الأحد، 4 نوفمبر 2012

استهداف السودان يجعل الأمن القومي العربي مكشوف ومستباح



المختصر/ وصفت صحيفة الخليج  الامن القومي العربي بعد العدوان علي استهدف السودان بانه اصبح "مكشوف ومستباح" ، مضيفة أنه يمكن لإسرائيل العبث به واختراقه إما من خلال العدوان المباشر، وإما من خلال شبكات التخريب والاغتيال.
وتساءلت الصحيفة: ألم يدرك العرب بعد أن إسرائيل لا تفرق بين بلد عربي وآخر وليس مهما أن يكون قريبا منها أو بعيدا، وأن كل العرب بالنسبة إليها أعداء ويشكلون تهديدا لأمنها ووجودها بشكل أو بآخر؟!.
وتابعت، ألم يدرك العرب أيضًا أن عدوا بهذه المواصفات يستوجب منهم حدًا أدنى من التنسيق الأمني والعسكري، ووضع ما يلزم من خطط لمواجهته.
المخططات الإسرائيلية على السودان – رؤى حول المواجهة والتصدي
اقام مركز الراصد للدراسات السياسية والاستراتيجية في 28 مارس2012 ندوة بعنوان : المخططات الإسرائيلية على السودان – رؤى حول المواجهة والتصدي.
يتحدث فيها:
1. د.جمال عبد الرحمن رستم- باحث.
2. أ. محمد الحسن الفاضل – باحث بمركز الراصد
مشاركون:
(1) د. عبد الملك موسى الفادني
(2) أ. بدر الدين بخيت
(3) أ. تهاني عبد الكريم عمر
(4) أ. الزاكي الطيب الزاكي
(5) أ. ايناس أبو حسن
(6) أ. أبي عز الدين
أدار الجلسة: د. ياسر أبّو حسن أبّو
أهم محاور النقاش :
• المخططات الإسرائيلية على السودان بدأت منذ الخمسينات من القرن الماضي فجاء ذكرها في أحاديث ديفيد بن غوريون مؤسس دولة إسرائيل. وحتى في أحاديث دوايت ايزنهاور رئيس أمريكا السابق.
• بدأ الإهتمام الفعلي منذ قمة الخرطوم في عام 1967، التي عرفت باللآت الثلاث "لا تفاوض، لا تصالح، لا اعتراف" حيث أيقنت إسرائيل أنه لولا هذه القمة ما توحد العرب ضدها واعتبرتها أنجح قمة للعرب، حيث خرجت بمخرجات كان لها أثر كبير في الصراع العربي الإسرائيلي.
• جاءت حرب الأيام الستة بين اسرائيل ومصر والتي دعم فيها السودان الموقف المصري، كواحدة من الأسباب، التي قادت اسرائيل للاهتمام اكثر بالسودان باعتباره عمق استراتيجي لمصر.
• فمنذ ذلك الوقت بدأ الخبراء والباحثين الإسرائيليين في أعداد المخططات لإضعاف السودان. حيث أوضح العميد موشي فرجي مدير الأمن الداخلي الإسرائيلي السابق في كتابه "إسرائيل وحركة تحرير جنوب السودان" الذي صدر في عام 2003م عن مركز ديان لأبحاث الشرق الأوسط وإفريقيا بجامعة تل أبيب، مسيرة هذه المخططات منذ البداية.
• أدركت إسرائيل منذ وقت مبكر أن الاقليات الموجودة في المنطقة العربية يمكن أن تكون حليفاً طبيعياً لها، واعتمدت مخططاتها على سياسة فرق تسد.
• يرى المفكرون الإسرائيليون أنّ خارطة السودان عبارة عن أقليات ولا يوجد تاريخ واحد يجمعها، وأنّ الوحدة العربية عبارة عن خرافة، والنتيجة لذلك أن تكون لكل قومية دولة خاصة بها وتصبح إسرائيل إحدى الدول القومية في المنطقة.
• قسمت إسرائيل الدول إلى دول طوق ودول محيط، ودول الطوق أو المواجهة لها هي "مصر وسوريا والاردن ولبنان" أما دول المحيط فهي "تركيا وإيران والعراق والسودان والسعودية وليبيا".
• تركز إسرائيل على الجماعات غير العربية في السودان لتنفيذ مخططها في "الجنوب وغرب السودان" وتقوم بتقديم الدعم لهم.
• ترى إسرائيل إن المجتمع السوداني عبارة عن مجموعات عرقية وأقليات لا يجمعها تاريخ مشترك فسعت لإختراقه.
• يهدف المخطط الإسرائيلي في السودان إلى تقسيم السودان إلى دويلات متعددة وتغيير معالمه، وانشأئها على أساس عرقي وطائفي ومذهبي، وحددت للسودان خمسة دويلات بالشمال والجنوب والشرق والغرب وجبال النوبة.
• إنتهت المرحلة الأولى من تقسيم السودان بفصل الجنوب، والآن بدأت المرحلة الثانية من المخطط الإسرائيلي لتقسيم السودان، فبحسب الوثائق الإسرائيلية، إن هذه المرحلة تعتمد على صناعة الفوضى الخلاقة كسيناريو جديد في جميع أطراف السودان لفصل دارفور وجبال النوبة ثم الشرق، وتقوم هذه المرحلة على الآتي:
1. استقلال ضعف الاقتصاد السوداني بعد خروج النفط.
2. الإستفادة من تأثيرات الحصار الإقتصادي والغلاء العالمي وارتفاع الاسعار.
3. استغلال الجماعات والأفكار المتطرفة في تشويه صورة السياسة السودانية التي تتبنى الشريعة في الحكم.
• ويهدف هذا المخطط لاستقلال هذه العوامل لتصل البلاد إلى حافة الغلاء المستحكم ثم بالحاجة تعم كل انحاء السودان ثم الانهيار، ومخطط اشعال الحروب والتمرد بمناطق النزاع وقد بدأت بالفعل "جنوب كردفان والنيل الأزرق واستمرار التوتر في دارفور".
• وجود إسرائيل في دارفور عبر الحركات المسلحة غير مستقبلي والدعم بالأسلحة المتطورة غير ممكن، لأن تجربة إسرائيل في تمليك قوة إسلامية أسلحة لتنفيذ أجندتها فشلت، وتهدد أمنها أكثر من أن تحقق مكاسب لها، والدليل نظام صدام حسين وحرب الفاو، وضرب النظام الايراني، وإعاقة تقدمه أصبح بعد ذلك مهدداً لها.
• هنالك عدد من المخططات الإسرائيلية في السودان هى:
1. انفصال الجنوب عن الشمال، وقد حدث.
2. انفصال دارفور عن السودان وهو تحت التنفيذ.
3. السيطرة على مياه النيل.
4. احداث شرخ في مكونات المجتمع السوداني .
5. إثارة التوترات والصراعات بين الطوائف الدينية.
6. إحياء الفتنة بين شمال السودان وجنوب جديد فيه، وخلق جماعات لها نفس المطالب التي تم بها انفصال دولة جنوب السودان.
• ذكر موقع "دبيكا" الإسرائيلي نقلاً عن مصادر استخباراتية إفريقية أنّ المخططات الإسرائيلية ضد السودان تجد مساندة من أمريكا وفرنسا وذلك عبر محطاتها الاستخباراتية في تشاد وجيبوتي وذلك بهدف خلق كيانات انفصالية في داخل السودان بالتعاون مع دول الجوار غير العربية. وأن هذا المخطط يعمل على تفكيك السلطة في الخرطوم عبر عملاء داخليين وحركات متمردة.
• أن تعامل إسرائيل وأمريكا مع قضايا السودان دائماً يكون عن طريق تحقيق الربح والخسارة.
اهداف اسرائيل من المخططات:
1. اضعاف السودان حتى لا يصبح قوة تشكل تهديداً بالمنطقة.
2. وقف المد العربي والإسلامي إلى إفريقيا.
3. عدم استقرار السودان يعني عدم الاستقرار في مصر.
4. تهديد الأمن العربي والمصري بصفة خاصة.
5. السيطرة على منابع النيل.
6. شغل مصر عن القضية الفلسطينية، وذلك عبر تقديم مساعدات عسكرية لدول المنبع حتى تصبح مصر منشغلة بهم.
7. تشكيل المنطقة على أساس عرقي وقبلي حتى تجد إسرائيل لها مكان معهم.
• إسرائيل ترى أنّ السودان الآن يمثل مهدداً أمنياً خطيراً بالنسبة لها، لإحتضانه حركة حماس، واعتقادها أنّ السودان يقوم بتصدير السلاح إلى غزة من إيران عبر اراضيه.
• المخطط الحقيقي لإسرائيل تحجيم الدور السوداني الذي ترى أنّ له مشروعاً أيضاً كما لها، وأنّ المشروعان متضادان ولا يتفقان، ومن ثقافته دعم الجماعات الإسلامية التي تمثل تهديداً وعدواً لاسرائيل.
• السودان دخل دائرة الإستهداف الإسرائيلي، في ظروف باتت أوضاعه كوطن مفتوحة على اتجاهات عديدة، وأنّ إسرائيل الآن تستطيع ضرب أي منطقة في السودان بحجة تهديد الأمن الإسرائيلي.
• تهدف المخططات الإسرائيلية إلى قتل النموذج الإسلامي في السودان حتى لا يطبق في أي بلد آخر.
هنالك إتجاهان للسودان للتصدي لإسرائيل:
الإتجاه الاول:-
1. تصعيد الصراع السياسي والقانوني والدبلوماسي ضد إسرائيل لوقف الهجوم على السودان في الأمم في المتحدة.
2. توسيع التعبئة الداخلية في السودان والسعي لإحداث حالة تعبئة للرأي العام العربي ضد إسرائيل.
الإتجاه الثاني:-
1. عدم مواجهة إسرائيل لتجنب فتح جبهة صراع مباشر معها، حتى لا يتيح للوبي الصهيوني في الولايات المتحدة فرصة لزيادة الضغط على السودان.
ماذا تريد اسرائيل من السودان؟
الأهداف الاسرائيلية:
1. تحقيق حلمها ومخططها الذي صار بعيداَ، في اقامة دولتها من النيل إلى الفرات.
2. إضعاف والقضاء على الأطراف التي لم تطبع معها وما زالت تناهضها العداء في المحيط العربي والاسلامي. 

وزير الخارجية الإيراني: الطائرات الإسرائيلية عبرت (3) دول قبل وصولها الخرطوم
وزير الخارجية الإيراني: الطائرات الإسرائيلية عبرت (3) دول قبل وصولها الخرطوم
قال وزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي، إن الطائرات الإسرائيلية قبل أن تتجه لضرب مصنع (اليرموك) السوداني "مرت علي ثلاث دول لا أريد تسميتها"، وأضاف "لا شك أن هذه الدول عرفت ان هناك غارة إسرائيلية علي السودان قبل وقوعها".
وشكك صالحي في مقدرة إسرائيل علي مهاجمة بلاده وقال: "لو كانت إسرائيل مستعدة لضرب إيران لما قامت بهذه الضجة لوقعت هذه الضربة منذ زمن"، مضيفاً "ربما سنعاني من مثل هذه الضربة، ولكن الإسرائيليين يخشون من التداعيات والنتائج التي ستحصل عندهم فنحن لن نقف مكتوفي الأيدي".
وتساءل وزير الخارجية الإيراني عن ماهية الخلل في إنشاء مصنع إيراني أنشأت مصنعاً لإنتاج السلاح في السودان وزاد قائلاً:"لنفترض أن إيران أنشأت مصنعاً لإنتاج السلاح في السودان هل هذا حرام؟ هذه تجارة موجودة بين الدول.. والحكومات تشتري أسلحة من بعضها وهذا أمر طبيعي".
وأضاف "في إطار القوانين الدولية.. لو كانت هناك دولة تريد شراء أسلحة من عندنا نحن مستعدون".
وقال صالحي: "ولو كانت إسرائيل تريد ضرب إيران لما قامت بهذه الضجة ولضربت.. علي كل حال دعهم يحاولون لو استطاعوا". 

الخارجية السودانية تقود حملة واسعة لفضح العدوان الإسرائيلي
الخارجية السودانية تقود حملة واسعة لفضح العدوان الإسرائيلي
أكد علي كرتي وزير الخارجية السوداني، أن الدبلوماسية السودانية تقود هذه الأيام حملة واسعة لفضح العدوان الإسرائيلي على بلاده.
وقال كرتي في تصريح له أمس إن وزارته ظلت تتلقى يوميا دعما ومساندة من الدول والمنظمات الإقليمية والدولية حيال هذا العدوان, معتبرا أن ما صدر من مواقف ضد العدوان الإسرائيلي على السودان يمثل مؤازرة حقيقة.
وقال كرتي : إنه خلال الساعات الأولي عقب الهجوم تلقت الخرطوم مواقف منددة بالعدوان من الجامعة العربية والاتحاد الإفريقي ومنظمة التعاون الإسلامي ومنظمة عدم الانحياز وعشرات الدول التي أدانت هذا العمل.
وأوضح كرتي، أن المساندة التى تلقاها السودان ستساعد في أي إجراءات يمكن أن تقوم بها حكومته، مؤكدا :" هذه الحملة لم تنته بعد ونعمل على تصعيدها إلى منتهاها ".
واعتبر كرتي ما صدر من مواقف ضد العدوان الإسرائيلي على السودان يمثل مؤازرة حقيقية، كاشفا عن خطة طويلة المدي تهدف لتصعيد الإدانة على إسرائيل.
وفي السياق، استبعد كرتي وجود تخطيط للإضرار بالمصالح الامريكية من قبل السودان، كما استبعد أن يخدم أي حزب في امريكا مصلحة شعب السودان حال فوزه في الانتخابات.
وأشار كرتي الى أنه لا يستبعد الدور الأمريكي في تنفيذ الهجوم على مصنع "اليرموك" بالخرطوم مؤخرا.
من جانب آخر قال وزير الخارجية السوداني إن تجديد الولايات المتحدة الأمريكية لعقوباتها على البلاد عاما آخر هو قرار متوقع ويعبر عن تناقض واشنطن التي أشادت في أوقات سابقة بمبادرات السودان والرئيس البشير حيال العديد من المواقف والقرارات التي اتخذت لدعم السلام في السودان.
ووصف كرتي الاجتماع القادم للجنة الأمنية العسكرية بين السودان ودولة جنوب السودان، بأنه خطوة نحو تنفيذ اتفاق التعاون, ورهنَ زيارة البشير إلى جوبا بحدوث تقدم ملحوظ في أعمال اللجنة التي تعقد في الخامس من شهر نوفمبر الجاري بمدينة جوبا. 

البرلمان: الإعتداء على اليرموك إنتهاك لكل المواثيق الدولية
البرلمان: الإعتداء على اليرموك إنتهاك لكل المواثيق الدولية
وصف الأستاذ محمد الحسن الأمين رئيس لجنة العلاقات الخارجية والدفاع والأمن بالمجلس الوطني، وصف العدوان الاسرائيلي على مجمع اليرموك الصناعي بانه انتهاك لكل المواثيق الدولية.
وأشار محمد الحسن إلى جهود اللجنة في تقوية وتعزيز القدرات الدفاعية للبلاد خلال الفترة المقبلة، داعياً إلى التنوير والتبصير بالمؤامرات التي تحاك ضد الوطن.
وطالب محمد الحسن الأمين بتوحيد الجبهة الداخلية وتجاوز الخلافات بين القوى السياسية، بما يقوي وحدة صف الأمة لإفشال صور الإستهداف.
السودان تؤكد موقفها الداعم للقضية الفلسطينية رغم الإعتداء الإسرائيلي
السودان تؤكد موقفها الداعم للقضية الفلسطينية رغم الإعتداء الإسرائيلي
صرح رئيس لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان السوداني محمد حسن الأمين أن العدوان الإسرائيلي على مجمع اليرموك الصناعي بالخرطوم يشكل انتهاكا لكل المواثيق الدولية .
وأشار إلى جهود لجنته لتقوية وتعزيز قدرات السودان الدفاعية خلال الفترة المقبلة.
ودعا الأمين في تصريحات له السبت 3 نوفمبر إلى التبصير بالمؤامرات التي تحاك ضد السودان ، وطالب بتوحيد الجبهة الداخلية وتجاوز الخلافات بين القوى السياسية بما يقوي وحدة صف الأمة دعما لوحدة البلاد في مواجهة صور الاستهداف المختلفة ، وأكد ثبات موقف السودان تجاه دعم القضية الفلسطينية وأن ما أقدمت عليه إسرائيل سيزيد السودان قوة وإصرارا على مواقفه.
من ناحيتها، أعلنت المجموعة السودانية لحقوق الإنسان عن قيام مؤتمر دولي لمنظمات المجتمع المدني منتصف نوفمبر الجاري بالخرطوم لمناهضة العدوان الإسرائيلي علي السودان.
وتبنت المجموعة خلال إجتماعها الدوري الذي عقد بمقرها بالخرطوم تشكيل لجنة للتقصي بإعداد شكاوي للأمم المتحدة ، ومجلس الأمم ومجلس حقوق الإنسان بجنيف ، والاتحاد الأفريقي ، والجامعة العربية ومفوضية حقوق الإنسان والشعوب ، كما تقوم المجموعة بتسليم مذكرة لممثل الأمم المتحدة بالخرطوم استنكارا للعدوان.
وفي ذات السياق، رأى الخبير والمحلل السياسي الدكتور ربيع عبدالعاطي أهمية مراجعة التشريعات الخاصة بالدفاع وإصدار التشريعات التي تضمن وضع الدفاع كأولوية، ودعا عبدالعاطي في تصريحات للاذاعة السودانية ، البرلمان من خلال نوابه بتبصير كافة المواطنين بأبعاد الاعتداء الإسرائيلي والقيام بتعبئة عامة ليكون الشعب على مستوى التحدي.
وأشار إلى أن هذا لا يتسنى إلا بتوفير المعلومات وكشف الخسائر التي نجمت جراء ما وصفه بالجرم البشع الذي ارتكبته إسرائيل .

التجسس على السودان .. ماذا تريد اسرائيل؟!!

منذ ان وقع السودان على اتفاقية نيفاشا مع الحركة الشعبية ظلت التكهنات تتوجس من ان تجد اسرائيل موطئ قدم فى الجنوب بعد انفصاله فهي التى سعت منذ وقت بعيد لان يتجزأ السودان إلى شطرين حتى يسهل تنفيذ مخططاتها تجاه السودان وافريقيا باعتباره يحتل موقعا استراتيجيا وسط القارة التى تزخر بامكانيات وفيرة تحتاجها اسرائيل كثيرا، فما ان جاء ت نتيجة الاستفتاء لصالح الانفصال حتى  اقدمت على الجنوب (بثقلها) بدءا فسيطرت شركاتها على جانب التنمية وبررت لهذه الخطوة بانها ترغب فى مساعدة الدولة الوليدة على النهوض اقتصاديا .. ولكن الأمر لم يتوقف عند الدعم الاقتصادي والتنموي بل تعداه إلى أمر اخطر  حينما أنشأت قاعدة عسكرية بالجنوب الذى اعلنت دولته وقتها ان لها مطلق الحرية فى ان تتعاون مع أية دولة فى العالم .
والآن تطور الأمر بشكل أكبر فقد أعلنت مصادر عسكرية اسرائيلية عن تشغيل اضخم طائرة للقيام بمهام استخباراتية في السودان وايران فماذا وراء هذا الاعلان؟ ولماذا فى هذا الوقت تحديدا؟ وهل السودان اصبح مهددا كبيرا بحجم ايران المتهمة  بان لديها برنامجاً نووياً (ضخماً) يهدد امن واستقرار إسرائيل ودول الغرب؟  أم الأمر محض ارباك للسياسة فى السودان بغرض تقديم مزيد من التنازلات  فى القضايا العالقة بينه ودولة الجنوب؟ ،وما الجديد على الصعيد السياسي الذي جعل إسرائيل تكثف (جرعتها ) الاستخباراتية تجاه السودان وهى التى تعلم كل (شئ ) عن الشأن السوداني السياسي والعسكري حتى تخصص له طائرة بقدرات استخباراتية عالية تعمل بدون طيار وقادرة على التحليق دون ان تتم معاينتها من الأرض ؟
بعض المحللين اشاروا الى ان الامر ربما يتعلق بزيارة نائب مساعد مستشار الرئيس الأمريكي للأمن القومي  التى تزامنت مع الاعلان عن الطائرة الاسرائيلية الاستخبارتية لممارسة المزيد من الضغوط على السودان خاصة وان المباحثات تطرقت للملفات العالقة والاوضاع بالنيل الازرق وجنوب كردفان وتزامنت ايضا مع زيارة ثامبو أمبيكى رئيس الآلية الإفريقية العليا الذي يقود مساعى لاستئناف المفاوضات الاقتصادية بين السودان ودولة الجنوب .
وفى هذا السياق تحدث لـ(الرأي العام ) العميد (م) حسن بيومي الخبير الاستراتيجي مستنكرا أولا تخصيص طائرة إسرائيلية بغرض الاستخبارات عن السودان، وقال ان هذا الامرمتاح بشكل كبيرلاسرائيل وهى سياسة استراتيجية معلنة من قبل تل ابيب نفسها وتعلم الكثير عن السودان منذ ان أنشأت قاعدة   استخباراتية بالجنوب ،ولكن ربما اعلنت ذلك بغرض ارباك الحكومة فى اطار الاستراتيجية التى تنفذها اسرائيل وامريكا تجاه السودان ، وتساءل بيومي ماذا يفعل مساعد الرئيس الأمريكي للأمن القومي فى السودان؟ وما غرض الزيارة ولماذا اعلن عن الطائرة الاسرائيلية بالتزامن مع زيارة المسؤول الأمريكي؟ وقال بيومي: ان كل هذه الأحداث ترتبط بشكل وثيق بالسعي لارباك السياسة السودانية وتحقيق المزيد من التنازلات فيما يتعلق بالقضايا العالقة اوالتطبيع مع امريكا، ونبه الى اهمية الا تقدم الحكومة أي تنازلات، دون ان تضمن مصلحة السودان ، وأضاف: ينبغي ان تستفيد الخرطوم من المواقف السابقة حيث قدمت لها الكثير من الوعود دون ان تجنى ثمارها ونبه الى انه يجب ان نعمل بالسياسة الأمنية أعطيني أولا قبل ان تأخذ مني  .. ولكنه عاد وقال ان المبدأ الأمني يضع بدائل أخرى حال رفض الخيار المطروح وكذلك تفعل اسرائيل .
بعض الخبراء العسكريين استهجنوا اعلان طائرة للتجسس واعربوا عن استغرابهم لهذا الامر بينما العالم مكشوف لدى الغرب وباستطاعتهم تنفيذ ما يرغبون فيه ، وقال الفريق (م) إبراهيم الرشيد الخبير العسكري لـ  (الرأي العام)، ان إسرائيل ليست بحاجة لتخصيص طائرة للتجسس أو جمع معلومات عن السودان لان قدراتها اكبر فهي تستطيع تحديد أهدافها  بدقة دون الحاجة لما أعلنت عنه .. كما ان الدول الغربية  تستطيع ذلك مثل ما فعلت بريطانيا اذ تمكنت من تحديد المتر المربع الذى يوجد فيه سيف الاسلام، ولكن ربما فعلت اسرائيل ذلك لاغراض تكتيكية لخدمة اهدافها بالجنوب او فى اطار الارباك ولم يستبعد الرشيد ان يكون فى اطار التصعيد وممارسة مزيد من الضغوط خاصة وان تسريب الاعلان عن الطائرة جاء متزامناً مع زيارة المسئول الأمريكي ، ولكنه عاد وقال : الأمر لا يعدو كونه تهديدا ينبغي للحكومة الا تلقى له بالا فكثيرا ما هددت امريكا باسقاط الحكومة ولم تفعل شيئا  ، كما ينبغي ان لا تعول دولة الجنوب على اسرائيل كثيرا فالطائرة المزعومة  لن تستطيع ان تقاتل مع الحلو او عقار واعتبر أمر تدشينها قضية انصرافية..  وتابع: الأفضل لدولة الجنوب ان تركز على قضايا التنمية وبناء الدولة الحديثة بدلا من ان تنشغل بقضية لا تفيدها كثيرا .
وبرغم حديث الخبراء العسكريين الذين أكدوا فيه ان الاعلان عن تخصيص طائرة للتجسس وجمع معلومات ربما  يكون لارباك الاوضاع السياسية الا ان الدكتور الطيب زين العابدين المحلل السياسي استبعد ذلك تماما ، وقال لـ (الرأي العام ) ان الأمر ليس جديداً  لان السودان أصلا مراقب وان لاسرائيل قواعد عسكرية على الارض تقوم بمثل هذه المهمة، ولكن ربما شعرت إسرائيل بالخطر من الدولتين (السودان وإيران)، فقد أكدت هيئة الطاقة الذرية ان البرنامج الإيراني النووي ليس سلميا بل عسكريا وهذا ما يدعو للقلق بحسب  وكالة الطاقة  بجانب ان السودان أصبح جزءاً من منظومة إسلامية كبرى بعد ثورة الربيع العربي فى تونس حيث من المتوقع تمثيل اكبر للاخوان المسلمين فى مصر وليبيا واذا حدث تغيير بسوريا متوقع وجود مقدر للتيارات الإسلامية فى الحكم ، ويضيف زين العابدين : ان  إسرائيل  تعتبر ذلك مهددا إضافياً، وقال زين العابدين : كانت مصر وسوريا تحت المراقبة والآن دخل السودان بشكل اكبر ،و هذا مقروء مع تعاون اسرائيل مع الجنوب بخصوص محاربة الأصولية الإسلامية التى بدأت تنتشر فى القرن الإفريقي .. ويمضي زين العابدين الى القول ان التطورات الثورية حول السودان المتجه نحو سيطرة  الإسلاميين زادت مخاوف اسرائيل لذا فانها تحاول جمع معلومات عن السودان وإيران،  فالطائرة التى خصصتها بقدرات عالية تستطيع ان تراقب الخرطوم ومناطق الشرق التي تمثل هاجسا امنيا لإسرائيل لارتباطها بعمليات تهريب السلاح .
 
يوليو 2009

الغارات الإسرائيلية على السودان. بين الوقائع والتحليل

بقلم:   حسام سويلم

وسائل إعلام أميركية وإسرائيلية قالت إن السيارات المستهدفة كانت تحمل أسلحة لغزة
بعد صمت متعمد دام شهرين على ثلاث غارات إسرائيلية ضد قوافل تحمل أسلحة فى السودان كانت متجهة إلى حركة حماس فى غزة، كشفت وسائل إعلام مصرية وسودانية وأمريكية ثم إسرائيلية عن هذه الغارات فى بداية شهر أبريل 2009. وقد أكد السودان الخبر على لسان وزير الدولة بوزارة النقل مبارك مبروك سليم، والذى كشف عن أنهما غارتان الأولى فى 27 يناير والثانية فى "فبراير ضد قافلتين تحملان مهاجرين غير شرعيين من جنسيات مختلفة (أريتريون، صوماليون، سودانيون)، وأن قوات مكافحة التهريب ظلت تطارد إحدى القافلتين منذ دخولها السودان من أريتريا، وقبل أن تشتبك معها شنت طائرات مجهولة غارات على القافلة الأولى فى منطقة جبل صلاح قرب الحدود السودانية مع مصر، أما الغارة الثانية فكانت فى منطقة الشافون بالقرب من منطقة الغارة الأولى عند (عورة) فى سلسلة جبال البحر الأحمر.
وأضاف أن عدد القتلى 800 فرد من جنسيات غير سودانية و200 سودانى، ومن المعروف أن الوزير مبروك متمرد سابق من قبيلة "الرشايدة" وكان يقود تنظيم "الأسود الحرة" الذى يقاتل الحكومة فى شرق السودان قبل أن يتصالح معها. أما وزير الخارجية المصرية أحمد أبو الغيط فقد أكد أن مصر علمت بالغارات وقت حدوثها، لكنها التزمت الصمت وحتى "لا تحرج الأخوة فى السودان".
- تفاصيل الهجوم
أكدت مصادر سودانية غير رسمية أن عدد الغارات الإسرائيلية التى وقعت ثلاث غارات منهما اثنتان جويتان بواسطة طائرات بدون طيار، والثالثة بحرية. كانت الغارة الأولى بواسطة طائرتين بدون طيار (جيرمس - 450) برفقتها طائرة أخرى بدون طيار عملاقة (إيتان) فى 27 يناير 2009 انطلقوا من مطار إيلات على البحر الأحمر مسلحين بصواريخ موجهة بالليزر قصفت 41 سيارة دمرت منها 25 وقتلت نحو 64 فرداً، بينما نجت 17 سيارة من القصف تمكنت من من الوصول إلى ميناء بورسودان حيث تمكن الناجون من إبلاغ الشرطة التى أخلت المكان ونقلت الجرحى والقتلى ثم كانت الغارة الثانية فى 11 فبراير 2009 بواسطة 2 طائرة بدون طيار ضد قافلة تضم 17 سيارة دمرت بالكامل وقتل كل من فيها باستثناء فرد واحد هو الذى أبلغ عنها. أما الغارة الثالثة فكانت فى 27 فبراير 2009 ضد 4 سفن فى البحر الأحمر.
وقد أشارت مصادر أمنية فى إسرائيل أن جهاز المخابرات الإسرائيلية (موساد) تمكن من الحصول على معلومات دقيقة عن السلاح الإيرانى الذى نقل إلى السودان فى يناير 2009، وتتبع مساره منذ لحظة تحميله قرب طهران وخلال مساره من الخليج العربى إلى الخرطوم ثم من الخرطوم إلى بورسودان، ومن هناك حمل جزء منه فى 4 سفن لنقلها بحراً إلى نقاط معينة تُنقل بعدها براً عبر سيناء إلى غزة، بينما حملت بقية الأسلحة على شاحنات أخذت الطريق البرى. وأشارت مصادر أخرى إلى أن بعض شحنات الأسلحة الإيرانية تمر عبر اليمن قبل أن تنقل إلى السودان، وأكدت أن "الموساد" تزود بمعلومات دقيقة من جهات رفيعة المستوى عاملة فى مجال المعلومات الحساسة فى كل من قيادة الحرس الثورى الإيرانى وحركة حماس، واحتوت هذه المعلومات على تفاصيل حول الأسلحة الإيرانية المنقولة إلى غزة، وهى صواريخ أرض / أرض طراز (فجر) مداها 70 كم، وقد صنعت بطريقة تتيح تفكيكها إلى قطع حتى يتاح تهريبها من سيناء عبر الإنفاق المحظورة فى منطقة رفح، كما احتوت على صواريخ حديثة مضادة للدبابات متطورة زودت بها إيران حزب الله أثناء حرب لبنان 2006، طرازات RPG - 29، Merism و"ساجر" الروسى والقادرة على اختراق الدبابة الإسرائيلية (ميركافا - 4) لكون هذه الصواريخ مزودة بالرأس (تاندم) القادرة على اختراق الدروع المزدوجة إضافة إلى كميات من المتفجرات عالية المستوى. وادعت أن هدف هذه الصواريخ كان يمكن حماس من قصف مدينة تل أبيب وضواحيها، عندما تحتاج إيران إلى ذلك. وذكرت أن هذه الفكرة تندرج فى خطة إيرانية تحدث عنها قائد الحرس الثورى الإيرانى الجنرال محمد على جعفرى لصحيفة (جيم جم) الإيرانية فى 28يونيو 2008 عندما قال: "إذا اختار الغرب خياراً عسكرياً ضد إيران، فإننا سنغلق الخليج الفارسى أمام ناقلات النفط وسنضرب العمق الإسرائيلى عبر حزب الله وحماس شمالى وجنوبى إسرائيل". أما وسائل الإعلام الإسرائيلية فقد أوضحت أنه كان من الضرورى ضرب هذه القوافل داخل السودان بسبب ضعف نظام دفاعه الجوى، وقبل أن تصل إلى الأراضى المصرية، حيث يتواجد نظام دفاع جوى قوى فى منطقة الحدود مع السودان، فضلاً عن زيادة المراقبة والاحتياطات المصرية لمنع تهريب السلاح عبر أراضيها إلى سيناء، وحتى لا تفجر إسرائيل أزمة دبلوماسية مع القاهرة. وفى واشنطن قال مسئولان أمريكيان مطلعان على تقييمات استخباراتية سرية أن هناك تقارير تفيد بأن أحد مسئولى الحرس الثورى الإيرانى العاملين فى فيلق القدس المسئول عن العمليات الخارجية قد توجه إلى السودان لتنسيق عمليات نقل الأسلحة الإيرانية عبر أراضيه إلى الأراضى المصرية. وأضاف أن الحكومة السودانية تلقت تحذيراً أمريكياً قبل الغارات من أن هناك رصداً لعمليات تهدف إلى تهريب سلاح من السودان إلى قطاع غزة عن طريق صحراء سيناء، وان على الجهات السودانية أن توقف هذه العمليات.
- رؤية تحليلية
الجديد أن الغارات الأخيرة على السودان تمت بطائرات بدون طيار، وهو ما يعنى أن إسرائيل تطبق تقنية جديدة فى مطاردة أعدائها بواسطة طائرات بدون طيار، وهى نفس التقنية التى تتبعها القوات الأمريكية فى العراق وفى أفغانستان وضد طالبان الباكستانية والقاعدة فى جبال وزيرستان بواسطة طائرات بدون طيار (بريداتور) التى تستخدم فى تحقيق هدفين فى آن واحد: استطلاع الأهداف وقصفها بصواريخ دقيقة التوجيه موجهة من محطات أرضية وعبر الاتصال بأقمار تجسس.
ومما لا شك فيه أن الغارات الإسرائيلية فى السودان تحمل عدة رسائل فى وقت واحد لكل من إيران وحماس والسودان، فبالنسبة لإيران تريد إسرائيل إبلاغها أنها مخترقة حتى فى أعلى مستويات الحرس الثورى الذى يعتبر أقوى جهاز دفاعى وأمنى فى إيران باعتباره المسئول عن حماية نظام الحكم الدينى هناك، وان المسافه التى قطعتها الطائرات بدون طيار يمكن أن تقطعها المقاتلات ف - 16، ف - 15 الحديثة التى تملكها إسرائيل وبإمكانها قطع مسافة 1500 كم تمكنها من قصف المنشآت النووية والاستراتيجية الأخرى، كما أن بإمكان الطائرات بدون طيار أن تعترض السفن التى تقوم بتهريب الأسلحة الإيرانية منذ عبورها مضيق هرمز فى طريقها إلى البحر الأحمر مستقبلاً، وداخل البحر الأحمر بواسطة القوات الخاصة البحرية الإسرائيلية فى أى من الموانئ العربية التى ترسو فيها السفن الإيرانية لـ عصب وأريتريا، أو فى عدن، أو فى بور سودان، كما أن وسائل الحرب الإلكترونية الإسرائيلية قادرة على تعطيل شبكات رادارات الدفاع الجوى التى تعترض عمل الطائرات الإسرائيلية، خاصة مع إدخال الطائرة بدون طيار الحديثة والقادرة على البقاء فى الجو 40 ساعة متواصلة فى الخدمة.
كما نؤكد هذه الغارات الإسرائيلية على السودان أن الاتفاقية الأمنية التى وقعتها إسرائيل مع الولايات المتحدة قبل يوم واحد من إيقاف حربها على غزة، حققت أهدافها على نحو يقترب من الكمال، وهذا ما دعا "روتن برجمان" المختص بشئون الاستخبارات الإسرائيلية إلى التأكيد فى تحليل نشر له أخيراً، أن هذه العملية تمت بتنسيق مطلق وإذن أمريكى على أن تلتزم أمريكا الصمت، ولم تكن إسرائيل لتخاطر بعملية عسكرية بعيدة جداً ومعقدة على النحو الذى تمت به لو لم يكن لديها معلومات مؤكدة وصحيحة وموقوتة عن حركة قوافل الأسلحة منذ مغادرتها الأراضى الإيرانية، وعبر رحلتها إلى السودان، وداخل أراضى السودان، فقد كانت هذه القوافل فى كل مراحل رحلتها تحت أعين الموساد والاستخبارات الأمريكية عبر الأقمار الصناعية حتى تم قصفها فى النهاية، وذلك بضمان أمريكى يجنب إسرائيل إشعال الموقف سياسياً بسبب تعديها على سيادة دولة السودان العضو فى الأمم المتحدة.
ورغم إعلان حماس أن هذه القوافل لا تخصها، فإن رسالة إسرائيل لحماس قديمة، وكانت تل أبيب قد وجهتها لحركة حماس قبل الحرب الأخيرة على غزة، ومفادها أن إسرائيل لن تسمح لحماس بامتلاك صواريخ من شأنها تهديد بلدات ومستوطنات جنوب إسرائيل، فضلاً عن بئر سبع وتل أبيب، ولذلك فهى مصممة على منع تكرار الخطأ الذى وقعت فيه فى جنوب لبنان عندما تراخت فى منع وصول الأسلحة والصواريخ إلى حزب الله عبر سوريا، وبما مكن هذا الحزب من استعادة تسليح نفسه بقوة بعد حرب 2006 فى لبنان.
أما فيما يتعلق بمصر، فمن المؤكد أنها وإن سكتت عن التعليق على الغارات الإسرائيلية فى السودان، رغم علمها بها منعاً لإحراج القيادة السودانية فى الظروف الصعبة التى تمر بها، فقد سبق أن طلبت من السودان أن تتخذ إجراءات مشددة لمنع تهريب الأسلحة عبر أراضيه إلى صحراء مصر الشرقية، وكانت السلطات المصرية قد ضبطت قوافل أسلحة مهربة فى الماضى قادمة من السودان ولم تعلن عنها. وتقيد بعض المصادر فى السودان أنه من الصعب أن تكون عمليات تهريب الأسلحة الإيرانية التى تجرى بتنسيق بين المخابرات الإيرانية النشطة فى السودان والرشايدة دون معرفة وموافقة السلطات السودانية، وهو ما يفسر الصمت السودانى على الغارات الإسرائيلية الأخيرة.
ومما لا شك فيه أن إحدى الرسائل التى تحملها الغارات الإسرائيلية فى السودان موجهة إلى الدول العربية بجانب إيران وأن إسرائيل قادرة على أن تطول أى مكان، وأنها قادرة إذا ما فشلت فى مكان أن تحقق نجاحاً فى مكان آخر. هذا بالإضافة إلى رسالة أخرى إلى الدول الأوروبية التى بعثت بسفنها إلى البحر المتوسط من أجل وقف وصول الأسلحة إلى حماس. وقد سبق غداة توقف الحرب على غزة أن تم اعتراض ومصادرة سفينة قبرصية كانت تنقل أسلحة إيرانية متجهة إلى سوريا، وتم اقتيادها إلى ميناء ليماسول فى قبرص وتفريغ شحنتها، مما يدل على تفعيل اتفاقية الأمن الأخيرة بين إسرائيل وأمريكا وبمشاركة أوروبية.
ومادامت هذه الاتفاقية دخلت الآن مرحلة التنفيذ رغم اعتراض مصر عليها، فإن ذلك يفرض على مصر أن تتابع بدقة كل ما يجرى تنفيذه بين الدول المشاركة فيه- وهى الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبى وإسرائيل- إذ أنه مرتبط أولاً وأخيراً بدائرة المجال الحيوى لمصر، سواء فى البحر المتوسط أو فى البحر الأحمر، ومدى تأثيره على مصالح مصر الحيوية، خاصة وأنه فى النهاية سيهدف إلى منع وصول الأسلحة المهربة إلى سيناء ومنها عبر الأنفاق، فى غزة.
 
 

 

الغارة علي السودان وحرب إسرائيل الخفية


بقلم: د. حمدى عبد الرحمن
د. حمدى عبد الرحمن

في سياق التصعيد الاسرائيلي المستمر في مواجهة حركة حماس من جهة والقدرات النووية الايرانية
من جهة أخري أغارت المقاتلات الاسرائيلية علي مصنع اليرموك للأسلحة في العاصمة السودانية الخرطوم مما أدي إلي اصابته بالشلل شبه التام.
وقد التزمت القيادة المدنية والعسكرية في اسرائيل كعادتها عند القيام بمثل هذه الغارات بالصمت التام وعدم التحدث إما تأكيدا أو نفيا. ولعل توقيت وهدف هذه الغارة الاسرائيلية يطرح العديد من التساؤلات حول أبعادها ودلالاتها ولاسيما في مرحلة ما بعد الربيع العربي؟!
إذا نظرنا إلي الحدث في إطار حرب اسرائيل الخفية في منطقة الشرق الأوسط ومحاولاتها الدؤوبة احتواء التهديدات الايرانية والفلسطينية وحتي المصرية في مرحلة ما بعد مبارك لوجدنا أن المنهج الاسرائيلي واحد ولم يتغير. ففي عام2009 استهدفت المقاتلات الاسرائيلية قافلة من المركبات شمال شرقي السودان بحجة أنها كانت تنقل أسلحة إلي حركة حماس في قطاع غزة. وقد تكررت نفس الغارة في أبريل عام2011 حينما استهدفت المقاتلات الاسرائيلية أيضا عربات شحن سودانية في منطقة بورتسودان.
وطبقا لبعض المصادر الاستخباراتية فإن اسرائيل استخدمت في غارتها الأخيرة ثماني مقاتلات من بينها طائرتان هليكوبتر وطائرة تموين من الجو وأخري محملة بجنود الكوماندز وذلك للإنقاذ في حالة تعرض إحدي الطائرات للأذي. وأحسب أن تنفيذ الغارة بهذه الدقة الكبيرة وذلك بعد طيران مسافة(1900 كم) عبر البحر الأحمر لتجنب المرور في الأجواء المصرية واستخدام أدوات ذات تقنية عالية للتشويش حتي يصعب علي السودان اكتشافها إنما يبعث بالعديد من الرسائل سواء لبعض الأطراف خارج إسرائيل أو للداخل الاسرائيلي نفسه.
أولا: يمكن من خلال القراءة الأولي لهذه الغارة الخلوص إلي أنها تمثل درسا اسرائيليا لإيران. فالمسافة بين تل أبيب وطهران هي بلا شك أقل من تلك المسافة بين تل أبيب والخرطوم. يعني ذلك أن القدرات النووية الايرانية ليست بعيدة عن مرمي الآلة العسكرية الاسرائيلية. ليس هذا فحسب وإنما تري اسرائيل دائما أن العلاقات الايرانية السودانية والتي تم توثيقها عام2008 في شكل اتفاقية عسكرية بين البلدين تمثل خطرا علي الجنوب الإسرائيلي. فالسودان وفقا للرواية الاسرائيلية يمثل إحدي المحطات المهمة لتهريب الأسلحة إلي قطاع غزة ابتداء من ميناء بندر عباس الايراني وانتهاء بصحراء سيناء التي تعاني من انفلات أمني واضح.
ثانيا: أثبتت هذه الغارة أن النظام العربي مازال متمسكا بسياسة الصمت وعدم التحرك. ويبدو أن مرحلة ما بعد ثورات الربيع العربي لم تستطع تغيير هذا المنحني الفكري العربي في مواجهة الآلة العسكرية الاسرائيلية الطاغية, وعليه فقد ترك الأمر للسودان للتعامل معه بمعرفته حتي ولو من خلال الاعلان رمزيا عن احتفاظه بحق الرد أو اللجوء إلي مجلس الأمن الدولي طلبا للإدانة وليس إلي الجامعة العربية التي يلتزم أعضاؤها باتفاقية للدفاع المشترك. ولعل مكمن الخطر هنا يتمثل في التهديد المباشر للأمن القومي العربي. فالصومال خضعت لعملية تدويل واضحة حيث لا تزال تحتلها جيوش خمس دول إفريقية في إطار حالة من فقدان الوعي العربي, كما أن السودان الذي فقد نصفه الجنوبي ويصارع من أجل الحفاظ علي أطرافه القلقة والملتهبة أصبح هدفا مستباحا لحروب اسرائيل غير المعلنة في محيطها الجغرافي والاستراتيجي.
ثالثا: علي الرغم من الادانة المصرية- علي مستوي الرئاسة والحكومة- للغارة الاسرائيلية علي الخرطوم, فإن أحد الدلالات المهمة تتمثل في محاولة اسرائيل إظهار مدي تناقض الدبلوماسية المصرية بعد الثورة. فقد جاءت الغارة بعد كشف اسرائيل عن خطاب الرئيس مرسي البروتوكولي لنظيره الاسرائيلي بمناسبة تعيين سفير مصري جديد في تل أبيب. وهو ما يعني أن موقف الرفض والشجب المصري لا يتفق مع عمق العلاقة الرسمية بين مصر واسرائيل. ومن جهة أخري تحاول اسرائيل دوما اظهار أن شبه جزيرة سيناء تمثل حلقة ضعف أمني واستراتيجي تهدد حدودها وهو ما يعطيها الحق في اتخاذ الاجراءات المناسبة لحماية أمنها القومي.
وإذا أخذنا في الحسبان أيضا اعتبارات الداخل الاسرائيلية وأجواء الانتخابات المقبلة فإنه يمكن وضع هذه الغارة الاسرائيلية في سياق حسابات اليمين بزعامة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الذي عادة ما يجد سندا انتخابيا قويا في ظل أجواء التهديد والحرب وانتهاج سياسات إسرائيلية تصعيدية ضد أخطار الداخل والخارج علي السواء.
ويمكن بعد فهم هذه الدلالات الواضحة للعدوان الاسرائيلي علي السودان الإجابة علي سؤال ماذا تريد اسرائيل من السودان بشكل عام؟. لا شك أن السودان تمثل ومنذ البداية نقطة ارتكاز مهمة في التفكير الاستراتيجي الاسرائيلي باعتبارها العمق الاستراتيجي لمصر وبحسبانها من دول أطراف النظام الاقليمي العربي. فثمة استراتيجية إسرائيلية معروفة تتمثل في شد وتفكيك أطراف النظام العربي. ولعل السودان تمثل نموذجا مثاليا في هذا الصدد. فقد دأبت اسرائيل علي القيام بدور نشط في دعم حركات التمرد في جنوب السودان حتي تحقق له الانفصال. كما أنها تحاول جاهدة تفكيك ما تبقي من الدولة السودانية لإعادة رسم خريطة منطقة القرن الأفريقي وشرق أفريقيا بشكل عام بما يخدم مصالحها الاستراتيجية.
إن إحدي دلالات الغارة الاسرائيلية علي السودان والمسكوت عنها تتمثل في تحطيم القدرات العسكرية لنظام البشير ولاسيما قدرته علي تحقيق الاكتفاء الذاتي من تصنيع الأسلحة, وهو ما يخفف ولو بشكل غير مباشر العبء عن دولة الجنوب ومتمردي دارفور. ويعني ذلك أن اسرائيل في غارتها علي السودان قد أصابت أكثر من عصفور بحجر واحد. فهل نفهم نحن العرب هذه المعاني والرسائل الإسرائيلية من خلال الغارة الأخيرة علي الخرطوم؟
لا شك أن الموقف المصري لا بد وأن يؤكد علي حرمة التراب الوطني السوداني قولا وفعلا, وهو ما يعني ضرورة التنسيق الأمني والاستراتيجي بين كل من القاهرة والخرطوم وإعادة النظر من قبل القيادة السودانية في اتفاقها مع ايران. فالسودان يستطيع أن يخرج من ضيق العزلة الأمريكية والأوروبية الظالمة إلي سعة مصر المحروسة وبالمقابل تمثل سودان وادي النيل السند والظهير لمصر الثورة.

ليست هناك تعليقات:

azsuragalnim19@gmail.com

*الدكتور أسامة عطا جبارة يشرح الإقتصاد السوداني في ظل الحرب*

..........  *تواصل شبكة (أوتار الأصيل) الإخبارية، وصحيفة العريشة الرقمية نشر الحوار الهام مع الخبير في الإقتصاد العالمي الدكتور أسامة عطا جب...