قالت
الحكومة الاتحادية في بيان في الساعات الأولى من الصباح إن المظاهرات
السلمية التي شهدها عدد من الولايات انحرفت عن مسارها وتحولت بعمل المندسين
إلى نشاط تخريبي استهدف المؤسسات والممتلكات العامة والخاصة بالحرق
والتدمير، وترحمت على ضحايا الاحتجاجات.
وأوضح بيان للناطق الرسمي
باسم الحكومة وزير الإعلام بشارة جمعة – حسب (السوداني) – أن (عدة مناطق
بالبلاد شهدت أمس الأول وأمس مظاهرات احتجاجاً من المواطنين على الأوضاع
الاقتصادية والمعيشية تعاملت معها قوات الشرطة والأمن بصورة حضارية دون
كبحها أو اعتراضها بحكم أن المواطنين يمارسون حقاً دستورياً مكفولاً لهم
بحكم أن الأزمة معلومة للحكومة وتعمل على معالجتها).
وتابع البيان
(لكن المظاهرات السلمية انحرفت عن مسارها وتحولت بعمل المندسين إلى نشاط
تخريبي استهدف المؤسسات والممتلكات العامة والخاصة بالحرق والتدمير، وهاجم
وحرق البعض مقار الشرطة، وبرزت بعض الجهات السياسية في محاولة لاستغلال هذه
الأوضاع لزعزعة الأمن والاستقرار تحقيقاً لأجندتهم السياسية وهو الأمر
الذي وضح جلياً في بياناتهم المنشورة).
وأكد البيان على دور الحكومة
في توفير السلع والخدمات ومعالجة أزمة الوقود والخبز وقد اتخذت قراراً
باستمرار دعم الدقيق وتثبيت سعر قطعة الخبز للمواطن، وجهودها متصلة لمعالجة
جذرية لكافة القضايا). وأضاف البيان أن التخريب والاعتداء على الممتلكات
وإثارة الذعر والفوضى العامة أمر مرفوض ومستهجن ومخالف لصريح القانون، وشدد
على أن (الحكومة لن تتسامح مع ممارسات التخريب ولن تتهاون في حسم أي فوضى
أو انتهاك للقانون). ودعا الأسر والمواطنين لمزيد من اليقظة والانتباه
والايجابية، وتابع البيان (الرحمة والمغفرة للضحايا وصادق العزاء لأسرهم).
تواصلت
الاحتجاجات الجماهيرية على ارتفاع الأسعار وانعدام الخبز لليوم الثاني على
التوالي أمس، وانتظمت أكثر من (10) مدن ، فيما شملت عدداً من مناطق
التجمعات بولاية الخرطوم. وشهدت القضارف وسنار ودنقلا وكريمة والخرطوم وأم
درمان وبربر والدامر والباوقة احتجاجات، وهاجم المتظاهرون في كريمة قسم
الشرطة ووقعت مواجهات.
وامتدت التظاهرات إلى وسط العاصمة الخرطوم،
قُدر عدد المشاركين فيها بالمئات، طالبوا خلالها بتحسين الأوضاع
الاقتصادية، وتدخلت الشرطة لتفريق المتظاهرين بعد إشعالهم النيران في بعض
الشوارع الرئيسة.
وأحرق المحتجون في القضارف أحد مقار المؤتمر الوطني قرب السوق، كما تم إحراق 3 سيارات حكومية إحداها تابعة للشرطة.
وفي
دنقلا أضرم المتظاهرون النار في مباني أمانة الحكومة وأحرقوها بالكامل.
وتمددت الاحتجاجات في نهر النيل إلى مناطق شمال عطبرة وصلت حتى منطقة
(الباوقة)، حيث أغلق السوق الرئيسي وعمت حالة من الشلل التام وأصدر والي
الولاية حاتم الوسيلة السماني قراراً بفرض حظر التجول من السادسة مساء وحتى
السادسة صباحاً في مدينة الدامر.
وأعلنت لجنة أمن ولاية القضارف في
بيان أصدرته عقب اجتماع لها ترأسه نائب الوالي محمد نور حظر التجوال في
المدينة من السادسة والنصف مساء إلى الرابعة والنصف صباحاً،
واستنكرت
اللجنة وأدانت التخريب الذي طال العديد من المنشآت في المدينة، وأعلنت عن
مواصلة اجتماعاتها بصورة مكثفة للتقصي وحصر الخسائر.
وقال مراسل
الصيحة بالقضارف عمار الضو إن الخسائر الأولية قدرت بنحو (300) مليون جنيه
وأن تخريباً شاملاً طال مصارف الجزيرة والخرطوم وأن تدميراً لحق ببنك
السودان وبنك فيصل وامتد إلى محلية ريفي وسط القضارف وهيئة مياه الولاية
ومقر المؤتمر الوطني ببلدية القضارف وأسواق محاصيل الولاية وعدد من مخازن
السمسم والذرة ومكتب تنظيم السوق بجانب عدد من المواقع التجارية المميزة
ومركز صحي حي الناظر وطلمبة النيل للبترول، كما أضرمت النار في أكثر من 70
عربة من بينها (42) عربة كانت محتجزة بورشة سوق المحصول لعرضها في المزاد
مشيراً إلى إصابة نحو 42 مواطناً جراء الاحتجاجات.
وأفاد عمار أنه لم يصدر حتى الآن بيان من حكومة ولاية القضارف بشأن استمرارية الدراسة أو تعلقيها.
وأكد
نائب دائرة الدامر في البرلمان أحمد الطيب مشروعية مطالب الأهالي، لكنه
ندد بأعمال التخريب التي تطال ممتلكات الدولة وشدد في ذات الوقت على رفضه
أن تكون تلك التصرفات ذريعة لضرب المواطنين.
بدوره قال نائب دائرة
دنقلا في البرلمان العضو المستقل أبو القاسم برطم أنه يقف مع مواطني دنقلا
في مقدمة الصفوف للمطالبة بحقوقهم المشروعة بالقانون والدستور مناشداً
المتظاهرين بتفويت الفرصة على المندسين والخونة داخل الصفوف من الانتهازيين
والمنتفعين وممارسة حقهم الدستوري بالتظاهر السلمي بدون الإضرار بأي
ممتلكات حكومية أو شخصية.
كما طالب النائب المستقل بالبرلمان عن
دائرة الفشقة بالقضارف مبارك النوربحسب صحيفة الصيحة الصادرة يوم الجمعة
طالب المتظاهرين بضبط النفس وعدم الجنوح للتخريب، مبيناً أنه يقف مع كل
مطالبهم المشروعة.
إلى ذلك أعلن مجلس عمداء جامعة سنار تعليق الدراسة
في كل الكيات عدا كليات كركوج إلى أجل غير مسمى بعد التظاهرات التي شهدتها
المدينة.
أصدرو
وزارة التربية والتعليم بولاية الخرطوم قراراً بتعليق الدراسة فى جميع
مدارس الولاية، “الثانوية والأساس ورياض الأطفال” بالمنهجين الوطني
والأجنبي اعتباراً من يوم الأحد 2018/12/23 إلى حين إشعار آخر.
وكانت
تظاهرات قد عمت عدد من مدن السودان، إحتجاجاً على شح الخبز وزيادة أسعاره،
صاحبتها أزمة في الوقود والسيولة، أدت إلى غضب وتذمر في أوساط الشارع
السوداني.
وقد تسببت التظاهرات في مقتل نحو 10 أشخاص، بحسب إحصائيات
أولية، حرق مقار المؤتمر الوطني بكل من عطبرة ودنقلا، وحرق بعض مباني
حكومية، وبعض التلفيات والنهب في ممتلكات المواطنين خاصة بالقضارف.
قال شهود ومسؤولون إن محتجا واحدا على الأقل قتل في شرق السودان مع خروج
مئات المتظاهرين إلى الشوارع بالعاصمة الخرطوم وانتشار المظاهرات ضد ارتفاع
الأسعار في أنحاء البلاد يوم الخميس.
وقال مبارك النور نائب
البرلمان عن مدينة القضارف إن طالبا توفي خلال احتجاجات شابتها أعمال عنف
في المدينة. وفي وقت لاحق، أطلقت الشرطة في الخرطوم الغاز المسيل للدموع
على نحو 500 شخص كان بعضهم يهتفون للإطاحة بالحكومة.
محتوى دعائي
وفي
مدينة دنقلا إلى الشمال، قال شهود إن محتجين أضرموا النار في مكاتب تابعة
لحزب المؤتمر الوطني الحاكم الذي يتزعمه الرئيس عمر البشير. وفي عطبرة إلى
الشمال الشرقي، خرج محتجون ملثمون للاحتجاج لليوم الثاني وهم يرددون ”حرية“
وفقا لمقطع فيديو. وأضرمت النيران أيضا في إطارات السيارات.
وازداد الغضب الشعبي بسبب ارتفاع الأسعار والتضخم وغيرهما من المصاعب خاصة مضاعفة تكلفة الخبز هذا العام ووضع حدود للسحب من البنوك.
وتضرر
اقتصاد السودان بشدة عند انفصال الجنوب في عام 2011 وهو ما أدى إلى فقدانه
ثلاثة أرباع إنتاجه النفطي الذي يعد مصدرا أساسيا للنقد الأجنبي.
ورفعت
الولايات المتحدة في العام الماضي عقوبات تجارية كانت مفروضة على السودان
منذ 20 عاما. لكن المستثمرين يحجمون عن دخول السودان الذي لا يزال مدرجا
لدى واشنطن كبلد راع للإرهاب ورئيسها مطلوب لدى المحكمة الجنائية الدولية
في تهم بتدبير إبادة جماعية في إقليم دارفور. وينفي البشير التهم.
ووقعت
أعمال العنف الأخيرة في عطبرة يوم الأربعاء حيث أعلنت السلطات المحلية
حالة الطوارئ بعدما أضرم محتجون النار في مقر الحزب الحاكم هناك.
إعداد معاذ عبدالعزيز للنشرة العربية – تحرير أحمد حسن
توقَّف
مساء الخميس، كل من تطبيق واتساب وموقع فيسبوك عن العمل لدى مستخدميه في
السودان وذلك بحسب إفادات من محرري ومراسلو صحيفة كوش نيوز بالخرطوم وعدد
من الولايات السودانية.
وقد أدى هذا العطل المفاجئ إلى توقف إجراء أي
عملية بتطبيق واتساب،كما تعثر الدخول تماماً لموقع فيسبوك أو المسنجر، حتى
لحظة تحرير الخبر (الدقائق الأولى من صباح الجمعة).
وتساءل الكثير
من الناس عن أسباب التوقف، ويتوقع البعض أن السبب قد يكون وفق إجراء
إحترازي من الحكومة السودانية، بعد الإحتجاجات التي شهدتها مدن سودانية
مختلفة ضد الغلاء.
وقد إتسعت الاحتجاجات في السودان يوم الخميس، في
اليوم الثاني على اندلاعها في مدينة عطبرة شمالي البلاد، لتشمل العاصمة
الخرطوم ودنقلا وبربر وسِنار والقضارف، وكريمة، وعدد من المدن الصغيرة
الأخرى، وشهدت العاصمة الخرطوم مساء الخرطوم تسلل بعض المخربين للتظاهرات
السلمية وقاموا بتهشيم سيارات المواطنين وحصبها بالحجارة بحسب شهود عيان
تحدثوا لكوش نيوز، بالإضافة لحرق وتدمير عدد من المباني الحكومية في مدن
سودانية مختلفة.
وإعتباراً من مساء الأربعاء الماضي رفعت القوات
الأمنية في السودان درجة الإستعداد والتأهب لمواجهة أثار الغضب الشعبي
والتظاهرت التي إندلعت في العديد من المدن السودانية يوم الأربعاء وتواصلت
يوم الخميس بسبب الأزمة الإقتصادية التي تشهدها البلاد من غلاء في الأسعار
وشح في الخبز والمحروقات، وكانت أعنفها في مدينة عطبرة شمالي السودان فيما
شملت مدن اخرى مثل مدني، وبورتسودان، دنقلا، والقضارف.
ويعاني
السودان من أزمات في الخبز وشح في المحروقات التي تحظى بدعم حكومي كبير
وكذلك صعوبة في الحصول على النقد من المصارف، مما شكل معاناة كبيرة
للمواطنين، وخرج سكان العديد من المدن السودانية في تظاهرات وإحتجاجات ضد
الغلاء يومي الأربعاء والخميس.
افرزت السياسات الاقتصادية الخاطئة المتبعة منذ سنوات الكثير من الظواهر السالبة المستوجبة الحسم سريعاً من قبل السلطات المختصة وإيقاع أقسي العقوبات في مواجهة بعض الشركات والتجار الذين تسببوا في موجة الغلاء الفاحش الذي تشهده البلاد، والذي اطلت في ظله ظاهرة المعاملات بـ(كسر) الشيكات المصرفية بـ(الكاش)، وهي ظاهرة في غاية الخطورة وبالرغم من خطورتها لم تجد مسئولاً واحداً يدينها، ومع هذا وذاك يمثل من ينتهجها دور الذي يلج إلي المعاملات (الربوية) المندرجة في ظاهرة شراء الصكوك المصرفية نظير (السيولة) وذلك من أجل تحقيق أرباح في دقائق معدودة، أي أنهم استفادوا من انعدام الثقة بين العملاء والبنوك بسبب عدم صرفهم لأموالهم المودعة في المصارف، الأمر الذي جعل البعض يجد ضالته في هذا الاتجاه المخيف، فلا وازع ديني يردع ولا رقابة تحسم الفوضي، وبالتالي أصبحوا يستغلون الظروف الاقتصادية الراهنة ويطوعونها لصالحهم بما يمتلكونه من مبالغ مالية (كاش) لا يتم توظيفها لمصلحة العامة إنما توظف لصالح أشخاص يلجأون لاستخدامها في (الربا) والذي هو حرم قطعاً لقوله سبحانه وتعالى في محكم تنزيله : (يا أيها الذين أمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إِن كنتم موْمنين فإِن لم تفعلوا فَأذَنوا بحَرب من اللهِ ورسوله وإِن تبتم فلكم رءوس أَموالكم لَا تظلمون ولا تظلمون).
ومما أشرت إليه فإن ظاهرة شراء الصكوك بـ(الكاش) بالزيادة عن المبلغ المدون فيها يعتبر (ربا)، لذا تقع مسئولية مكافحتها على عاتق الجميع، وأن عدم حسمها فيه سخط وغضب وعقاب من المولي عز وجل، لذلك يجب أن لا تأخذنا في الحق لومة لائم، وأن تتم المحاسبة بدلاً من التصريحات المحبطة للمواطن المغلوب على أمره، والذي ظل صابراً على الإبتلاء سنوات وسنوات دون أن تكافئة الحكومة على ذلك الصبر، بل رفعت الدعم عن سلع استراتيجية وحررت السوق الذي أصبح عبارة عن (فوضي)، فكل من (هب) و(دب) يقرر السعر الذي يتناسب معه، الشعب السوداني لا يملك إلا أن يتضرع بالدعاء لله أن يزيل عنه هذا البلاء، وإن المستفيد من ظاهرة (كسر) الشيكات بـ(الكاش) قلة.
إما ظاهرة بعض الشركات مثل شركة (دال) الغذائية فهي أيضاً ظاهرة خطيرة حيث أنها تفاجىء المستهلك لمنتجاتها بزيادات ما بين الفينة والاخري دون أن تضع لها مساحيق أو رتوش، وإذا سألت صاحب المحل التجاري لماذا هذه الزيادة الجديدة؟ يرد عليك من خلال منشور تدفع به هذه الشركة أو تلك، وذلك كلما رفعت أسعار منتجاتها الغذائية، وكأنها سلطة بعيداً عن الحكومة التي عجزت عن كبح جماح ارتفاع الأسعار في الأسواق، فالزيادات تقرها بعض الشركات المنتجة بصورة كبيرة تفوق دون أدني شك حدود إمكانيات (محمد أحمد الغلبان)، والذي أصبح (محبطاً) جراء هذا الواقع الاقتصادي المذري، فالزيادات تفوق حسابات التضخم لدي الفقراء، فهي زيادات مستمرة منذ أن كان سعر الدولار في السوق الموازي (45) جنيهاً، وذلك في بداية العام 2018م، إما اليوم فهو سعره متارجح ما بين الـ(70) جنيهاً وما فوق، أي أن سعره أقل من الـ(100%)، فيما نجد أن الزيادت في السلع تزيد بنسبة تفوق سعر الدولار في السوق الموازي، ما يؤكد أنه لا علاقة للزيادات الشبه يومية بـ(الدولار) أو أي عملة أجنبية اخري، إنما الزيادات ناتجة عن جشع وطمع بعض الشركات والتجار الذين يستغلون الظروف الاقتصادية القاهرة التي تمر بها البلاد منذ سنوات خلت، أي أن كل (شركة) أو (تاجر) يبحث عن الكسب السريع بأي صورة من الصور مشروعة أو غير مشروعة، وليس مهماً من أين يأتي المواطن البسيط بالمال، مع العلم أنه تنتظره (فواتير) كثيرة، فهو كلما مزق واحدة منها تفاجأ في صباح اليوم التالي بعدد اخر منها يصطحبه ضمن جدول اعماله اليومي، والغريب في الأمر أن كل (شركة) أو (تاجر) يمثل دور الضحية الذي ليس بيده الحل، يرمي بالائمة على الحكومة والحكومة عجزت من غيجاد حلول ناجزة، فلا توجد دولة في العالم تترك أمر الأسعار لـ(لشركات) و(التجار) الذين يرفعون الأسعار بصورة ليست منطقية، إذ يجد المستهلك نفسه مضطراً للشراء، لأنه لديه أطفالاً ينتظرونه ولا يعرفون كلمة (ظروف)، بالإضافة إلي أن النظام الحاكم في البلاد لا يريد أن يضع حداً لذلك (السرطان) الذي استشري في السوق دون رقابة من أجهزة الدولة المختصة، والتي تصرف مرتباتها مقابل خدمتها للمواطن، وبما أنها لا تفعل قطعاً سيستمر الوضع على ما هو عليه دون أمل في إصلاح اقتصادي بصدمة (معتز موسي) أو خلافها.
لهذا السبب رفض والدي امتهاني الغناء والباشكاتب زاد من شهرتي
...................
رعايتي لوالدي غيبتني عن الحركة الفنية في ثمانينات القرن الماضي
..................
جلس إليها سراج النعيم
.................
رحلت الفنانة الكبيرة (أم بلينة السنوسي حمدان) بعد صراع مرير مع المرض تاركة خلفها أغنيات خالدة في وجدان الشعب السوداني الذي ردد معها مقطع (كان القرشي شهيدنا الأول) في ملحمة اوبريت (قصة ثورة) التي صاغ كلماتها الشاعر هاشم صديق ووضع لها الألحان الموسيقار محمد الأمين، وبما أنها صوت نسائي مميز استطاعت أن تبرز بصور لافتة، بعد أن ثابرت وجاهدت وكافحت من أجل أن تجد مقعداً مع كبار الفنانين، إلي جانب أنها شكلت ثنائية مع المخرجة التلفزيونية (فاطمة عيسي) كأول ثنائية غنائية نسائية في العام 1962م باسم (ثنائي كردفان) إلا أن المخرجة الراحلة (فاطمة عيسي) اعتزلت الغناء وواصلت تحصيلها الأكاديمي إلي أن أصبحت مخرجة تلفزيونية شهيرة وقد صدحت مع الراحلة (أم بلينة) علي المسرح القومي ولكن للأسف لا يوجد تسجيل صوتي لها، إما الصوت الذي صاحب صوت (أم بلينة) في تسجيلات الإذاعة السودانية فهو صوت الفنانة الراحلة (مريم آدم).
وتعتبر من فنانات الزمن الجميل، الذين تحدين ظروف المجتمع السوداني المحافظ آنذاك من أجل إيصال إبداعهن حيث استطاعت تحقيق أمنيتها بالصبر الذي نقشت في إطاره اسمها ضمن قائمة كبار الفنانين والفنانات، واختارت في نهاية ثمانينات القرن الماضي أن تشد الرحال عائدة إلي مسقط رأسها رغماً عن تسليط الأضواء عليها، وظلت في مدينة الأبيض حاضرة ولاية شمال كردفان إلي أن تزوجت، ثم انجبت ابنيها (حمدان) و(سليمان)، بالإضافة إلي أنها انتجت العديد من الأغنيات الخاصة أبرزها أغنية (وداد) التي يقول مطلعها
نحن حافظين لودادك لودداك
وما بنطيق ابداً بعادك
رحلت كروانة الغناء (أم بلينه السنوسي) بعد أن أسست لنفسها مدرسة غنائية عاطفية، حماسية ووطنية، نعم انتقلت إلى الرفيق الأعلى مساء الخميس 13ديسمبر 2018م تاركة إرثاً خالداً وسيرة طيبة عطرة، رحمها الله بقدر عطاءها الثر وتقبلها القبول الحسن.
أين كان الميلاد والنشأة؟
ولدت في مدينة (النهود) التي اشتهر سكانها بالحكمة والغناء الشعبي، ثم درست الأولية بها ثم التحقت بفرقة (فنون كردفان)، ومازلت صغيرة السن، وكان تعهد برعايتي الأستاذين (أحمد محمد هارون) و(جمعة جابر) وأعضاء الفرقة الكردفانية، ومن خلالها أبرزت موهبتي ونميتها بمدينة الأبيض بـ(أغاني البنات)، وذلك بمصاحبة (الدلوكة) في المناسبات، وكانت فرقة (فنون كردفان) كبيرة حيث جبت معهم كل ربوع البلاد تقريباً، وذلك في عهد الرئيس الراحل (عبود)، بعدها تركت الدراسة وواصلت مسيرتي الغنائية بالخرطوم وقد ساعدني في ذلك محمد طلعت فريد الذي كان وقتئذ وزير الاستعلامات والعمل وكان أن قدمني الإعلامي عمر عثمان علي خشبة المسرح القومي مؤكداً انني معجزة القرن العشرين.
أين ذهبت الفنانة فاطمة عيسي بعد الثنائية بينكما؟
جاءت إلي الخرطوم واستقرت فيها، وتركت الغناء نسبة إلي أن والدها شيخاً، وواصلت دراستها إلي أن أصبحت مخرجة في التلفزيون، إما أنا فقد واصلت الغناء.
ماذا عن نشاطك مع فرقة (فنون كردفان)؟
التحاقي بها أتاح لي فرصة الالتقاء بالراحل (إبراهيم موسى أبا) و(فاطمة عيسى)، وفيها تم تدريبي بشكل مكثف إلي أن أصبحت من الأصوات النسائية التي يشار لها بالبنان، وخلال مشواري الفني غنيت العديد من الأغنيات التي وجدت حظها من الانتشار في (ستينيات) و(سبعينيات) القرن الماضي منها على سبيل المثال (أرحموني يا ناس) كلمات أحمد محمد هارون و(سعيد) كلمات عوض جبريل، وألحان الموسيقار الراحل علاء الدين حمزة.
متي كان ظهورك في الحركة الفنية؟
اطليت على المشهد الفني في البلاد في مهرجان المديريات بالمسرح القومي في العام 1961م ضمن مجموعة من المبدعين وقد حزت على المرتبة الأول، إلا إنني لم أكن أعي خطورة الانتماء للحركة الفنية، فأنا بدأت الغناء صغيرة، ولكن عندما تجاوزت تلك السن أصبحت أُقيم ما يجري من حولي، بعد أن أضحيت بين خيارين إما أن أتحمل ما يوضع أمامي من متاريس أو أن أترك الغناء نهائياً، والذي وضعني في هذا الموضع هو رفض أسرتي الاستمرارية في الغناء، وثانياً نظرة المجتمع للفتاة التي تمتهن الغناء، وبالرغم مما ذهبت إليه إلا إن عشقي للغناء ومساندة الزملاء لي بتقديم النصح تحملت وصمدت.
من مِن الفنانين تأثرت بهم وشكلت أغانيهم مسيرتك الفنية؟
تأثرت بأغاني الرواد أمثال صلاح بن البادية، إبراهيم عوض، محمد وردي وغنيت عدداً من أغانيهم.
ماذا عن البيئة التي نشأتي وترعرتي فيها؟
لعب مسقط رأسي دوراً ريادياً في أن أمزج بين أغنيات الوسط وأغاني الغرب أسوة بمن ينحدرون من غرب السودان كردفان ودارفور.
ما الأغنية التي شاركتي بها في مهرجان (فنون كردفان) في العام 1970م؟
أغنية (خطابك الجاني) كلمات الشاعر خليفة الصادق وألحان الموسيقار الراحل علاء الدين حمزة، وقد استفدت
كثيراً من معاصرتي للفنانة العملاقة (عائشة الفلاتية) في مسيرتها الغنائية وتبرز حالة احترامها لفنها وغنائها، وهو السبب الذي جعلها واحدة من أصوات الغناء النسائية التي يحترمها الجميع.
ماذا عن ظهورك في الحركة الفنية مع المطربة (فاطمة عيسي)؟
شكلت في العام 1961م ثنائية مع الزميلة (فاطمة عيسى) بعد إقناع أسرتها بالغناء (كثنائي) حيث كنا ضمن فرقة (فنون كردفان) وكنا أول ثنائي نسائي في الساحة الفنية باسم (ثنائي الكردفاني)، بعدها نصحني بعض الإخوة بأن أغني لوحدي وأنسى مسألة الثنائي تماماً إذا كنت أبحث عن الشهرة.
ماذا فعلتي بعد اعتزال الفنانة فاطمة عيسى للغناء في العام 1969م؟
واصلت مسيرتي الغنائية وأجزت صوتي بالإذاعة السودانية في العام 1970م كفنانة منفردة بواسطة أساتذة لهم باع كبير في عالم الفن، وذلك بعد أن أمضيت ستة أشهر من المعاناة في الذهاب والإياب.
هل سجلتي للإذاعة أغنية من أغانيك الخاصة بصورة رسمية؟
نعم فقد سجلت أغنية تحمل عنوان (وداد) كلمات الشاعر السر محمد عوض وألحان الموسيقار الراحل علاء الدين حمزة، وكانت الامتحانات للأصوات الجديدة تتم عبر عدد من الأساتذة، و صوتي تمت إجازته مع الدكتور الفنان عثمان مصطفى.
من أشتهر من أعضاء فرقة (فنون كردفان )؟
كثيرون هم من أشتهروا وعلي رأسهم إبراهيم موسى أبا، وصديق عباس لهما الرحمة، وبعدي أشتهر كل من الدكتور الفنان عبد القادر سالم والفنان عبد الرحمن عبد الله الشهير بـ(بلوم الغرب).
من هم الشعراء الذين تعاملتي معهم في تلك الفترة؟
تعاملت مع عدد كبير من الشعراء في أغنيات (طيبتو محبباه) من تأليف الشاعر الكبير اسحق الحلنقي، و(مع الأشواق) كلمات الشاعر تاج السر عباس والحان محمد سليمان المزارع، هي الأغنية التي رددتها من بعدي بعض الأصوات النسائية.
ماذا عن مشاركتك في أوبريت ملحمة (قصة ثورة) الشهير في العام 1968م؟
شاركت في ذلك الاوبريت الذي قدمناه أمام الرئيس الراحل إسماعيل الأزهري، وذلك في إحتفالات ذكرى ثورة أكتوبر المجيدة في العام 1964م، وهو من كلمات الشاعر هاشم صديق والحان الموسيقار محمد الأمين الذي اختارني للمشاركة فيه إلي جانب خليل إسماعيل، عثمان مصطفى وقمت بأداء مقطع (كان القرشي شهيدنا الأول)، المقطع الذي قمت بادائه عدة مرات إلي أن اقنعت الموسيقار الفنان محمد الأمين به، وبدأت القصة حينما تعرفت على الفنان محمد الأمين وأبو عركي البخيت من خلال برنامج (رسائل المديريات) في ستينات القرن الماضي، إذ كنا نعرف بعضنا البعض كأسماء فقط، وعندما استقر الموسيقار محمد الأمين في حي (بانت) بمدينة امدرمان كان منزله بمثابة نادي لكل الفنانين والموسيقيين والشعراء والملحنين، كان تتم فيه ورش لأعمال موسيقية جديدة، وأي فنان أو فنانة لديه عمل جديد وكنت استمع بدون تعليق نسبة إلي انني ليس لدي إلمام كبير بما يدور، ومن هذا المنطلق استفدت منهم كثيراً، وقد خرجت من تلك الورشة أعمال فنية خالدة أشهرها أغنية (الموعد) و(الملحمة)، وأتذكر أن الشاعر هاشم صديق جاء إلي الفنان محمد الأمين الذي كان مقيماً بالقرب منه، وكان أن دفع له بقصيدة (قصة ثورة) التي شرع الأخير في وضع الألحان لها، وقد تدرب الفنان بهاء الدين ابوشلة على مقطع (والشارع سال وغضب الأمة اتفجر نار)، فيما ردد الدكتور عثمان مصطفى (وسال الدم في أرض الوادي)، بينما غني الفنان الراحل خليل إسماعيل (وكان في الخطوة بنلقى شهيد بدمو بنكتب عهد جديد)، وكان ابواللمين يختار المقاطع لهذا الفنان أو ذاك، ولم يتبقي سوي مقطع (وكان القرشي شهيدنا الأول)، الذي حفظته تقريباً فما كان مني إلا واقتربت من الباشكاتب وقلت له : مقطع (وكان القرشي شهيدنا الأول) عجبني شديد وأرغب في ترديده، فسألني : (بتقدري)؟ قلت : أحاول، ثم بدأ في العزف على آلة (العود)، وكان أن غنيت المقطع، وما أن انتهيت منه إلا وقام بوضع آلة العود على الكرسي وخرج إلي الشارع، ثم عاد موجهاً خطابه لي : (كدي غنيهو تاني)، وكان أن فعلت، ثم أردف : تعالي المساء عندنا بروفة وحأوريك رأيي النهائي، وعندما حضرت للبروفة طلب مني أن أغني المقطع، وكان أن غنيته في حضرة الأستاذ موسى محمد إبراهيم الذي وزع الملحمة، وعند الانتهاء من المقطع سأله الباشكاتب عن رأيه في ادائي له ؟ فرد عليه قائلاً : (ما في أحسن من كده، وطوالي تثبت صوتي في السلم المفروض أدخل فيهو)، وهذا الاختيار جعلني في غاية السعادة، وكان أن قدمناه بالمسرح القومي لأول مرة، وفي مركز حكومة الزعيم الراحل إسماعيل الأزهري في العام 1968م، وكان أن حازت (الملحمة) علي رضا الجمهور، وبالذات مقطع (وكان القرشي شهيدنا الأول)، بعد تم تكريم الموسيقار محمد الأمين الذي كان يعاني من إشكالية النظر فتم تسفيره إلي (لندن) لتلقي العلاج، إما المرة الثانية التي قدمنا فيها (الملحمة) كان ذلك في عهد الرئيس الراحل المشير جعفر نميري.
ما الإضافة التي اضافتها لك المشاركة في الملحمة؟
كانت دافعاً كبيراً بالنسبة لي ووضعتني مع كبار الفنانين، وزادت من شهرتي في الحركتين الثقافية والفنية كصوت نسائي باعتبار أنها نادرة في المجال الغنائي في البلاد، والملحمة من الأعمال الفنية النادرة جداً، وبالتالي من الصعب تكرارها، لأنها تمثل مرجعاً للزمن الجميل.
ما الإشكاليات التي واجهتك في بداية انخراطك في الوسط الفني؟
واجهتني الكثير من العقبات والمتاريس، إذ رفضت أسرتي ممثلة في والدي امتهاني للغناء رفضاً باتاً خاصة وإنني انضممت للحركة الفنية في وقت لم يكن في الساحة الفنية أصوات نسائية بالمفهوم العميق أو تكاد تكون شبه منعدمة فقد جاءت إطلالتي في المشهد الفني بعد (عائشة الفلاتية)، (مني الخير) و(مهلة العبادية) وذلك في ستينيات القرن الماضي، والذي بعده بسنوات ظهرت في الساحة الغنائية أصوات نسائية جديدة مثل المطربات (زينب الحويرص)، (سمية حسن) و(البلابل) وغيرهن.
ما هي أسباب غيابك عن الساحة الفنية طوال السنوات الماضية؟
غيابي عن ممارسة الغناء في الخرطوم يعود إلي استقراري بمدينة الأبيض حاضرة ولاية شمال كردفان من أجل رعاية والدي وذلك منذ ثمانينيات القرن الماضي.