الأحد، 29 نوفمبر 2020

*الصادق المهدي عاش داعماً للديمقراطية ورافضاً للتطبيع.. المهدي : المعتقلات السياسية فرصة للخلو بالنفس وتأليف الكتب.. تنقلت في معتقلات الطغاة دون مراعاة لدوري في الحراك السياسي*




......

*جلس إليه : سراج النعيم*

...... 

‏غاب بدر الإمام الصادق المهدي، زعيم حزب الأمة القومي، رئيس الوزراء السابق، وغيابه ترك فراغاً كبيراً في الحراك السياسي، وغصة في حلق الوطن، فالمهدي يمثل الحنكة، الحكمة، الوسطية، التسامح، سعة الصدر، كرم النفس، نبل المقاصد والوفاق. 

يعتبر رحيل السيد الصادق إنطفاء لومضة نبل إنسانية عميقة، وحب منقطع النظير للحق والوطن، والذي ألف في إطاره مؤلفات تجاوز عددها المائة مؤلفاً، وهي جميعاً تصب في صالح الوطن، وأبرزها مسألة جنوب السودان، جهاد من أجل الاستقلال، والعقوبات الشرعية وموقعها من النظام الإسلامي.

إن النهج الذي انتهجه الإمام الصادق يمثل مدرسة متكاملة سياسياً، اقتصادياً، اجتماعياً، ثقافياً وفكرياً، وبالتالي فإنه أثري المكتبة السودانية بفكره النير، والذي يحمل بين طياته الرأي السديد، الرشيد، الحكمة، الحنكة والبصيرة، مما جعله يستغرق كل حياته للتوطين للتسامح، رتق نسيج المجتمعات، والتداول السلمي للسلطة.

فيما دار حوار بيني والإمام الصادق المهدي قبيل الرحيل المر متأثراً بجائحة (كورونا) بدولة الامارات حول اعتقالاته من قبل الأنظمة العسكرية.

*ما هو أول اعتقال لشخصك؟*

ظللت على مدي سنوات وسنوات خلت رهن اعتقال الأنظمة العسكرية، وأول اعتقال كان ثمانية أعوام ونصف العام، وذلك إبان تقلد الفريق ركن إبراهيم عبود للحكم.

*متي كان أول ظهور لك سياسياً؟*

كان أول ظهور لي سياسياً من خلال معارضتي لنظام الفريق إبراهيم عبود، وذلك ما بين العام (1958-1964م)، وظللت على إثره رهن الاعتقال، والذي تنقلت في إطاره بين معتقلات الطغاة دون مراعاة لدوري الطليعي في الحراك السياسي.

*ما سبب اعتقال الرئيس عبود لشخصك؟*

اعتقالي تم على خلفية تأليفي كتاباً حمل عنوان (مسألة جنوب السودان)، وأكدت من خلاله بأن الأزمة المتفجرة بين الحكومة وجنوب السودان لا يمكن حلها بالسلاح، إنما يكمن حلها في إدارة حوار هادف مع الأطراف المعنية، أي التفاوض معهم من أجل اجتزاز المشكلات من جذورها سياسياً، اقتصادياً، اجتماعياً، ثقافياً وفكرياً، إلا أن النظام الديكتاتوري وقتئذ لم يكن يفكر في إفراد هامشاً لحرية التعبير، مما حدا بي المضي قدماً في خطي النضالي ضده، لذا لم اتفاجأ باستدعاني من طرف أحمد مجذوب البحاري وزير الداخلية آنذاك، والذي حذرني تحذيراً شديد اللهجة، ومن ثم هددني بالاعتقال في حال إنني لم أسحب مؤلفي الذي طبعته تحت عنوان (مسألة جنوب السودان)، ورغماً عن الوعيد والتهديد إلا إنني رفضت الاستجابة له، لأنه ربط الاعتقال بالكتاب الذي تم نشره على نطاق واسع.

*ماذا عن فترة حكم الرئيس الراحل جعفر نميري؟* 

لم تتوقف مضايقاتي من الأنظمة العسكرية، واستمرت بصورة لا تطاق نهائياً، فكل نظام عسكري يبدأ معي بالإغراءات، ومن ثم يساومني وهو ما فعله نظام المشير جعفر نميري الذي عرض على منصب نائب الرئيس، وبالمقابل أتنازل عن مطالبي السياسي، ومواقفي المناهضة له إلا إنني رفضت الفكرة جملة وتفصيلا، وواصلت نضالي ضده مطالباً بالحرية، السلام والعدالة، ورغماً عن أنها مطالب مشروعة إلا أنه زج بي في سجونه المايوية، وكان أطول اعتقال بين العام (1973-1974م).

*وماذا؟*

في العام 1977م وقع مصالحة وطنية مع نظام المشير جعفر نميري، إلا أنني سرعان ما عدت لصفوف المعارضة، وظللت معارضاً له حتى سقوطه في العام 1985م.

*ما الذي حدث معك من نظام الرئيس المخلوع عمر البشير؟*

عرض على إمتيازات في الأعوام 1993م،1996، و2011م إلا إنني رفضتها، واصريت على المطالب الشعبية، فتم اعتقالي وقضيت نحو عامين في الاعتقال التحفظي. 

*ما الذي يضيفه لك الاعتقال؟*

أجد في كل اعتقال خلوة بالنفس للعبادة، والقراءة والتأليف، كما أن الاعتقال فرصة لبناء الذات، ومن خلاله استعطت تغذية الذاكرة، وتزود نفسي برأس مال سياسي كبير.

*ماذا فعلت بعد الانقلاب العسكري على نظام حكمك المنتخب؟*

خرجت من السودان في العام 1996م، وترأست المعارضة ضد البشير.

*ما هي المرة الأولي التقت فيها بالرئيس المعزول عمر البشير؟*

التقيت به في جيبوتي في العام 1999م، وعقدت معه اتفاق (نداء الوطن) باسم حزب الأمة القومي، والاتفاق كان برعاية من السيد إسماعيل عمر قيلي الرئيس الجيبوتي.

*متي عدت للبلاد؟*

عدت في العام 2000م إلى السودان، وذلك بعد التفاوض مع النظام إلا انني ظللت معارضاً له.

*ما هو آخر اعتقال لك في ظل النظام البائد؟*

في العام 2014م، وهو الاعتقال الذي وضح بجلاء موقفي من نظام الرئيس المعزول عمر البشير، وقد حققت من خلاله مكاسب معنوية وسياسية، واستخلصت حقوق الوطن دون تفريط في المبادئ، وعندما انجزت هدفي اتجهت للخروج من الوطن، واديرت حواراً مع الجبهة الثورية حول التركيز على السلاح السلمي لإسقاط النظام البائد، والتنازل عن تقرير المصير لصالح بناء سودان شامل لكل المكونات بلا استثناء، سودان تسود فيه الحرية، السلام والعدالة.

من جانبه، فإن الصادق الصديق هو حفيد (محمد أحمد المهدي) الذي قاد حراكاً ثورياً ضد الاستعمار البريطاني في العام (1881-1899م).

فيما ولد الإمام الصادق المهدي في مدينة أم درمان في العام 1935م، ودرس القرآن في خلاوي أم درمانية وبالجزيرة أبا، كما أنه درس المرحلة الثانوية في كلية (فكتوريا) بمدينة الإسكندرية المصرية (1948-1950م)، والتحق بجامعة أوكسفورد في العام (1954- 1957م)، وحاز على الماجستير في الاقتصاد.

بينما كان آخر موقف سياسي له هو رفضه التام للتطبيع مع إسرائيل، واعتبر تطبيع الحكومة الانتقالية السودنية مع دولة الكيان الصهيوني يناقض المصلحة الوطنية العليا والموقف الشعبي باعتبار أنها تحتل أراضي عربية، وترفض إنشاء دولة فلسطينية.

ليست هناك تعليقات:

azsuragalnim19@gmail.com

*الدكتور أسامة عطا جبارة يشرح الإقتصاد السوداني في ظل الحرب*

..........  *تواصل شبكة (أوتار الأصيل) الإخبارية، وصحيفة العريشة الرقمية نشر الحوار الهام مع الخبير في الإقتصاد العالمي الدكتور أسامة عطا جب...