.......................................
والد المخطوف (قصي) : شيخ قبيلة (التبو) وعد بإطلاق سراح الاسري
.........................................
أسر الضحايا تطالب السلطات السودانية بإيجاد حلول لأزمة أبنائهم سريعاً
طالبت أسر الرهائن السودانيين المحتجزين في ليبيا السلطات السودانية المختصة إيجاد الحلول لإنهاء أزمة أبنائهم الذين كل ذنبهم أنهم يبحثون عن أوضاع اقتصادية أفضل، إلا أن حياتهم تحولت إلي جحيم لا يطاق، وبدلاً من تحقيق أحلامهم، ها هم أصبحوا كالمستجير من (الرمضاء) بـ(النار)، إذ أنهم تفاجأوا بواقع مغاير للواقع الذي رسموه في المخيلة، فلم يكونوا يتوقعون أن تصبح حياتهم معاناة، وأقل ما يوصف به راهنهم بـ(المأساوية) حيث أنهم يجدون معاملة لا تمت للإنسانية بشىء، وهذا ما أظهرته مقاطع فيديوهات تم تداولها عبر الإعلام الحديث وظهر في مشاهده المؤثرة الرهائن السودانيين، وهم يسيرون في منطقة صحراوية مقيدين بـ(السلاسل)، وتحت حراسة مشددة من الخاطفين الليبيين المسلحين، الذين اجبرهم على ذكر اسمائهم والمناطق التي ينحدرون منها في السودان ومع هذا وذاك لم يطلبوا أي فدية مقابل إطلاق سراح المحتجزين السودانيين، الذين تعرضوا لاصناف من التعذيب والجلد المبرح أثناء ركضهم في الكثبان الرملية التي جعلت سيرهم متعثراً، ومع هذا وذاك تتم إهانتهم بصورة مستفزة.
وقالت أسر الضحايا السودانيين : وصلنا نبأ حجز الاختطاف من شباب سودانيين هاجروا إلي ليبيا، أي أننا تلقينا قبل أن يبث الخاطفين مقاطع الفيديوهات عبر مواقع التواصل الاجتماعي (الفيس بوك) و(الواتساب).
وأضافوا : كلما مر يوم على أسر أبنائنا دون إيجاد حل يزداد خوفنا وقلقنا على مصيرهم المجهول، خاصة وأن البث أظهر صورة مهينة للمخطوفين الذين تعرضوا للتعذيب والضرب بصورة وحشية.
وعبروا عن حزنهم العميق الذي خيّم على الكل صغاراً وكباراً، فالبعض منهم أصبحت حالته يرثى لها، لذا على السلطات السودانية الاسراع لفك أسر أبنائهم الذين هم في وضع غير مطمئن، للمأساة التي يعانيها الشباب السودانيين في الصحراء الليبية، ورغماً عن ذلك تجدنا نعاني يوماً تلو الآخر لما آل إليه حال أبنائنا السودانيين المختطفين بليبيا.
فيما علمت من بعض أهالي المخطوفين أن المجموعة الليبية المسلحة ترفض رفضاً باتاً أي فدية مالية مقابل إطلاق سراح الشباب السودانيين الذين في قبضتها، بل يطلبون نظير ذلك إخلاء سبيل الليبيين الملقي عليهم القبض في العاصمة السودانية (الخرطوم)، وذلك في ظل الإجراءات القانونية المتخذة ضدهم في قضية شقة شمبات الشهيرة.
فيما واصلت (الدار) فتح ملف أسر الشباب السودانيين المخطوفين من قبل مجموعة ليبية مسلحة من مناجم (كلمنجة) الواقعة جنوب الصحراء الليبية المتاخمة للنيجر وتشاد، ومن بينهم (قصي) النور البالغ من العمر (28) عاماً الذي تشير قصته المؤثرة إلي أنه شد الرحال من منطقة (أم حجار) التابعة لولاية الجزيرة الواقعة وسط السودان إلي ليبيا بالإضافة إلي جانب الشباب المأسورين معه الثمانية حيث أنهم هاجروا من مسقط رأسهم إلي هناك بغرض تحسين أوضاع أسرهم الاقتصادية خاصة وأنها في غاية الصعوبة رغم أن الخطوة تدفعهم للمخاطرة بأرواحهم بالسفر إلي دولة تفتقر إلى أبسط مقومات الأمن، وذلك منذ أن تمت الإطاحة بالرئيس الراحل (معمر القذافي).
وقال النور والد المخطوف (قصي) و(عدي) الناجي من المجموعة الليبية المسلحة لـ(الدار) : اخبرنا محمد الأمين البلولة الذي يمثل أسر المخطوفين أنه التقي بشيخ قبيلة (التبو) الذي وصل السودان في اليومين الماضيين، ووعده بأن يسعي إلي إطلاق سراح الشباب السودانيين الذين تم أسرهم من قبل المجموعة الليبية المسلحة، و شيخ قبيلة (التبو) الليبية المنتمي اليها المتهمين بقضية شقة شمبات وحسب علمي فان شيخ القبيلة قد عاد إلي مسقط رأسه بعد أن عزي أسر ضحايا شقة (شمبات) الشهيرة، والتي رهن على إثرها الخاطفين إخلاء سبيل أبنائنا مقابل إطلاق سراح الجناة الليبين دون الإشارة إلي من هم، أو لماذا ألقي القبض عليهم؟، إلا أن مصدراً رجح أن تكون المجموعة لها صلة بالمتهمين في جريمة القتل البشعة التي حدثت داخل شقة (شمبات) الشهيرة، والتي تصل التهم الموجهة فيها للجناة الليبيين حد الإعدام شنقاً حتي الموت، وذلك بحسب القانون الجنائي السوداني الذي تنظر من خلاله المحكمة السودانية الجنائية المختصة في القضية تحت المادة (130) من القانون الجنائي، وتفسيرها (القتل العمد)، وعلى خلفية ذلك تم أسر الشباب السودانيين الذين من بينهم نجلي (قصي) الذي بدأت قصته منذ أن داهمت المجموعة الليبية المسلحة مقر سكنهم بالقرب من منجم (كلجمنة) بعد إقامتهم حفل ودع لابني، والذي كان عائداً لأرض الوطن في صباح اليوم التالي، وبعد الانتهاء من الحفل خلدوا للنوم الذي تم بعده القبض عليهم في تمام الساعة الثانية صباحاً، والغريب في الأمر أن من هرب منهم لم تتم مطاردته، وعليه اقتادتهم المجموعة في ظروف يكتنفها الكثير من الغموض إلي جهة (مجهولة)، وما أن مر على تلك الواقعة أسبوعاً إلا وتواصل معنا شقيقه (عدي) الناجي من الاختطاف بعد أن سافر إلي هناك بغرض عودة شقيقه من الاغتراب الطويل الذي وقع علي إثره ضحية للاسر، وعليه بدأ نجلي (عدي) الناجي من الاعتقال استلام العمل في مطعم شقيقه المخطوف (قصي) الذي ظل يديره بالحدود النيجيرية عامين بعد أن جاء إليها من ليبيا بعد ست سنوات متصلة دون انقطاع.
وفي السياق تشير المصادر إلي أن الـ(8) سودانيين المعتقلين تم أسرهم كرهائن من قبل قبائل (التبو) جنوب ليبيا وهم لا يطلبون مقابل إخلاء سبيلهم (فدية) مالية، إنما يرغبون في التفاوض مع مسؤول سوداني رفيع في أمر لم يفصحوا عنه، ولكن رجح المصدر أن الأمر يتعلق بقضية مجزرة شقة شمبات الشهيرة المتهم فيها متهمين ليبيين ينتمون إلي العشيرة المشار إليها وأن القبض واتهام ليبيين في قضية شقة (شمبات) هو السبب الرئيسي وراء اختطاف الشباب السودانيين الثمانية.
وقالوا : إن ابناءهم سافروا إلي ليبيا قبل (سنتين)، وأنهم فقدوا الاتصال بهم قبل (ثمانية) أيام من ظهورهم في الفيديو، وهم جميعاً من مدينة المناقل، وعندما تم أسرهم كــرهائن لدي مجموعة ليبية مسلحة جاء ذلك من واقع المطالبة بإطلاق سراح المتهمين في قضية شقة (شمبات).
وفي السياق كانت (الدار) قد أشارت إلي تكوين لجنة من أهالي المخطوفين برئاسة علي الحسن نائب الدائرة بالبرلمان السوداني لمتابعة الأمر، وأكد أهالي المخطوفين ثقتهم في الحكومة والجهات الأمنية خاصة وأن الخاطفين لم يطالبوا بـ(فدية) مالية مقابل إطلاق سراح الـ(7) من الشباب السودانيين، وليس لديهم أي معلومات عن أبنائهم المأسورين سوى مقطع فيديو يناشد من خلاله الضحايا رئيس الجمهورية لإطلاق سراح المتهمين الليبيين في قضية شقة (شمبات) الشهيرة مقابل إطلاق أبنائهم الذين تم اختطافهم من جانب المجموعة الليبية المسلحة، وهم جميعاً من (حلة بشير) بمنطقة غرب ولاية الجزيرة :ـ
وتشير الوقائع بحسب مصادر إلي أن الضحايا المشار إليهم كانوا يعملون في منجم خاص بتنقيب الذهب بمنطقة (كلمنجة) الليبية، والذي يقع غرب مدينة (سبها) ، وتوضح التفاصيل إلي أن الضحايا تم أسرهم قبل أسبوعين، وذلك في تمام الساعة الثانية صباحاً من مسكنهم، وللتأثير والضغط على أسرهم قامت المجموعة المسلحة الليبية بتصوير مقطع فيديو يظهرهم في حراسة مشددة بأسلحة ثقيلة وخفيفة تبين أن المجموعة الليبية الخاطفة منظمة.
ومضي المصدر مشيراً إلي أن المجموعة الليبية المسلحة من قبيلة (التبو)، وهي من القبائل الليبية ذات البشرة السمراء، وتنشط في الصحراء الغربية علي الحدود الليبية المتاخمة للتشادية.
في ذات إطار البحث عن الأسباب التي أدت إلي اختطاف الشباب السودانيين كتب الليبي عبدالحكم بلقاسم منشوراً عبر موقع التواصل الاجتماعي (الفيس بوك) يبعث من خلاله برسالة إلي قاض محكمة سودانية فيما يخص محاكمة الليبي (محمود أوشي) الذي يواجه الاتهام بالإعدام شنقاً حتي الموت في قضية شقة (شمبات) الشهيرة التي راح ضحيتها ثلاثة سودانيين بصورة بشعة جداً هزت الرأي العام السوداني على أساس أن الجريمة دخيلة على المجتمع السوداني الذي لم يألفها قبلاً وبالتالي أشار الشخص الذي نشر البوست بموقع التواصل الاجتماعي (الفيس بوك) أنه من عائلة المتهم (محمود) المنتمي لقبائل (التبو) عشيرة (أوشي) وأضاف إلي أن المجموعة الليبية المسلحة المعتقلة للسودانيين الثمانية ترغب في إبرام اتفاق بتبادل السودانيين المحتجزين نظير المتهمين الليبيين الذين تعود جذورهم إلي جنوب ليبيا.
وتابع العم النور حديثه لـ(الدار) قائلاً : ظل ابني الضحية (قصي) مكافحاً ومناضلاً ومجاهداً في حياته العملية، وذلك من أجل توفير لقمة عيش كريم لنا خاصة بعد إصابتي بـ(القرحة) والتي طلب مني بعدها البقاء في المنزل، وعدم الخروج منه للعمل نهائياً متكفلاً هو بكل المصاريف، وبما أن حالتي الصحية لم تكن تسمح لي بالعمل استجبت لهذا النداء الإنساني، وبدأ هو حياته العملية قاطعاً دراسته حتي يتمكن أشقائه من الاستمرارية في مراحلهم الدراسية المختلفة، ويبلغ عدد أسرتنا (١٠) أشخاص، بالإضافة إلي أنه كان يتكفل بـ(بنت يتيمة) قمنا بتربيتها بعد أن توفي والدها وتركها وحيدة تقالب الظروف الإقتصادية والإنسانية المحيطة بها آنذاك، وتولي (قصي) الإنفاق عليها إلي أن تزوجت والحمدلله، المهم أنه في بداية انخراطه في الحياة العملية عمل في بيع الصحف السيارة في الأماكن العامة، وبعد أن قضي فترة فيها قرر الهجرة إلي (ليبيا) وأمضي فيها ثمانية سنوات ثم توجه منها إلي (النيجر) التي اختطف منها، حيث أكد أن الخاطفين لم يطاردوا من هربوا من الشباب السودانيين لحظة القبض على من وقعوا مأسورين في يد المجموعة الليبية المسلحة، ولم يكن يعتقدون أن فترة الاسر ستطول باعتبار أن الخاطفين سوف يرسلون مندوباً عنهم طلباً لـ(فدية)، ولكن المجموعة الليبية المسلحة لم تفعل ذلك نهائياً وخيبت ظنهم جميعاً خاصة وأن عملية الاختطاف سبقها السؤال عنهم، وتمثل في من هم السودانيين الأقرب للنظام الحاكم في الخرطوم من الشباب العاملين في مجال التعدين عن الذهب؟ وكان الرد بأن أبناء ولاية الجزيرة الواقعة وسط السودان أقرب للحكومة السودانية من حيث الموقع الجغرافي، وهذا السؤال يشير إلي أن الخاطفين الليبيين خططوا ودبروا لتنفيذ عملية الخطف بصورة دقيقة جداً للتأثير علي أهالي المخطوفين والمساومة بالمتهمين في جريمة القتل البشعة التي حدثت في شقة (شمبات) الشهيرة، والتي وردنا في إطارها أن والد المتهم الليبي الرئيسي في القضية (محمود) سوف يصل السودان.
ومضي : ابني عندما تم اختطافه كان في طريقه إلي الخرطوم وكان أن تواصل معي عبر تطبيق (الواتساب) مؤكداً عودته للسودان في شهر نوفمبر من العام ٢٠١٨م، مما جعل الفرحة تغمرني ومن ثم بشرت والدته وأشقائه على أساس أنه ظل غائباً عنا ما يربو عن الثمانية سنوات وعندما تأخر عن الموعد الذي حدده تخالجني إحساس لم يجول بخاطري من قبل و لم أكن مطمئناً لما يجري معه، مما قادني للاتصال بشقيقه الأصغر (عدي) الذي لحق به قريباً، والذي بدوره اخبرني بإختطاف (قصي) وآخرين في الساعات الأولي من الصباح، فلم أتمالك نفسي مما طرق اذني فقلت في قرارة نفسي : (لا حولة ولا قوة إلا بالله)، ثم وجهت له سؤالاً مفاده لماذا لم تخطرني في لحظة حدوث الاختطاف؟ قال : كنا نتوقع أن تطلب المجموعة الليبية المسلحة (فدية) مقابل إطلاق سراحهم بحسب ما درجوا في مثل حالات مشابهة ، إذ يقوم على إثرها السودانيون المقيمين بليبيا بجمع المبلغ المحدد وتسليمه للخاطفين لإخلاء سبيل من هم في قبضتهم، إلا أن ذلك لم يحدث إلي أن ظهر مقطع الفيديو المؤثر الأول ثم بث آخراً بعد أسبوع، وعندما تلقيت الخبر المفاجئ كنت محتاراً في كيفية تبليغ والدته بما احل بأبنها إلا أنه لم يكن أمامي بداً سوي أن اخبرها، لذا هيأتها في بادىء الأمر قبل أن يطرق اذنها الخبر الصادم جداً، عموماً نحن الآن نركن للحزن لا نذوق طعماً للأكل ونسهر الليالي في انتظار خبر مفرح يزيل قلقنا وخوفنا على أبنائنا الذين يواجهون مصير مجهول خاصة وأننا لا علم لنا بأسباب اعتقالهم.
وأضاف : إما شقيقه الأصغر (عدي) الناجي من الاختطاف فقد (جمد) دراسته في الصف الثالث، وسافر إلي شقيقه (قصي) لإحضاره من النيجر إلي السودان، وذلك بعد أن مر علي سفره (8) سنوات ، ومنذ أن تلقينا خبر حجزه (كرهينة) ها نحن نقف مكتوفي الأيدي دون أن نجد حلاً يمنح أبنائنا الحرية، ويجعلهم يعودون إلي أحضاننا، فنحن لا نملك إلا أن ندعو المولي عز وجل أن يفرج كربتهم، ولكن رغماً عما أشرت له فإن الأمل مازال معقوداً حيث تم تكوين لجنة لمتابعة أمر الرهائن السودانيين مع السلطات الرسمية، وهذه اللجنة التقت بنائب الدائرة بالبرلمان، الذي بدوره وجه باللجوء إلي لجنة حقوق الإنسان، كما إننا التقينا بالسيد معتمد محلية (المناقل)، والذي بدوره وعدنا بأن يبذل قصاري جهده من أجل إيصال صوتنا للسلطات في رئاسة الولاية والمركز، وأنه سيعمل كل ما بوسعه للوقوف مع أبناء محليته المأسورين في ليبيا.
وقال ناجي من الاختطاف : إن مواطناً من مدينة (الكفرة) الليبية حضر إلي مناجم الذهب (كلمنجة) ووجه سؤالاً هل هنالك سوداني تربطه صلة بأي مسؤولين في الحكومة السودانية لمساعدته في فك أسر ابنه الذي يدعي (محمود) الذي يواجه تهمة القتل العمد في الخرطوم علي خلفية جريمة قتل بشعة شهدتها شقة تقع في منطقة شمبات شمال مدينة الخرطوم بحري وتصل التهمة الموجهة إلي ابنه حد الاعدام شنقاً حتي الموت وهو الان مودع في احد السجون السودانية إلا أنه وجد شباباً سودانيين بسطاء يتخذون التجارة والتنقيب عن الذهب عشوائياً عملاً لهم.
واسترسل : ونفس ذلك الليبي الذي يبدو عليه أنه ينتمي إلي قبائل (التبو) توجه في اليوم التالي مباشرة إلى مكان إقامة السودانيين واصطحب معه شاباً سودانياً إلي جهة مجهولة ومر علي اقتياد ذلك الشاب السوداني أسبوعاً من تاريخه ثم جاء ذات الرجل الليبي بعد ذلك ترافقه مجموعة ليبية مدججة بالأسلحة الخفيفة والثقيلة فقاموا باختطاف شباباً سودانيين آخرين.
وبالانتقال إلي قصة الشاب المخطوف محمد عبدالباقي نجد أنه شد الرحال إلي مناطق التعدين عن الذهب بالحدود الليبية قبل أن يبلغ من العمر العشرين عاماً، وهو يعتبر أكبر أشقائه والعائل الأوحد لأسرته المكونة من (١٠) أشخاص، هاجر بحثاً عن سبل حياة معيشية كريمة في ظل ظروف اقتصادية قاهرة يدرس على خلفيتها بعضاً من أشقائه في مراحل تعليمية مختلفة.
وقالت أسرته : منذ صغره كان مهموماً بالأوضاع الاقتصادية لأسرته حيث عمل في مجال بيع (الصحف) السودانية بالخرطوم ثم عمل سائقاً لـ(ركشة) إلا أن هذه المهن لم تكن تسد العجز المالي لأسرته مما حدا به أن يهاجر إلي ليبيا بعد أن تدهورت أحوالنا الاقتصادية، الأمر الذي حدا به الاقدام على هذه الخطوة بالرغم مما تشهده ليبيا من أوضاعاً أمنية غير مستقرة، وذلك منذ أن تمت الإطاحة بالرئيس الراحل (معمر القذافي) إلا أن بحثه عن الحل لم يترك له فرصة للتفكير في خطورة المكان، وما يمكن أن يوول إليه مصيره في المستقبل، فليس أمامه حلاً غير أن يبحث عن طوق للنجاة من (الفقر).
التحق (محمد) بأبناء منطقته الذين ينقبون عن الذهب في منجم (كلمنجة) الواقع علي الحدود المثلثة ليبيا وتشاد والنيجر إذ بدأ مشوار الأغتراب بالعمل في أحد المحلات التجارية، وما بين الفينة والآخرى يتسلل إلي منطقة (الكفرة) الليبية لإحضار بعض البضائع، وكان (محمد) قد أطل على مشهد الرأي العام برفقة (8) من الشباب الذين تعود جذورهم لولاية الجزيرة وسط السودان، وهم مقيدين بالسلاسل والأغلال الحديدية، ويظهر خلفهم أفراد من المجموعة الليبية المسلحة بالبزات العسكرية، ويحملون في ذات الوقت أسلحة (خفيفة) و(ثقيلة).
ويعتبر الشاب سيف الدين محمد بدوي الابن الوحيد في أسرته، حيث أنه سافر إلي ليبيا باحثاً عن أوضاع اقتصادية أفضل تسهل لشقيقاته الأناث مواصلة دراستهن، ومع هذا وذاك لم يكن يدري أن مصيره سيكون مبنياً على المجهول، ويقع ضحية للمجموعة الليبية المسلحة.
وناشد أهالي الضحايا الخاطفين مؤكدين بأن أبنائهم ليس لهم ذنباً فيما جري، فهم جميعاً أجبرتهم الظروف الاقتصادية على السفر إلي ليبيا بعد أن كانوا يعملون في بعض المهن البسيطة في السودان، وقد شدوا الرحال إلي ليبيا من أجل مساعدة أسرهم والتكفل بنفقات تعليم أشقائهم.
فيما تشير المعلومات إلي أن الرهائن الثمانية المحتجزون هم : محمد عبد الباقي مرجي قرية (أم حجار) المكاشفي محلية الجاموسي، قصي النور علي آدم (أم حجار المكاشفي)، عابدين عباس محمد موسى قرية (الياس) محلية المناقل، بلال الطريفي سراج (حلة بشير) محلية 24 القرشي، سيف الدين محمد بدوي قرية (أم دغينة الركابية)، حمزة الفضل قرية (الشويرف)، بابكر عبد المطلب كوكو قرشي قرية (غنيوة) محلية القرشي، يوسف المسلمي قرية (الشويرف).
من جانبها حرصت المجموعة الليبية المسلحة على تصوير الرهائن السودانيين في مقاطع فيديوهات أثناء تعذيبها لهم في منطقة صحراوية قاحلة مع حراسة مشددة من قبل بعض المسلحين، ثم منحوا كل شاباً من أولئك الشباب فرصة لمناشدة الحكومة السودانية من أجل الاسراع بفك أسرهم، ووضحوا في ذلك الفيديو أسمائهم والمناطق التي ينحدرون منها ويلقون باللائمة على قنصل السودان بالعاصمة الليبية (طرابلس) لعدم الاستجابة لاتصالاتهم به في بادئ الأمر، علماً بأن المجموعة الليبية المسلحة لم تطلب (فدية) نظير إطلاق سراح المعتقلين السودانيين، وبعد مرور أسبوع علي بث الجناة مقطعهم الأول نشروا آخراً يرتفع من خلاله عدد الضحايا من (7) إلي (8) أشخاص يتعرضون للتعذيب والضرب، فضلاً عن إجبارهم على الركض في الكثبان الرملية، مع إطلاق أعيرة نارية في الهواء.