توفي السياسي والدبلوماسي اللبناني غسان تويني
الملقب ب"عملاق الصحافة العربية" الجمعة عن 86 عاما بعد اكثر من ستين عاما
من العطاء الفكري والسياسي والنضال من اجل الحريات.
وتحت عنوان "رحل.. فجر النهار"، اعلنت صحيفة النهار
التي تملكها عائلة غسان تويني على صفحتها الاولى اليوم، رحيل "عملاق
الصحافة اللبنانية والعربية وعميد النهار ومعلم اجيالها المتعاقبة منذ تولى
مبكرا مسؤولياته فيها وباني مجدها وصانع الق الكلمة والفكر النائب والوزير
والسفير والدبلوماسي وصانع الرؤساء والعهود والسياسات في زمن مجد لبنان
ومجد الرجال".
واعلنت الصحيفة ان مراسم دفن تويني ستقام عند الساعة
الثانية عشرة ظهر (9,00 تغ) من غد السبت في كاتدرائية القديس جاورجيوس في
وسط بيروت.
وقال رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في بيان ان "لبنان خسر بغياب غسان تويني علما من أعلامه ورمزا وطنيا اصيلا".
واشار الى ان "الراحل كان مثالا في الوطنية الصادقة،
دافع عن لبنان في كل المحافل العالمية بدبلوماسية لا تهادن على الثوابت
الوطنية" و"نادى بوحدة لبنان وشعبه ودافع بقوة عن صيغة عيشه المميزة وكان
صاحب الأراء السديدة التي تجمع ولا تفرق".
وقال رئيس الحكومة السابق سعد الحريري ابرز اركان
المعارضة، في بيان ان "لبنان من دون غسان تويني يخسر اشعاعا فكريا وثقافيا
مميزا طالما تباهى به اللبنانيون حتى أصبح مثالا يحتذى في حرية التعبير
والانفتاح والدفاع عن الديمقراطية والاستقلال والسيادة".
واضاف "عزاؤنا الوحيد في غياب غسان تويني ان الحرية لن تموت وان النهار (...) مستمرة".
وكان غسان تويني الذي عاش مآس عديدة في حياته الشخصية
كتب كعنوان على الصفحة الاولى لجريدته يوم مقتل نجله الصحافي والنائب جبران
تويني العام 2005 بسيارة مفخخة "جبران لم يمت والنهار مستمرة".
وقتل جبران في خضم الاغتيالات التي طالت بين عامي 2005 و2008 شخصيات سياسية واعلامية وامنية مناهضة للنظام السوري في لبنان.
ودعا غسان تويني يوم ماتم جبران الى التعالي عن الاحقاد والتسامح.
وبعد ان كان في بداية عمله السياسي من مؤيدي التيار
القومي السوري، بات من اشد منتقدي النظام السوري خلال فترة النفوذ السوري
على لبنان من بداية الثمانينات وحتى 2005.
وقال عنه الوزير السابق والنائب الحالي مروان حماده "لقد غاب احد آخر ابطال حرية التعبير في لبنان وفي العالم العربي".
واضاف حمادة وهو شقيق زوجة غسان تويني الاولى ان تويني
"صنع من النهار الصحيفة المستقلة الكبرى في العالم العربي في وقت لم يكن
احد يجرؤ خارج لبنان على كتابة سطرين لا يمجدان الحكام والانظمة
الاستبدادية".
بدأ غسان تويني عمله الصحافي وهو في اوائل العشرينات
في جريدة النهار التي اسسها والده العام 1933. وما لبث ان دخل المجال
السياسي واصبح عضوا في البرلمان وكان في الخامسة والعشرين من عمره.
شغل مناصب وزارية مهمة. وكان مندوب لبنان الدائم في
الامم المتحدة في نهاية السبعينات وبداية الثمانينات في اوقات عصيبة تخللها
خصوصا اجتياحان اسرائيليان.
وينظر الى غسان تويني على نطاق واسع على انه "عراب"
القرار 425 الصادر عن مجلس الامن الدولي في 1978 والذي دعا اسرائيل الى
الانسحاب من لبنان.
وقال وزير الثقافة السابق طارق متري المقرب منه لفرانس
برس "خسرنا شخصية مارست السياسة المترفعة عن النزاع على السلطة، السياسة
التي تتمحور حول الخير العام والتي يوجد بينها وبين الثقافة ارتباط حميم".
فقد غسان تويني ابنته نايلة وهي في السابعة بمرض السرطان، وما لبثت ان لحقت بها زوجته الشاعرة ناديا تويني بالمرض نفسه.
بعد ذلك بسنوات، قضى نجله مكرم في حادث سيارة في فرنسا. ووصف غسان تويني غيابه ب"الكارثة الثالثة في حياتي".
الى ان كانت "كارثة" مقتل جبران، ولده الاخير. ورغم كل
الالم، وافق غسان تويني، تحت ضغط محبيه والاوساط الشعبية المؤيدة لعائلته
على الحلول محل ابنه تحت قبة البرلمان، مشيرا الى انها المرة الاولى التي
يخلف فيها الوالد اولاده.
قبل ثلاث سنوات، توقف غسان تويني عن كتابة افتتاحيته في جريدة "النهار" بسبب العجز والمرض.
لغسان تويني مؤلفات كثيرة ابرزها "اتركوا شعبي يعيش"
وهو عنوان خطاب القاه في الامم المتحدة خلال الحرب الاهلية اللبنانية
(1975-1990)، و"حرب من اجل الآخرين".
دنيا سمير غانم وخطيبها الإعلامي رامي رضوان (من المصدر)