الفاتح حسين : زواجي
من الدكتورة مها بخيت السبب في معرفتي بالحوت
......................
قصة الموسيقار الروسي
الشهير ميخائيل مع الفنان الراحل محمود عبدالعزيز
.......................
جلس إليه : سراج النعيم
.............................
عبر الدكتور الموسيقار
الفاتح حسين عن عميق حزنه لرحيل صديقه فنان الشباب محمود عبدالعزيز الذي ربطته به علاقة
قوية توجها بالبوم غنائي حمل عنوان (سكت الرباب) الذي وزعه وأنتجه في روسيا.
قال : بدأت قصتي
مع الحوت كما يحلو لجمهوره في العام 1982م، حيث استمعت له من خلال شريط وقع في يدي
بحي الديم بالخرطوم، فلفت نظري أداءه الجميل جداً، ولم أكن أعرف من هو صاحب الصوت،
فسألت الموسيقيين المقيمين معي بالمنزل من هذا الفنان؟ فقالوا : إنه فنان شاب اسمه
محمود عبدالعزيز، ويمارس نشاطه من مركز شباب الخرطوم بحري، المهم أن صوته ظل يرن في
أذني نسبة إلي أن أدائه كان ملفتاً للنظر ومتميز جداً، وأصبحت علي هذا النحو اسمع شريطه
بصورة مستمرة، وإلي تلك اللحظة لم التق به، باعتبار أنني كنت مشغولاً بالعزف مع الفنان
الموسيقار محمد الأمين.
متى استطعت الالتقاء
بالراحل محمود عبدالعزيز؟
قال : في العام
1988م تزوجت من الدكتورة مها بخيت، فانتقلت للإقامة بحي المزاد بالخرطوم بحري علي مقربة
من منزل الفنان الراحل محمود عبدالعزيز دون أن الم بهذه المعلومة، وصادف في يوم من
تلك الأيام أنني هيأت نفسي للنوم، فسمعت فناناً تعزف خلفه فرقة موسيقية مميزة، فلم
أتمالك نفسي فارتديت ملابسي وخرجت بحثاً عن مصدر صوت الساون، وعندما وصلت وجدتها ليست
بالبعيدة عن منزلي، وكان أن وقفت خلف صيوان مناسبة الزواج مستمعاً للفنان الراحل محمود
عبدالعزيز الذي كان يغني آنذاك الوقت أغنية ذائعة الصيت (جاي تفتش الماضي) للفنان كمال
ترباس، وظللت واقفاً إلي أن انتهي من أداء الأغنية، ولكن أكثر ما دهشت له حجم الحوت
الصغير والصوت الكبير، فعندما كنت استمع له عبر الكاسيت تخيلت أنه إنساناً ضخماً جداً،
ومنذ ذلك الوقت قررت أن يكون بيني وبينه عمل مشترك، فأحضره لي جاري بالحي في منزلي،
وكان أن دار بيني وبينه حواراً مطولاً، وأكدت له من خلال ذلك الحوار أنني استمع لك
منذ ثمانينيات القرن الماضي لذلك أتمني أن ننتج ألبوماً غنائياً في السودان، إلا أنني
بعد مرور عامين من تاريخه شددت الرحال إلي روسيا بغرض الدراسة، وهناك لحنت أغنيات بحس
الفنان الراحل محمود عبدالعزيز وساعدني في الفكرة الدكتور وجدي كامل السينمائي المعروف
الذي كان يكتب لي النصوص الغنائية وتسجيل الأعمال في استديو بروسيا، وبعد ذلك عدت إلي
السودان وقابلت الفنان الراحل محمود عبدالعزيز، وعرضت عليه الأغاني فرحب بالفكرة وقال
: (ما في أي مشكلة)، وبعد الموافقة أصبحت لدي إشكالية في إقناع شركة حصاد للإنتاج الفني
باعتبار أنها تنتج الألبومات للفنانين الكبار فقط، ولكن استطعت أن أقنع صديقي أحمد
يوسف بالفكرة للسفر إلي روسيا لإنتاج الألبوم بمصاحبة موسيقيين روس وسافرنا شخصي ومحمود
عبدالعزيز إلي القاهرة التي التقينا فيها بالموسيقار يوسف الموصلي الذي أصر علي أن
ينتج البوم للحوت، وبعد الإنتهاء من هذه المرحلة غادرنا من هناك إلي روسيا التي بدأنا
فيها البروفات مع الفرقة الموسيقية الروسية التي التقينا فيها بالموسيقار يوسف الموصلي
الذي أصر علي أن ينتج البوم للحوت، وبعد الإنتهاء من هذه المرحلة غادرنا من هناك إلي
روسيا التي جمعت فيها الموسيقيين الروسيين منذ الوهلة الأولي من أجل أن اعرفهم بالفنان
محمود عبدالعزيز، وكان أن دار حوار حول الخامة الصوتية للفنان الراحل محمود عبدالعزيز
الذي غني في تلك الجلسة وكان أن اندهش الموسيقيين الروس من الإمكانيات الصوتية المهولة
التي تميز بها الحوت والتي أنقسم علي أثرها الروس إلي قسمين قسم يطالب بالاستفادة من
وجودي في موسكو وأسجله طالباً في الأكاديمية الموسيقية الروسية من أجل أن يدرس الصوت
حتى يصقل موهبته بالعلم، أما القسم الثاني من الموسيقيين الروس فرؤيتهم أن لا يتلقي
علماً موسيقياً لأنه إذا فعل ربما يفقد موهبته فالدراسة الموسيقية قد تقيده، ودار نقاش
أثناء التسجيل حول صوت الفنان الراحل محمود عبدالعزيز من قبل مهندسي الصوت بالاستديو
الروسي، فهناك مهندس الصوت (مكسيم) الذي درس موسيقي وهو من شجعني علي أن أكون طالباً
بالجامعة الأكاديمية الروسية وهو يدرس هندسة الصوت، أي أنه يدرس معي كل التخصصات الأخرى
ولا نختلف إلا في أنني أدرس آلة الجيتار، فيما يدرس هو هندسة الصوت، ورغماً عن ذلك
كان مندهشاً من الخامة الصوتية التي يمتلكها الحوت، وكان يقول : (هذا الشاب يمتلك صوت
جميل)، وكنت أترجم للفنان الراحل محمود عبدالعزيز انطباعات الروس أولاً بأول.
ماذا حدث بعد ذلك؟
قال : عندما سافرنا
إلي روسيا كان ذلك في شهر يناير، وهو توقيت شتوي في موسكو، فكان الجليد يتساقط بكثافة
شديدة، ما أدي ذلك الجو بالتأثيرعلي صوت الحوت علي أساس أن الجو جديد عليه، وبالرغم
من ذلك التغيير دخلنا الاستديو للتسجيل، وأثناء ما كان يغني قال لي مهندس الصوت الروسي
: (لا يجب أن نسجل للفنان الشاب محمود اليوم لأنه لم يغن كما غني أمس)، وكان أن نقلت
وجهة نظره للحوت علي أن نأتي يوماً آخرا للتسجيل، فسألني لماذا؟ فقلت : مهندس الصوت
الروسي قال إن صوتك فيه بعض التغيرات، فقال : لماذا يتدخل الروس في عملنا، فقلت له
: يا محمود المهندس الروسي معجب بصوتك جداً، وبالتالي يريد منك أن تخرج للناس الصوت
الأجمل، وأردفت : يا عزيزي نحن لسنا علي عجالة من أمرنا ، ما عليك إلا أن ترتاح يوم
أو يومين، ثم نعود لمواصلة التسجيل، وكان أن استجاب لرغبة مهندس الصوت الروسي بعد أن
مر علي ذلك يومين عدنا إلي تكملة إنتاج الألبوم.
ما هي الأغنية التي
بدأتم بها تسجيل الألبوم؟
قال : بدأنا بأغنية
(خلي العيش حرام)، وأثناء التسجيل لدي صديق موزع روسي اسمه (ميخائيل) مشهور جداً علي
مستوي روسيا جاء إلي الاستديو، فوجدنا نسجل في الأغنية سالفة الذكر، فقال لي : (من
الإستحالة أن أصدق أن هذا الفنان من السودان)؟ فقلت : يا أستاذ ميخائيل في السودان
لدينا مثله كثر، ثم سألته ما هو تعليقك علي صوت الفنان محمود عبدالعزيز؟ فقال : (لأول
مرة اسمع فنان صوته كآلة موسيقية)، وهذا التعبير عميق جداً، فالآلة الموسيقية حينما
تكون موزونة تصدر نغم جميل جداً، وعليه فأن صوت الحوت كان موزوناً، حتى أن ميخائيل
قال : يا الفاتح عندما تعود من السودان أرجو أن تحضر معك الفنان محمود عبدالعزيز إلي
روسيا مرة ثانية، ومعه عشرين أغنية علي الأقل تكون ملحنه بدون توزيع موسيقى أي أنها
الحان خام، فأنا هنا سأقوم بتوزيعها موسيقياً لأنني أود أن أنتج له اسطوانة (CD) أوزعها في أوروبا أكثر من السودان، وبالتالي سأتكفل بكل نفقات الرحلة
من السودان إلي روسيا، وكان يضرب لي مثال بالفنان الشاب خالد الجزائري بأن انتشاره
جاء عبر الاسطوانات الـ(CD) التي تم بيعها في
أوروبا في الأول قبل موطنه الجزائر، وفعلاً جئت للسودان ومن المطار إلي الفنان الراحل
محمود عبدالعزيز في منزله بحي المزاد مباشرة، وبعد أن ألقيت عليه التحية أوصلت له رسالة
ميخائيل الموسيقي الروسي الشهير، فلم يصدق الحوت ما أوصلته له من رسالة حملني إليها
الموسيقار الروسي ميخائيل باعتبار أن محمود يعرفه من خلال السفرية التي رافقني فيها
إلي روسيا لتسجيل ألبومه الذي حمل عنوان (سكت الرباب)، وكان سعيداً بالفكرة إلا أن
ارتباطاته الفنية في السودان وقفت حائلاً بينه والسفر إلي موسكو إلي أن انتهت إجازتي
وعدت إلي روسيا لمواصلة الدراسة، وما أن وصلت إلي هناك إلا ووجدت الموسيقار الروسي
الشهير ميخائيل في إنتظار الفنان الشاب محمود عبدالعزيز، فتفاجأ بأنه لم يأت معي، فأحبط
جداً، فقلت له : الحوت لديه ارتباطات كثيرة في السودان لذلك لم يتمكن من تلبية دعوتك
له، ولكن دعنا نبرمج له في وقت آخر.
كيف تنظر إلي تجربة
الفنان الراحل محمود عبدالعزيز معك في موسكو؟
قال : التجربة كانت
تجربة كبيرة ولم تكن سهلة بأي حال من الأحوال تعرف من خلالها علي الفن الروسي حيث أنه
زار الكثير من المسارح بالعاصمة (موسكو)، كما أننا أقمنا حفلات هناك كانت ناجحة بكل
المقاييس، ثم عدت إلي السودان وبحكم أن محمود جاري كنا نتناقش في تجربة البوم (سكت
الرباب) في العام 2010م، فاتفقنا أن ننفذ الألبوم الذي جمعني به في حفل جماهيري بعد
أن نجري بروفات مكثفة للأعمال التي ضمها الألبوم، ولم يغن منه إلا أغنية (شذي الأيام)،
فبقيت النصوص الغنائية مكتوبة بالنوتة الموسيقية لذلك من الصعب أن يتم عزفها بالتلقين،
وكانت الفكرة أن نغنى الأغاني عبر النوتة الموسيقية التي كتبتها في موسكو، فاستفدنا
من كورال كلية الموسيقي والدراما في تنفيذ الألبوم علي أن يكون الفنان محمود عبدالعزيز
(الصول صت) أي الفنان الرئيسي، ومنذ ذلك الوقت أترجم تلك الأغاني علي أرض الواقع إلا
أنه دخل في نكسة المرض الذي أسعف وفقه إلي مستشفي رويال كير بالخرطوم، ثم نقل إلي مستشفي
إبن الهيثم الأردني، ورغماً عن ذلك إصر إصرار شديد علي تنفيذ البوم (سكت الرباب) الذي
اتفقت معي في إطاره قناة النيل الأزرق علي إنتاجه حيث أننا سجلناه في الاستديو عبر
كورال كلية الموسيقي والدراما بدون صوت الفنان الراحل محمود عبدالعزيز كلمسة وفاء له،
ولكن للأسف الشديد كان الصوت غير جميل، لذلك قررنا إعادة تسجيله مرة آخري لكن لم نحدد
له وقتاً بعينه.
ما هو التعليق الذي
قاله الموسيقار يوسف الموصلي عن الحوت؟
قال : لم يكن الموصلي
الذي درسنا في الكلية يعرف الفنان الراحل محمود عبدالعزيز، وكنا نقدم عرض بفرقة السمندل
بقاعة الصداقة في ثمانينيات القرن الماضي، وكان محمود صغير في الحجم والسن فجاء لنا
في المسرح فطلبت من يوسف الموصلي بإصرار شديد أن يغني الحوت مع الفرقة أغنية إلا أن
الموصلي لم يكن مقتنع بالفكرة علي أساس أنه لأول مرة يلتقي بالفنان الشاب محمود عبدالعزيز
المهم بإصراري استطعت إقناعه، فغني أغنية (في ربيع الحب كنا) للفنان الراحل سيد خليفة
فأداها بصورة جميلة جداً حتى أن يوسف الموصلي هنأ محمود عبدالعزيز علي شكل الأداء.