المختصر/
وصفت صحيفة الخليج الامن القومي العربي بعد العدوان علي استهدف السودان
بانه اصبح "مكشوف ومستباح" ، مضيفة أنه يمكن لإسرائيل العبث به واختراقه
إما من خلال العدوان المباشر، وإما من خلال شبكات التخريب والاغتيال.
وتساءلت الصحيفة: ألم يدرك العرب بعد أن إسرائيل لا تفرق بين
بلد عربي وآخر وليس مهما أن يكون قريبا منها أو بعيدا، وأن كل العرب
بالنسبة إليها أعداء ويشكلون تهديدا لأمنها ووجودها بشكل أو بآخر؟!.
وتابعت، ألم يدرك العرب أيضًا أن عدوا بهذه المواصفات يستوجب
منهم حدًا أدنى من التنسيق الأمني والعسكري، ووضع ما يلزم من خطط لمواجهته.
المخططات الإسرائيلية على السودان – رؤى حول المواجهة والتصدي | |||||||||||||||||||||||
اقام مركز الراصد للدراسات السياسية والاستراتيجية في 28 مارس2012 ندوة
بعنوان : المخططات الإسرائيلية على السودان – رؤى حول المواجهة والتصدي.
يتحدث فيها:
1. د.جمال عبد الرحمن رستم- باحث.
2. أ. محمد الحسن الفاضل – باحث بمركز الراصد
مشاركون:
(1) د. عبد الملك موسى الفادني
(2) أ. بدر الدين بخيت
(3) أ. تهاني عبد الكريم عمر
(4) أ. الزاكي الطيب الزاكي
(5) أ. ايناس أبو حسن
(6) أ. أبي عز الدين
أدار الجلسة: د. ياسر أبّو حسن أبّو
أهم محاور النقاش :
• المخططات الإسرائيلية على السودان بدأت منذ الخمسينات من القرن الماضي
فجاء ذكرها في أحاديث ديفيد بن غوريون مؤسس دولة إسرائيل. وحتى في أحاديث
دوايت ايزنهاور رئيس أمريكا السابق.
• بدأ الإهتمام الفعلي منذ قمة الخرطوم في عام 1967، التي عرفت باللآت
الثلاث "لا تفاوض، لا تصالح، لا اعتراف" حيث أيقنت إسرائيل أنه لولا هذه
القمة ما توحد العرب ضدها واعتبرتها أنجح قمة للعرب، حيث خرجت بمخرجات كان
لها أثر كبير في الصراع العربي الإسرائيلي.
• جاءت حرب الأيام الستة بين اسرائيل ومصر والتي دعم فيها السودان الموقف
المصري، كواحدة من الأسباب، التي قادت اسرائيل للاهتمام اكثر بالسودان
باعتباره عمق استراتيجي لمصر.
• فمنذ ذلك الوقت بدأ الخبراء والباحثين الإسرائيليين في أعداد المخططات
لإضعاف السودان. حيث أوضح العميد موشي فرجي مدير الأمن الداخلي الإسرائيلي
السابق في كتابه "إسرائيل وحركة تحرير جنوب السودان" الذي صدر في عام 2003م
عن مركز ديان لأبحاث الشرق الأوسط وإفريقيا بجامعة تل أبيب، مسيرة هذه
المخططات منذ البداية.
• أدركت إسرائيل منذ وقت مبكر أن الاقليات الموجودة في المنطقة العربية
يمكن أن تكون حليفاً طبيعياً لها، واعتمدت مخططاتها على سياسة فرق تسد.
• يرى المفكرون الإسرائيليون أنّ خارطة السودان عبارة عن أقليات ولا يوجد
تاريخ واحد يجمعها، وأنّ الوحدة العربية عبارة عن خرافة، والنتيجة لذلك أن
تكون لكل قومية دولة خاصة بها وتصبح إسرائيل إحدى الدول القومية في
المنطقة.
• قسمت إسرائيل الدول إلى دول طوق ودول محيط، ودول الطوق أو المواجهة لها
هي "مصر وسوريا والاردن ولبنان" أما دول المحيط فهي "تركيا وإيران والعراق
والسودان والسعودية وليبيا".
• تركز إسرائيل على الجماعات غير العربية في السودان لتنفيذ مخططها في "الجنوب وغرب السودان" وتقوم بتقديم الدعم لهم.
• ترى إسرائيل إن المجتمع السوداني عبارة عن مجموعات عرقية وأقليات لا يجمعها تاريخ مشترك فسعت لإختراقه.
• يهدف المخطط الإسرائيلي في السودان إلى تقسيم السودان إلى دويلات متعددة
وتغيير معالمه، وانشأئها على أساس عرقي وطائفي ومذهبي، وحددت للسودان خمسة
دويلات بالشمال والجنوب والشرق والغرب وجبال النوبة.
• إنتهت المرحلة الأولى من تقسيم السودان بفصل الجنوب، والآن بدأت المرحلة
الثانية من المخطط الإسرائيلي لتقسيم السودان، فبحسب الوثائق الإسرائيلية،
إن هذه المرحلة تعتمد على صناعة الفوضى الخلاقة كسيناريو جديد في جميع
أطراف السودان لفصل دارفور وجبال النوبة ثم الشرق، وتقوم هذه المرحلة على
الآتي:
1. استقلال ضعف الاقتصاد السوداني بعد خروج النفط.
2. الإستفادة من تأثيرات الحصار الإقتصادي والغلاء العالمي وارتفاع الاسعار.
3. استغلال الجماعات والأفكار المتطرفة في تشويه صورة السياسة السودانية التي تتبنى الشريعة في الحكم.
• ويهدف هذا المخطط لاستقلال هذه العوامل لتصل البلاد إلى حافة الغلاء
المستحكم ثم بالحاجة تعم كل انحاء السودان ثم الانهيار، ومخطط اشعال الحروب
والتمرد بمناطق النزاع وقد بدأت بالفعل "جنوب كردفان والنيل الأزرق
واستمرار التوتر في دارفور".
• وجود إسرائيل في دارفور عبر الحركات المسلحة غير مستقبلي والدعم بالأسلحة
المتطورة غير ممكن، لأن تجربة إسرائيل في تمليك قوة إسلامية أسلحة لتنفيذ
أجندتها فشلت، وتهدد أمنها أكثر من أن تحقق مكاسب لها، والدليل نظام صدام
حسين وحرب الفاو، وضرب النظام الايراني، وإعاقة تقدمه أصبح بعد ذلك مهدداً
لها.
• هنالك عدد من المخططات الإسرائيلية في السودان هى:
1. انفصال الجنوب عن الشمال، وقد حدث.
2. انفصال دارفور عن السودان وهو تحت التنفيذ.
3. السيطرة على مياه النيل.
4. احداث شرخ في مكونات المجتمع السوداني .
5. إثارة التوترات والصراعات بين الطوائف الدينية.
6. إحياء الفتنة بين شمال السودان وجنوب جديد فيه، وخلق جماعات لها نفس المطالب التي تم بها انفصال دولة جنوب السودان.
• ذكر موقع "دبيكا" الإسرائيلي نقلاً عن مصادر استخباراتية إفريقية أنّ
المخططات الإسرائيلية ضد السودان تجد مساندة من أمريكا وفرنسا وذلك عبر
محطاتها الاستخباراتية في تشاد وجيبوتي وذلك بهدف خلق كيانات انفصالية في
داخل السودان بالتعاون مع دول الجوار غير العربية. وأن هذا المخطط يعمل على
تفكيك السلطة في الخرطوم عبر عملاء داخليين وحركات متمردة.
• أن تعامل إسرائيل وأمريكا مع قضايا السودان دائماً يكون عن طريق تحقيق الربح والخسارة.
اهداف اسرائيل من المخططات:
1. اضعاف السودان حتى لا يصبح قوة تشكل تهديداً بالمنطقة.
2. وقف المد العربي والإسلامي إلى إفريقيا.
3. عدم استقرار السودان يعني عدم الاستقرار في مصر.
4. تهديد الأمن العربي والمصري بصفة خاصة.
5. السيطرة على منابع النيل.
6. شغل مصر عن القضية الفلسطينية، وذلك عبر تقديم مساعدات عسكرية لدول المنبع حتى تصبح مصر منشغلة بهم.
7. تشكيل المنطقة على أساس عرقي وقبلي حتى تجد إسرائيل لها مكان معهم.
• إسرائيل ترى أنّ السودان الآن يمثل مهدداً أمنياً خطيراً بالنسبة لها،
لإحتضانه حركة حماس، واعتقادها أنّ السودان يقوم بتصدير السلاح إلى غزة من
إيران عبر اراضيه.
• المخطط الحقيقي لإسرائيل تحجيم الدور السوداني الذي ترى أنّ له مشروعاً
أيضاً كما لها، وأنّ المشروعان متضادان ولا يتفقان، ومن ثقافته دعم
الجماعات الإسلامية التي تمثل تهديداً وعدواً لاسرائيل.
• السودان دخل دائرة الإستهداف الإسرائيلي، في ظروف باتت أوضاعه كوطن
مفتوحة على اتجاهات عديدة، وأنّ إسرائيل الآن تستطيع ضرب أي منطقة في
السودان بحجة تهديد الأمن الإسرائيلي.
• تهدف المخططات الإسرائيلية إلى قتل النموذج الإسلامي في السودان حتى لا يطبق في أي بلد آخر.
هنالك إتجاهان للسودان للتصدي لإسرائيل:
الإتجاه الاول:-
1. تصعيد الصراع السياسي والقانوني والدبلوماسي ضد إسرائيل لوقف الهجوم على السودان في الأمم في المتحدة.
2. توسيع التعبئة الداخلية في السودان والسعي لإحداث حالة تعبئة للرأي العام العربي ضد إسرائيل.
الإتجاه الثاني:-
1. عدم مواجهة إسرائيل لتجنب فتح جبهة صراع مباشر معها، حتى لا يتيح للوبي
الصهيوني في الولايات المتحدة فرصة لزيادة الضغط على السودان.
ماذا تريد اسرائيل من السودان؟
الأهداف الاسرائيلية:
1. تحقيق حلمها ومخططها الذي صار بعيداَ، في اقامة دولتها من النيل إلى الفرات.
2. إضعاف والقضاء على الأطراف التي لم تطبع معها وما زالت تناهضها العداء في المحيط العربي والاسلامي.
|
في سياق التصعيد الاسرائيلي المستمر في مواجهة حركة حماس من جهة والقدرات النووية الايرانية
وقد التزمت القيادة المدنية والعسكرية في اسرائيل كعادتها عند القيام بمثل هذه الغارات بالصمت التام وعدم التحدث إما تأكيدا أو نفيا. ولعل توقيت وهدف هذه الغارة الاسرائيلية يطرح العديد من التساؤلات حول أبعادها ودلالاتها ولاسيما في مرحلة ما بعد الربيع العربي؟!
إذا نظرنا إلي الحدث في إطار حرب اسرائيل الخفية في منطقة الشرق الأوسط ومحاولاتها الدؤوبة احتواء التهديدات الايرانية والفلسطينية وحتي المصرية في مرحلة ما بعد مبارك لوجدنا أن المنهج الاسرائيلي واحد ولم يتغير. ففي عام2009 استهدفت المقاتلات الاسرائيلية قافلة من المركبات شمال شرقي السودان بحجة أنها كانت تنقل أسلحة إلي حركة حماس في قطاع غزة. وقد تكررت نفس الغارة في أبريل عام2011 حينما استهدفت المقاتلات الاسرائيلية أيضا عربات شحن سودانية في منطقة بورتسودان.
وطبقا لبعض المصادر الاستخباراتية فإن اسرائيل استخدمت في غارتها الأخيرة ثماني مقاتلات من بينها طائرتان هليكوبتر وطائرة تموين من الجو وأخري محملة بجنود الكوماندز وذلك للإنقاذ في حالة تعرض إحدي الطائرات للأذي. وأحسب أن تنفيذ الغارة بهذه الدقة الكبيرة وذلك بعد طيران مسافة(1900 كم) عبر البحر الأحمر لتجنب المرور في الأجواء المصرية واستخدام أدوات ذات تقنية عالية للتشويش حتي يصعب علي السودان اكتشافها إنما يبعث بالعديد من الرسائل سواء لبعض الأطراف خارج إسرائيل أو للداخل الاسرائيلي نفسه.
أولا: يمكن من خلال القراءة الأولي لهذه الغارة الخلوص إلي أنها تمثل درسا اسرائيليا لإيران. فالمسافة بين تل أبيب وطهران هي بلا شك أقل من تلك المسافة بين تل أبيب والخرطوم. يعني ذلك أن القدرات النووية الايرانية ليست بعيدة عن مرمي الآلة العسكرية الاسرائيلية. ليس هذا فحسب وإنما تري اسرائيل دائما أن العلاقات الايرانية السودانية والتي تم توثيقها عام2008 في شكل اتفاقية عسكرية بين البلدين تمثل خطرا علي الجنوب الإسرائيلي. فالسودان وفقا للرواية الاسرائيلية يمثل إحدي المحطات المهمة لتهريب الأسلحة إلي قطاع غزة ابتداء من ميناء بندر عباس الايراني وانتهاء بصحراء سيناء التي تعاني من انفلات أمني واضح.
ثانيا: أثبتت هذه الغارة أن النظام العربي مازال متمسكا بسياسة الصمت وعدم التحرك. ويبدو أن مرحلة ما بعد ثورات الربيع العربي لم تستطع تغيير هذا المنحني الفكري العربي في مواجهة الآلة العسكرية الاسرائيلية الطاغية, وعليه فقد ترك الأمر للسودان للتعامل معه بمعرفته حتي ولو من خلال الاعلان رمزيا عن احتفاظه بحق الرد أو اللجوء إلي مجلس الأمن الدولي طلبا للإدانة وليس إلي الجامعة العربية التي يلتزم أعضاؤها باتفاقية للدفاع المشترك. ولعل مكمن الخطر هنا يتمثل في التهديد المباشر للأمن القومي العربي. فالصومال خضعت لعملية تدويل واضحة حيث لا تزال تحتلها جيوش خمس دول إفريقية في إطار حالة من فقدان الوعي العربي, كما أن السودان الذي فقد نصفه الجنوبي ويصارع من أجل الحفاظ علي أطرافه القلقة والملتهبة أصبح هدفا مستباحا لحروب اسرائيل غير المعلنة في محيطها الجغرافي والاستراتيجي.
ثالثا: علي الرغم من الادانة المصرية- علي مستوي الرئاسة والحكومة- للغارة الاسرائيلية علي الخرطوم, فإن أحد الدلالات المهمة تتمثل في محاولة اسرائيل إظهار مدي تناقض الدبلوماسية المصرية بعد الثورة. فقد جاءت الغارة بعد كشف اسرائيل عن خطاب الرئيس مرسي البروتوكولي لنظيره الاسرائيلي بمناسبة تعيين سفير مصري جديد في تل أبيب. وهو ما يعني أن موقف الرفض والشجب المصري لا يتفق مع عمق العلاقة الرسمية بين مصر واسرائيل. ومن جهة أخري تحاول اسرائيل دوما اظهار أن شبه جزيرة سيناء تمثل حلقة ضعف أمني واستراتيجي تهدد حدودها وهو ما يعطيها الحق في اتخاذ الاجراءات المناسبة لحماية أمنها القومي.
وإذا أخذنا في الحسبان أيضا اعتبارات الداخل الاسرائيلية وأجواء الانتخابات المقبلة فإنه يمكن وضع هذه الغارة الاسرائيلية في سياق حسابات اليمين بزعامة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الذي عادة ما يجد سندا انتخابيا قويا في ظل أجواء التهديد والحرب وانتهاج سياسات إسرائيلية تصعيدية ضد أخطار الداخل والخارج علي السواء.
ويمكن بعد فهم هذه الدلالات الواضحة للعدوان الاسرائيلي علي السودان الإجابة علي سؤال ماذا تريد اسرائيل من السودان بشكل عام؟. لا شك أن السودان تمثل ومنذ البداية نقطة ارتكاز مهمة في التفكير الاستراتيجي الاسرائيلي باعتبارها العمق الاستراتيجي لمصر وبحسبانها من دول أطراف النظام الاقليمي العربي. فثمة استراتيجية إسرائيلية معروفة تتمثل في شد وتفكيك أطراف النظام العربي. ولعل السودان تمثل نموذجا مثاليا في هذا الصدد. فقد دأبت اسرائيل علي القيام بدور نشط في دعم حركات التمرد في جنوب السودان حتي تحقق له الانفصال. كما أنها تحاول جاهدة تفكيك ما تبقي من الدولة السودانية لإعادة رسم خريطة منطقة القرن الأفريقي وشرق أفريقيا بشكل عام بما يخدم مصالحها الاستراتيجية.
إن إحدي دلالات الغارة الاسرائيلية علي السودان والمسكوت عنها تتمثل في تحطيم القدرات العسكرية لنظام البشير ولاسيما قدرته علي تحقيق الاكتفاء الذاتي من تصنيع الأسلحة, وهو ما يخفف ولو بشكل غير مباشر العبء عن دولة الجنوب ومتمردي دارفور. ويعني ذلك أن اسرائيل في غارتها علي السودان قد أصابت أكثر من عصفور بحجر واحد. فهل نفهم نحن العرب هذه المعاني والرسائل الإسرائيلية من خلال الغارة الأخيرة علي الخرطوم؟
لا شك أن الموقف المصري لا بد وأن يؤكد علي حرمة التراب الوطني السوداني قولا وفعلا, وهو ما يعني ضرورة التنسيق الأمني والاستراتيجي بين كل من القاهرة والخرطوم وإعادة النظر من قبل القيادة السودانية في اتفاقها مع ايران. فالسودان يستطيع أن يخرج من ضيق العزلة الأمريكية والأوروبية الظالمة إلي سعة مصر المحروسة وبالمقابل تمثل سودان وادي النيل السند والظهير لمصر الثورة.