشمهندس خالد مصطفي غير شرعي باعتبار أن القرار صادر من وكيل وزارة الكهرباء، ويفترض أن يتم تعيينه بواسطة مجلس إدارة الشركة السودانية لتوزيع الكهرباء، في حين أنه صدر قرار بإقالة المدير العام للشركة السودانية لنقل الكهرباء، وتم تعيين مدير عام جديد بواسطة وكيل وزارة الكهرباء.
ما هي الطريقة التي تودون بها معالجة الإشكالات التي تعترض طريق العاملين في هذه المرحلة الحساسة من تاريخ السودان؟
قال : نؤمن أن المرحلة الراهنة حساسة جداً، وأي إشكالية سوف تخلق أزمة، وأي ردود أفعال غير إيجابية يمكن أن تفسر سلباً، لذا تحركنا في الوقت الحاضر سيكون من أجل ايقاف قرار إعادة قسم التأمين إلى حين تعيين وزير الكهرباء، والشئ الثاني نحن لا نريد أي صدام فيما بيننا، لأننا نتعامل مع الإنسان المتفق أو المختلف معنا، وذلك من مبدأ السلامة العامة، وحفاظاً على روابط اجتماعية داخل وخارج الشركة السودانية لتوزيع الكهرباء، وهي تربطنا بعضنا البعض، لذا لا نريد لهذه الإشكاليات أن تنعكس بصورة (سالبة) على المواطن في حال اضطررنا للتصعيد أكثر، ونحن نريد أن نخطو خطواتنا من خلال الأيادي التي ستمد لنا للمساعدة في الاستقرار. 
ماذا عن الإدارات الثلاثة التي تم حلها في الخرطوم، بحري وأم درمان، وهل مازالت وظائفها خالية أم أنه تم التعيين عليها ؟
قال : بعد تعبين المدير العام للشركة السودانية لتوزيع الكهرباء تم عمل هيكلة لمدير الإدارة، ومنها تم تعيين مدراء إدارات، وهي موجودة حالياً.
كيف تنظرون لتلك القرارات الصادرة من هنا وهناك 
قال : القرارات الصادرة في هذا التوقيت تعتبر خصماً على من يصدرها خاصة وأن معظم تلك القرارات تمت مجابهتها بالرفض، لأنه من الواجب التحفظ عليها لحين تعيين وزير وزارة الكهرباء، ومن ثم تعرض عليه الإشكاليات التي نود أن نصل بها إلى حلول ناجزة، وذلك بعد دراستها دراسة مستفيضة، وبالتالي يجب عدم إصدار أي قرار في هذا التوقيت (الحرج).
فيما قال مهند أحمد عثمان عضو لجنة العاملين بالشركة السودانية لتوزيع الكهرباء : إن وقفتنا الاحتجاجية في وقت سابق أمام مقر وزارة الكهرباء كانت تهدف إلى إلغاء قرار إعادة قسم التأمين، إلا أنه صدر قرار من المجلس العسكري يقضي بإقالة الوكيل، ووفقاً لذلك يصبح قرار الوكيل ملغي باعتبار أنه تمت إقالته قبل تنفيذ القرار، ولكن عندما عين وكيل وزارة للكهرباء جديدا لم يصدر قراراً بإعادة قسم التأمين، إنما استند على قرار وكيل وزارة الكهرباء السابق، إذ أنه كتب (تصدق)، إما المدير العام للشركة السودانية لتوزيع الكهرباء فقد علق على القرار بحسب توجيه السيد وكيل الوزارة، وفي هذا دلالة على أن اياً منهما يريد إبعاد نفسه من قرار إعادة (قسم التأمين)، علماً بأن المدير العام قال لنا أنه لن يعيد ذلك القسم للعمل في الشركة السودانية لتوزيع الكهرباء، مؤكداً أن مهام قسم التأمين وزعت على الإدارات،إلا أننا ورغماً عما أشرت له هاهو قراراً يقضي إعادته مرة أخري في الشركة، مما يعني بوضوح شديد هنالك مشكلة.
بينما قالت لجنة العاملين بالشركة السودانية لتوزيع الكهرباء نحن شركاء في الثورة التي أطاحت بالرئيس المخلوع عمر البشير، وذلك من خلال نضالنا المستمر في محاربة رموز النظام السابق والأجسام الدخيلة على الشركة، والتي تخدم أجندة تتعارض مع أهداف الثورة، ومن هنا نجد أن منسوبي قسم تأمين المنشأة يقفون حجر عثرة أمام التغيير المنشود، وما قرار إلغاء إخلاء سبيل منسوبيه سببا مباشرا لإعادة مربع الإخفاق القديم واستمرارا للوضع (المائل)، علما بأن منسوبي قسم التأمين لم ينصاعوا إلى القرار الإداري الذي تم بموجبه نقل منسوبي قسم التأمين من الشركة السودانية لتوزيع الكهرباء إلى وزارة الكهرباء، وتوفيق أوضاعهم ورفض تنفيذ القرار ضاربين به عرض الحائط، ويتمتعوا بمرتبات ومخصصات دون عمل داخل الشركة.
وأضافوا : أن قرار التصعيد يهدف إلى مناهضة القرار عبر لجان تستند على قواعد، وسوف يكون شكل التصعيد تدريجياً في الجانب الداخلي لمنع إتخاذ قرارات تثير حفيظة العاملين خاصة أن موقفهم موقف قوة وليس ضعف، وإما في الجانب الخارجي فإننا نراعي احتياج المواطن لخدمات الكهرباء، والتي تتطلب مزيداً من الجهد لمقابلة فصل الخريف والتحسب للأعطال الخطيرة، والتي تستدعي تدخلا سريعاً لإزالة الأخطار المحتملة، 
والالتزام الأخلاقي تجاه المستهلك عند الإضراب السابق، والذي كان سببا أساسياً في إعلان انتهاء الإضراب، وذلك رغماً عن عدم استجابة الإدارة العليا لمطالب العاملين المتمثلة في تمليك المواطنين أسباب القطوعات، وتوفير معينات العمل للعاملين.

الأحد، 25 أغسطس 2019

سراج النعيم يكتب : ثورات الربيع العربي و(صدام) و(البشير)

.............
كلما جاء عيد الأضحي المبارك تذكرت مشهد إعدام الرئيس العراقي الشهيد (صدام حسين)، وما ذهب إليه قبل تنفيذ الحكم الظالم عليه، إذ أنه قال في تلك الأثناء الصعيبة للضابط الذي يشرف على إعدامه : (أريد معطفي الذى كنت ارتديه)، فرد عليه متعجباً : طلبك مجاب، ولكن ماذا تريد به؟
قال صدام : (الجو فى العراق عند الفجر يكون بارداً، ولا أريد أن ارتجف فيعتقد شعبى أن قائدهم يرتجف خوفاً من الموت)، ومن ثم قال مقولته الشهيرة للحكام العرب : (أنا ستعدمنى أمريكا، إما أنتم ستعدمكم شعوبكم)، ولم يكن ما ذهب إليه صدام حسين مجرد كلام والسلام، إنما هي رؤية مستقبلية لمجريات الأحداث في المنطقة العربية ـ الإسلامية، والتي لم يتعظ حكامها مما جري وسيجري، أو أن يستوعبوا فكرته العميقة حول التحديات الجسام التي تواجه البلدان العربية والإسلامية من خلال المخططات الاستعمارية الحديثة الرامية إلى رسم خارطة طريق جديدة للاحتلال الصهيوني الأمريكي _الغربي، والذي يتم من خلاله تقسيم بلدان المنطقة وفقاً للمطامع والمصالح الأمريكية _الغربية، وبالتالي كان صدام شامخاً لحظة تنفيذ الإعدام شنقاً حتى الموت، والذي صرخ قبله ﺑﺄﻋﻠﻰ ﺻﻮﺗﻪ قائلاً : (ﺗﺤﻴﺎ ﺍلأﻣﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ)، ﻭ(ﻋﺎﺷﺖ ﻓﻠﺴﻄﻴﻦ ﻋﺮﺑﻴﺔ ﺣﺮﺓ)، وهي كلمات صادقة نابعة من القلب إلى القلب، لذا لم يتفوه بها قبلاً حاكماً عربياً أو إسلامياً في المنطقة العربية _ الإسلامية، والتي تشهد صراعاً تلو الآخر بالتدخلات الامريكية _الغربية ﺍﻟﻤﺒﺎﺷﺮﺓ حول ما يدور في الشأن الداخلي لكل دولة من الدول المستهدفة بتلك المخططات المرتكزة على الإطاحة بالأنظمة المؤثرة والمعترضة على السياسات الصهيونية الأمريكية _الغربية في المنطقة العربية ـ الإسلامية، وفي هذا الإطار كان مخطط الولايات المتحدة قائماً على ذريعة امتلاك نظام (صدام حسين) لسلاح محرم دولياً، وهو الاتهام الذي وجد تأييداً من حلفاؤها، وبالتالي تم استعمار (العراق) بصورة درامية، وأول خطوة تم اتباعها بعد الاحتلال حل القوات العسكرية العراقية، ومن ثم خلق الفتنة الطائفية والعرقية في البلد المحافظ على عاداته وتقاليده ومورثاته.
إن استهدف الولايات المتحدة الأمريكية (للعراق) نابع من واقع أن لديها مشروعاً نهضوياً تود تنفيذه في الوطن العربي_ الإسلامي، وهو المشروع الذي يرمي لأحداث توازناً في المنطقة الغنية بالنفط، خاصة وأن العراق يمتاز بحضارة تمتد إلى أكثر من ثمانية آلاف عام، بالإضافة إلى البترول. 
من المعروف أن ما يجري في المنطقة العربية ـ الاسلامية من تأمر يقوده اللوبي الصهيوني الأمريكي_البريطاني من خلال مفكر الأخيرة (ﺑﺮﻧﺎﺭﺩ ﻟﻮﻳﺲ)، ودولة الكيان الصهيوني المحرض الأساسي ضد الحضارة والثقافة العراقية المدعومة بالقوة العسكرية، ودولة الكيان الصهيوني مارست ضغوطاً على (ﻭﺍﺷﻨﻄﻦ) ﻭ(ﻟﻨﺪﻥ) من أجل القضاء على ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ الذي صمد صموداً قوياً أمام الحصار الاقتصادي الخانق الذي فرضته الولايات المتحدة على العراق، وهو الحصار الذي شجع الرئيس صدام حسين إلى الاستفادة من الثروات الطبيعية الموجودة في باطن وظاهر الأرض، إذ أنه استطاع أن يؤسس لصناعات عسكرية متطورة جداً، ومن ثم اتجه نحو برنامجه النووي، ولم يغفل مع ذلك الجوانب السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية، الثقافية والفكرية، أي أنه مضي سريعاً نحو التطور والمواكبة لأحدث ما انتجه العالم آنذاك، ومع هذا وذاك خاض حرباً عنيفة مع جارته إيران أمتدت إلى أكثر من ثمانية أعوام. 
فيما نجد أن الرئيس صدام حسين استوعب الدرس الصهيوني الأمريكي - البريطاني المدعوم من دولة الكيان الصهيوني، إذ تأكد له تأكيداً قاطعاً أن الديانة الإسلامية وحدها القادرة على إيقاف مد المخططات والمشاريع المستهدفة لبلاده وبقية الأوطان العربية والإسلامية، وهو الأمر الذي دفعه لإطلاق حملته الايمانية في أيامه الأخيرة، إذ أنه أصدر قراراً يقضي بمنع استيراد الخمور، كما أنه أغلق البارات، ﻭﻛﺘﺐ ﻛﻠﻤﺔ (ﺍﻟﻠﻪ أﻛﺒﺮ) ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺍﻟﻌﺮﺍﻗﻲ ﺑﺪﻣﻪ، ﻭأﺳﺲ ﻟﻤﻘﺎﻭﻣﺔ ﻋﺮﺑﻴﺔ_ﺍﺳﻼﻣﻴﺔ ﺷﺮﺳﺔ ضد الاستعمار الصهيوني الأمريكي _ البريطاني، والذي يحظى بالتحريض من دولة الكيان الصهيوني، لذا ظلت مقولته الشهيرة خالدة في وجدان الأمتين العربية_الإسلامية : (أنا أعدمت على يد الأمريكان، فيما سيعدم القادة العرب على أيدي شعوبهم)، وهي المقولة التي اعتبرها الكثيرين نبوءة تحققت من خلال ثورات (الربيع العربي) في كل من سوريا، تونس، مصر، ليبيا وأخيراً السودان الذي أطاح شعبه بنظام الرئيس المخلوع عمر البشير، المهم أن الأوضاع في بعض البلدان العربية والاسلامية مذرية جداً من واقع سياسات دكتاتورية أشعرت الشعوب بالظلم، واستمرار الحكام العرب في السلطة لفترة طويلة، مما نجم عن ذلك استشراء (الفساد)، وتنامي تيار التنظيمات الإسلامية المتشددة التي شجعت أفكاراً متطرفة، مما عجل بالبعض منها من خلال شعوبها، ومن ثم الإطاحة بها، فهي كانت تركن لواقع ﺍﻻﻧﻬﻴﺎﺭ ﻭﺍﻟﺘﻤﺰﻕ، ورغماً عما جري وسيجري إلا أن هنالك دولاً مازال رؤساءها يكابرون ويرفضون الاعتراف بالحقائق الماثلة أمام أعينهم، وهؤلاء شاهدوا كيف أعدم الرئيس (صدم حسين) في أول أيام عيد الأضحي المبارك دون أن يغمض لهم جفن، وشاهدوا كيف احتل المستعمر الأمريكي الدولة العربية_ الإسلامية (ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ) وكيف ﻗﺘﻞ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻣﻠﻴﻮﻥ عراقي، ﻭﺷﺮﺩ أﺭﺑﻌﺔ ﻣﻼﻳﻴﻦ ﺁﺧﺮﻳﻦ وأصبح فيما بعد معظمهم لاجئون بلا مأوي؟، ولم تعد هنالك دولة في العراق التي استشري فيها (ﺍﻟﻔﺴﺎﺩ)، وأصبحت الأوضاع سيئة في شتي مناحي الحياة، على عكس أيام حكم الرئيس ﺻﺪﺍﻡ ﺣﺴﻴﻦ الذي لم تكن الطائفية موجودة في عهده، بدليل أنه خاض حرباً ضروساً ضد إيران امتدت لأكثر من ثمانية سنوات متصلة، وبعد القضاء على نظام الرئيس صدام حسين عمق اللوبي الصهيوني الأمريكي _البريطاني ودولة الكيان الصهيوني فكرة الطائفية وسط تنظيمات السنة والشيعة، والاتجاه على هذا النحو الهدف منه أحداث الانقسامات بين أبناء الوطن الواحد، وهي الطريقة الوحيدة التي يمكن من خلالها تمزيق العراق، والذي هو مدخلاً للسيطرة على المنطقة العربية _الإسلامية برمتها، ومن ثم سلب حضارتها وثقافاتها وموروثاتها التاريخية. 
فيما نجد أن اللوبي الصهيوني الأمريكي _البريطاني ودولة الكيان الصهيوني وحلفاء الولايات المتحدة من الدول العربية _الإسلامية وجدوا فرصاً مواتية لتنفيذ المخططات في المنطقة من خلال اجتياح الرئيس صدام حسين للكويت، وهذا الاجتياح اعتبر جريمة من الجرائم المتطلبة المحاسبة العاجلة للعراق، بينما لم يعتبر استعمار اللوبي الصهيوني الأمريكي _البريطاني للعراق جريمة، بل هو سلوك سليم يصب في مصلحة المنطقة وتخليصها من نظام حكم يشكل خطراً عليها، وبالتالي كانت بغداد ضحية المشروع الصهيوني الأمريكي _البريطاني في المنطقة العربية_الإسلامية، وهو المخطط الذي ساهمت فيه دول أوروبية وعربية وإسلامية.

سيدة بريطانية تستدرج شاب سوداني بمرض (السرطان)

سيدة بريطانية تستدرج شاب سوداني بمرض (السرطان)


وقف عندها : سراج النعيم
……………..
أحذر من مغبة الوقوع في شرك (الاحتيال) بالاتصالات أو الرسائل الهاتفية الدولية، والتي تدعو شبكاتها الإجرامية للايقاع بالضحايا الذين يتلقون اتصالاً أو رسالة إلكترونية، وينجرفون وراء تيار إغراءاتها (الوهمية)، وبالتالي يقعون في (الفخ)، والذي يدعي في إطاره البعض الإصابة بمرض (السرطان)، وهنالك من يحتالون باقتطاع مبلغ من رصيد متلقي الاتصال، وذلك في حال أنه عاود الاتصال بالرقم الدولي، هكذا يتعرضون (للنصب) عبر برامج إلكترونية بالاتصال أو رسائل الدردشة، وذلك من خلال استخدام (العولمة) ووسائطها المختلفة، والتي تنشط فيها أرقام دولية تبدأ بالمفتاح الدولي (876)، وهو مفتاح جامايكا، و(473) مفتاح غرينادا، و(287) مفتاح جزر فيرجين البريطانية، و(809) من جمهورية الدومينيكان وغيرها. 
وفي السياق فإن الاتصالات والرسائل النصية والإلكترونية يخطط من خلالها من يمارسون (النصب) الدولي لإيهام الضحايا بأشكال مختلفة من (الاحتيال) المقنن، وفي أغلب الأحيان يستدرون عطف الضحايا بمرض (السرطان) أو خداعهم بالفوز بجائزة يشاركون من خلالها البيانات والمعلومات الخاصة بهم، وهو الأمر الذي دفع شركات الاتصالات، والسلطات ﺍﻷمنية إلى إطلاق تحذيرات للنشطاء عبر الميديا الحديثة لأخذ الحيطة والحذر من مغبة الانجراف وراء تيارها الجارف، ﻭتطالبهم بعدم ﺍﻟﺘﺠﺎﻭﺏ معها نسبة إلى أنها تهدف للاحتيال، وسرقة ﺍﻟﺒﻴﺎﻧﺎﺕ ﻭﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎﺕ الخاصة بهم ﻣﻦ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻬﻮﺍﺗﻒ ﺍﻟﺬﻛﻴﺔ، ومن ثم تبدأ عملية (الإبتزاز) بالقرصنة الإلكترونية.
ومما ذهبت إليه فإن الأسباب المؤدية بالضحايا للوقوع في ﻓﺦ (ﺍﻻﺣﺘﻴﺎﻝ) هو عدم الوعي بخطورة ذلك، وعدم إدراك ما يمكن أن تسفر عنه هذه الخطوة.
فيما قال من تعرضوا للاحتيال : (ﺇﻥ أعضاء الشبكات الدولية يجيدون التحدث بجميع اللغات، إذ يدعي أي فرد منهم أنه يعمل في أحدي الشركات، واهماً الضحايا بأنهم كسبوا مبلغاً مالياً كبيراً، وبالتالي فإن جرائم (ﺍﻻﺣﺘﻴﺎﻝ) ﺇﻟﻜﺘﺮﻭﻧﻴﺎً تعتبر من الجرائم الحديثة، وهي في غاية السهولة من حيث سهولة اقتناء الهواتف السيارة، وبساطة استخدام التطبيقات الإلكترونية، وبالرغم من (النصب) الكثير جداً إلا أن النشطاء لا يتعظون لعدم الانصياع للتحذيرات المستمرة من الإتجاه على ذلك النحو الذي يقودهم للوقوع في فخ الاحتيال جهلاً، وهو أمر يعد ثغرة من الثغرات التي يلجأ إليها (المجرم الإلكتروني)، وهنالك من يكون ضحية نتيجة بيع هاتفه النقال دون أن يتخلص من الفيديوهات والصور والأرقام والرسائل الخاصة به قبل إتمام عملية البيع، وهنالك من يستطيع ﺍﺳﺘﻌﺎﺩﺓ ﺍﻟﻤﺤﺬﻭﻑ من خلال البرامج الإلكترونية، وعليه فإن الأمر بدأ يأخذ أبعاداً لم تكن في الحسبان أو يمكن تصورها من قريب أو بعيد، ﻛﻤﺎ ﺃﻥ البعض من ضعاف ﺍﻟﻨﻔﻮﺱ ﻳﻘﻮﻣﻮﻥ بالقرصنة دون وازع ديني يردعهم.
من المعروف أن من يرتكبون جرائماً إلكترونية يكون هدفهم (المغامرة)، وبما أن هنالك شاباً سودانياً مغامراً أكثر من الشبكة الدولية للاحتيال قرر تلقي اتصالاتهم ورسائلهم، ويرد عليها هادفاً كشف زيفهم، وفي هذا الإطار أجري حواراً مع سيدة ادعت أنها بريطانية و زوجها توفي، وترك لها مبلغاً كبيراً جداً، ومع هذا وذاك هي مصابة بـ(السرطان)، وتقضي وفقه أيامها الأخيرة، لذا تود أن تودع ذلك المبلغ في مشروع إنساني، وما أن وصلت معه إلى مرحلة التسليم، إلا وظهر الاحتيال الدولي على أصوله، ﻟﺬﻟﻚ ﻣﻦ ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﻱ ﻧﺸﺮ ﺍﻟﻮﻋﻲ ﺍﻟﺘﻘﻨﻲ، ﻭكيفية إدراك الاستخدام الإيجابي للشبكة العنكبوتية، والابتعاد من الوقوع في شرك (النصب) خاصة وأن العالم ﺃﺻﺒﺢ عبارة عن ﻗﺮﻳﺔ ﺻﻐﻴﺮﺓ تتحكم فيها الثورة التقنية.
ومما ذهبت إليه أدلف مباشرة إلى أغرب واقعة احتيال تعرض لها ذلك الشاب السوداني من سيدة تدعي أن اسمها (ايمان هاوي)، والتي بدأت قصتها معه برسالة مفادها أن زوجها توفي، وقبل الوفاة كان يعمل بعقد مع الحكومة البريطانية بقيمة (4.7) مليون دولار، لكن الموت أخذه قبل إرسال الأموال إلى حسابها المصرفي، وكان زوجها محباً لعمل الخير، وشجعها على مساعدة الفقراء، لأنهما ومنذ زواجهما لم ينجبا طفلاً بسبب حالتها الصحية، مؤكدة أنها أرسلت مليوني دولار إلى مسقط رأسها (إندونيسيا)، ومن ثم أودعت (700،000.00) دولار إلى المستشفى لعلاجها والمرضى الآخرين.
من جانبه كان الشاب السوداني يرد عليها قائلاً : ماذا يمكنني أن أفعل لك في السودان؟ فقالت : أود أن أرسل إليكم مليوني دولار لكي تساعدني على إعطائها للشعوب الفقيرة والأرامل، فأنا وزوجي لم يكن لدينا أي أطفال يرثون هذه الأموال، ويرجى عدم التمييز بين الناس بـ(الدين) أو (العرق) عند التعامل مع هذا المشروع، لذا حاول الرد عليّ سريعاً لمزيد من المعلومات، وليباركك الرب وعائلتك.
وبما أن الشاب السوداني كان على قناعة تامة بأن الرسالة لا تخرج من نطاق (الاحتيال) الدولي قال لها : أهلاً وسهلاً، فما كان منها إلا وردت عليه : أردت أن أقدم هذه الأموال للأشخاص الأقل حظاً من خلالك، وشكراً لك على انتباهك إلى وضعي الصحي، وأدعو الله أن يعطيك القلب الطيب لكي تتعامل مع هذا المشروع بإخلاص، لأنني لن أكون هناك لمشاهدتك أو معرفة كيف تنفق الأموال، ولكن الله سوف يكون هناك لرؤيتك، يجب أن تأخذ (30 ٪) من إجمالي الأموال للاستخدام الشخصي الخاص بك، واستخدام الباقي للعمل الإنساني والخيري، وعليه أكد لها إنه لا يرغب في مبلغ مما أشارت له، وإنما سينفقه في عمل الخير. 
فيما قالت له (ايمان هاوي) : طبقاً للأطباء، فإن النتيجة التي قدموها لي تؤكد إنني مصابة بسرطان (البنكرياس)، وهو يقتلني تدريجياً، ولا يمكنني حتى الوقوف أو المشي بمفردي دون مساعدة، وهذا هو السبب الرئيسي للاتصال بك، لأنني لا أستطيع تنفيذ المشروع بمفردي، لذا يرجى عدم السماح للأصدقاء أو أفراد الأسرة السيئين بخداعك لاستخدام كل الأموال لنفسك لأن العواقب سوف تكون وخيمة عليك.
بينما واصل الشاب السوداني استدراجها، مؤكداً لها أنه ملتزم، ومعروف في بلده بذلك، فما كان منها إلا وقالت له : أريدك أن ترسل لي بياناتك الشخصية مثل اسمك، عنوانك، رقم هاتفك وصورة لبطاقة هويتك، وإخباري بنوع العمل الذي تعمل فيه حالياً، وسأتصل بمديري المصرفي لمعرفة أفضل طريقة لإرسال الأموال إليك في بلدك، عزيزي يرجى الحفاظ على هذا السر، ولا تخبر أي شخص عن هذا المال حتى تستلمه، وهذا هو عنواني( RD ، OADBY ، LEICESTER LE2 2FF )، المملكة المتحدة، وبالمقابل ظلت ترسل له الرسائل ما بين الفينة والآخري، وفي احدي الرسائل قالت : اتصلت بمديري المصرفي لمعرفة كيفية تأمين طريقة أسهل وأسرع لتحويل الأموال إلى بلدك، وأخبرني مدير البنك أنه إذا قمت بتحويل الأموال عبر البنك (نقل سريع) أنني يجب أن أواجه استجواباً، وفحصاً من الحكومة البريطانية، لأن ذلك لا يسمح بنقل هذه الكمية الكبيرة، وقال مدير البنك : (إن الطريقة السهلة والآمنة لتحويل هذه الأموال الكبيرة من خلال وكلاء دبلوماسيين).
بينما رد عليها الشاب السوداني قائلاً : أدعو الله عز وجل أن يكتب لك الشفاء العاجل، وأن تنفقي أموالك في فعل الخير بنفسك ـ عندها ردت عليه مؤكدة أنها انتهت من استخدام خدمات الوكلاء الدبلوماسيين) لجلب الأموال إلى بلدك ، لقد اتصلت بشركة (INTERNATIONAL EXPRESS SERVICE)، وبفضل الله، سوف ينتهون من كل شيء. 
وأضافت : أريد أن أخبركم أنني أكملت عملية إرسال الأموال من خلال شركة (INTERNATIONAL EXPRESS SERVICE COMPANY)، وقد منحت الحزمة لدبلوماسي مختوم تماماً، ووصفها بأنها حقائب دبلوماسية، وبلغ إجمالي الأموال في حقيبة السفر (2،000،000.00) دولار (مليوني دولار)، هذا هو رمز الصندوق (8619)، وأنت فقط الذي لديه (الكود)، وحتى الوكيل لا يعرف رقمه.
وأردفت : سوف يغادر الدبلوماسي المملكة البريطانية المتحدة، ويصل السودان في غضون يومين، وسوف يتصل بك فور وصوله حتى تتحدث مع موظفي الجمارك كلي تعرف كيفية دفع رسوم التخليص البالغة (1000) يورو، والتي يتعين عليك دفعها بعملتك المحلية هناك، وتأكد من أن لديك رسوم المطار الجمركية المتاحة قبل وصول الدبلوماسي، وسيتصل بك عند وصوله لبلدك، ومن فضلك لا تخبر أحداً عن هذه الأموال حتى تستلمها في منزلك حيث يحذر الوكيل لأسباب أمنية.
وتابعت : من فضلك أريدك أن تخبرني المزيد عن نفسك هل أنت متزوج، هل أنت مسيحي أم مسلم، وما مدى قوة إيمانك؟ وكم من الأطفال لديك أنت وعائلتك؟، ويرجى أن تكون حكيماً عند التعامل مع هذا المشروع، وثق في أنك قادر على القيام بذلك لذا لا تخونني أو تخذلني. 
واسترسلت : لقد وصل الدبلوماسي إلى بلدك، واتصل بك، وأخبرته أنك لا تتوقع أي صفقة، وكان أن اخطرها الشاب السوداني بأن الدبلوماسي لم يتصل به، فكان ردها : طالما أنك تعلم أنه لا يمكنك التعامل مع هذا المشروع ، فلماذا لم تخبرني حتى أوقف سفر الدبلوماسي، ورغماً عن تأكيده لها أنه لم يتصل به الدبلوماسي، إلا أنها قالت له : تلقيت رسالة من الدبلوماسي، وأكد أنه اتصل بك، وأخبرته أنك لست الشخص المعني، وسألك إذا كنت لا تتوقع أي صفقة، فأخبرته أنك لست الوحيد في السودان، وكان أن كرر لها حقيقة أن الدبلوماسي لم يتصل به، وأن هاتفه مفتوح على مدار (24) ساعة، فقالت : أرى أنك كاذب، ولا يمكنك التعامل مع هذا المشروع بالنسبة لي ولزوجي الراحل، لذلك أنا قلقة للغاية، وأرجو أن تبلغني حالما تسمع من الدبلوماسي؟، فأنت تعرف حالتي الصحية، فلماذا تجعلني أشعر بالسوء، فكان تخبرني من البداية انك ليس على استعداد للتعامل مع هذا المشروع، فالدبلوماسي أتصل بك مرة أخرى، وأنت لا تجيب على دعوته، ما هي مشكلتك؟ فإذا لم تكن على استعداد للتعامل مع هذا المشروع، فيرجى أخباري والتوقف عن إضاعة وقت الدبلوماسي، عزيزي صمتك يجعلك تشعر بالسوء، فأنا لم أفهمك بعد، هل تحاول أن تخبرني أن الدبلوماسي يكذب، هذا غير صحيح فالدبلوماسي موجود في بلدك، فلماذا لا يمكنك إعادة الاتصال بالرقم الذي اتصل بك، لقد بعثت لك برسالة منذ الصباح، وأنت ترد علىّ المساء، وذلك في نفس الوقت الذي اتصل به الدبلوماسي، وترفض الرد على دعوته، وأرى أنك تلعب بحالتي الصحية، وبالتالي أنت عار على غطاء محرك السيارة، لست رجلاً كفأً لتنفيذ هذا المشروع، فشكراً لك على هذه الخدعة، والتي كنت مقتنعاً بها منذ البداية.

الخميس، 22 أغسطس 2019

سراج النعيم يكتب : الإحساس بالخوف حد القلق

.................

إن الإحساس بالاطمئنان في ظل أوضاع سياسية، اقتصادية واجتماعية مذرية لا يمكن توفره إلا إذا زالت الأسباب، فالخوف من المستقبل عاملاً أساسياً في جعل ذلك الإحساس ممكناً، فضلاً عن الحياة تصبح في نظر الإنسان مظلمة، وبالتالي المرء في بحث دءوب عن الاطمئنان في كل سكناته وحركاته، ولو اضطره ذلك لأن يشد الرحال إلى أبعد مكان في العالم، فالإحساس بـ(الخوف) له الكثير من الآثار النفسية، مما يجعل الإنسان قلقاً ومتوتراً، وتعتليه الشكوك والظنون، ولاسيما تجده دائماً في حالة من الضيق.
وبما أن الخوف جزء لا يتجزأ من الإنسانية، فإنه يصبح مع مرور الأيام، الشهور والسنين أزمة من الأزمات في العصر المتسارعة مجريات أحداثه بشكل يومي، ومما لا شك فيه فإن عوامله كثيرة كالضغوطات الحياتية وأبرزها الظروف الاقتصادية (القاهرة) التي تلعب دوراً كبيراً في محيطه الأسري، العمل والمجتمع، وبالتالي فإن إحساس (الخوف) يدفع دفعاً إلى الفشل الذريع.
فيما تتنوع أسباب الخوف من إنسان إلى آخر، فهنالك من ينشأ في دواخله منذ نعومة أظافره، ومن ثم يبدأ في الازدياد يوماً تلو الآخر، وذلك من واقع مواقف قاسية يمر بها في حياته، وقطعاً لها أسباب نفسية مندرجة في هذا الإطار، وبالرغم عن ذلك هنالك من يستطيع التقلب عليها، وتجاوز عواملها المعترضة طريقه على مدي سنواته المتمرحلة، وبالمقابل هنالك من لا يستطيع التخلص منها، فيجد نفسه محاصراً به من كل حدب وصوب، هكذا يستمر معه ذلك الإحساس بالخوف، والذي يشعره في كثير من الأحيان بحالة من (القلق)
لعدم قدرته على تجاوز ما يمر به من مواقف صعبة، ما يفضي في نهاية المطاف لعدم التفكير الإيجابي في (الحاضر) و(المستقبل)، ولا سيما فإنه نابع من ركون الإنسان للخوف حد القلق، والذي لا يدع مجالاً لإيجاد الحل، والانتقال إلى مرحلة الاطمئنان، وبالتالي إذا استمر الإنسان على ذلك النمط فإنه سيصل إلى مرحلة الإصابة بـ(الاكتئاب).
دائماً ما ينتج عن الخوف تفكير سلبي فيما حدث وسيحدث آنياً وفيما بعد، وهو إحساس يولد في دواخل كل إنسان قلقاً يقوده لطرح الأسئلة حول الأيام المقبلة، وما كيفية تخطي متاريس تعترض طريقه حاضراً ومستقبلاً، خاصة وأن الأوضاع الاقتصادية في البلاد بالغة التعقيد، وتؤثر في الإنسان المهيأ أصلاً للخوف من المصير الذي يؤول إليه وأسرته من تفكك، وهو الإحساس الأكثر تأثيراً في الحياة.
ومن المؤكد جداً أن (الخوف) ينبع لدي البعض من فقدان الثقة في النفس، ويتدرج معهم في كل مراحل حياتهم، وإذا لم يستطعوا انتشال أنفسهم أو إيجاد من يساعدهم، فإن معاناتهم ستكون اشد قسوة وإيلاماً، خاصة إذا كانوا يشعرون بأنه ليس هنالك بارقة أمل في الانتقال إلى الأفضل.
يبقي الإحساس بالخوف قاتلاً يسيطر سيطرة تامة على تفكير معظم الذين يمرون بمواقف صعيبة وضغوطات اقتصادية واجتماعية، لذا يجب على من يحس بالخوف الإسراع للذهاب للطبيب المختص حتى يتمكن من تجاوز المرحلة (الحرجة) بالإرشادات نحو الإيجابية، خاصة وأن الخوف الزائد يؤدي للإصابة بمرض (الاكتئاب)، لذلك يجب على الإنسان الذي يلازمه الإحساس بالخوف حد القلق أن يقابل الطبيب للتخلص منه في مراحله الأولي، وذلك قبل أن يستفحل، ويصبح مع مرور الزمن جزء لا يتجزأ من تكوينه.
من المعروف أن خوف الإنسان يعتبر هاجساً يشكل علامة فارغة في حياة كل من يـتأثر به، وﻻ يخلو من القصص المؤثرة، مما ينتج عنه الاعتمال في دواخل الأشخاص، خاصة وأن الدلائل تمضي بالإنسان نحو التفكير في المستقبل، والذي يرسم خارطة طريق من الصور، المشاهد والأشكال السالبة والموجبة.
بينما تعدد أسباب الخوف القائمة على ﺍﻟﻔﻘﺮ المقدع، المرض، الموت، المصير المجهول، ﺍﻟﺤﺮﻭﺏ، ﺍﻟﺠﺮﻳﻤﺔ، ﺍﻹﺧﻔﺎﻕ وغيرها، وهي جميعاً توحي بأن الصور والمشاهد والأشكال المتنوعة ربما تكون صحيحة حسب التفكير، مما تؤدي إلى واقع ربما يكون مليئاً بالخوف، والذي هو أصلاً قد يكون متجذراً في بعض النفوس، وعليه فإن ما ذهبت إليه يقود الإنسان لعدم الطموح، الاستنتاج، ﺍﻻﻛﺘﺸﺎﻑ وﺍﻟﺘﺤﻠﻴﻞ، ﻭﺇﻳﺠﺎﺩ ﺍﻟﺤﻠﻮﻝ ﻟﻸﺯﻣﺎﺕ المتتالية، وعندما يسيطر إحساس ﺍﻟﺨﻮﻑ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ فإنه يقتله في مهده ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﻳﻮﺍﺟﻪ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ الذي يركن إليه.
ومما أشرت له فإن على كل إنسان ينتابه الخوف أن لا يفكر فيه سلبياً، بل يجب أن يفكر ملياً في كيفية اجتثاته من جذوره حتى لا يكون (وهماً) يطوقه من كل ناحية، خاصة وأن كل إنسان يتجه على ذلك النحو فإنه يغرس الخوف غرساً في دواخله لدرجة أنه يخاف من كل شئ، لذا على أي إنسان النظر إليه بنظرة فاحصة لمعرفة حقيقته.

(شيخ ابوزبد) يجري عملية جراحية مثيرة لموسيقي شهير مصاب بـ(الغضاريف)








(سعيد طرمبة) يروي القصة المؤثرة للإصابة بالمرض الاغرب للخيال
 ................
العملية استغرقت دقائق وخرجت بعدها ماشياً على أرجلي
 ................
جلس إليه : سراج النعيم
.................
كشف العازف المعروف سعيد عبدالرحمن محمد أحمد الشهير بـ(سعيد طرمبة)، البالغ من العمر (42) عاماً، عضو اتحاد الفنانين، العازف بالفرقة الموسيقية للفنان الكبير كمال ترباس، كشف تفاصيل مثيرة ومؤثرة حول علاج شيخ (للغضاريف) بطريقته الخاصة بمدينة (ابوزبد) بولاية غرب (كردفان) غرب السودان.
وقال : شعرت في بادئ الأمر بألم شديد في ظهري، لدرجة إنني لم أعد قادراً على الحركة بصورة طبيعية، ما حدا بي بداية رحلة البحث عن العلاج لدي الأطباء هنا وهناك، وفي عز ذلك الألم أخذت الكثير من الأدوية المسكنة (كبسولات)، (حقن) و(مراهم)، وهي جميعها كانت مجرد مسكنات للألم بشكل مؤقت، لذلك كان يعتريني خوفاً ويؤرقني هاجساً من (الغضاريف)، والتي يجب أن أهيئ نفسي لمعركة طويلة معها، والتي بدأت بالفحوصات، الصور المقطعية والتشخيصات، ثم الاستعداد التام للتدخل الجراحي، والذي لا أعلم مدي نتائج نجاحه.
هكذا روي الموسيقي (سعيد) قصته الأغرب للخيال مع (شيخ ابوزبد)، والذي قطع له مسافة طويلة جداً قائلاً : أولاً لابد من التأكيد أن التجربة علمتني معني الحياة، وأن لا أأيأس من رحمة الله سبحانه وتعالي، عموماً ارشدني صديقاً لي جزاه الله خيراً أن أشد الرحال من الخرطوم إلى مدينة (ابوزبد) حيث يوجد هنالك شيخاً يجري عمليات جراحية (للغضاريف)، ولا أنكر تخوفي من خوض التجربة المجهولة، إلا إنني بعد تفكير عميق في الفكرة، وما آلت إليه حالتي الصحية، ومع هذا وذاك توفر الإرادة والثقة لتلقي العلاج بأي شكل من الأشكال، لذا قررت أن أخوضها مهما كانت نتائجها النهائية، وعليه سافرت إلى هناك، وما أن وصلت إلا وأجري لي (شيخ ابوزبد) الفحوصات والتشخيصات بالطريقة التقليدية (شفوياً)، ومن ثم أجري لي العملية الجراحية التي لم تستمر زمناً طويلاً، وما أن أنتهي منها إلا وشعرت بأن آلام زالت، وعلى خلفية ذلك بدأت أتحرك بشكل طبيعي، وبعد أن مرت ثلاثة أيام اكتشفت أنني تماثلت للشفاء تماماً لدرجة إنني زاولت عملي مباشرة، كما عدت للعزف على آلتي الموسيقية مع الفنان الفخيم كمال ترباس.
واسترسل : قابلت الكثير من الأطباء، والذين بدورهم قرروا أن ألزم السرير الأبيض بالمستشفي بمدينة امدرمان لإجراء العملية الجراحية، وذلك على ضوء الصور المقطعية والتشخيصات التي أثبتت أن (الغضاريف) ضاغطة على العصب في الفقرتين الرابعة والخامسة من السلسلة الفقرية، وأثناء ما كنت طريحاً للفرش زارني صديق لي أكد أن لديه قريباً له يعالج (الغضاريف) في مدينة (ابوزبد)، وبما إنني كنت أبحث عن العلاج سافرت رغم آلام بالبصات السياحية حوالي الساعة الثانية صباحاً، ووصلت إلى هناك الساعة الخامسة صباحاً، وما أن استقر بي المقام في (أبوزبد) إلا وجاءني الأصدقاء أحمد آدم الصافي، الشيخ عجبنا ومبارك المنا مدير مكتب سفريات (عرجون)، بالإضافة إلى شقيقي وشقيقتي وزوجها وأبنها، وتوجهنا جميعاً إلى (شيخ ابوزبد)، والذي وصلته محمولاً على السرير، مما دفع مرضي (الغضاريف) الذين ينتظرون دورهم استثنائي، وكان أن قابلت الشيخ المعالج، وقبل أن اشرح له حالتي الصحية وفقاً للفحوصات والتشخيصات الطبية التي اجريتها في الخرطوم تفاجأت به يطلب مني (بياضاً)، فما كان مني إلا واعطيته عشر جنيهات، فأخذها ثم أعاد إلي خمس جنيهات، ثم سألني عن أسمي؟، ثم قال : (داير أشوف لك الخيرة أولاً)، ثم طلب مني عدم التحدث، والاكتفاء بالاستماع له فقط، وكان أن نفذت توجيهاته، وكان أن تحدث هو عن كل الوقائع المتعلقة بمرضي، وهي دون أدني شك صحيحة بما في ذلك الأطباء الذين التقيت بهم في الخرطوم، وأكد أن الألم الذي أشعر به يتركز في الفقرتين (الرابعة) و(الخامسة)، ومن ثم قرر إجراء العملية الجراحية، موجهاً إلي سؤالاً، هل أنت جاهز لهذه الخطوة؟، فقلت : نعم، ثم طلبت إحضار مبلغ إجراء العملية الجراحية، وكان أن سلمته له ثم بدأ فيها من خلال إدخال (إبرة) طويلة في (انفي)، ثم يطعنني بها في اتجاهات مختلفة دون (بنج)، ولكن لم أكن أحس بها رغماً عن نزف الدم الكثيف، وكل نقطة دم كانت تتجمد وتظهر سوداء، وما أن توقف النزف، إلا وضربي على (رقبتي) مرتين فنزفت للمرة الثانية دماً أسوداً وتجمد أيضاً، ثم قام شيخ ابوزبد بغسل (رأسي)، (انفي) و(وجهي) بمادة ما لم أعرف ما هي!، والتي بعدها (عطست) مرتين، ثم انتقل إلى مرحلة إجراء العملية الجراحية جالساً على (مصلاية)، فيما كنت أنا جالساً أمامه، وكان هو يرش على مادة ما، ويتحسس في ذات الوقت الفقرات الرابعة والخامسة من السلسلة الفقرية بـ(الجفط)، ومن ثم يضغط على المنطقة مرتين، وما أن أنتهي من هذه المرحلة إلا وقام بتخديري بـ(البنج الموضعي)، ومن ثم فتح المكان المحدد بـ(الطعانة)، والتي بعدها أدخل (الجفط) في المكان، بينما كنت أسمع شيئاً ما (يطقطق في ظهري)، وما أن مرت دقائق إلا واستخرج (الغضاريف) المتمثلة في ثلاثة عظام صغيرة الحجم، ثم عمل (الحجامة) في المنطقة، مما نتج عن ذلك حدوث نزف كثيف لدماء سوداء، ثم مسح منطقة الفقرتين الرابعة والخامسة من السلسلة الفقرية بـ(كريم)، ومن ثم رشها بـ(بخاخ)، وبعد ذلك طلب النهوض وقوفاً على ارجلى، فقلت : هل انتهيت، فقال : نعم، وكان أن تحركت من هناك إلى المنزل راجلاً بعد أن أتيت محمولاً على سرير، وهو ما جعلني ابكي بكاءاً شديداً، لأن الإحساس بالألم زال، وبعد ثلاثة أيام شددت الرحال من مدينة (ابوزبد) إلى الخرطوم.
وأضاف : حقيقة مازلت في ذهول ودهشة كبيرين من طريقة (الشيخ) في عالج الحالات المصابة بـ(الغضاريف)، وعلى هذا النحو بدأت قصتي التي لم استوعبها حتى الآن، إذ أن الألم الذي كان بسيطاً بدأ يزداد يوماً تلو الآخر إلى أن أصبحت عاجزاً عن الحركة، وكنت خلال ذلك أبحث بحثا مضنياً عمن يضع حداً لمعاناتي، المهم أنه وبإذن الله تعالى لجأت (للشيخ المعالج) الذي نجح في العملية الجراحية التقليدية بنسبة (100٪)، وهي العملية التي استخدم لها أدواته البسيطة، واتضح لي من تجربتي أنه يقوم باستخراج (الغضاريف) بيده من منطقة الظهر حتى لا يضغط على العصب، وهو ذات الأمر الذي يفعله الأطباء لدي أجرائهم للعمليات الجراحية.
وأردف : في رأي الشخصي أن الأسلوب الذي يستخدمه ذلك الشيخ في العلاج يعتمد اعتماداً كلياً على المهارة والفنيات في تحسس مكان الألم، لذا أنصح كل من يعانون من الغضاريف أن يخوض التجربة مثلما فعلت، وأتمني في ذات الوقت أن يعلم ذلك الشيخ الراغبين هذه الطريقة العلاجية الغريبة، العجيبة والمثيرة للاهتمام بما في ذلك الأطباء، فإنهم ودون أدني شك سيستفيدون من الفكرة الفنية التقليدية ذات الأبعاد والدلائل المهمة في حياتنا الإنسانية، خاصة في ظل ارتفاع تكاليف العلاج في إطار ظروف اقتصادية (قاهرة).
وتابع : وخلال فترة مرضي حرصت على أن أثقف نفسي حول طرق علاج الام الانزلاق الغضرفي ، فوجدت أن هناك عدة طرق لعلاج الام الانزلاق الغضروفي مثل إجراء جراحة لإزالة الأجزاء الزائدة التي تضغط على الأعصاب، وهي الخطوة التي كنت متخوفاً جداً منها بعد أن نجاني الله سبحانه وتعالي من اللجوء إليها، كما أنه نجاني أيضاً من العلاج الطبيعي، أو تناول بعض المسكنات أو الأعشاب الطبيعية.
ومضي : كنت كسائر الناس أعتقد بشكل قاطع أن العلاج الوحيد لمرض (الغضروف) هو التدخل الجراحي، إلا أنني اكتشفت أنه اعتقاداً خاطئاً، فهو يهدف إلى تقليل الآلام والتنميل وضعف حركة الطرف، فهناك مراحل علاجية يمر بها الإنسان الذي يشكو من (الغضاريف) إلا وهي المسكنات والعلاج الطبيعي لتحسين الحالة، فإذا احس المريض بتحسن فإن في إمكانه الاستمرار، وإذا حدث العكس فإنه لابد من التدخل الجراحي.
فيما يري أطباء أن علاج (الغضاريف) لا يتوقف على تجربة واحدة ناجحة، لأنه وربما تكون آلام الظهر ناجمة عن (ميكروب) أو (التهابات) أو (انزلاق غضروفي)، وفي كثير من الأحيان يلجأ الأطباء للعلاج التقليدي باستخدام أنامل الأصابع لعلاج الانزلاق الغضروفي، إلا أن لكل حالة مرضية علاج يتلاءم معها، وبالتالي لا يمكن اعتماد طريقة بعينها في عملية علاج (الغضاريف)، وأن كانت هنالك تجارب ناجحة في بعض الأحيان، إلا أنه لا يصلح معها التعميم لكل الحالات، فهذا المرض في غاية الخطورة، والطريقة التي استخدمها ذلك الشيخ في علاج (سعيد طرمبة) يعتبرها بعض الناس طباً بديلاً إلا أن للطب البديل شروطاً وضوابطاً تحكمه ولا يحق لأي معالج تقليدي تجاوزها.
وأوضحوا : إن العلاج بـ(الأعشاب) للغضاريف لم يثبت من الناحية العلمية، وحينما يفعل أي مريض ذلك فإنه يرمي إلى تقليل الآلام فقط، أمثال هؤلاء أنصحهم بأن يعرضوا أنفسهم على أطباء العلاج الطبيعي ليحددوا لهم الأعشاب المفيدة.
وتشير المعلومات إلى أن التدخل الجراحي في حالات مرضي (الغضاريف) الهدف الرئيسي منه التخلص من الجزء الزائد الخارج من (الديسك) في الظهر والضاغط على الأعصاب، والذي يسبب الأعراض والآلام التي يشكو منها المرضى.


الأحد، 18 أغسطس 2019

مطالبات بإلغاء عطلة (السبت) والاكتفاء بعطلة (الجمعة)

...................
قرار عطلة (السبت) من سياسات نظام المخلوع عمر البشير
..................
الإجازات تنهك الميزانيات في ظل ظروف اقتصادية قاهرة
..................
وقف عندها : سراج النعيم
.................
أتفق مع الأصوات المطالبة للسلطات المختصة في البلاد إتخاذ قرار يقضي بإلغاء عطلة (السبت) نسبة إلى الظروف الاقتصادية القاهرة التي يمر بها السودان، وهي لا تتوافق عادات، تقاليد وثقافات خاصة بتاريخ وموروثات شعوب مغايرة لنا، وهي غير منفصلة عن الديانة الإسلامية، وخلاف ذلك كله فإنها ليست مجدية في بلد مازال يتلمس خطاه الأولي نحو التأسيس لاقتصاد وفق سياسة جديدة، وبالتالي لا تصلح عطلة (السبت) في السودان لما يعانيه من فقر مقدع أحدثه النظام السابق على مدي ثلاثة عقود من عمر نظام الرئيس المخلوع (عمر البشير)، والذي انتهج من خلالها سياسات اقتصادية اتسمت بالفشل الذريع بكل ما تحمل الكلمة من معني، وعلى هذا النحو اقترح عطلة (السبت)، ونفذها كسائر قراراته غير المدروسة سياسياً، اقتصادياً، اجتماعياً، ثقافياً وفكرياً، وهو الأمر الذي أوصل البلاد إلى مرحلة متأخرة ومتأزمة جداً في شتي مناحيها. 
ما لا يعلمه النظام البائد أن الدول الإسلامية والعربية التي تضيف يوم عطلة لعطلة (الجمعة) تهدف من ورائها إلى أن يحظى العاملين لديها باﻟﺮﺍﺣﺔ الجسدية والذهنية بعد عناء عمل شاق خلال أيام الأسبوع، وهذا يعود إلى أنها بلدانا تركن لأوضاع اقتصادية ممتازة، ولا تتأثر بإضافة يوم للعطلة الرسمية خاصتها، لأنها ليست لديها إشكاليات اقتصادية، لذا اختارت يوماً إضافياً للعطلة، ومعظم تلك البلدان لم تختار (السبت) لدلالات لها معني عميقة، بل اختارت (الخميس) باعتبار أنه نهاية الأسبوع، وبالتالي منحت راحة إضافية للعاملين والموظفين في القطاعين الخاص والعام بعد إنجازهم اشغالهم الموكلة لهم طوال أيام الأسبوع، لذا نحن بعيدين عنهم كل البعد، وذلك من واقع أن السودان بلدا فقيراً، ويحتاج لأي وقت أو يوم للعمل بما في ذلك (الجمعة) حتي يستطيع تحسين أوضاعه الاقتصادية التي لا تدع له فرصة للحاق بركب الدول المتطورة، ومواكبتها بالتنمية والإنتاج. 
مما أشرت له، فإنني أؤكد تأكيداً قاطعاً أن قرار عطلة (السبت) لم يكن مدروساً دراسة وافية ومستفيضة من كل نواحيها التي تضعها في الخانة الصحيحة، وبالتالي فإنه ومن المؤكد أن عطلة (السبت) تركت تأثيرها (السالب) على الحياة حاضراً ومستقبلاً، مما نجم عنها خللا اقتصادياً واجتماعياً عميقاً يصعب إصلاحه خلال سنوات فقط، بل يحتاج إلى سنوات وسنوات طويلة لأنه النظام السابق لم يكشفه أو أكتشف، ولم تكن لديه القابلية للتراجع عنه إلى أن تمت الإطاحة به، فهو قد جبل على الإصرار للاستمرار في الأفكار الخاطئة، والتي دون أدني شك من بينها عطلة (السبت)، والتي لم ينظر إلى تأثيرها على الجوانب السياسية، الاقتصادية، والاجتماعية، الثقافية والفكرية. 
إن عطلة (السبت) أثارت جدلاً واسعاً في الأوساط السودانية، ورغما عن ذلك لم يتم الالتفات إليها من نظام الرئيس المعزول (عمر البشير)، والذي لم يأبه بما تسفر عنه من نتائج، خاصة وأن البلاد تركن لظروف اقتصادية بالغة التعقيد، وهي ظروفا قاهرة جداً، وتتطلب من الجميع العمل طوال أيام الأسبوع دون إنقطاع، وذلك من أجل إنجاز الأعمال والمعاملات في كل المؤسسات، الشركات والمصارف في القطاعين الخاص والعام.
مما ذهبت إليه، يجب أن ننظر بمنظار فاحص لتأثير عطلة (السبت) على الأسر السودانية ذات الدخول المحدودة، وقطعاً لم تكن تضع في حساباتها ميزانية لعطلة (السبت)، مضافاً إليها عطلة (الجمعة)، ومما لا شك فيه أن ميزانيتها لا تخرج من نطاق عطلة واحدة، لذا ظلت الكثير من الأسر المتأثرة باستمراريتها تطالب السلطات المختصة بإلغائها لما تحدثه من خلل عميق ﻓﻲ الميزانية المجدولة طوال أيام الأسبوع، والذي ربما يشهد فواتيراً جديدة تضاف للتي هي أصلاً هاجساً من الهواجس قبل الإطاحة بالنظام السابق الذي أفقر الفقير وأثري الأثرياء، وعليه فإن الراهن الاقتصادي
يحتاج للتركيز على العمل أكثر من الإجازات، وذلك من أجل الإيفاد بالالتزامات، وتمزيق الفواتير المتضاعفة يوما تلو الآخر، خاصة وأن كل رب أسرة كلما مزق فاتورة من الفواتير أطلت عليه أخري، وأعنف من سابقاتها، لذا فمن الصعب جداً الإيفاء بمستلزمات عطلة (السبت) في إطار ذلك الواقع المذري لما تضيفه من أعباء جديدة على كاهل الناس الذين يجد البعض منهم أنفسهم مضطرين للعمل في الإجازات بما فيها عطلة (الجمعة) دون الاكتراث لقرار عطلة (السبت) الصادر من السلطات المختصة، والذي يدخل الناس في حسابات لم تكن موضوعة ضمن الميزانية في ظل ارتفاع جنوني في السلع الاستهلاكية، وليتها تتوقف عند هذا الحد، بل هي زيادات يتفاجأ بها المواطن مع إشراقة شمس كل صباح، فبعض الشركات، المؤسسات والتجار يتعاملون مع الأسواق حسب الامزجة الشخصية، مما يعني أن حقوق محمد احمد الغلبان مهضومة بالقرارات السالبة، والتي لم يشارك في اتخاذها رغماً عن أنها قرارات مصيرية، وتتعلق بتصاريف حياته اليومية. 
إن عطلة (السبت) من الأخطاء الجسيمة للنظام البائد الذي لم ير أن هنالك من هم مصادر دخلهم ضعيفة جداً، ولا تكفي لفرد واحد من الأسرة ناهيك عن عائلة كاملة، وبالتالي فإن نظام العمل بالساعات لا ينجح في بلد فقير مثل السودان، والذي لا تنطبق عليه المقاييس والمعايير الدولية خاصة وأنه مازال في طور النمو، ويحتاج للإنتاج للاستفادة من أي وقت، ولا سيما فإن عطلة (السبت) تعد خللاً لعدم كفاية أيام الأسبوع لإنجاز المهام.
فيما يجب إعادة النظر في عطلة (السبت)، وإجراء دراسة واقعية ﻟﻤﻌﺎﻟﺠﺔ توقيت الدوام والانصراف من العمل، ﻭﺍﻹﻟﺘﺰﺍﻡ ﺑﺎﻟﻀﻮﺍﺑﻂ المنظمة له، فالعطلة لا تتيح الفرصة الكافية، لذلك بما هو مجدول في أعمال كل منا خلال أيام الأسبوع القلائل، خاصة وأن البلاد تمر بمرحلة حساسة بعد الإطاحة بنظام الرئيس المخلوع (عمر البشير)، وهي مرحلة لا تحتمل أي وقت ضائع دون إنتاج، لذا يجب إلغاء عطلة (السبت)، وإعادة النظر في هذه التجربة الفاشلة، خاصة وإننا نختلف عن الدول المتبعة لنظام العطلة يومين خلال الأسبوع، ورغماً عن ذلك نجد أن هنالك من يعملون يوم العطلة الرسمية المضافة أصلاً لعطلة (الجمعة)، وذلك دون الالتفات إلى اصرار السلطات المعزولة للاستمرارية فيها، لذا يجب أن يتم تعديل المرتبات، وإعادة النظر في الحوافز حفاظاً على حقوق العاملين والموظفين في العطلة الإضافية باعتبار أنها إجازة كسائر الإجازات ذات الخصوصية في العمل.
إن ﺍﻟﻐﺎﺀ عطلة (السبت) يصب في مصلحة البلاد والناس والمجتمع من الناحية الاقتصادية المتطلبة زيادة الإنتاج من أجل مجابهة المنصرفات، والتي تتطلب مزيداً من الساعات في العمل، ﻟﺬﻟﻚ ﻳﺠﺐ إلغاء عطلة (السبت)، والاستمرار في العمل طوال أيام الأسبوع، والاكتفاء بعطلة (الجمعة)، فالقرار لم يكن صاﺋﺒﺎً، وﻟﻢ يكن مبنيا ﻋﻠﻰ ﺩﺭﺍﺳﺔ غير ﻣﻨﻄﻘﻴﺔ وﻣﻘﻨﻌﺔ، ﻟﺬﻟﻚ ﻭﺟﺐ ﺍﻟﻐﺎﺀ العطلة، وإعادة يوم (السبت) عمل ﻛﻤﺎ كان في السابق. 
وما لا يعرفه مشرع عطلة (السبت) أنها تمنح خلال الأسبوع للموظفين والعمال مرة واحدة، ﻭﻫﻨﺎﻙ ﺛﻼﺛﺔ ﺍﺳﺘﺜﻨﺎﺀﺍﺕ في إطارها لدي بعض الدول العربية مثلاً ﻟﺒﻨﺎﻥ، ﺗﻮﻧﺲ وﺍﻟﻤﻐﺮﺏ، إذ أنها تنتهج سياسة فرنسية، إما الدول الأوروبية فالعطلة لديها يومي (السبت) و(الأحد)، والإجازات خلال الأسبوع تحكمها العادات، التقاليد والثقافات، المستمدة من الأديان السماوية، فالديانة الإسلامية عطلتها بالنسبة للمسلمين (ﺍﻟﺠﻤﻌﺔ)، والديانة اليهودية عطلتها (ﺍﻟﺴﺒﺖ)، والديانة المسيحية عطلتها (ﺍﻷﺣﺪ)، وهكذا تكون إجازة الدول خلال أيام الأسبوع قائمة على أساس ديني، وهنالك دولا تؤجز ﻳﻮﻣﻲ (ﺍﻟﺨﻤﻴﺲ) ﻭ(ﺍﻟﺠﻤﻌﺔ)، وآخري ﻳﻮﻣﻲ (ﺍﻟﺠﻤﻌﺔ) ﻭ(ﺍﻟﺴﺒﺖ)، ﺃﻭ ﻳﻮﻣﻲ (ﺍﻟﺴﺒﺖ) ﻭ(ﺍﻷﺣﺪ) ولكل دولة فلسفتها للاتجاه على هذا النحو، لذا ما هي الدلالة التي ارتكز عليها النظام السابق لجعل (السبت) عطلة رسمية في جميع أنحاء البلاد، مع التأكيد أن أغلب سكان السودان ينتمون إلى الديانة الإسلامية التي تمنح المسلمين (الجمعة) عطلة.

سراج النعيم يكتب : العيد مر من هنا دون خراف

...................
‏(ﻋﺪﺕ ﻳﺎ ﻋﻴﺪﻱ ﺑﺪﻭﻥ ﺯﻫﻮﺭ)، ﻫﻜﺬﺍ ﺃﻟﻒ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﺑﻴﺘﺎً ﻣﻦ ﻗﺼﻴﺪﺗﻪ ﻓﻲ ﺃﺷﺎﺭﺓ ﻣﻨﻪ ﺇلى ﺃﻥ ﺃﻳﺎﻡ ﺍﻟﻌﻴﺪ ﺍﻧﻘﻀﺖ ﻋﻠﻰ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻤﺆﻣﻞ ﻓﻴﻪ ﺇﺫ ﺃﻧﻪ ﻣﺮ على ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺑﻼ ﻟﻮﻥ، ﺑﻼ ﺭﺍﺋﺤﺔ، ﺑﻼ ﻃﻌﻢ بلا لحمة ﺃﻱ ﺃﻧﻪ ﻭﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺃﻓﺘﻘﺪ عيد الأضحي ﺃﻟﻘﻪ ﻭﻭﻫﺠﻪ ﺍﻟﻤﻤﻴﺰ ﻓﻲ ﺍﻷﻋﻮﺍﻡ ﺍﻟﺴﺎﺑﻘﺔ لنظام الرئيس المخلوع عمر البشير الذي تسبب بسياسته الخاطئة اقتصادياً، مما جعل الأوضاع الإنسانية مذرية جداً، فاﻟﻈﺮﻭﻑ ﺍﻹﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ التي أدت بالكثير من الأسر شراء (الخراف) بالنظر، كما كانوا يفعلون مع اللحوم منذ ثلاثة عقود، بالإضافة إلى أن هطول الأمطار وأزمة الوقود والخبز والمواصلات إلى تقييد ﺣﺮﻛﺔ ﺍﻟﻨﺎﺱ، ﻭﻋﺪﻡ ﺍﻟﺰﻳﺎﺭﺍﺕ ﻟﻤﻌﺎﻭﺩﺓ ﺍﻷﻫﻞ ﻭﺍﻷﺻﺪﻗﺎﺀ والزملاء؟؟.
ﻋﻤﻮﻣﺎً ﻭﺟﺪﺕ ﻧﻔﺴﻲ ﻣﺤﺎﺻﺮﺍً ﺑﺎﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍلأﻓﻜﺎﺭ ﺍﻟﺴﺎﻟﺒﺔ في ذلك المحيط الذي تطرقت له في تناولي، مما ﺣﺪﺍ ﺑﻲ كسائر الناس المحاصرين ﺍﻟﻤﻌﺎﻳﺪﺓ على ﺍﻷﻫﻞ ﻭﺍﻷﺻﺪﻗﺎﺀ ﺑﺎﻟﺮﺳﺎﺋﻞ ﺍﻟﻨﺼﻴﺔ ﻭﻋﺒﺮ ﺍﻟﺒﺮﻳﺪ ﺍﻹﻟﻜﺘﺮﻭﻧﻲ ﻭﻭﺳﺎﺋﻂ ﺍﻟﺘﻮﺍﺻﻞ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ (الفيس بوك)، و(الواتساب) ﺇﻻ ﺇﻧﻨﻲ ﻭﻣﻦ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﺳﺎﺋﻞ ﺍﻟﺘﻲ ﻭﺻﻠﺘﻨﻲ ﻭﻗﻔﺖ ﻋﻨﺪ ﺭﺳﺎﻟﺔ ﺃﺣﺪ ﺍﻷﺻﺪﻗﺎﺀ ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻛﺘﺐ ﻓﻴﻬﺎ : ‏(ﻳﺎ ﺃﺧﻲ عيد الأضحي ﻣﺮ ﻣﻦ ﻫﻨﺎ ‏من دون خراف)، ﻓﻲ ﺃﺷﺎﺭﺓ ﺇلى ﺃﻥ ﺍﻟﻌﻴﺪ ﻟﻢ ﻳﻌﺪ ﻛﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻓﻲ ﺳﺎﻟﻒ ﺍﻟﻌﺼﺮ ﻭﺍﻟﺰﻣﺎﻥ، ﺃﻱ ﺃﻧﻪ ﺗﻐﻴﺮ ﻣﻊ ﺍﻟﺘﻐﻴﺮﺍﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺸﻬﺪﻫﺎ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﻨﺎﺣﻴﻬﺎ، خاصة في الجوانب الاقتصادية، ﻭبالتالي ﺃﺻﺒﺤﺖ ﺍﻟﺮﺳﺎﺋﻞ ﺗﺤﻞ ﻣﺤﻞ ﺍﻟﺰﻳﺎﺭﺍﺕ ﻋﺒﺮ ﺍﻟﺮﺳﺎﺋﻞ ﺍﻟﻨﺼﻴﺔ ﺍﻟﻘﺼﻴﺮﺓ ﺃﻭ ‏(ﺍﻟﻔﻴﺲ ﺑﻮﻙ) ﺃﻭ ‏(ﺍﻟﻤﺎﺳﻨﺠﺮ) ﺃﻭ ‏(ﺍﻟﻮﺍﺗﺴﺎﺏ) ﺍﻷﻛﺜﺮ ﻓﻌﺎﻟﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻮﺍﺻﻞ الاجتماعي، ﻭﺗﻠﻘﻲ ﺍﻟﺘﻬﺎﻧﻲ بهذه المناسبة السعيدة.
إﻣﺎ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻤﻨﺎﺳﺒﺎﺕ ﺍﻷﻓﺮﺍﺡ عموماً لم ﺗﻜﻦ ﻛﻤﺎ ﺃﻟﻔﻨﺎﻫﺎ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻋﻴﺪ من أعياد الأضحي، خاصة وأن اﻷﻋﻴﺎﺩ ﺗﻌﺘﺒﺮ ﻣﻮﺳﻤﺎً ﻟﻠﻤﻨﺎﺳﺒﺎﺕ بصورة عامة ﻭ(ﻋﺪﺍﺩﺍً) ﻣﻀﺎﻋﻔﺎً ﻟﻠﻔﻨﺎﻧﻴﻦ ﻭﺍﻟﻤﻮﺳﻴﻘﻴﻴﻦ، الذين شكوا من عدمها في هذه الأيام المباركات، ﻭﻣﻊ ﻫﺬﺍ ﻭﺫﺍﻙ ﻻﺣﻈﺖ ﺃﻥ ﺍﻷﻃﻔﺎﻝ ﻟﻢ ﻳﻌﺒﺮﻭﺍ ﻋﻦ ﻓﺮﺣﺘﻬﻢ كما جبلوا عليها في السنوات الماضية، ﺑﻞ ﺷﺎﺭﻛﻮﺍ ﺍﻟﻜﺒﺎﺭ ﺍﻟﻬﻢ من النواحي الاقتصادية، وهو ﺍﻷﻣﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﺣﺰ ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻲ.
ﻭﻣﻤﺎ ﻻﺷﻚ ﻓﻴﻪ ﺃﻥ ﻋﺪﻡ ﻭﺟﻮﺩ ﻣﻈﺎﻫﺮ ﻟﻠﻔﺮﺡ ﺑﺎﻟﻌﻴﺪ ﻳﻌﺘﺒﺮ ﺃﻣﺮﺍً ﻛﺎﺭﺛﻴﺎً ﻭﺧﻄﻴﺮﺍً في مجتمع تحكمه عادات وتقاليد وثقافة لا تنفصل عن الديانة الإسلامية، لذا ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﺗﺘﻢ ﺩﺭﺍﺳﺔ ذلك دراسة ﻣﺴﺘﻔﻴﻀﺔ من أجل معرفة ﺍﻷﺳﺒﺎﺏ ﺍﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ، والسعي ﻻﺟﺘﺰﺍﺯﻫﺎ ﻣﻦ ﺟﺬﻭﺭﻫﺎ، وعليه فإن ﺍﻟﺴﺆﺍﻝ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻔﺮﺽ ﻧﻔﺴﻪ في ظل ذلك الواقع المتدهور جداً، ﻫﻞ ﺍﻟﻈﺮﻭﻑ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﻟﻬﺎ ﺩﻭﺭ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ؟ ﺍﻹﺟﺎﺑﺔ ﻣﻦ ﻭﺟﻬﺔ ﻧﻈﺮﻱ الخاصة ﺃن الظروف الاقتصادية لعبت دوراً كبيراً ﻓﻲ ﺇﻧﺘﻘﺎﺹ ﺍﻟﻔﺮﺣﺔ ﺑﺎﻟﻌﻴﺪ، وذلك ﺭﻏﻤﺎً ﻋﻦ ﺃﻧﻪ ﺷﻌﻴﺮﺓ ﺇﺳﻼﻣﻴﺔ ﻳﻔﺘﺮﺽ أحيائها، وذلك ﻣﻬﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻈﺮﻭﻑ ﺍﻟﻤﺤﻴﻄﺔ ﺑﻨﺎ، ﻟﺬﻟﻚ ﺃﻗﺘﺮﺡ ﺇﺳﻨﺎﺩ ﺇﺣﻴﺎﺀ ﺷﻌﻴﺮﺗﻪ ﺇﻟﻰ ﺟﻬﺔ ﺗﺤﺘﻔﻲ ﺑﻪ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺍﻷﺣﻴﺎﺀ ﻭﺍﻟﻤﻨﺎﻃﻖ ﻛﻤﺎ ﻳﺤﺪﺙ ﻓﻲ ﺍﻻﺣﺘﻔﺎﻝ ﺑﻤﻮﻟﺪ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ صل ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺳﻨﻮﻳﺎً، وﺭﺑﻤﺎ ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ ﻧﺮﺳﻢ ﺑﺴﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﺷﻔﺎﻩ ﺍﻟﺒﻌﺾ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ خاصة الأطفال ﺭﻏﻤﺎً ﻋﻦ ﺃﻥ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻳﺸﻬﺪ ﺃﺣﺪﺍﺛﺎً ﺩﻣﻮﻳﺔ ﻣﺆﺳﻔﺔ هنا وهناك، ﻓﻬﻞ ﺳﺄﻟﻨﺎ ﺃﻧﻔﺴﻨﺎ ﻛﻴﻒ ﻗﻀﻲ ﺃﻃﻔﺎﻝ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﻌﻴﺪ ﻓﻲ ﻇﻞ ﺍﻟﻤﺸﺎﻫﺪ ﺍﻟﺪﻣﻮﻳﺔ في ﻓﻠﺴﻄﻴﻦ ﻭﺳﻮﺭﻳﺎ ﻭﻟﻴﺒﻴﺎ ﻭﺩﻭﻝ ﻋﺮﺑﻴﺔ إسلامية ﺃﺧﺮﻯ، ﻫﻞ ﺧﻔﻔﻨﺎ ﻋﻨﻬﻢ ﺍﻟﻤﺼﺎﺏ ﺑﺈﺩﺍﻧﺔ ﻣﺎ ﻳﺠﺮﻱ ﻓﻲ ﻣﺤﻴﻂ ﺍﻟﺒﻠﺪﺍﻥ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ الإسلامية، ﻭﺍﻟﺘﻲ ﻳﺸﻬﺪ ﺍﻟﺒﻌﺾ ﻣﻨﻬﺎ ﺳﻔﻚ ﺩﻣﺎﺀ ﺍﻷﺑﺮﻳﺎﺀ ﺍﻟﻤﺴﺘﺒﺎﺡ، ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺴﻔﻚ ﺍﻟﺬﻱ ﻟﻢ ﻳﺘﻮﻗﻒ حتى ﺃﻳﺎﻡ ﺍﻻﺣﺘﻔﺎﻝ ﺑﺎﻟﻌﻴﺪ، ﻓﻬﻞ ﻓﻜﺮﻧﺎ ﻓﻲ ﺃﻥ ﻧﺮﺳﻢ ﺍﻹﺑﺘﺴﺎﻣﺔ ﻓﻲ ﻣﺤﻴﺎ ﻫﺆﻻﺀ ﺃﻭ ﺃﻭﻟﺌﻚ؟ ﺍﻹﺟﺎﺑﺔ ﻻ، ﺑﻞ ﻇﻠﻠﻨﺎ ﻧﺸﺎﻫﺪ ﺍﻟﻘﺘﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﻃﺎﻝ حتى ﺍﻷﻃﻔﺎﻝ ﺩﻭﻥ ﺭﺃﻓﺔ ﺃﻭ ﺭﺣﻤﺔ، ﺍﻷﻃﻔﺎﻝ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻟﻢ يتثن ﻟﻬﻢ ﺍﻟﺘﺴﻮﻕ ﻣﻊ ﺃﻭﻟﻴﺎﺀ ﺃﻣﻮﺭﻫﻢ، ﻭﻟﻢ ﻳﺸﺘﺮ ﺃﻫﻠﻬﻢ (الخراف) أو ﺍﻟﺤﻠﻮﻱ ﺃﻭ ﺍﻟﺨﺒﺎﺋﺰ ﺃﻭ ﺍﻷﺯﻳﺎﺀ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪﺓ، ﻫﻜﺬﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻌﻴﺪ ﺑﻼ ﻏﻨﻮﺓ ﺗﺠﻤﻞ ﺍﻟﺪﻭﺍﺧﻞ، ﻭﺗﻐﻤﺮ ﺍﻟﻔﺆﺍﺩ، ﻭﺗﺒﻬﺞ ﺍﻟﻨﻔﺲ.
ﻫﺎﻫﻲ ﺃﻳﺎﻡ ﺍﻟﻌﻴﺪ ﻣﺮﺕ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻳﺤﺲ ﺑﻬﺎ ﺍﻟﻜﺒﺎﺭ ﺃﻭ ﺍﻟﺼﻐﺎﺭ ﻟﻠﻈﺮﻭﻑ الاقتصادية ﺍﻟﻤﺤﻴﻄﺔ ﺑﻬﻢ ﻣﺎ ﺣﺪﺍ ﺑﻬﺎ ﺃﻥ ﺗﻄﻐﻲ على ﻣﻈﺎﻫﺮ ﺍﻟﻔﺮﺣﺔ، ﻭﺗﻔﺮﺽ ﺃﻟﻮﺍﻧﺎً ﻻ ﺗﺮﺳﻢ ﺳﻮى ﻭﺍﻗﻌﺎً ﻣﺮﻳﺮﺍً، إذ أنه ﻳﺮﺩﺩﻭﻥ ﻣﻌﻪ ﻣﺎ ﺃﻟﻔﻪ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ : ‏(ﻋﺪﺕ ﻳﺎ ﻋﻴﺪﻱ ﺑﺪﻭﻥ ﺯﻫﻮﺭ)، ﺃﻭ ﻳﻘﻮﻟﻮﻥ ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﺻﺪﻳﻘﻲ : ‏(عيد الأضحي ﻣﺮ ﻣﻦ ﻫﻨﺎ ‏دون خراف)، ﻭﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻟﻢ ﺃﻋﺪ ﺃﺭى ﻏﻴﺮ ﺣﺰﻥ ﻳﻄﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﺟﻮﻩ، ﻭﺻﻤﺖ ﻳﻤﻸ ﺍﻟﺸﻮﺍﺭﻉ، ﻭﻏﻴﺎﺏ ﺗﺎﻡ ﻟﻠﺸﺨﻮﺹ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺃﻟﻔﻨﺎﻫﻢ ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻤﻨﺎ، ﻭﻛﻠﻤﺎ ﻭﻗﻌﺖ ﺃﻋﻴﻨﻨﺎ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻧﺤﺲ ﻓﻲ ﺭﻭﺣﻬﻢ ﺑﻨﺒﺾ ﺍﻟﻌﻴﺪ، ﻭﺍﺷﻌﺔ ﺟﻤﺎﻟﻪ ﺍﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺰﻳﻦ ﺍﻟﺴﺎﺣﺎﺕ ﻭﺍﻟﻤﻴﺎﺩﻳﻦ ﻭﺍﻟﺸﻮﺍﺭﻉ ﻭﺍﻟﺒﻴﻮﺕ، ﻭﺗﻜﺘﺴﻲ ﻭﺟﻮﻩ ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ ﻭﺍﻟﺮﺟﺎﻝ ﻭﺍﻷﻃﻔﺎﻝ ﺑﺎﻟﻔﺮﺣﺔ، فمتي تعود تلك الأيام إلى سابق عهدها.
ﻭﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﻧﺘﺴﺄﻝ ﻣﻦ ﺻﺎﺩﺭ ﻓﺮﺣﺔ ﺍﻟﻌﻴﺪ ﺍﻟﺸﻌﻴﺮﺓ ﺍﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻣﻦ ﺃﻭﺟﺐ ﺍﻟﻮﺍﺟﺒﺎﺕ ﺇﺣﻴﺎﺋﻬﺎ ﺭﻏﻤﺎً ﻋﻦ ﺍﻟﻤﺂﺳﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻌﻴﺸﻬﺎ ﺑﻌﻀﺎً ﻣﻦ ﺷﻌﻮﺑﻨﺎ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ الإسلامية، وقد ﻃﺎﻟﺒﻨﺎ ﺳﻴﺪ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ صل ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ إﻇﻬﺎﺭ مظاهر ﺍﻟﻔﺮﺡ ﻭﺍﻟﺘﻔﺎﺅﻝ، ﻭﺇﻋﻼﻥ ﺍﻟﺴﺮﻭﺭ ﻓﻲ ﺍﻻﻋﻴﺎﺩ، ﻓﻴﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﺃﻧﺲ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ : ‏(ﻗﺪﻡ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ صل ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ إلى ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ، ﻭﻟﻬﻢ ﻳﻮﻣﺎﻥ ﻳﻠﻌﺒﻮﻥ ﻓﻴﻬﻤﺎ، ﻓﻘﺎﻝ : ﺇﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﺃﺑﺪﻟﻜﻢ ﺑﻬﻤﺎ ﺧﻴﺮﺍً ﻣﻨﻬﻤﺎ : ﻳﻮﻡ ﺍﻷﺿﺤﻰ، ﻭﻳﻮﻡ ﻋﻴﺪ ﺍﻟﻔﻄﺮ).

azsuragalnim19@gmail.com

*الدكتور أسامة عطا جبارة يشرح الإقتصاد السوداني في ظل الحرب*

..........  *تواصل شبكة (أوتار الأصيل) الإخبارية، وصحيفة العريشة الرقمية نشر الحوار الهام مع الخبير في الإقتصاد العالمي الدكتور أسامة عطا جب...